أمس الأول عقد الدكتور علي مصيلحي وزير التضامن اجتماعا مهما مع وكلاء وزارته ومديري المديريات, استغرق أكثر من ثلاث ساعات كاملة, لبحث بناء قواعد بيانات كاملة للأسر المصرية, يجري انجازها خلال ستة أشهر, لحصر ثمانين بالمائة من المصريين في منازلهم. وحسب التفاصيل التي نشرتها روزاليوسف الأحد فإن وزير التضامن قرر تكليف20 ألف باحث اجتماعي بالتفرغ الكامل لملء الاستمارات في المنازل, وتشمل البيانات الرقم القومي, وسجل أعمار الموظفين, وفهم من هذا الكلام ان المقصود منه تحديد مستحقي المعاشات العامة والضامن الاجتماعي, والتخطيط السليم لعملية الدعم التي تبتلع جانبا كبيرا ومهما من الموازنة العامة. والحقيقة أن هذا الجهد الكبير يجب ان نشكر عليه وزير التضامن, لكن في نفس الوقت علينا أن نسأل انفسنا: لماذا كلما احتاجت الحكومة أي بيانات عادت إلي أول السطر, وقررت نشر موظفيها للمرور علي البيوت وعد السكان, بنفس الطريقة التي كانت تعد بها جدتي الفراخ في العشة مساء كل يوم لتتأكد من أنها كلها موجودة, ولم يهرب ديك إلي عشة الجيران. وحسب معلوماتي الضعيفة جدا في الأمور الحكومية, فإن لدي حكومتنا الرشيدة تلال من قواعد المعلومات, منها علي سبيل المثال لا الحصر البيانات التي يجمعها الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء, وقد أجري تعدادا عاما للسكان في عام2006, ووصل مندوبوه إلي جميع البيوت والشقوق والعشش. وحسب معلوماتي الضحلة جدا فإن وزارة الداخلية لديها قاعدة معلومات عن كافة المواطنين من خلال الرقم القومي الذي تم تعميمه في البطاقات الشخصية, وفي شهادة الميلاد, بحيث أصبح كل مصري من الميلاد حتي الوفاة يحمل رقما قوميا.. ومن بين المعلومات الشائعة جدا أن مصلحة التأمينات والمعاشات لديها قاعدة بيانات مفتخرة حول اعداد العاملين في في مصر ووظائفهم, من أحيل منهم للتقاعد أو ينتظر وقائمة بيانات أخري بأصحاب المعاشات ومن يصرفونها. ولا أريد تعداد كل الجهات التي لديها معلومات وبيانات في مصر مصل الهيئة العامة للمرور, ومصلحة التوثيق والشهر العقاري, ومركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء, وكل الوزارات والهيئات الحكومية, ومعظم هذه البيانات وقواعد المعلومات موجودة علي حواسب آلية ضخمة داخل الهيئات والوزارات الحكومية. وبمنتهي البساطة فإن كل مانحتاجه هو ربط كل هذه المعلومات والشبكات ببعضها, بحيث حين يريد وزير التضامن عدد الأسر المصرية يضغط علي زر في الكمبيوتر فيظهر له الرقم, وحين يريد معرفة الأسر التي تعولها النساء يضغط علي زر اخر, وحين يريد أن يعلم عدد الأسر التي ليس لها عائل من الأساس فعليه بضغطة زر أيضا. المعلومات أصبحت مثل الماء والهواء في العالم الذي نعيشه الآن. وهي متاحة تقريبا في كل أنحاء العالم المتقدم, ولم تعد تشكل سرا حربيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا ينبغي اخفاؤه في دهاليز وأضابير الحكومة. وفيما يبدو فإن وزراء الحكومة يتعاملون مع البيانات الموجودة داخل كل وزارة وفيما يبدو فإن وزراء الحكومة يتعاملون مع البيانات الموجودة داخل كل وزارة بمنطق العشة, بما يعني أنه علي الوزير. أو رئيس المصلحة الحومية الحفاظ علي بياناته وإغلاق العشة أو الوزارة عليها, ويضع المفتاح في جيبه قبل أن ينام. وحتي يدرك المسئولون أنهم فريق واحد, ومسئولون معا مسئولية تضامنية, سيظل الدكتور علي مصيلحي يحشد جيوش الباحثين للمرور علي البيوت وعد الماس في منازلهم, ربما يريد بياناته بنفسه, أو لأن أحدا من زملائه في الحكومة لات يريد مساعدته أو لانه يريد بناء عشة معلومات لنفسه. [email protected]