لدينا قصور فى الجانب الدعوى للمرأة.. وتجديد الخطاب الدينى ضرورة «الدكتورة إلهام شاهين الداعية الإسلامية الشهيرة وأستاذ العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالأزهر، لها تواجد بارز على الساحة الإسلامية فى مصر والعالم الإسلامى لما تقدمه من مجهودات كبرى فى خدمة الدعوة والقضايا الإسلامية، تؤمن بأن الأزهر قبلة العالم الإسلامى وراعى السلام فى العالم، دائماً ما تنافح عن المؤسسة الأزهرية التى تنتمى إليها، مؤخرًا شاركت الدكتورة إلهام شاهين ضمن وفد الأزهر فى أبوظبى بالإمارات لحضور فعاليات توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية، الداعية الكبيرة لها العديد من المؤلفات أبرزها مؤلف عن العلمانية فى مصر وأشهر معاركها» فى جزءين، ثم مؤلف عن «الوضعية وموقف الإسلام منها وعن البهرة والإسلاعيلية وفى فرقة من فرق الشيعة.. عقيدة وشريعة» أيضاً قدمت «شاهين» أبحاثا عديدة عن حرية المرأة العقائدية ودورها فى حفظ الأمن المجتمعى، مما ينم عن فكر ثاقب وجهد مخلص لخدمة الدعوة الإسلامية، «الوفد» التقت الداعية الكبيرة ومن ثم هذا نص الحوار: تشهد المرحلة الراهنة حملة غربية ضد الإسلام فأين يتمثل دور العلماء والدعاة لصد هذه الحملة وتصحيح صورة الإسلام المغلوطة؟ - أولاً لابد من عمل دراسات لمواجهة هذه الحملات الضارية للإسلام، ولابد أن تقوم المواجهة على دراسات علمية وصحيحة لدراسة أسباب تلك الظاهرة ووضع حلول علمية قصيرة المدى وطويلة المدى لمعالجتها حتى لا يكون عملنا مجرد فعل ورد فعل، وينتهى الأمر، بل يقوم على دراسات علمية سليمة وصحيحة ومعتمدة من جهات لا يشوبها شائبة ولا انتماءات أو ولاءات أو أى شىء من هذا القبيل، بل يكون ولاء من يقوم بهذه الأبحاث لمصلحة الإسلام والمسلمين، ومن جهات علمية محايدة جدًا، هذه الدراسات تؤخذ مأخذ الجد ويتم تنفيذ التوصيات التى تخرج عنها والبرامج التى تقوم عليها، وهذا على المدى الطويل، أما على المدى القصير فيتمثل دور الدعاة فى إظهار صورة الإسلام الحقيقية أولاً بأن يكونوا قدوة صالحة فى أنفسهم، وإعطاء النموذج الصالح فى المعاملة الحسنة والخطبة والدعوة الحسنة، كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم وهذه هى البداية، وتعليم الناس ودعوتهم إلى المعاملة الحسنى مع الآخر، ووضع مناهج علمية تبين موقف الإسلام من معاملة الآخرين المحيطين بك فى المجتمع كله، سواء كان المحيط بنا مخالفًا فى العقيدة أو المذهب أو التوجه الفكرى أو السياسى أو التعليمى أو أى شيء، المخالف لك تمامًا كيف تتعامل معه، وما الحدود والضوابط التى وضعها الإسلام فى التعامل الآخر، وهذه كلها مجالات كبيرة وكثيرة ويمكن أن نستخدمها فى معالجة هذه الظاهرة، إذا أعطينا النموذج الحسن والتعليم الصحيح فلن يخرج من بيننا جاهل يستطيع أن يغرر به أحد أو أن يفسد فكره أو أن يوجهه كيفما يشاء، وسيكون هناك من يفهمون كيف يتعاملون مع الآخر، وبالتالى سيكون هناك أيضاً ردود أفعال من المجتمعات الغربية نفسها، لأنها لن تجد النموذج السيئ الذى تستشهد به، بالعكس سوف النماذج الحسنة التى تقول إن هذه ادعاءات باطلة، فالترفية الجديدة والدعوة الصحيحة الإسلامية المبنية على أسس سليمة، أيضاً تجفيف منابع الإرهاب، فالذين يقومون بالعمليات الإرهابية والذين يروجون للفكر السيئ والضال لكراهية المجتمعات المسلمة قبل غير المسلمة، فهؤلاء يجب أن يتم تجفيف منابع الدعم لهم فتجفيف منابع الإرهاب والفكر الضال هو من الأسس السليمة من الممكن أن تعدل صورة الإسلام المشوهة فى الغرب. لماذا فى رأيك يرتبط التشدد بالإسلام والمسلمين رغم أن الديانات الآخرى لديها من هو أكثر تطرفًا؟ - نحن ليس لدينا ترويج كما هم لدينا، فالتطرف موجود فى كل الأديان حتى الإلحاد نفسه هناك إلحاد متطرف وآخر معتدل وإلحاد ضعيف والعلمانية بها علمانية متشددة ومعتدلة وهكذا، فكل فكر فيه جانب متطرف ومعتدل وثالث ضعيف، والآخر لديه وسائل ترويج وتسليط الضوء على الإسلام، أما نحن فليس لدينا هذه الأفكار الإعلامية التى تروج للآخرين فهناك جهل لدينا بما لدى الآخر من بداية متشددة وأفكار متطرفة أو عمليات إرهابية عندهم أو مذاهبهم المتطرفة التى تكفر الآخرين أو تتخذ المقتل منهجًا لها، فنحن ليس لدينا فى معظم الأوساط علم بهؤلاء، ثانياًا ليس لدينا آليات الترويج وتسليط الضوء على هذه الأفكار أو هذه الجماعات والنماذج السيئة وبالتالى لا نعرف عنها شيئًا ولا نستطيع أن نرد إلا قلة من المتخصصين الذين يدرسون الغرب والطوائف والمذاهب لديهم هم الذين يستطيعون أن يقولوا هذا وهؤلاء ليس بيدهم أى وسائل دعم لترويج ما يعرفون. وما تقيمك لجهود الأزهر الشريف فى التصدى لظاهرة «الإسلاموفوبيا» وخدمة القضايا الإسلامية والعربية؟ - الأزهر يسير فى عدة محاور كبيرة جدًا وكثيرة متعددة منها المحور العلمى، ويختص بالدراسات العلمية مثل رسائل الدكتوراه والماجستير وتجد عندنا كثيرًا من الرسائل العلمية تتناول موضوعًا التطرف والمذاهب والأفكار الأخرى بالدراسة والنقد والتحليل، وبوضع آليات المواجهة وما إلى ذلك، وهذا على الجانب العلمى المنهجى، والجانب الآخر وهو الجانب التعليمى، فالأزهر يقوم بدوره فى هذا الجانب من خلال مناهج متعددة، مثل مادة التيارات الفكرية المعاصرة والتى تدرس فى كلية الدراسات الإسلامية والعربية وكلية الدراسات الإنسانية، وتدرس فى كثير من الكليات الأخرى، ولدينا مادة الملل والنحل ومادة الفرق، كل هذه المواد فضلاً عن أنها تعرفك بالآخر هى تعرفنا الطرق المثلى للتعامل معهم، هذا إذا وضحت الرؤية للآخرين فإنها تعالج كثيرًا من فكرة الإسلافوبيا عندهم، المنحى الآخر وهو توضيح الصورة والرد على المخالفين وكشف الشبهات التى تبين الفكر الخاطئ والمتطرف عن طريق مرصد الأزهر سواء كان للرد على هؤلاء المتطرفين أو الفتوى الإلكترونية، هذا فضلاً عن القوافل الدعوية، فالأزهر يسير فى العديد من الاتجاهات للتصدى لهذه القضية وأخذ فيها خطوات كبيرة جدًا، ولكن ينقص الأزهر تسليط الضوء من أجهزة الإعلام المختلفة على الجهود التى يقوم بها. زيارات فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر للخارج فى الدول الأوروبية والآسيوية والإفريقية هل ترين أنها أتت بثمارها المرجوة من أجل تصحيح صورة الإسلام فى الغرب؟ - بالطبع، فعند ما نجد أجهزة الإعلام من كل أنحاء العالم تتابع فضيلة الإمام الأكبر وزياراته وكلماته وتنشرها كاملة، فهذا كله يؤكد أن كلمات فضيلة الإمام وزياراته وجهوده لا تضيع هباءً، فهى تجد صدى كبيرًا فى العالم الغربى والشرقى على السواء، ومكانة الإمام الأكبر بشخصيته وعلم استطاعت أن تفرض نفسها على الساحة الغربية كلها وطريقته فى التعامل مع الآخر، ومواقفه الحازمة ضد الذين يروجون الفكر السيئ، ومواقفه الطيبة جدًا مع الذين يعتدلون فى مواقفهم ويتخذون مواقف محايدة، كل هذا جعل لفضيلة الإمام «الطيب» شخصية اعتبارية ومهمة جدًا على الساحة تؤخذ كلماته وزياراته بموضع الاعتبار والتقدير والتقييم على كل المستويات. كيف ترين تجديد الخطاب الدينى خاصة أن البعض يرى أن الأزهر متعثر فيها؟ - الأمر ليس موضوع تعثر ولكن لابد أن يتم توضيح ما المقصود بتجديد الخطاب الدينى، فإذا كان تجدد الخطاب الدينى فى الآليات والوسائل والطرق المتبعة فى توصيل المعلومة الدينية، فقد أخذ، الأزهر فى هذا المنحى خطوات كثيرة جدًا وعديدة، فله مواقع على الإنترنت وصفحات على السوشيال ميديا، بالإضافة إلى تدشين بيت العائلة، ومشروع معالجة الخلافات الزوجية، وكل هذه الأمور أتت بثمار مرجوة، فإذا كان المقصود بتجديد الخطاب الدينى هو الطعن فى الثوابت والتقليل من شأن التراث أو التغيير فى كتاب الله أو سنة رسول الله فهذا غير مقبول على الإطلاق ولا يقول به عاقل، وهذا ليس تجديدًا بل تبديد للخطاب الدينى. كيف ترين الاستفادة المثلى من وثيقة الأخوة الإنسانية فى «أبوظبى» وما دلالات إصدارها فى هذا التوقيت وهل بالفعل من الممكن أن يعكس الأخوة بين الأديان؟ - وثيقة الأخوة الإنسانية لاقت نجاحًا كبيرًا جدًا واستقبالاً عالميًا رائعاً، لأن العالم كله كان يحتاج مثل هذه الوثيقة فى ذلك التوقيت ليؤكد أن الأخوة الإنسانية النظرة الأولى والرئيسية فيها تنبع من الإسلام، الدين الذى يجمع تحت مظلة الأديان الأخرى كلها ويستطيع أن يستوعبها، وبالتالى كان المقر فى دولة إسلامية وبدعوة إسلامية، وكل هذا يؤكد مظلة إسلامية تحوى الأخوة الإنسانية كلها، والمهم أن يتم الأخذ بهذه الوثيقة وتنفيذ ما ورد بها، لأنها تضمنت توصيات مهمة جدًا بالمرأة وبحقوقها وتضمنت توصيات مهمة بالطفل وبحماية حقوقه، تضمنت توصيات بالأديان عمومًا وبحقوق ممارسة الأديان والشعائر وعدم التعدى على من يقيمون أديانهم بصورة آمنة، نريد أن نضع برامج وتطبيقات عملية لبنود هذه الوثيقة وهذا هو الدور المنوط بالمثقفين وبالعلماء والمفكرين والمهتمين بالشأن العالمى وأن يبدأوا بالأخذ بهذه الوثيقة موضع التنفيذ سواء فى النواحى الإعلامية أو النواحى العلمية أو التعليمية أو الاجتماعية أو فى القوانين والتشريعات وكل هذا يحتاج إلى تنفيذ وثيقة الأخوة الإنسانية وإذا قمنا بذلك فسوف تسود الأخوة الإنسانية فى العالم كله. كيف تقيمين تجربة المرأة الداعية وواعظات الأوقاف وماذا عن أهم مقومات المرأة الداعية فى عصرنا الراهن؟ - لدينا قصور فى الجانب الدعوى للمرأة ولابد أن نعترف بذلك، فلدينا قصور فى الداعية الأزهرية بصفة عامة سواء كانت تعمل فى وزارة الأوقاف أو تحت مظلة الأزهر، من الواعظات ولدينا قصور من حيث الأعداد فهى قليلة جدًا لا تفى بحاجة المجتمع لأن المسلمين يثقون فى الأزهر وخريجيه وبالتالى يحتاجون إلى أعداد كبيرة من الدعاة والواعظات ولو حسبنا النسبة التى تعمل فى الوعظ بالأوقاف أو الأزهر من النساء فستجد النسبة ضئيلة جدًا لا تفى بالمطلوب، ولحل هذه الإشكالية لابد من تشجيع الطالبات من المراحل التعليمية الأولية على خوض مجال الدعوة، إضافة إلى تدريب الطالبات وتأهيلهن بأكاديمية الدعاة سواء فى الأزهر أو الأوقاف حتى يخرج جيل من الواعظات مؤهلاً وتزول منه الرهبة عند ممارسة العمل الدعوى، بالإضافة إلى التشجيع سواء عن طريق الحوافز المادية أو تيسير سبل الدعوة للمرأة، الأمر الآخر وضع ضوابط لعدم تعرض المرأة الداعية لمضايقات خلال مسيرتها الدعوية، فالمرأة لا تتحمل تشويه صورتها إذا خاضت مجال الدعوة. يوم رمضانى فى حياتك كيف تقضينه وما الروشتة الرمضانية التى تقديمنها لكل صائم؟ - عادة نعمل خلال شهر رمضان فى الامتحانات ولجان المراقبة وتصحيح أوراق اجابة الطالبات فهى أيام عمل شاقة لكن لا ننسى أبدًا أن رمضان له طابع خاص جدًا وروحانيات رمضان التى لا تتكرر إلا فى هذا الشهر من كل عام، وأقضى هذه الأيام فى قراءة القرآن وصلاة التراويح مع الجيران والأصدقاء والأولاد فى المسجد، ونحاول ختم القرآن أكثر من مرة، ولذلك أنبه كل صائم أنه من المهم جدًا أن نعلم أن سنة النبى والصحابة من بعده والتابعين والعلماء والأئمة كلهم كانت سيرتهم كثرة تلاوة القرآن فى رمضان فلابد من الحرص على كثرة التلاوة فى رمضان وعلى ختم القرآن أكثر من مرة أما التدبر والتفسير أجعلها لبقية العام، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ذلك، لأن جبريل كان يدارسه القرآن أكثر من مرة فى شهر رمضان، والإمام الشافعى كان يختم القرآن فى رمضان 80 مرة وغير هؤلاء، وإذا تتبعنا سيرة الصالحين والعلماء فسنجد أن حرصهم كان شديدًا على ختم القرآن مرات عديدة فى شهر رمضان، وهذا ما أوصى به الناس فى شهر رمضان عليكم بعدة ختمات للقرآن الكريم فى هذا الشهر الفضيل، لأن هذا هو الأعلى والأكثر ثوابًا فى رمضان.