جامعة المنصورة تُشارك في مبادرة "كن مستعدًا" لتأهيل الطلاب والخريجين    قبل بدء الفصل التشريعى الثانى لمجلس الشيوخ، تعرف علي مميزات حصانة النواب    محافظ الجيزة يتفقد حالة النظافة وإزالة الإشغالات بأحياء الطالبية والعمرانية والهرم والعجوزة    تحت شعار "إحنا مصر"..وزير السياحة والآثار يطلق حملة ترويجية لتسليط الضوء على أهمية السياحة للمجتمع    زيلينسكي: لا تنازل عن أراض أوكرانية والانضمام للاتحاد الأوروبي جزء من الضمانات الأمنية    مفاجأة، مانشستر يونايتد يفكر في إعادة دي خيا    غوارديولا يتحدث عن صفقاته الجديدة    القبض على التيك توكر" لى لى" بتهمتي نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء وحيازة الحشيش    أحمد سعد: أخويا عمرو هو نجمي المفضل وببقى فرحان وأنا بغني قدامه    قها التخصصي ينجح في إنقاذ طفلة من التشوّه بعملية دقيقة    «الصحة» تغلق 10 عيادات غير مرخصة ملحقة بفنادق في جنوب سيناء    معلق مباراة ريال مدريد وأوساسونا في الدوري الإسباني    خبير أمن وتكنولوجيا المعلومات: الذكاء الاصطناعي ضرورة لمستقبل الاقتصاد المصرى    خالد الجندي: القرآن الكريم تحدث عن أدق تفاصيل الحياة اليومية حتى المشي ونبرة الصوت    تحقيقات واقعة "فتيات الواحات".. الضحية الثانية تروى لحظات الرعب قبل التصادم    7 أسباب تجعلك تشتهي المخللات فجأة.. خطر على صحتك    اعتذار خاص للوالد.. فتوح يطلب الغفران من جماهير الزمالك برسالة مؤثرة    دورة إنقاذ ومعرض تراثي.. أبرز أنشطة الشباب والرياضة في الوادي الجديد    وصلة هزار بين أحمد وعمرو سعد على هامش حفله بالساحل الشمالي (فيديو)    الأمن يقترب أكثر من المواطنين.. تدشين قسم شرطة زهراء أكتوبر 2| صور    المفتي السابق يحسم جدل شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها    قرار جديد من التموين بشأن عدادات المياه: حظر التركيب إلا بشروط    يسري الفخراني بعد غرق تيمور تيمور: قُرى بمليارات كيف لا تفكر بوسائل إنقاذ أسرع    مقاومة المضادات الحيوية: خطر جديد يهدد البشرية    محافظ الجيزة يطمئن على الحالة الصحية لشهاب عبد العزيز بطل واقعة فتاة المنيب    مانشستر يونايتد يدرس التحرك لضم آدم وارتون    رد فعل شتوتغارت على أداء فولتماد أمام بايرن    رئيس الأركان الإسرائيلي: نُقرّ اليوم خطة المرحلة التالية من الحرب    أمر ملكي بإعفاء رئيس مؤسسة الصناعات العسكرية ومساعد وزير الدفاع السعودي    رئيس جامعة الوادي الجديد يتابع سير التقديم بكليات الجامعة الأهلية.. صور    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    فيديو.. خالد الجندي: عدم الالتزام بقواعد المرور حرام شرعا    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة دعم قدرات شبكات الاتصالات وتوسيع مناطق التغطية    السيسي يوجه بوضع استراتيجيات واضحة وقابلة للتنفيذ لتطبيق الذكاء الاصطناعي    جبران يفتتح ندوة توعوية حول قانون العمل الجديد    صحة الوادى الجديد: انتظام العمل فى المرحلة الثالثة من مبادرة "100 يوم صحة"    الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو    ربان مصري يدخل موسوعة جينيس بأطول غطسة تحت المياه لمريض بالشلل الرباعي    شئون البيئة بالشرقية: التفتيش على 63 منشآة غذائية وصناعية وتحرير محاضر للمخالفين    إنفانتينو عن واقعة ليفربول وبورنموث: لا مكان للعنصرية في كرة القدم    ارتفاع حصيلة ضحايا الأمطار الموسمية والفيضانات في باكستان إلى 645 قتيلا    صراع من أجل البقاء.. مأساة الفاشر بين الحصار والمجاعة والموت عطشًا    حقيقة انتقال هاكان للدوري السعودي    مصر تحصد ذهبية التتابع المختلط بختام بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    مدير عام الطب البيطري سوهاج يناشد المواطنين سرعة تحصين حيواناتهم ضد العترة الجديدة    في 3 خطوات بس.. للاستمتاع بحلوى تشيز كيك الفراولة على البارد بطريقة بسيطة    موعد آخر موجة حارة في صيف 2025.. الأرصاد تكشف حقيقة بداية الخريف    حزب الجبهة الوطنية: تلقينا أكثر من 170 طلب ترشح لانتخابات مجلس النواب    تعرف علي شروط الالتحاق بالعمل فى المستشفيات الشرطية خلال 24 شهرا    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يعلن تفاصيل مسابقة "أبو الحسن سلام" للبحث العلمي    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    مصرع شخص وإصابة 24 آخرين إثر انحراف قطار عن مساره في شرق باكستان    إصلاح الإعلام    ما الذى فقدناه برحيل «صنع الله»؟!    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    خطأ أمريكي هدد سلامة ترامب وبوتين خلال لقائهما.. ماذا حدث؟    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس محليًا وعالميًا (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة‏25‏ يناير حلم إلا قليلا
نشر في الأهرام المسائي يوم 22 - 01 - 2012

مش باقي مني غير شوية لحم ف كتافي‏,‏ بلاش يتبعتروا ف البحر‏,‏ بلاش يتحرقوا ف قطر الصعيد ف العيد‏,‏ مش باقي مني غير شوية دم متلوثين بالهم
كانوا زمان شربات والنكتة سكرة مشربتهم الخفافيش في قلب أوكارهم‏,‏ مش باقي مني غير شوية ضي ف عينيا أنا مش عايزهم لو كنت يوم هالمحك وانتي بتوطي في معركة ما فيهاش ولا طيارات ولا جيش وانتي ف طابور العيش بتبوسي إيد الزمن ينولك لقمة‏.‏
هكذا كان الحال‏..‏ والموال علي لسان كل مصري‏,‏ هكذا كانت غصة الحلق وحنق وضيق الصدر وضيق الحال مؤديا للغضب الذي انفجر ظهر الثلاثاء الموافق‏25‏ يناير‏2011‏ معلنا العيش والحرية‏..‏ والعدالة الاجتماعية مطلبا والتحرير وميادين مصر ارضا لمعركة حياة أو موت‏.‏
عيش‏...!‏
علي مدار سنوات متتالية سبقت‏2011‏ عام الثورات افتتح كل المصريين صباحهم بكوب شاي ومعه خبر من شاكلة التالي ذكرهم‏,‏ بينما ظلت الاغلبية العظمي منهم شهود عيان وقتلي متوقعين أو قاتلين في طابور الخبز الذي تحول في بعض الأيام إلي ما يشبه المخدرات‏..‏
في أحد الأخبار‏..‏ لقي عامل مخبز مصرعه في مشاجرة حول أولوية الوقوف في طابور العيش‏,‏ مشاجرة وقتيل بشارع الزهور بمنطقة الحضرة الجديدة بدائرة سيدي جابر‏,‏ وبالمعاينة تبين أن شعبان علي أحمد‏20‏ سنة عامل بالمخبز مصاب بجرح طعني بالصدر أدي لوفاته بيد محمد عزت‏17‏ سنة عامل بناء وصديقه شريف صبحي‏17‏ سنة لمحاولته تنظيم عملية بيع الخبز والبيع بأولوية الوقوف كان نصيبه طعنة نافذة أودت بحياته‏..‏ تم ضبط المتهمين والسلاح المستخدم في الجريمة واحيلا للنيابة العامة‏..‏ والخبر من عام‏2009.‏
ولم يختلف الحال في قرية نزلة علي بدائرة مركز جهينة فقد استخدمت الأسلحة الآلية والعصي والشوم في عركة بسبب الخلاف علي أسبقية الحصول علي الخبز البلدي من مخبز القرية ونتج عن المشاجرة مصرع شخصين وإصابة ثلاثة لم تكن تلك هي الحادثة الأخيرة ف سامح بضابا عازر‏25‏ سنة ضحية اخري من ضحايا رغيف العيش‏,‏ ففي قرية السلامية بمركز نجع حمادي وأثناء وجوده بطابور العيش مساء الاحد‏2010/8/15‏ توفي وقال تقرير مفتش الصحة إن الوفاة جاءت بسبب هبوط حاد في الدورة الدموية والقلب نتيجة جلطة ولا توجد شبهة جنائية وراء الحادث‏.‏
ليس طالبو الخبز فقط من طالتهم ايادي الموت رغبة في لقمة فحتي فران منطقة المرج حمادة عوني‏27‏ سنة دفع حياته ثمنا لتنظيم طابور الخبز بعد أن نشبت مشاجرة بينه وبين تاجر لرغبة الأخير في الحصول علي الخبز دون الوقوف في الطابور وهو ما رفضه الفران فأطلق عليه التاجر الرصاص فأرداه قتيلا‏..‏ ولم تكن الصورة الصحفية أقل تأثيرا في نفوس المصريين مما زاد من قوة هذا المطلب بل وجعله مطلبهم الاول وإن حمل مسمي كلمة عيش كثيرا من المعاني‏.‏
حرية‏..‏
المشهد‏..‏ فتحي سرور رئيس مجلس الشعب المنحل يجلس متربعا علي منصته ليقول لأعضاء المجلس المزور‏..‏ السادة أعضاء المجلس الموقر طبقا للفقرة الثانية من المادة‏113‏ للمجلس أن يعرض رئيس المجلس قرار رئيس الجمهورية بإعلان حالة الطوارئ أو مدها والآن أتلو عليكم قرار رئيس الجمهورية رقم‏126‏ لعام‏2010‏ لمد حالة الطوارئ لمواجهة الإرهاب بعد مراجعة الدستور والقوانين الخاصة بمكافحة المخدرات وقانون الطوارئ الصادر برقم‏162‏ لعام‏1958‏ وعلي قرار رئيس الجمهورية رقم‏160‏ لعام‏2008‏ بمد حالة الطوارئ وبعد اخذ رأي مجلس الوزراء قرر مد حالة الطوارئ لمدة عامين ويقتصر تطبيق الاحكام المترتبة علي حالات مواجهة اخطار الارهاب وجلب وتصدير والاتجار بالمواد المخدرة وللمحافظة علي الامن والنظام العام علي ان يعمل بهذا القرار بعد موافقة مجلس الشعب إمضاء حسني مبارك صدر من رئاسة الجمهورية بتاريخ‏10‏ مايو‏2010‏ وليتفضل رئيس مجلس الوزراء باستبيان أسباب مد حالة الطوارئ‏.‏
ليصعد أحمد نظيف رئيس الوزراء أنذاك الي المنصة ويقول‏..‏ السيد الاستاذ الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب والسادة اعضاء المجلس الموقر يسعدني ان التقي بكم اليوم في اطار التواصل والتنسيق المستمر بين المجلس والحكومة‏,‏ ويزيد من سعادتي وسعادة كل المصريين تعافي السيد رئيس الجمهورية وعودته بسلامة الله الي ارض الوطن‏,‏ واستئناف نشاطه السياسي ولقاءاته الرسمية والشعبية متعه الله بالصحة‏,‏ السادة أعضاء المجلس الموقر في حياة الأمم والشعوب مواقف وأحداث نقف عندها لتعيد ترتيب اوراقها وتقييم اوضاعها حتي تمضي بعد ذلك دون توتر أو تعطل وتستكمل مسيرتها مدعومة بتجربتها واثقة في حاضرها متطلعة إلي مستقبلها‏,‏ واحسب اننا نمر اليوم بمواقف واحداث تتطلب منا أن نقف وقفة لننظر إلي ماضينا ونتأمل حاضرنا ونستشرق مستقبلنا بإذن الله‏.‏
لقد استكثر علينا الارهاب المغرض أن نجني ثمار حرب انتصرنا فيها‏,‏ وثمار سلام مشرف استعدنا به اراضينا وارتأينا بعده ان ننهي حالة الطوارئ ونمضي في طريق التنمية فأبي إلا أن يستهدف كيان الدولة ليقوض دعائمها ويهز بنيانها وقام علي مدار العقود الثلاثة السابقة باغتيالات سياسية ومحاولات احداث فتنة طائفية ثم طور عملياته لا ستهداف اقتصادنا فاستهدف السياح الاجانب فكانت كل ضربة تكبدنا خسائر في الارواح والاموال وتعيدنا لبداية الطريق لنبني من جديد الثقة في أمننا واستقرارنا وقدرتنا علي إعادة بناء اقتصادنا وكان طبيعيا أن نعيد اعلان حالة الطواريء بعد اغتيال الرئيس السابق المرحوم محمد انور السادات وأن نمدد هذه الحالة طالما بقيت الاسباب التي دعت الي اعلانها‏,‏ وقد التزمت الحكومة عند اعلان حالة الطواريء وعند مد مدتها بألا تستخدم الاجراءات الاستثنائية التي تقتضيها حالة الطواريء إلا لمواجهة خطر الارهاب والمخدرات وبالقدر الضروري الذي تستلزمه مواجهة هذه الاقدار وتحت رقابة القضاء ولم يكن التزام الحكومة في هذا الصدد كاملا مرسلا بل هو التزام محدد تراعي فيه احكام الاتفاقية للحقوق المدنية والسياسية التي انضمت اليها مصر في الاول من اكتوبر عام‏1981‏ والتي اجازت المادة الرابعة منها للدول الأطراف في اوقات الطواريء العامة التي تهدد حياة الامة والتي يعلن عن وجودها بصفة رسمية ان تتخذ من الاجراءات ما يحلها من التزاماتها طبقا للاتفاقية الحالية إلي المدي الذي تقتضيه بدقة متطلبات الوطن‏,‏ ولم تقف مواجهتنا للإرهاب في حدود إعلان حالة الطوارئ أو المواجهة الامنية بل اتخذنا من الخطوات مايمكن أن يلافينا اسبابه‏.‏
السيد الاستاذ الدكتور فتحي سرور‏,‏ السيدات والسادة اعضاء المجلس الموقر‏:‏ الغي الرئيس العديد من المواد العسكرية التي تتعلق بحالة الطواريء وحقق اقتصادنا طفرة غير مسبوقة‏,‏ وواجهنا مخططات لزعزعة امننا‏,‏ حققنا كل ذلك ولسنا مستعدين للتفريط في انجازنا ولهذا فقد تعهد السيد رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي بأن ننهي حالة الطوارئ بعد صدور القانون الجديد للارهاب ليحقق التوازن بين الحرية الشخصية وأمن المجتمع وجددت الحكومة هذا التعهد أمام المجلس الدولي لحقوق الانسان وتتعهد أمامكم فور الانتهاء من هذا القانون‏.‏
وأثناء وبعد وقبل هذه الاحاديث كان لدينا من الرصيد علي اليوتيوب وصفحات الفيس بوك وأوراق المراكز الحقوقية من الرصيد ومقاطع الفيديو والقضايا مايؤكد الاستخدام الخاطيء لهذا القانون‏,‏ بل وتحوله الي قانون لخرق القانون‏,‏ وأداة لحماية القتلة ومعذبي المتهمين والمشتبه فيهم‏,‏ وآلة لقمع الكتاب والفنانين وكل من لايتماشي رأيه مع النظام البائد‏..‏ عشرات الالاف من سجناء الرأي لم يعرضوا علي قاضيهم الطبيعي‏,‏ لم يمثلوا امام النيابة أو محكمة طبيعية‏,‏عشرات الالاف من المصريين القي بهم في المعتقلات ليتم تعذيبهم لأنهم دونوا أو كتبوا او رسموا أوقالوا‏..‏منهم مسعد ابو فجر الناشط السيناوي الشهير وغيرهم قد يعود تاريخه الي سبعينيات القرن الماضي آبان عهد السادات‏.‏
والاف الشباب والسيدات لقوا مالا يحمد فاعله ولايشكر ولايغفر تحت اعذار حماية الوطن وكان من بينهم الشاب السلفي سيد بلال‏..‏وخالد سعيد الفتي السكندري الذي لم يفصل القضاء بعد في قضية مقتله وكان أحد أهم أسباب الثورة ليرتفع الهتاف عيش‏..‏ ثم حرية‏.‏
التزوير في مجلس الشعب‏2010‏ كان الأكثر فظاعة ووضوحا‏..‏ ولم يكن تعليق الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك في الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب والشوري شافيا لقلوب المعارضة التي قررت أن تعقد مجلسا موازيا لمجلسه المزور بحكم المحكمة‏..‏ قائلا مش برلمان موازي بقا ولا الشغل ده‏..‏ خليهم يتسلوا وسط هتافات الناجحين وابتسامة منتصر من محتكر الحديد ومهندس ومخطط معركة برلمان‏2010‏ أحمد عز‏.‏
عدالة اجتماعية‏..‏
‏15‏مليون مواطن يعيشون في المقابر وعلي سلالم البيوت‏:‏ المصريون يبيعون أعضاءهم
الغاز يصدر لاسرائيل بأقل من السعر العالمي بينما المصريون يموتون بحثا علي انبوبة البوتاجاز وفي محطات الوقود والبنزين والسولار‏,‏ العمال يقومون بما يزيد علي‏400‏ احتجاج وتظاهر بشارع قصر العيني و غالي يتحدث عن نمو اقتصادي ومرور عبقري من الأزمة المالية العالمية‏,‏ الفلاحون لا يجدون نقطة مياه لري الأراضي وملاعب الجولف تصل إليها مياه النيل قبل ان تكتمل الانشاءات‏,‏ مصريون فوق خط الفقر لأنهم ينفقون جنيها يوميا طبقا لتصريحات وزير المالية وآخرون لديهم من يطأطئ ليلبسهم الاحذية بمرتب يفوق مرتبات خريجي كلية الاقتصاد والعلوم السياسية‏...‏ أغلبية يأكلون من القمامة وأقلية تأكل من كنتاكي‏,‏ مساكن شعبية تعقد القران فوق أسطح المنازل ولا يجدون ثمن زجاجة شربات‏..‏ بشر يسكنون الأرصفة وآخرون يحتكرون الحديد‏,‏ شباب عاطل بعد ان حصل علي مؤهلات عليا وأخرون في الثمانينيات من عمرهم يعملون كمستشارين برواتب تجاوزت الملايين‏.‏
كل ما سبق هو بعض مما كان سببا في أن يكون مطلب العدالة الاجتماعية هو الثالث يوم‏25‏ يناير‏.‏
ولم يكن مشروع التوريث خافيا علي مصري‏,‏ فجمال مبارك نزيل طرة حاليا ونجل الرئيس المخلوع كان يجوب الأرض بأصدقائه بحثا عن انجاز المشروع الذي تمخضت من رحمه حركات كفاية و‏6‏ ابريل واللتان دعتا إلي ثورة‏25‏ يناير‏.‏
الثلاثاء‏25‏ يناير
استيقظ المواطن المصري صبيحة الثلاثاء‏25‏ يناير‏2011‏ وقد طرأ إلي مسامعه ما ذكر عن تحديد هذا اليوم للاحتشاد في مظاهرات سلمية للمطالبة بتحسين أوضاع الوطن‏,‏ استيقظ ومازال مشهد عبده حمادة عالقا في ذاكرته بعد أن أشعل النيران في نفسه علي طريقة البوعزيزي في تونس مع الاختلاف في سبب الاقدام علي الانتحار ف عبده اضرم النيران في جسده بسبب رغيف العيش ونجا
والبوعزيزي اضرم نيران الربيع العربي في الجسد التونسي لتنتقل سريعا إلي ربوع البلاد العربية‏.‏
صديقنا العزيز حامل بطاقة الرقم القومي انتهي من وجبة افطاره الاعتياديه الفول والطعمية دفع نصف ما في جيبه ثمنا لوجبته علي إحدي عربات الفول وبدأ يدعبس في أكوام الصحف علي احد الاكشاك ليختار من بين المانشيتات ما يجذبه لقراءته‏..‏ ليجد مانشيت الجمهورية يقول له مبارك‏..‏انحاز للفقراء فيبحث عن رواية اخري ليجد صدر الاهرام اليوم يحمل صورة لحبيب العادلي وزير الداخلية سابقا نزيل سجن طره حاليا مبتسما وقد صرح في حوار خاص للأهرام بأن وزارة الداخلية في عيدها تهدي خبر التوصل لمرتكبي حادث القديسين إلي الشعب المصري الذي حذره في سطور تالية في نفس الحوار من الخروج عن النص الذي بدا من وجهة نظر العادلي هو الخروج علي الحاكم‏,‏ لم يجد صديقنا بدأ من البحث عن مانشيت آخر عله يجذبه ليصل إلي جريدة الأخبار التي قال فيها المخلوع حاليا الرئيس سابقا حسني مبارك إن الجماعات السلفية تريد العودة بمصر للوراء وفي سياق متصل ترد احزاب المعارضة بتحذير الشعب من مثيري التظاهر والشغب واصحاب الأجندات الخارجية‏.‏
وفي مانشيت أخر نجد الاهرام المسائي تتحدث عن سحب‏163‏ ألف فدان من حيتان الأراضي‏,‏ بينما يؤكد رئيس الوزراء المحبوس علي ذمة قضايا فساد حاليا نظيف أن مشاكل الشباب والبطالة ستكون علي رأس أولويات الحكومة‏,‏ بينما تري جريدة المصري اليوم أن ما سبق أحداث الثلاثاء يعد بروفة لما قد يحدث في يوم الغضب حيث نظمت خلاله‏12‏ مظاهرة‏,‏ كان أهمها في القاهرة والجيزة للمطالبة بالتعيين والتثبيت والمكافآت ورفع الأجور‏,‏ ومطالب أخري‏,‏ أما الشروق فقد ظهر عليها المانشيت الشهير الذي كان أيقونة اعلامية ترددت كثيرا بأن مصر ليست تونس ومبارك ليس بن علي‏.‏
استسلم المواطن العزيز لإحدي الصحف ليقرأها داخل مترو الانفاق الذي كعادته يعج بالبشر‏..‏ حاول جاهدا إيجاد ثغرة يمر منها بجسده داخل القطار وبعد معاناة شديدة استقر تحت إبط أحدهم‏..‏ قرأ حظه اليوم ثم صفحات الرياضة التي تحدثت عما قام به أوسكار مساعد المدير الفني للنادي الاهلي مع اللاعبين‏,‏ لكن يد أحد الشباب داخل المترو اوقفته عن القراءة بعد أن اعطاه ورقة كتب عليها عيش‏..‏ حرية‏..‏ عدالة اجتماعية وتركه يقرأها وذهب بعيدا ليجد نفسه متلبسا بقراءة منشورات تدعوه للمشاركة في مظاهرات اليوم في الثانية عشرة ظهرا‏..‏ تتملكه الحيرة قليلا وبعض القلق لكن سرعان ما تخلي عنهما واستمر في القراءة بعد ان رأي معظم رواد المترو قد تركوا صفحة حظك اليوم وشرعوا في قراءة المنشور‏.‏
وبعد القراءة‏..‏ يصل المترو سالما الي محطة مبارك سابقا الشهداء حاليا‏,‏ فيطوي المنشور سريعا ويضعه في جيب قميصه البالي ويضع قدمه علي أرض المحطة ليستقبله أحد الضباط بإبتسامه عريضة‏..‏ فيخيل له أن أمره قد كشف وأنه ذاهب بلا عودة‏,‏ يسارع الضابط بالاقتراب منه‏..‏ فتشل حركة المصري ولا يحرك ساكنا ولسان حاله يقول اللهم اني لا اسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه‏..‏ خطوة أخري ويرفع الضابط يديه ليكشف عن وردة وقطعة شيكولاته ويقول ونفس الابتسامة علي شفتيه كل سنة وانت طيب‏..‏ النهاردة عيد الشرطة‏,‏ ويتنفس صديقنا الصعداء ويرفع عينيه علي اللافتة التي تحمل اسم المحطة وعلي الضابط الذي ذهب يهدي الورود لصاحب قميص بال أخر‏,‏ ثم يستخرج المنشور ويقرأ مرة أخري عيش‏..‏ حرية‏..‏ عدالة اجتماعية‏,‏ ايها المصريون سنخرج اليوم للاحتجاج علي التعذيب والممارسات السيئة التي تنتهجها اجهزة الشرطة فيستعيد الحوار الذي قام به الاعلامي مفيد فوزي مع حبيب العادلي وزير الداخلية واصفا اياه بحامي حمي‏87‏ مليون مصري‏,‏ فيطوي الوردة هذه المرة ويستقل مترو الانفاق مرة أخري‏..‏ ليعطي ظهره ل مبارك قاصدا التحرير‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.