اختلف الفقهاء فى حكم وجوب الزكاة فى المال الذى يكون للصغير غير المكلف على رأيين:الرأى الأول: ذهب الحنفية إلى أن الزكاة تجب على المسلم الحر العاقل عند بلوغه، فلا تجب على الصبي، وهو قول علي، وابن عباس رضى الله عنهما. واستدلوا على ذلك بأن الزكاة عبادة؛ لأن العبادة هى ما يأتى به المرء على خلاف هوى نفسه تعظيما لأمر ربه، وقد قال صلى الله عليه وسلم (بنى الإسلام على خمس..) ومنها الزكاة، وغيرها عبادة بالاتفاق، فكذلك هي، وكل ما هو عبادة لا يتأتى إلا بالاختيار؛ تحقيقا للابتلاء، ولا اختيار للصبي؛ لعدم العقل. الرأى الثاني: ذهب المالكية، والشافعية، الحنابلة إلى عدم اشتراط البلوغ لوجوب الزكاة، فتجب الزكاة فى مال الصبي، والمخاطب بالإخراج وليه، واستدلوا على ذلك بعموم قوله تعالي: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم) فلفظة «أموالهم» عامة تشمل مال الصغير والكبير؛ لأنه محتاج إلى طهرة الله تعالى وتزكيته إياه، كما استدلوا بما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث معاذا بن جبل إلى اليمن، فقال له: «ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات فى كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم بأن الله قد افترض عليهم صدقة فى أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم»، فلفظة الأغنياء فى هذا الحديث تشمل الصغير والكبير، كما تشملهما لفظة الفقراء. كما استدلوا أيضا بوجوب زكاة الفطر وزكاة المعشرات على الصغير، فإن الخصم قد وافق عليهما، فكما تجب زكاة المعشرات وزكاة الفطر على غير البالغ، فتجب عليه زكاة ماله.كما استدلوا أيضا بأنه لم يصح فى إسقاط الزكاة عن غير البالغ ولا فى تأخر إخراجها إلى البلوغ شيء، وصفوة القول: إن أكثر أهل العلم ما عدا الحنفيةقالوا لا أثر للبلوغ فى وجوب الزكاة، بحيث تجب الزكاة فى مال الصبى.