تفتحت عيون بشار داخل قرية يحمل معظم أهلها السلاح إما للوجاهة الاجتماعية في الأفراح والمناسبات أو للدفاع عن النفس تحسبا لأي ثأر فعشق حمل السلاح وكلما مر عليه شباب القرية وهم يحملون أسلحتهم كان يجن جنونه وألح علي أبيه أن يشتري له سلاحا مثل أقرانه من شباب قريته, ولكن ضيق ذات اليد حال بينه وبين تحقيق رغبته, خاصة أنه لم يكن وقتها إلا طفلا لم يكمل عامه الحادي عشر, ومع إلحاح الابن وبكائه المستمر وعده أبوه العامل البسيط بأن يحقق له رغبته عندما تنفرج أحواله المادية ولكن بشرط أن يلتفت إلي دروسه أولا. كلام الأب ونصائحه لم تعجب الابن بشار الذي بدأ في مرحلة التمرد علي أهله خاصة مع ظهور ملامح الرجولة المبكرة علي وجهه, وعاد بعد عامين ليطلب من أبيه مجددا أن يحقق له رغبته مهددا إياه بالهروب من البيت والمدرسة معا فلم يعر الأب له اهتماما معتقدا أنها مجرد كلمات,حتي استيقظ صباح يوم علي صرخات أشقائه الذين لم يجدوه نائما كالعادة في غرفته, ليخرج الأب هائما علي وجهه يبحث عن فلذة كبده في كل مكان دون جدوي. بعد مرور عدة أسابيع علي اختفائه وهروبه وصلت أخبار تؤكد وجود بشار مختبئا لدي أحد أصدقائه, ونجح في إقناعه بالعودة إلي المنزل وبعد أيام قليلة هرب مرة أخري تاركا رسالة مفادها بأن عودته باتت مستحيلة وأنه سيمضي في طريقه معتمدا علي نفسه حتي يثبت للجميع رجولته وقدرته علي تحقيق أحلامه وطموحاته. كانت شلة من شياطين الإنس في انتظاره بعد أن وجدوا فيه بيئة خصبة لتنفيذ مآربهم الإجرامية, وتدرب علي إطلاق الرصاص وأصبح مجرما علي أول طريق الشر رافعا شعار بشار فوق الجميع. وخلال سنوات الانفلات الأمني التي أعقبت ثورة يناير كانت فرصة العمر أمام بشار فتفنن في الترويع وارتكب الجرائم ليقع في فخ الأجهزة الأمنية التي تمكنت من ضبطه في دستة من القضايا المتنوعة مثل خلالها أمام جهات التحقيق, وخرج منها الواحدة تلو الأخري بعد إخلاء سبيله, الأمر الذي جعله متيقنا بالفعل أنه فوق الجميع. وفيما كان أبوه غارقا في همومه والمرض ينهش في جسده, كان الفتي يرتع بين القري متباهيا بنفسه وهو محاط بأصدقاء الشر الذين يلتفون حوله باعتباره الزعيم الذي يخطط وينفذ كل جريمة بحنكة واحترافية شديدة, متخذا من ظلام الليل ستارا لمآربه, وفي الوقت الذي كان يختفي فيه نهارا, اعتمد بشار علي أعوانه من الناضورجية لإنقاذه عند تعرضه لمكروه, مما حير رجال مباحث كوم أمبو الذين ترقبوه خطوة بخطوة حتي توصلت تحرياتهم المكثفة إلي اعتياده التنقل بين قريتين علي حدود مركز كوم أمبو حددتهما معلومات رجال الشرطة السريين بكل دقة. وعلي الفور تم وضع المعلومات أمام اللواء نائل رشاد مساعد وزير الداخلية مدير أمن أسوان الذي وجه اللواء إبراهيم مبارك مدير المباحث الجنائية إلي سرعة ضبطه, وبعد تقنين الإجراءات وفي مأمورية قادها المقدم صالح عبد الحليم رئيس مباحث كوم أمبو وشارك فيها الرائد محمد الجزار معاون مباحث المركز, منح رجال المباحث الضوء الأخضر لبشار للتحرك بسهولة ويسر تأهبا للقبض عليه في اللحظة المناسبة, وبينما كان الهدف يتحرك نحو قضاء إحدي سهرات المزاج مع معاونيه, كان رجال المباحث له بالمرصاد وتمكنوا من إلقاء القبض عليه وبحوزته السلاح عبارة عن فردين روسيين محليين الصنع, ليسقط متلبسا بحيازة السلاحين,ويسقط معه أيضا شعاره بشار فوق الجميع .