كوبا أمريكا 2024.. ميسي يحقق رقمين قياسيين مع منتخب الأرجنتين    بداية الكوبا وقمة أوروبية.. جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    اتحاد الكرة يعلن طاقم حكام مباراتي الأهلي والزمالك في الدوري    إصابة 4 أشخاص من أسرة واحدة بتسمم غذائي في بنها    مشاجرة إمام عاشور داخل مول الشيخ زايد تشعل السوشيال ميديا.. التفاصيل الكاملة    وفاة الممثل الشهير دونالد ساذرلاند نجم فيلم "كبرياء وتحامل"، ورئيس وزراء كندا ينعاه    بلا مشقة بالغة.. هبة عوف: الاستطاعة الصحية شرط أساسي للحج    قائد سابق في جيش الاحتلال: بقاء نتنياهو دون إنهاء الحرب قد يؤدي لانهيار استراتيجي    انقطاع الكهرباء في الإكوادور 3 ساعات    بث مباشر لمباراة الأرجنتين ضد كندا فى كوبا أمريكا 2024    الكنيسة تبرأت من تصرفاته.. ماذا فعل القس دوماديوس إبراهيم على مواقع التواصل؟    وزارة الأوقاف تُنظَّم برامج بهدف تعزيز الوعي الديني والعلمي والتثقيفي    ننشر نص خطبة اليوم الجمعة    موعد مباراة الأهلي والداخلية في الدوري المصري والقناة الناقلة    كاف يحسم مكان السوبر الأفريقي بين الأهلي والزمالك| مصر أم قطر    بوتين: لا جديد في الاتفاق مع كوريا الشمالية ولم نغير شيئًا في السابق    إسرائيل تبلغ واشنطن استعدادها لهجوم محتمل ضد حزب الله في جنوب لبنان    باستثناء السواحل الشمالية، الأرصاد تكشف عن موجة جديدة شديدة الحرارة تضرب البلاد    الانتهاء من تفويج 10200 حاج سياحة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة    سبق اتهامه فى 18 قضية.. أمن الأقصر يضبط عنصر إجرامي شقي بحوزته 2 كيلو مخدرات    مطرانية مغاغة والعدوة للأقباط الأرثوذكس تنعى عروس المنيا وتوجه رسالة إلى خطيبها    قوات الاحتلال تنسف مباني سكنية في الحي السعودي غرب رفح الفلسطينية    اليوم.. العالم يحتفل باليوم العالمي للموسيقى    نتنياهو يرد على انتقاد البيت الأبيض له بعد تصريحاته حول تأخر الأسلحة الأمريكية    تجار البشر.. ضحايا فريضة الحج أنموذجًا    طريقة عمل البان كيك، زي الجاهز وبأقل التكاليف    أنت وجنينك في خطر، تحذير شديد اللهجة للحوامل بسبب الموجة الحارة    مصطفى بكري يكشف موعد إعلان التشكيل الوزاري الجديد    أسامة قابيل يكشف حقيقة وجود أعمال سحرية على عرفات    كولر يحسم مصير تاو وقندوسي مع الأهلي    القس دوماديوس يرد على الكنيسة القبطية: "ذهابى للدير وسام على صدرى"    تركي آل شيخ يروج لفيلم "جوازة توكسيك"    أول رد من حسام حبيب على التسجيل الصوتي المسرب له عن شيرين    البطريرك يلتقي عميد كلية اللاهوت بالجامعة الكاثوليكية في ليون    الحبس وغرامة مليون جنيه عقوبة الغش والتدليس للحصول على بطاقة ائتمان    استشاري الطاقة الكهربية: من 2014 حتى الآن مصر أصبحت محور عالمي للطاقة الكهربية    موعد مباراة إسبانيا المقبلة بعد الفوز أمام إيطاليا    مدرب إنجلترا يؤكد على غضبه بعد تعثر المنتخب أمام الدنمارك    أميرة بهي الدين: حرق أقسام الشرطة والمحاكم كان يهدف لإسقاط الدولة لا النظام    إزالة 11 حالة تعدي على الأراضي الزراعية ومخالفات البناء بالغربية    اتفاق سول ووارسو على توقيع صفقات توريد أسلحة كوريا جنوبية في سبتمبر    عيار 21 يسجل رقما جديدا.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 21 يونيو بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    السكرتير العام للبحيرة يتفقد انتظام سير العمل بمستشفى كفر الدور العام    سعر الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء في عطلة الأسبوع الجمعة 21 يونيو 2024    الاحتلال يعلن اعتراض هدف جوى أطلق من لبنان    «مش بتاع ستات بس».. أحمد سعد يثير الجدل بسبب تصريحاته حول ارتداء الحلق (فيديو)    شاهد.. فرقة "أعز الناس" تشعل ستوديو منى الشاذلى بأغنية للعندليب    سعر السكر والزيت والسلع الأساسية بالأسواق الجمعة 21 يونيو 2024    السياحة: الانتهاء من تفويج 10200حاج سياحة من مكة إلى المدينة    أخبار × 24 ساعة.. إجراء 2.2 مليون جراحة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    تامر أمين عن وفاة الطفل «يحيى» بعد نشر صورته في الحج: «ربنا يكفينا شر العين» (فيديو)    وحيد أبوه وأمه.. غرق شاب بقارب صيد أثناء عمله في أسيوط    مصرع شخص إثر حادث مرورى بدمياط    مصطفى بكري: مصر موقفها واضح ومع حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره    ضربة الشمس القاتلة.. كيف تسببت درجات الحرارة في وفاة مئات الحجاج؟    الأقصر.. توقيع كشف طبي على المواطنين في أرمنت ضمن خدمات عيد الأضحى    إنهاء قوائم الانتظار.. إجراء مليونين و245 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة    عاجل - "الإفتاء" تحسم الجدل.. هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة قصيرة
حكايات منسية‏''‏

التجوال في الشقة ذهابا وايابا هو كل ما تبقي له في هذا العالم الرحب‏,‏ والتحديق في الصور المعلقة علي الجدران مرارا وتكرارا‏,‏ واجترار ذكريات من فرط قدمها وسقوطها في جب الزمن السحيق‏,‏ يشك احيانا في حدوثها‏!!‏
عشر سنوات منذ احالته للمعاش وهو يشاهد ويرقب العالم من شرفة شقته المطلة علي الميدان الواسع جهة المتحف المصري‏,‏احدي البنايات القديمة ذات الطراز العربي العتيق الموشاة شرفاتها بمنمنمات زخرفية‏,‏ونقوش‏,‏ وحليات من خط كوفي‏.‏
ايجارها لا يتعدي بضعة جنيهات قليلة ومثيلاتها الان تتعدي الملايين‏...‏
مشاهدة الناس والحافلات يروحون في شتي انحاء الميدان الواسع اصبحت هي المتعة الوحيدة الباقية له في دنيا الناس‏,‏ بعد زواج الابناء وسفرهم للعمل والاقامة في بلدان بعيدة موحشة‏,‏ عدا الابنه الصغري التي تزوجت واقامت في مصر الجديدة‏''‏ وتشقر‏''‏ عليه بين حين واخر‏,‏ وان كانت تتغيب عنه احيانا لفترات طويلة‏,‏ لكنه يعذرها‏''.‏
وقد رفض الحاحها بوجوب اقامة احد معه‏,‏ ليخدمه ويرعي شئونه‏,‏ لانه سيكون بمثابة شخص غريب‏,‏ يفرض عليه الكلفة‏,‏ ويقتحم عالمه الخاص المفعم بالهدوء والوحشة‏,‏ والذي تعود عليه‏,‏ وان كان يشتاق في بعض الاحيان الي ررؤية وجه غريب‏,‏ والتحدث الي ناس اخرين‏,‏ غير البواب‏,‏ وعامل السوبر ماركت‏,‏ وام حميدة التي تزوره اسبوعيا لشئون الغسيل والنظافة‏,‏ بجسدها المكتنز العفي الذي يجعله يتمسح بزمان ولي‏,‏ كلما راها تنحني وهي تعمل فتظهر تقاسيم جسدها البض‏,‏ وعجيزتها التي تجل عن الوصف
لكنه اثر الوحدة‏,‏ ووقع في براثن صمت ورتابة عميقين‏,‏ ينتظر نهاية محتومة‏,‏ لا يخشاها وان كان يرجو ان تتاخر قليلا‏,‏ وكان يسال نفسه دوما‏:‏
‏''‏هل يخبئ الزمن لي سعادة غير متوقعة‏''.‏
ومن اين تاتي؟‏,‏ وقد جفت ينابيع الحياة من حوله‏,‏ وخفت بريق الاشياء‏,‏ توفي جميع المعارف والاصدقاء‏,‏ حتي زملاء العمل بوزارة الري‏,‏ يقرأ نعيهم بالجريدة‏,‏ الواحد تلو الآخر‏,‏ ويقول في نفسه‏:‏
‏''‏ لم يتبق غيري‏''‏
‏''‏ماعمري المديد سوي لحظة اضاءت ثم انزوت في العدم كانها لم تكن‏''‏ مامعني الزمن؟
الله سيرث الارض ومن عليها‏,‏ مامعني لشيء سوي الموت الذي سارحب به لو انتظر قليلا‏,‏ ربما ما زال شيئا تتخلق نطفته في الغيب؟‏.‏
كلما قرأ الجريدة الصباحية التي يلقيها عم مصطفي كل يوم في الشرفة مبرومه مستعينا بعدسة مكبرة‏,‏ يقوي بها علي ضعف بصره‏,‏ هاله كم الشر‏..‏ والفساد الذي استشري واحتار فيما يصدق من اخبار‏!!‏
وذات صباح‏,‏ استيقظ علي ضوضاء وجلبة شديدة‏,‏ واصوات تتدافع وصياح‏,‏ تصدر عن الخارج‏,‏ يهزون ارضية الحجرة‏,‏ خلاف المناوشات التي كانت تحدث بين وقت واخر وعندما كان يسال عنها عم محمود البواب كان يرد بقوله‏:‏
دول شوية ولاد بيتظاهروا
ودول علي حق ياعم محمود‏...‏
العلم عند الله‏,‏ مهية ايام صعبة‏..‏
لكن هذه المرة‏,‏ يسمع في الخارج اصوات طلقات رصاص وفرقعات وصراخ‏,‏ ازاح دفء الاغطية‏,‏ نزل من السرير‏,‏ تتلمس قدماه خفه البني‏,‏ هرع الي الشرفة يفتحها‏,‏ شاهد جوا ملبدا بالدخان‏,‏ ورائحة نفاذة تشري في الجو‏,‏ تبعث علي الغثيان‏,‏ مد بصره الضعيف‏,‏ لحركة كر وفر بين جموع متأهبة‏,‏ وعسكر يلوحون بهراوتهم علي اجساد مقتحمة‏,‏ وعربات زرقاء محملة بالجنود تتوالي علي جنبات الميدان‏,‏ ناصية عبد المنعم رياض‏,‏ وهتافات مدويه تكاد تزلزل الميدان‏,‏ اتسع جحوظ عينيه‏,‏ شهق في خوف وقال‏:‏
يوم القيامة؟‏!‏
سار بخطوات بطيئة نحو الباب‏,‏ ونادي عم محمود من بئر السلم بصوت مرتجف‏,‏ فطل وجهه‏,‏ فقال له‏:‏
هو فيه ايه؟
الدنيا مقلوبة‏..‏
مقلوبة؟
فيه ثورة في البلد يا استاذ زاكر‏,‏ اقفل الباب والشبابيك كويس‏..‏
ثورة‏..‏ ثورة‏..‏ تملكته الدهشة‏,‏ واستغرب الكلمة وظل يغمغم بها‏..‏
ثورة‏..‏ ثورة‏..‏ متي سمع هذه الكلمة من قبل‏,‏ اه‏!‏ قالها جدي وانا صغير وهو يروي قصة اشتراكه في ثورة‏19,‏ اثر نفي سعد باشا الي مالطة وكيف نزل الشعب الي الشوارع يهتفون باسمه ويطالبون بعودته‏,‏ منددين بالاحتلال الانجليزي‏,‏ راغبين في جلائه عن مصر‏,''‏ تحيا الحريه‏'',‏ تسقط دولة الظلم والطغيان‏''...‏ نعم وابي ايضا ..‏ وهو يردد اسم جمال عبد الناصر بفخار وعزه شديدين‏...''‏ فليرحل الملك الفاسد واعوانه‏''......''‏فليسترد الشعب كرامته وكبرياءه‏'',''‏ فليبدأ عهد جديد زاخر بالارادة المتحديه والامل الطاغي‏''‏
جلس علي كرسي الفوتيه في الصاله الغارقة في عتمتها الصباحية‏..‏ يتامل الاثاث الصامت‏,‏ والبراويز المحنطة‏,‏ تجول في ذهنه خيالات شتي‏,‏ اخذ يستعرض حياته بمواقفها وشخوصها‏,‏ بافراحها واحزانها‏,‏ كشريط سينمائي‏,‏ يشاهده في دار عرض‏,‏ الحياة والموت يقفزان في غفلة‏,‏ كمعني لشيء واحد يعجز عن تحديده بالضبط‏,‏ إلي أن لمعت الفكرة في رأسه جلية‏,‏ رحب بها بلا تردد‏,‏ توهجت عيناه‏..‏ ببريق غريب وجذوة حماس اندلعت في قلب أماتته الرتابة ووهن الكبر‏,‏ سنين عدة‏,‏ نهض وارتدي ملابسه بسرعة متدثرا بشملته‏..‏ متوكئا علي عصاه الزان التي أهداه إياها ولده الكبير في عيلا ميلاده وكتب ورقة بخط مرتعش‏:‏
أنا في الخارج وسأعود بعد قليل‏.‏
ووضعها ظاهرة للعيان علي البوفيه في صدر الصالة‏,‏ وخرج تاركا الشقة ترفل في عتمة وصمت رتيين‏.‏
مهاب حسين مصطفي
القاهرة


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.