للمرة الثانية تفشل الدول العربية في اتخاذ موقف حاسم مع نظام بشار الأسد حيث تكررت الدعوة للحوار وكلمات الادانة والدعوة لمظاهر العنف والقتل الذي يقوم به الجيش السوري ضد الثوار, كما لم تحسم الدول العربية خلال اجتماع وزراء خارجيتها بالقاهرة أمس الأول كيفية التعامل مع الثورة اليمنية, حيث اقتصر الموقف علي المبادرة الخليجية في التعامل مع مستقبل اليمن بعد رحيل صالح. وأكد د. إبراهيم عوض استاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة ان الدول العربية غير مستعدة لمواجهة ازمة سوريا, حيث لم تتخذ موقفا حاسما مع ليبيا ومع نظام العقيد الليبي الهارب معمر القذافي التي علقت عضويتها في الجامعة, فيما اقترحت حوارا مع بشار الأسد دون ان تتخذ موقفا بتجميد عضوية سوريا. وقال ان الدول العربية ليست لديها المرونة لمواجهة تداعيات مرحلة ما بعد بشار أو تنحيه ورحيله عن السلطة. واوضح ان الدول الأعضاء هي التي تحدد موقف الجامعة العربية من أي ازمة معتبرا ان مشكلة سوريا صعبة للغاية وشديدة التعقيد, موضحا ان رغبة الدول العربية في اتخاذ موقف حاسم من سوريا ومن نظام الأسد رغبة محدودة, مشيرا إلي أن مصر لم تتخذ موقفا بالتدخل فيما يحدث في سوريا واعتبر ان معارضة لبنان للمواقف الإقليمية العربية والدولية يأتي من ان وضع لبنان حرج نظرا للعلاقات المتشابكة مع سوريا, بالإضافة لوجود نفوذ لسوريا داخل لبنان, كما أن الحكومة اللبنانية لها علاقات كبيرة مع سوريا حتي ان الاطراف التي تتخذ موقفا محايدا لاتسعي لموقف تسوء فيه العلاقات مع النظام السوري. كما أشار لموقف الجزائر التي تحفظت علي التدخل في ليبيا فيما لم تتدخل مباشرة في سوريا, موضحا ان القذافي لم تكن له علاقات بنفس علاقات بشار بالإضافة لمركزية موقع سوريا كدولة كبري في النظام العربي وموقعها في منطقة متفجرة, حيث تجاور العراق وإسرائيل. وقال المحلل والمراقب السياسي ان سمات النظام العربي متجسدا في الجامعة العربية يتوقف علي ميثاق الجامعة وآلية اتخاذ القرار فيها وتحرك الأمين العام للجامعة, موضحا ان دور الأمين العام محدود ولكنه يمكن ان يساعد في توضيح واقتراح وسائل وطرق التحرك والتي غالبا ما تصطدم بمواقف الدول العربية وخاصة الدول الفاعلة والكبري مثل السعودية ومصر. وأكد ان اداء وتحرك النظام العربي مع الازمات مثل الازمة السورية يتوقف علي الموقع السياسي والجيوسياسي للنظام العربي وتداعيات الدولة محل الازمة وموقعها الحغرافي ومدي جوهرية موقعها في النظام وهل هي دولة كبري أم صغري؟ كما يتوقف التحرك العربي واداؤه علي تداعيات الدول التي ستتخذ مواقف من الدول محل الازمة وعلي مصالحها وعلي دول الجوار من عدمه, مشيرا إلي أن الأسد ليس القذافي فالأول له مصالح بعض الدول التي تضعها في اعتبارها عند اتخاذ أية مواقف. واوضح د. إبراهيم عوض ان الموقف الدولي كان مختلفا بشأن التعامل مع نظام القذافي, حيث تحركت الدول الكبري لاصدار قرار من مجلس الأمن وتم فرض حظر جوي واجراءات لحماية المدنيين بما فيها التدخل العسكري الذي قادته دول حلف شمال الاطلنطي. فيما فشلت تلك الدول في اتخاذ نفس الموقف الحاسم مع سوريا بعد معارضة روسيا والصين, مشيرا إلي أن القرار بشأن سوريا تضمن حماية المدنيين وادانة لأعمال العنف والقتل التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه دون أي مؤشر علي امكانية التدخل العسكري الدولي في سوريا. وقال ان الموقف الإقليمي من نظام القذافي كان واضحا, حيث كان تحرك الإمارات وقطر وارسالهما قوات رمزية ومساعدات ودعم لوجيستي فيما لم يحدث ذلك مع نظام الأسد باستثناء قيام السعودية والكويت والبحرين بسحب سفرائها من دمشق احتجاجا علي عمليات الجيش السوري ضد المتظاهرين. واعتبر أن الوضع صعب ومعقد في اليمن فموقف الرئيس علي عبدالله صالح لايختلف عن موقف بشار الأسد, كما موقع اليمن علي حدود السعودية التي تسعي لمنع أي فوضي, كما طرحت مع دول الخليج مبادرة تدعو لتنحي صالح وتسليم السلطة, مشيرا إلي المخاوف من غموض سياسي وفراغ في السلطة بعد رحيل صالح مما يطيح بمصالح بعض الدول العربية التي لم يحددها.