منذ نحو شهر تقريبا, انطلق موسم درامي جديد للمسلسلات الدرامية علي شاشة القنوات الفضائية, عنوانه الموسم الشتوي الذي نجح في جذب المشاهدين لتميز مضمون هذه الأعمال التي تنتمي لشكل ولصورة( الأسرية), واستطاعت أن تحقق قاعدة جماهيرية كبيرة لاهتمامها بمناقشة المشكلات اليومية, ويبقي السبب وراء نجاحها بصورة لافتة إلي الأجواء الشتوية التي أجبرت غالبية المصريين علي البقاء في المنازل. فهل هذا يعني أن الدراما الشتوية قادرة علي سحب البساط أو علي الأقل الدخول في سباق مع موسم الأعمال الرمضانية. في البداية يؤكد المخرج محمد فاضل أن نجاح العمل من عدمه ليست له علاقة بالأجواء سواء كانت شتوية أو صيفية, ولكن نجاح العمل مرتبط بمقوماته من موضوع ومعادلة ورؤية إخراجية ونجوم واختيار الشخصيات المناسبة والحبكة الدرامية كل هذه المفردات هي العامل الوحيد والمقياس الأساسي لنجاح العمل آيا كان توقيت عرضه سواء كان شتاء أو موسما رمضانيا بدليل أن هناك أعمالا يمتنع المشاهد عن استكمال باقي حلقاتها وقد لا يتذكرها. ويقول محمد فاضل: يجب علي القائمين علي صناعة الدراما عدم أخذ الأجواء مقياسا فرحين بنسبة المشاهدة والعمل علي التجويد مع مراعاة أن لكل موسم طبيعة أعمال مختلفة فمثلا قدمت مسلسل( فاطمة) في الشتاء من نوعية التراجيدي وحقق نجاحا ساحقا, ومن قبله في موسم رمضاني قدمت( صيام صيام) اجتماعي كوميدي, فلابد من القائمين علي صناعة الدراما أن يدركوا الوعي بالتوقيت وإن كانت الأعمال المتميزة لا تنتهي. ويقول الكاتب مجدي صابر: قدمت خمسة أجزاء من مسلسل( سلسال الدم) وحقق نجاحا رغم عرضه خارج السباق الرمضاني في الأجزاء الأولي منه بل جاء بداية توقيت عرضه في فصل الشتاء وعلي الرغم من نجاحه واستمراره علي مدار الأجزاء الخمسة إلا أنني لم أتخذ علي الإطلاق في جميع أعمال التوقيت كمقياس نجاح للعمل. ويوضح: يمكننا القول بأن المشاهد المتابع للعمل من خلال الشاشة الصغيرة يمتلك القدرة علي الاختيار بمعني إذا لم يعجبه المسلسل يدير المؤشر علي قناة أخري ويتابع عملا آخر وهكذا. ويضيف: أحيانا يتابع المشاهد العمل لأنه جديد( فقط) من باب الفضول ولكن المشاهدة أو المتابعة لا تعكس النجاح علي الإطلاق لأنه لا يترك أثرا في وجدانه أو كما نقول بلغة صناع الدراما لم يترك بصمة لديه وينساه بمجرد انتهاء عرضه. ويؤكد صابر أن النجاح مرهون بقيمة العمل وما يطرحه للمشاهد وليس بالتوقيت وإن كان في بعض الأحيان قد يساعد علي متابعته ليس إلا. بينما تؤكد الفنانة رانيا فريد شوقي( والتي تشارك في مسلسل أبو العروسة بجزءيه الأول والثاني) أن الدراما الشتوية تتمتع بقاعدة جماهيرية كبيرة وتتميز بأنها تقدم قصصا اجتماعية تهم كل أسرة مصرية مما يزيد من نسبة مشاهدتها إلي جانب ميزة أخري وهي نسبة الإعلانات تكون قليلة مقارنة بالموسم الرمضاني, وهذا العدد من الإعلانات ربما يسبب هروب المشاهد من متابعة العمل في رمضان. وتضيف رانيا: بالإضافة إلي جاذبية المشاهد لها فهي أيضا فرصة حقيقية للمواهب الفنية الشابة ليس فقط في التمثيل بل في الكتابة والإخراج أيضا وكم من مبدعين انطلقوا من عباءة الدراما الشتوية لما حققوا من نجاح جماهيري بتقديمهم أعمالا تركت بصمة في وجدان المشاهد. ويري السيناريست باهر دويدار الذي يقدم لنا وللعام الثالث علي التوالي مسلسل( كلبش) للنجم أمير كرارة والمخرج ميمي بيتر, أن هناك أعمالا درامية استطاعت أن تحقق نجاحا جماهيريا كبيرا في مصر والدول العربية في عرضها خارج الموسم الرمضاني فقد سبق وقدمت حكايات بنات وحقق منذ عرضه في الجزء الأول نجاحا كبيرا لفت أنظار المشاهد وجعله يتنظر الجزء الثاني منه بل أصبح علامة في تاريخ الدراما لما حققه من أثر في وجدان المشاهد. ولكن لا يختلف أحد أنه كان ولايزال لدراما رمضان بريقها الخاص وجاذبيتها ليس فقط لارتباط المشاهد بهذا الموسم الدرامي الثري سواء بالعدد أو الموضوعات, ولكن أيضا طبيعة الأعمال الرمضانية لها مذاق خاص من حيث الأفكار ومشاركة أكبر نخبة من النجوم وتنوع الموضوعات ما بين الكوميدي والأكشن والاجتماعي, فضلا عن عناصر كثيرة في صناعة العمل نفسه ينفرد بها هذا الموسم الذي ينتظره الجمهور المصري والعربي. ويقول الناقد كمال رمزي: اعتدنا علي مسلسل الشتاء حينما كان عدد القنوات لا يتجاوز أصابع اليد, خاصة مسلسل السابعة مساء بالقناة الأولي الذي تتجمع حوله الأسرة المصرية في فصل الشتاء مع طقوسه الخاصة التي تفرضها طبيعة المناخ: فتحولت إلي سلوي نمطي يقاس به توقيت اليوم سواء موظف أو ربة بيت أو حتي طالب فكان هذا التوقيت أساسيا في لم شمل الأسرة حول هذه النافذة المتاحة والوحيدة آنذاك وهي بالنسبة له أفضل من سينما الشتاء وتوقيت الدراسة وخلافه أو المسرح وغيره فكانت الشاشة الصغيرة مائدة المتعة وقاسما مشتركا في مساء كل ليلة للأسرة المصرية. ويضيف رمزي: رويدا رويدا انتقل هذا السلوك النمطي( الشتوي) للدول العربية وقد عايشت ذلك بنفسي, وبعد انطلاق الفضائيات وتعدد القنوات بدأ من أعوام قليلة موسم ثان للأعمال الدرامية خارج موسم رمضان بلا شك ستمنح فرصة أكبر للشباب الموهوبين من ممثلين وكتاب ومخرجين بتقديم أعمال بضمان المشاهدة المبدئية وإثراء الشاشة التليفزيونية بأعمال جديدة منها سيظل باقيا لنجاحه ومنها سوف يذهب كما جاء في الهواء. ويضيف: لكن لا نختلف أن تلك الأعمال البعض منها ناجح بالفعل وأكبر دليل هو استمرارها وتقديم أجزاء جديدة منها مثل أم العروسة ومن قبلها سلسال الدم و التي أكدتها مؤشرات المتابعة.