على الرغم من اختلاف خلفياتهن الثقافية والعلمية إلا أن هناك شيئًا ما مشتركًا جمعهن هو البحث عن الذات الإسلامية، داعيات وواعظات مصريات أصبحن حاليًا مصدر أمان لأقرانهن من النساء فى الشرح والإفتاء والتحليل بعد اهتمام وزارة الأوقاف بهن إيماناً بقدراتهن لينافسن الأئمة والدعاة خاصة بعد تفوقهن على الرجل فى أغلب القضايا المتعلقة بالمرأة. الأمر الذى أدى إلى لجوء وزارة الأوقاف لأول مره هذا العام إلى إرسال الداعيات كمرافقات لبعثة الحج هذا العامعلاوة على قيام وسائل الإعلام العالمية بإعداد تقارير عن النساء الداعيات فى مصر بعد اعتقاد البعض أن الدعوة خاصةللرجال فقط. «الأهرام المسائى» رصدت هذه التجربة بعد لقاء عدد من الداعياتاللاتى أكدن أنهن يعملن على نشر الفكر الوسطى المعتدل بعد تأهيل الداعيات وتسليحهن بكل المقررات الشرعية، وعقد دورات تدريبية لهن على أيدى كبار العلماء فى كل التخصصات بعد افتتاح أكبر أكاديمية فى العالم لتدريب وتأهيل الدعاة بمدينة السادس. فى البداية رصدنا ثلاث حالات مختلفة تؤكد مدى الطموح والإصرار على اقتحام المجال الدعوى رغم عدم تخرجهن فى الأزهر الشريف علاوة على أنهن سيرافقن بعثة الحج المصرية كواعظات فى تجربة فريدة تنفذها وزارة الأوقاف لأول مرةالأولى هى الدكتورة نيفين مختار خريجة كلية التجارة جامعة عين شمس التى التحقت بمعهد إعداد الدعاة ثم معهد الدراسات الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف ثم تخصصت فى رسائلها العلمية فى الفقهالتى أكدت حرصها على تأدية هذا الدور الدعوى الذى تفتقده المرأة المصرية خاصة أنها خلال عملها وجدت أن هناك أسئلة للمرأة تحتاج أن تكون المفتى سيدة لطبيعة الأسئلة. وأشارت وزارة الأوقاف إلى حرصها على تأهيل الداعيات وتسليحهن بكل المقررات الشرعيةوعقد دورات تدريبية لهن على أيدى كبار العلماء فى كل التخصصات رافضة وصف الداعيات بالضعف وعدم قدرتها على القيام بهذا الدور فى ظل انتشار الجماعات المتطرفة والفكر التكفيرى ولجوء جماعات الجنة والنار إلى تأويل النصوص قائلة: هذا الدور ليس بجديد على النساء فهن دائمًا وأبدًا موجودات فى كل زمان، وتاريخ نضال المرأة المصرية حافل بسيدات فضليات تظل ذكراهن وإنجازاتهن العظيمة تاركة بصمات خالدة ومشرفة فى كل مجالات الحياة. ولفتت الدكتورة نيفين مختار إلى أن بعض الأئمة اعتقدوا أن اقتحام الداعيات لمجال الدعوة تعدٍ على اختصاصاتهم ولكن بعد وقوفهم على المستوى العلمى للداعيات يحضر بعض الأئمة دروس بعض الداعيات فى المساجد للاستفادة من طريقة عرضهن وتعاملهن مع السائلات. وأوضحت أن سبب نجاحهن هو حرصهن على الإبداع لنشر الفكر الوسطى المستنير لإعادة صياغة الأفكار المشوهة، مشيرة إلى أن تجربة إرسالهن كمرافقات للحجاج فى بعثة الحج هذا العام ستساعد السيدات المتوجهات لأداء فريضة الحج على السؤال بحرية علاوة على معايشة الدعايات لأقرانهن من النساء وحرصهن على تأدية الحجيج الأركان بشكل صحيح دون إفراط أو تفريطوتصحيح السلوكيات الخاطئة لديهم علاوة على التيسير عليهم خصوصًا النساء لأن الدين يسر وليس عسرًا قائلة «إنهن يقمن بهذا الدور لوجه الله دون أى مقابل». ومن جانبها، ذكرت الدكتورة يمنى أبو النصر خريجة تجارة عين شمس، ومعهد إعداد الدعاة وقراءات شبرا الخيمة وحاصلة على الدكتوراه فى علاج النفس السلوكى من إحدى الجامعات بأمريكا، أنه لابد أن يكون الداعية على دراية بعلم النفس حتى يستطيع التعامل مع الناس واقتحام وتجاوز الداعية للحاجز النفسى خاصة فى ظل انتشار الجماعات التى تعمل على استقطاب الشباب عن طريق العامل النفسى خاصة فى المجتمعات الغربية. وذكرت الدكتورة يمنى أبو النصر أنهن يعملن على تغييرالفكرة الموجودة عن ضعف المرأة وعدم قدرتها على القيام بدورها الدعوى، لافتة إلى أنها نجحت فى إعداد بالتعاون مع بعض زملائهابمعهد قراءات شبرا الخيمة من عمل مصحف للقرآن الكريم يجمع جميع المتشابهات بطريقه تيسر الحفظ والمراجعة والمواضيع الوحيدة فى الهوامش وتسهل طريقة الحفظ وتوثقه وهى تجربة فريدة وتمت طباعة المصحف بتصريح من مجمع البحوث الإسلامية وتم تسجيله بدار الكتب، موضحة أنه تم إهداء هذا المصحف للرئيس عبد الفتاح السيسى فى احتفال ليلة القدر من العام الماضي. وقالت إنه بعد الانتهاء من جمع المصحف وجدنا مدى الإعجاز والبيان والفصاحة فى هذا الكتاب الكريم القرآن، حيث لم يأت لفظ متكرر أبدًا، مشيرة إلى أن المصحف يتم تدريسه فى جميع مدارس المدينةالمنورة. ولفتت إلى أنهن كداعيات لم يكن لهن مظلة يعملن تحت إطارها ولكن بعد قيام وزارة الأوقاف بهذا الدور وتقنين وضع الداعيات وتأهيلهن وخروجهن للعمل الدعوى واختيار 51 داعية من 202 والمتميزات منهن 16 فقط يتولين مسئولية تجديد الخطاب والفكر الديني. وفجرت مفاجأة بقولها إنها خلال سفرها خارج البلاد لبعض الدول الأجنبية رصدت وصول كتب ومعلومات مغلوطة فى الخارج ليس لها علاقة بالإسلام تدرس فى بعض المراكز الإسلامية التابعة لبعض الأشخاص مما يساعد على انتشار التطرف من خلال الفراغ الفكرى الذى يولد التطرف لدى الشباب وتأويل الآيات القرآنية والأحاديث بطريقة خاطئة. وطالبت بضرورة مواجهة ذلك مما يمثل خطورة على صورة الدين الإسلامى بالعمل على إرسال دعاة مؤهلين بالخارج والعمل على غرس قيم الإسلام الصحيحة والمعتدلة من خلال المؤسسات الدينية وتوعية الشباب بمخاطر الفكر المتطرف والعمل على نشر القيم المعتدلة بين الشباب. من جانبها أكدت الدكتورة عبير أنور خيرى خريجة كلية هندسة ومعهد إعداد الدعاة ودبلومة معهد الدراسات الإسلاميةأنها طرقت من فضل الله العديد من أبواب العلم ومن كلٍ زادنا الله علما ولكن الدراسة بأكاديمية الأوقاف الدولية لها ميزة نسبية ألا وهى أن المحتوى الدراسى لمواد الأكاديمية يأخذ فى الحسبان فقه الواقع وما يحتاجه المسلم ليواكب مستجدات حياته بما لا يخالف الأحكام الشرعيةوكذلك فقه المآلات والنظرة البعيدة للأشياء وكذلك الاهتمام بالدعوة الإلكترونية وحشد الهمم فى ذلك الاتجاه لمواجهة التطرف بنفس أسلحته، موضحة أن المرأة مثل الرجل فى تحمل رسالةالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر خاصة أن النصوص من القرآن الكريم والسنة المطهرة تدل على ذلك وأنها من تحملت أعباء هذه الدعوة منذ فجر الإسلام، وضربت أروع الأمثلة فى الصبر والتفانى والثبات. وإن أول قلب خفق بالإسلام وتألق بنوره قلب امرأة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضى الله عنها فقال صلى الله عليه وسلم مبيناً فضلها وسابقتها «آمنت بى إذ كذبنى الناس، وآوتنى إذ رفضنى الناس، ورزقت منها الولد، وحرمتموه مني». وأوضحت أن الداعيات خلال الفترة الماضية كانت لهن إسهامات فى العمل الدعوىفهى تستطيع أداء هذا العمل بشتى السبلوأبرزها حرصهن على نشر الأخلاق الفاضلة وتصحيح القيم والمفاهيموهناك السيدة عائشة رضى الله عنها قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: «خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء» وهذا دليل على قوة المستوى الدعوى والعلمى للمرأة فى الإسلام، كما أن أول شهيد فى الإسلام سمية بنت خباط والدة عمار بن ياسر.