في لقاء تليفزيوني بثه التليفزيون المصري مساء الأربعاء الماضي قال الدكتور جمال حشمت القيادي في جماعة الإخوان المسلمين وعضو مجلس الشعب دفاعا عن موقف الإخوان من أزمة اللجنة التأسيسية للدستور المصري. الناتجة عن آلية تشكيلا وانسحاب العديد من القوي السياسية من اللجنة قال أنه لا مبرر لمن يهاجمون موقف الجماعة تشكيلها اللجنة تم طبقا لما تمليه القواعد الديمقراطية المتفق عليها كما تساءل مستنكرا لماذا كل ذلك الخوف من جانب القوي السياسية بينما لا خلاف علي معظم الدستور فالأبواب الأربعة من دستور1971 متفق عليها تماما والمادة الثانية لم تعد تثير أي خلاف ومن ثم فليس متبقيا سوي المواد المتعلقة بشكل النظام السياسي وسلطات رئيس الجمهورية وقدم بعض الضمانات لتلك القوي من قبيل أن يتم عرض الدستور أولا علي المحكمة الدستورية لتدلي برأيها فيه قبل طرحه علي الاستفتاء العام كما أضاف الدكتور أحمد أبو بركة في لقاء في نفس اليوم علي قناةONtv أن فترة الستة أشهر المتاحة لمناقشة الدستور كفيلة بالقضاء علي كل مخاوف القوي السياسية وأن تلك الفترة كفيلة باشراك كل تلك القوي في صياغة الدستور ومن ثم فلا مبرر عن تعنت أو تعسف أو سعيها للسيطرة علي الدستور. هذه التصريحات من قياديين بحجم الدكتور حشمت والدكتور أبو بركة مهمة للغاية ولا خلاف عليها ولكنها تبقي في النهاية تحليلا نظريا أو تصريحات إعلامية يسهل التنصل منها لاحقا وفي كل الأحوال فان الشيطان يكمن في التفاصيل والمحك الأساسي هو التطبيق وليس التصريح والنوايا الحسنة فالإخوان خلال الفترة الماضية تراجعو عن الكثير مما تعهدوا به فهم مثلا لم يلتزموا بنسبة المنافسة في مجلس الشعب والتي حددوها بأنفسهم قبل الانتخابات بما يتراوح بين30 إلي40% وهم يفكرون حاليا في النكوص عن فكرة عدم ترشيح أي منهم للانتخابات الرئاسية فكيف يطلبون من القوي السياسية اليوم أن تثق في تصريحات بشأن نواياهم الطيبة في صياغة الدستور هذا من جانب ومن جانب فإن السؤال الذي غالبا ما لا تفضل الأكثرية سماعه هوإذا كانوا ونحن معهم مؤمنين بصحة ما يقول به الدكتور حشمت والدكتور أبو بركة فلماذا يتمسكون أو يستأثرون باللجنة التأسيسية للدستور؟. أي ألم يكن من الأفضل لهم ولمصر والحال كذلك أن ينزلوا علي الإجماع العام بشأن تشكيل اللجنة من خارج البرلمان لا سيما وأن الكلمة الفصل في الدستور الذي ستضعه تلك اللجنة ستظل لهم في النهاية. فهذا الدستور سيعرض أولا علي البرلمان لإقراره قبل الاستفتاء عليه فإن جاء مخالفا لرؤيتهم فإن الأغلبية المتوافرة لديهم في البرلمان ستتيح لهم رفض الدستور بسهولة أي أن الدستور لن يذهب للاستفتاء قبل موافقتهم هم عليه بينما في الوضع الحالي الذي يضعون هم الدستور لا توجد أي ضمانة حقيقية للقوي الأخري للاعتراض علي الدستور الذي سيتم إعداده لأنه سيمر في البرلمان بحكم الأغلبية والتعويل علي رفضه من قبل الشعب في الاستفتاء أمر غير مضمون أيضا خاصة وأن التصويت علي الدستور بشكل إجمالي أي لا يتم ولا يمكن أن يتم عبر التصويت علي كل مادة بمفردها. إن إصرار الإخوان علي فرض وجهة نظرهم باستخدام الأغلبية ربما يقبل في بعض الأمور ولكنه لا يمكن أن يكون مقبولا بشأن الدستور الذي يقر معنا الإخوان أنه يجب أن يمثل كل فئات المجتمع وتياراته ويعكس التوافق العام فيما بين تلك المكونات وهذا التوافق لا يمكن أن يترك لفصيل معين مهمة صياغته بينما يطلب من الآخرين أن ينتظروا ليروا تلك الصياغة ويقبلوها أو يرفضوها فالدستور ليس منحة أو منة يقدمها الإخوان للمجتمع وهذا لإصرار من قبل الإخوان ليس في صالح أحد بما في ذلك الإخوان أنفسهم فالاعتماد المفرط علي قوة الأغلبية حتي إن كانت قد جاءت عبر انتخابات حقيقية يعيد للذاكرة مرة أخري إصرار وعناد الحزب الوطني الديمقراطي وتهميشه لقوي المعارضة بما دفعهم في النهاية لتشكيل برلمان مواز واليوم يدفع إصرار الإخوان علي موقفهم القوي السياسية لتشكيل اللجنة التأسيسية الموازية ولم يبق لتكتمل تجربة الحزب الوطني سوي أن يخرج علينا المرشد العام للإخوان المسلمين ليقول خليهم يتسلوا في وقت لم تعد مصر تحتمل أي نوع من التسالي. [email protected]