حطام وركام منشأت وبقايا أجهزة مبعثرة وأجزاء من أثاث مكاتب متناثرة علي الرمال.. ومبان يكسوها سواد نيران الحرائق.. هو كل ما تبقي من مشروع المحطة النووية بمنطقة الضبعة بالساحل الشمالي. تحول الحلم الذي تحول إلي كابوس في ساعات قليلة. الأهرام المسائي تجولت داخل الموقع.. ورصدت تدمير المنشأت والمبان بالديناميت منها محطة الأرصاد الجوية ورصد الزلازل ومعامل الدراسات البيئية إلي جانب جهاز المحاكاه وهو نموذج لمحطة نووية مصغرة مزودة بمركزين لاعداد الكوادر لتشغيل وإدارة المحطة, بالإضافة إلي تحطيم أسوار أكثر من15 كيلو مترا من سور المحطة وأختفاء محتويات المباني والمنشأت من الأجهزة والأثاث المكتبي.. ووجود خيام بدوية أقامها أصحاب الأراضي داخل الموقع, بالإضافة إلي انشاء غرف صغيرة من الطوب الجيري في مناطق متناثرة بموقع المحطة. ولاحظ الأهرام المسائي وجود محطة لتحلية مياه البحر ومحطة محولات كهربائية تقوم بحراستها اللجان الشعبية وبعض أفراد الأمن التابعين للشرطة. ويقول الأهالي إن الكارثة ساعد علي حدوثها سياسة الدولة علي مدي ثلاثين عاما الماضية والتي انتهجت طوال تلك السنوات مبدأ تفعيل القمع والقهر للمواطنين البسطاء, حيث تم نزع الأراضي من اصحابها التي يمتلكونها بعقود ملكية مسجلة أو الحائزين لها بوضع اليد منذ عشرات السنين لإقامة مشروع الطاقة النووية والقت لهم فتات التعويضات التي قبلها بعضهم من قلة ذات اليد ورفضها البعض الأخر ساخطا علي الدولة التي سلبت55 كيلو مترا لاقامة محطة نووية يمكن اقامتها علي2.5 كيلو متر فقط وشردت آنذاك اكثر من800 أسرة لمجهول لا يعرفونه. ويؤكد الأهالي أن ما تم صرفه حتي الآن6 ملايين جنيه فقط للمتضررين من11 مليون جنيه رفض الكثير منهم تسلمها وذلك عام1997, وتراوحت قيمة هذه التعويضات بين8 آلاف و35 ألف جنيه, حيث تم تقدير اسعار الأشجار المثمرة بثمن بخس داخل موقع المحطة ولم يتم تعويض اصحاب تلك الأراضي بأراض بديلة لها خارج المساحة المحددة لمشروع الطاقة النووية ولم يتم بناء منازل لهم وتم هدم منازلهم بطريقة جبرية وتعسفية, وكانت مأساة انسانية بكل المقاييس في وقت كانت مصر لا تعرف فيه اي منظمات لحقوق الانسان. ويضيف الأهالي أن الحزام الأمني للمشروع تسبب في حدوث هذه الكارثة, حيث يمتد هذا الحزام2.5 كيلو مترا شرقا وغربا من سور المحطة بحري الطريق, كما يخترق هذا الحزام مدينة الضبعة من الطريق الدولي إلي عمق المدينة بطول3 كيلو مترات وفقا للقرار الصادر بتحديد ذلك الحزام عام2003 مما أدي إلي حرمان اصحاب الأراضي غرب سور الطاقة النووية بحري الطريق من بناء منازل علي اراضيهم حاليا والاكتفاء بزراعتها فقط في مساحة2.5 كيلو متر طولا وعرضا, كما أدي هذا الحزام إلي منع أهالي الضبعة الذين تقع اراضيهم داخل الكتلة السكنية من الحصول علي تراخيص بناء إلا بطابق واحد فقط مما أدي إلي حدوث سخط من الأهالي علي مشروع الطاقة النووية الذي حرمهم من البناء علي اراضيهم المسجلة التي يمتلكونها مثل باقي مدن المحافظة فضلا عن تحديد50 نسمة فقط كل كيلو مترا داخل الحزام الأمني. أما العمدة هاني رسلان فيقول إن معظم أهالي الضبعة كانوا يعملون في مهنة صيد الأسماك, بالإضافة إلي الزراعة الموسمية وتربية الاغنام ولكن وجود المحطة النووية التي تشغل15 كيلو مترا حال دون قيام الأهالي بصيد الأسماك في تلك المنطقة التي كان يوجد بها ميناء لصيد الأسماك قبل تخصيصها لمشروع الطاقة النووية, بالإضافة إلي أن وجود المحطة منع اهالي الضبعة من وجود شواطئ عامة لهم, حيث تقع المدينة وكتلتها السكنية أمام المحطة النووية مباشرة. ويشير عبدالسلام زين من شباب مدينة الضبعة إلي أن الاعتصام الذي نظمه أهالي الضبعة منذ أكثر من20 يوما كان من أهم مطالبه الغاء المحطة للخوف من تسرب اشعاع نتيجة لخطأ بشري أو حدوث كارثة مثل الزلازل, وقد حدث بالفعل زلزال منذ أسابيع قليلة بالضبعة قوته4.2 بمقياس ريختر سجله جهاز رصد الزلازل داخل المحطة, بالإضافة إلي أن حدوث التسرب سوف يؤدي إلي تهجير أهالي المنطقة لمسافة تبعد عن120 كيلو مترا من موقع المحطة, كما ان النفايات النووية الناتجة عن مشروع الطاقة النووية وهي لا تقل عن5 آلاف طن حسب تقدير الخبراء سيتم دفنها بالصحراء مما سوف يتسبب في اضرار بالبيئة المحيطة بشكل عام وتدمر الحياة النباتية والتربة والمياه الجوفية التي توجد بصحراء المحافظة. وفيما اعلن طه محمد السيد محافظ مطروح أن المشير طنطاوي وافق علي تعويض أصحاب الأراضي الواقعة داخل المحطة النووية بالضبعة وفقا للأسعار السائدة حاليا في ذات المنطقة ونقل هذه الموافقة اللواء حسين فكري مدير أمن مطروح إلي عمد ومشايخ وعواقل الضبعة, اكد بعض الأهالي بالضبعة للأهرام المسائي أنهم متشككون في مصداقية صرف مثل هذه التعويضات لهم ولذا فإنهم باقون في الأرض ولن يتركوها بينما رحب البعض الآخر بهذه الموافقة ولكن ينتابهم القلق من عدم جديتها والبعض الآخر يرفض تماما الخروج من ارضه ويرفض التعويضات. وقد اكد المحافظ أنه قبل اقتحام المحطة قام بعقد اجتماع مع مجموعة من أهالي الضبعة, وتم تحديد مطالبهم واعداد مذكرة عاجلة من المحافظة تضم تلك المطالب لارسالها إلي رئيس مجلس الوزراء, كما تم تحديد يوم لعقد لقاء ثان مع مجموعة من أهالي الضبعة ولكنه فوجئ باقتحام الأهالي المحطة النووية يوم الجمعة الماضي وقد عقد اجتماعا مع اعضاء مجلس الشعب الجدد وطلب منهم الاجتماع بأهالي الضبعة لايجاد حل لمشكلة وجود الأهالي داخل سور المحطة النووية.