اتهمت القوى الإسلامية انسحاب بعض القوى العلمانية والتيارات الليبرالية المنسحبة من اللجنة العليا لتأسيسية الدستور ووصفت ذلك بأنه ممارسات مصطنعة من قبل الأقلية لإجهاض مكتسبات الثورة وتعطيل المسيرة، فيما اعتبر الليبراليون أن الإجراءات غير كافية لتعبير الدستور عن كل طوائف المجتمع. الدكتور محمد البلتاجى، القيادى البارز بالحرية والعدالة، وصف انسحاب عدد من القوى السياسية من اللجنة التأسيسية بالأزمة المصطنعة والتى لا تهدف إلا لعرقلة المسيرة، قائلاً إن المعركة المصطنعة فى الدستور بين العلمانيين والإسلاميين وهمية صنعتها الحساسية المفرطة وضعف الثقة بين الأطراف، بينما المعركة الحقيقية هى مدى الرقابة الدستورية على المؤسسات العسكرية والمخابراتية والأمنية وصلاحيات الرئاسة القادمة. وقال البلتاجى، فى تصريحات له عبر صفحته الشخصية "فيس بوك"، إن هناك ثلاث محطات رئيسية فى الفصل الأخير من المرحلة الانتقالية لنكتب عبورًا بالثورة إلى بر الأمان وهم الدستور والحكومة والرئاسة، وإن المعركة الطبيعية فى المحطات الثلاث ليست بين القوى السياسية وبعضها البعض، ولكن يجب أن تكون بينها جميعًا من جانب وبين المجلس العسكرى من الجانب الآخر. فيما قال الدكتور جمال حشمت، عضو مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة، إن انسحاب 4 أحزاب من اجتماع انتخاب التأسيسية للدستور لن يوقف مسيرة المجلس فى استكمال ما بدأ، وسوف يتم وضع الدستور فى الميعاد المحدد. واستنكر حشمت قيام النواب المنسحبين بالاحتجاج خارج قاعة الاجتماع والقيام بتهشيم سيارة أحد النواب السليفيين المنتمين لحزب النور السلفى، مشيرًا إلى أن اللجنة ضمت 23 عضوًا من الحرية والعدالة بمجلسى الشعب والشورى، فضلاً عن بعض النواب المنتمين للتيار السلفى والليبرالى، وأن 4 أحزاب الذين أعلنوا انسحابهم يمثلون الأقلية فى البرلمان، ولن يؤثروا على تأسيس اللجنة فى شىء. وقال يسرى حماد، المتحدث باسم حزب النور السلفى، إن ما حدث من انسحاب الأقلية من تأسيسية الدستور كان أمرًا متوقعًا منذ البداية فى محاولة منها لعرقلة المسيرة والحشد ضد استمراريتها، فهم سيحاولون الضغط بشتى الوسائل لفرض رؤيتها بأسلوب غير شرعى، فكان عليهم أن يدركوا أن أعضاء التأسيسية جاءوا من خلال قنوات شرعية من خلال التصويت، خاصة أنهم من يدعون العمل الديمقراطى وممارسة الديمقراطية. واستنكر طارق الزمر، القيادى بمجلس شورى الجماعة، انسحاب عدد من القوى الليبرالية والأقلية من اللجنة التأسيسية، قائلاً: "كنا نتمنى أن يشاركوا دفاعًا عن حق الشعب الذى اختار نوابه كى يمثلوه ويكونوا مشاركين التزامًا منهم بالمسئولية تجاه الشعب المصرى"، مؤكدًا أن تشكيل اللجنة جاء مناسبًا جدًا للمرحلة الحالية فى ضوء وجودنا بالمرحلة الانتقالية والتى ستشهد دستورًا انتقاليًا يعد على عجل. وأكد أن الدستور الجديد سيأتى من خلال استفتاء شعبى ومن سيضعونه سيكونون منتخبين من الشعب المصرى، الأمر الذى لم يشهده أى من الدساتير السابقة. وأوضح مجدى قرقر، رئيس حزب العمل الإسلامى وعضو مجلس الشعب، أن الأزمة مسئول عنها الجميع، فانسحاب القوى الليبرالية بتلك الصورة يعد تعطيلاً للمسيرة، خاصة أنها لم تكلف نفسها أن تطرح حلولاً للقضية، مؤكداً أن الدستور القادم سيأتى توافقيًا يتصف بالديمومة وبمشاركة كل القوى، إلا أن الأغلبية قد تكون استأثرت بنسب كبيرة من المقاعد. من جانبه، قال النائب ناجى الشهابى، عضو مجلس الشورى، إنه كان أحد المنسحبين من اللجنة بالرغم من أن اسمه ورد ضمن الأعضاء المرشحين باللجنة، مشيرًا إلى أن هذا الانسحاب جاء بناء على عدم إعطاء المرشحين من الأعضاء البرلمانيين الفرصة، كى يعرفوا أنفسهم للناخبين وسط إصرار تام من الأغلبية فى البرلمان على الإسراع وإنهاء انتخاب أعضاء اللجنة التأسيسية. وأضاف الشهابى أن نسبة 50% من داخل البرلمان صاحبة الأزمة الحقيقية التى حدثت الآن، وأعتقد أنه كان من الأفضل الاستماع لآراء الحكماء واختيار أعضاء اللجنة التأسيسية بأكملها من خارج البرلمان. وفى نفس السياق، قال النائب أبو العز الحريرى، عضو مجلس الشعب إنه قاطع الاجتماع منذ بدايته لأنه كان يعلم تمام العلم أن هذا الاجتماع ما هو إلا تحصيل حاصل لاتفاق مسبق تم بين الأغلبية البرلمانية والمجلس العسكرى، مشيراً إلى أن ما يجرى الآن مؤامرة تحاك جيدًا على مصر، وما يحدث الآن ما هو إلا مجرد إجراءات ممنهجة لمسرحية هزلية، وهى إجراءات هزلية الهدف منها وضع دستور متفق عليه مسبقاً، وهذا الارتباك الذى نعيشه الآن ما هو إلا نتيجة طبيعية للإعلان الدستورى المرتبك الذى صدر عن المجلس العسكرى فى مارس 2011. وأضاف الحريرى أن مجلسى الشعب والشورى باطلان، وسوف يأتون بدستور طائفى مفصل من أجل الأغلبية والانتخابات الرئاسية القادمة ستكون باطلة أيضا، لأنها ستقوم على 28 من الإعلان الدستورى التى طعنا عليها بالفعل. وفيما يخص الطعن على نسبة 50% برلمانيين مشاركين فى التأسيسية للدستور، أوضح الحريرى أنهم بالفعل قاموا بالطعن على هذا القرار، وصدر به حكم، إلا أن البرلمان المخول له تنفيذ الأحكام لم ينفذ الحكم الصادر ضده. وأضاف الحريرى أن حل هذه الأزمة والتعقيدات التى وضعنا فيها البرلمان بالاتفاق مع المجلس العسكرى لن تأتى إلا بحل مجلسى الشعب والشورى ووقف عملية الترشح للانتخابات الرئاسية وإصدار إعلان دستورى جديد يقوم على أساسه انتخاب اللجنة التأسيسية للدستور وانتخاب البرلمان والرئيس القادم. بدوره، قال نبيل زكى، المتحدث الرسمى بحزب التجمع، إن الأحزاب التى انسحبت من لجنة صياغة الدستور كانت موفقة، لأنه من الصعب أن تكون الأحزاب المصرية مجرد ديكور فى لجنة الإخوان والسلفيين، بعد سقوط الرئيس المخلوع، مشيرًا إلى أن الدستور القادم سيتم وضعه طبقًا لرؤية إسلامية، ولا عزاء للديمقراطية والحرية التى يتحدث عنها الإسلاميون. وأشار فى تصريحاته ل"المصريون" إلى أن الإخوان يسيرون على نفس نهج الحزب الوطنى المنحل، فى السيطرة على مقاليد الحكم فى البلد لافتا إلى أن كل الأحزاب المشاركة فى لجنة صياغة الدستور لا تستطيع أن تفرض شيئًا أو تعترض على شىء، وأن دورها سيكون فى وسائل الإعلام فقط سواء معارضًا أو موافقًا، وهو نفس أسلوب الحزب الوطنى المنحل. وأعرب عن أمله فى انسحاب كل الأحزاب من لجنة صياغة الدستور، لوضع الإخوان والسلفيين فى موقف محرج أمام الرأى العام الداخلى والخارجى. فيما أرجع عبد المنعم إمام، أحد مؤسسى حزب "العدل"، انسحاب حزبه من المشاركة فى اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، بعد تمثيل الإخوان والسلفيين بنسبة 70% من اللجنة، الأمر الذى يجعلنا أمام مشروع دستور حزبى لا يمثل كل طوائف المجتمع المصرى فى الدستور الجديد. وأكد إمام "المصريون" أن هناك عوارًا واضحًا فى تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، مصدره أن اللجنة تقوم على الإقصاء والتهميش لقوى أساسية وطوائف وطنية عريضة، كانت ولا تزال تعانى من سياسة الحزب الواحد والاتجاه الواحد، دون أى مراعاة لشركاء الوطن. وأوضح أن تشكيل اللجنة التأسيسية بهذا الشكل لا يصب فى المصلحة الوطنية، ولا يحقق الهدف المنشود، من وضع دستور جديد ينطلق بمصر نحو المستقبل دون عراقيل أو معوقات، تكون من صنع البعض من أبناء الوطن. وأشار إلى أن الحزب قرر المشاركة فى الوقفة التى دعت إليها بعض القوى السياسية الأربعاء القادم أمام مجلس الشعب، اعتراضًا على إنفراد فصيل سياسى بعينه على تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، وعدم اتفاق المشاركين فى اللجنة على توافق وطنى عام لتشكيل الدستور. في المقابل، اتهم حزب "المصريين الأحرار" الإسلاميين بأنهم يسعون لاحتكار دستور مصر القادم . وقال الدكتور أحمد سعيد رئيس الحزب في بيان أمس أن قرار انسحاب الهيئة البرلمانية للحزب من عملية التصويت على الجمعية التأسيسية للدستور أمس الأول جاء احتجاجا على المسار الذي سارت فيه عملية اختيار أعضاء الجمعية من داخل البرلمان. وأضاف إنه "لم يكن أمام الهيئة البرلمانية للحزب إلا إعلان انسحابها من عملية التصويت احتجاجا على رفض الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب وحزب الأكثرية لتأجيل التصويت لمدة أسبوع ، بما يكشف عن نوايا تيار الإسلام السياسي في البرلمان لاحتكار كتابة دستور مصر". فيما قال الدكتور عماد جاد النائب البرلمانى عن الحزب المصرى الديمقراطى ل "المصريون"، إن الانسحاب من المشاركة فى اللجنة التأسيسية للدستور نهائى لأنه لن يجدى وجود ممثلين للتيار المدنى فى ظل سطوة تيار ذات لون واحد على مقاليد القرار داخل لجنة المائة مما يؤكد ان الدستور الجديد سيخطف مصر نحو الدولة الدينية. وأوضح أن الحزب سيعلن عقب الاجتماع الطارئ للهيئة البرلمانية لنواب الشعب والشورى ، تفاصيل الخطوات التنسيقية المقبلة مع القوى المدنية بشأن الفعاليات الاحتجاجية ضد الهيمنة "الإسلامية" على الدستور الجديد، موضحًا أنه شخصيا ينتظر رد فعل المجلس العسكرى على الخطر الذى يضرب الهوية المصرية بقوة الآن. وعلمت "المصريون " أن خماسى الحزب "المصرى الديمقراطى: محمد ابو الغار وحازم الببلاوى وإيهاب الخراط وعماد جاد و زياد بهاء الدين " سيتقدمون باعتذار رسمى خلال ساعات لأمانة اللجنة التأسيسية للدستور عن عدم المشاركة فى الاجتماعات.