اعتادت كثير من دول العالم منح موظفيها إجازة رسمية أسبوعية لا تتعدي يومين, وعلي الرغم من أن الكثيرين ينتظرونها بفارغ الصبر لينالوا قسطا وفيرا من الراحة فإن هناك دولا سارت عكس التيار وقررت منح موظفيها عطلات أسبوعية3 أيام لمواجهة أزمتها الاقتصادية وأبرزها ألمانيا التي نجحت منذ6 سنوات في حماية أوروبا من انهيار اقتصادي حتمي بفضل سياساتها الناجحة والتي اعتمدت فيها علي خبرات كبار المستشارين والخبراء والذين أيدوا تقليل عدد ساعات العمل اليومية لتمكين الموظفين من زيادة إنتاجهم وهو الهدف الذي تحقق بالفعل. ألمانيا قررت ألا تتعدي ساعات عمل موظفيها اليومية5 ساعات أي28 ساعة أسبوعيا, ورغم ذلك نجحت في أن تكون قوة اقتصادية لا يستهان بها, وبدلا من أن يذهب الموظف يوميا لعمله ليشاهد مواقع التواصل الاجتماعي ويتحدث مع زملائه عن مشكلاته اليومية, بات مجبرا علي إنجاز عمله في وقت أقل وهو ما يعود بوفر اقتصادي علي بلده. وأصبح من المحظور علي الموظفين تصفح مواقع التواصل الاجتماعي, وإلا يخضعون للمعاقبة القانونية, وعلي النقيض تماما من بريطانيا التي لم تنتبه إلي ساعات عمل موظفيها التي تتعدي السبع دون فائدة, لأنهم باستمرار يتصفحون أجهزتهم المحمولة. ونظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها فنزويلا فقد قررت منح إجازة أسبوعية3 أيام لجميع موظفيها لأغراض اقتصادية بحتة. وأعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أن مواطني بلاده سيتمتعون بعطلة نهاية أسبوع من الجمعة إلي الأحد, من أجل توفير الكهرباء. كما قررت الكويت تمديد مدة إجازة موظفيها الأسبوعية لتصبح أيام الخميس والجمعة والسبت بدلا من الجمعة والسبت تلك الإجازة التي كان يحصل عليها جميع الموظفين في الجهات الحكومية ومؤسسات الدولة, وأكدت الدولة أنها لجأت إلي هذا القرار للتخفيف علي الموظفين خاصة أن هناك أشهر في السنة ترتفع فيها درجات الحرارة بشكل مبالغ فيه. وفي هذا السياق نشرت صحيفة ذي إندبندنتالبريطانية تقريرا أشارت فيه إلي دراسة حديثة أجراها مجموعة من العلماء كشفت أن إجازة نهاية الأسبوع يجب أن تكون ثلاثة أيام. ونقلت الصحيفة عن خبير علم نفس سويدي يدعي أندرس أريكسون تأكيده قوله إن الفرد من الممكن أن يعطي إنتاجا أفضل بكثير إذا ما عمل لأربع أو خمس ساعات يوميا, موضحا أن إجبار الموظف علي العمل لعدد ساعات كبير من الممكن أن يشكل ضغطا عليه, ويقلل من إنتاجيته ويصبح غير منتج, الأمر الذي دفع العلماء إلي النصح بتمديد إجازة نهاية الأسبوع. ولا تتوقف فوائد تمديد العطلة إلي3 أيام علي رفع إنتاجية الموظف, بل إنها من الممكن أن تساعد في التقليل من التكاليف الواقعة علي الشركة أو المؤسسة, ففي عام2008, اتجه حاكم ولاية يوتا الأمريكية جون هانستمان, إلي وضع خطة عمل تشمل4 أيام عمل في الأسبوع فقط, لتكون مدة كل يوم منها10 ساعات. وطبقت غالبية المؤسسات والهيئات هذه الخطة, وكانت النتيجة واضحة في قدرتها علي خفض تكاليف الكهرباء, إضافة إلي رفع الروح المعنوية للموظف, والتغلب علي الأزمة المالية التي كانت تعانيها الولاية, وسرعان ما أصبحت شركاتها ومؤسساتها أكثر إنتاجية. كما نشر موقع أمريكي تقريرا استند فيه أيضا إلي علماء وباحثين أكدوا أن تمديد الإجازة الأسبوعية للموظف يعد من أبرز مفاتيح السعادة في العمل, كما أكدت دراسات أمريكية حديثة نشرتها مجلة ستريس أند هيلث أن الموظفين الذين خضعوا للأبحاث بعد أن أخذوا قسطا وفيرا من الراحة أسبوعيا تحسنت صحتهم وازدادت رفاهيتهم, مما عاد بالإيجاب علي العمل, لأنهم عادوا أكثر استرخاء. أما اليابان فكانت لها إستراتيجية أخري إذ فضلت تشجيع الموظفين علي العمل من المنزل, كما شجعت الولاياتالمتحدة الفكرة وأصبحت25% من مؤسساتها تشجع موظفيها علي ذلك لما له من توفير للنفقات. وأكدت استطلاعات الرأي التي أجريت في البلدين الأخيرين مؤخرا أن أكثر من50% من الموظفين الذين يعملون من المنزل يؤدون عملهم بشكل أفضل, ولجأت اليابان إلي تلك الإستراتيجية بهدف تخفيف الزحام علي الطرقات والحد من الضغط النفسي والجسدي علي الموظفين, إذ إن ساعات العمل في اليابان طويلة وغير مرنة, الأمر الذي يؤثر سلبا علي الإنتاجية. ورصدت نتائج الاستطلاعات أن العمل من المنزل رفع من إنتاجية الموظفين الذين يتمتعون بالانضباط الذاتي وخفف من التوتر, كما أظهرت دراسة أن نحو70% من الجيل الجديد من الشباب سيختارون الوظائف التي تمنحهم مرونة العمل من المنزل. ولم تقتصر الفائدة علي الموظفين الذين خفضوا استخدامهم للوقود وبالتالي الانبعاثات الكربونية, بل شملت الشركات والمؤسسات أيضا التي وفرت أيضا ملايين الدولارات سنويا. وأكدت الدراسات أيضا أن العمل أكثر من55 ساعة في الأسبوع له أضرار جسدية ونفسية كبيرة علي الإنسان, وأن33% أصبحوا عرضة للأزمات القلبية ويعانون من أمراض الضغط والسكري, مقارنة بالموظفين الذين يعملون ساعات أقل لكن بإنتاجية أعلي. وينطبق الحديث أيضا علي طلاب المدارس فالأسبوع الدراسي المكون من4 أيام فقط يعزز التعلم, وبالفعل حقق أطفال تلك الدول المطبقة لهذه النظم معدلات أفضل في الكثير من المواد وخاصة الرياضيات.