شاع عن مجلس الشعب المصري أنه بلا فاعلية ولا قدرة علي التأثير في الحكومة, وأن الأخيرة قادرة علي تسيير النواب وفقا لإرادتها وتوجهاتها التشريعية, رغم أن مهمة البرلمان هي التشريع إلي جانب الرقابة علي الحكومة. ومن الصعب تجاهل هذه التصورات في ظل واقع يتيح للحكومة مساحة وسلطات أوسع من البرلمان والنواب في مناقشة القضايا أو التشريعات المطروحة عليه, وهو للأسف واقع متوارث من عهد سياسي مخالف تماما لما نحن عليه الآن. نحو خمسة عشر عاما تحت القبة قضيتها متابعا للبرلمان وأحواله من عام1990 وحتي عام2005, يمكن من خلالها رصد بعض التفاصيل ذات الأهمية في طبيعة العلاقة بين الحكومة وبين النواب. للحكومة الأولوية في طلب الكلمة أو في التعليق أو في طرح التشريعات, ولا تدري لماذا!! ومهما كانت التفسيرات, فالقضية هي من له الأولوية صاحب الحق الأساسي في التشريع أم الحكومة المنفذة للتشريع. الأولوية تأتي عند مناقشة تشريع مقدم من الحكومة وآخر مقدم من نائب أو أكثر تصادف طرح الاثنين معا علي البرلمان, ليجد النائب نفسه في مؤخرة الجدول وغالبا ما يستبعد مشروعه إذا ما تمت الموافقة علي مشروع الحكومة. المفارقة الأخري في مقار لجان المجلس الفرعية.. ففي الكونجرس الأمريكي يجلس ممثل الحكومة في القاعة علي منضدة.. وأمامه علي المنصة يجلس نواب اللجنة الذين يسألون الحكومة أو مندوبها, بينما في مصر تجلس الحكومة علي المنصة والنواب في القاعة.. ولا تدري وفقا لذلك من يسأل من؟ ليست مسألة شكلية أين يجلس النواب.. وإنما هي ذات مغزي عميق.. فالحكومة حينما تنتقل إلي البرلمان, فإنها تذهب إلي بيت الأمة, حيث يجلس أصحاب الشأن الأعلي علي المنصة, وداخل البرلمان ممثلو الشعب هم الأعلي شأنا وليست الحكومة. ربما يقول البعض وما الفارق بين الاثنين في رصد العلاقة بين الحكومة والبرلمان.. والحق أن تحديد جهة المسئولية يرتبط بطبيعة المكان وبفهم حقوق كل طرف وترتيب الأولوية في ممارسة الحقوق, ومنها السؤال الرئيسي من يحاسب من ليجلس علي المنصة؟ لائحة البرلمان تحتاج إلي تعديل لتتواءم مع المتغيرات السياسية. [email protected]