جاءت السنة بالنص على إخراج زكاة الفطر من أجناس محددة، لذلك اتفق الفقهاء على إخراج زكاة الفطر منها، لكن لو عدل المزكى عن الطعام فقوم الصاع بجنيهات فأخرج القيمة بدلا عن الطعام فهل يجزئه ذلك أم لا؟ هذا محل خلاف بين الفقهاء على رأيين: الرأى الأول: لا يجوز إخراج القيمة فى زكاة الفطر، وهو ما ذهب إليه المالكية، والشافعية، والمذهب عند الحنابلة، واستدلوا بما روى عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير...» وبما روى عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أنه قال: «كنا نخرج زكاة الفطر صاعًا من طعام أو صاعًا من شعير أو صاعًا من تمر أو صاعًا من أقط أو صاعًا من زبيب» فقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم جنس المخرج فى الفطرة، وليس منها إعطاء القيمة. الرأى الثاني: يجوز إخراج القيمة فى زكاة الفطر وهو ما ذهب إليه الحنفية، وهو مروى عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالي، واستدلوا بأن المعتبر فى زكاة الفطر حصول الغنى للفقير والمسكين امتثالًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم «أغنوهم يعنى المساكين عن الطلب فى هذا اليوم»، والإغناء يحصل بالقيمة كما يحصل بالحنطة، وربما كانت القيمة أفضل إذ قد يكون الفقير فى غنى عن الطعام، والقيمة تمكنه من شراء ما يلزمه من الأطعمة والملابس وسائر الحاجات، فكانت القيمة أقرب إلى دفع الحاجة وحصول الإغناء المأمور به، كما استدلوا بما روى عنأبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أنه قال: كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا من طعام أو صاعًا من أقط أو صاعًا من شعير أو صاعًا من تمر أو صاعًا من زبيب فلم نزل نخرجه حتى قدم علينا معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنه.. فقال: «إنى أرى أن مدين من سمراء الشام تعدل صاعًا من تمر فأخذ الناس بذلك»، فالصحابة رضى الله عنهم رأوا أن نصف الصاع من الحنطة معادل فى القيمة للصاع من التمر أو الشعير، فيكون فى هذا دلالة على جواز إخراج القيمة فى زكاة الفطر. والقول بجواز إخراج القيمة هو الأليق بعصرنا والأهون على الناس، كما أنه يتفق مع مقاصد الشريعة.