ثلاثة أيام تفصل تركيا عن واقعها الجديد بعد إجراء الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها ستة مرشحين من بينهم الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان الذي يواجه تحديا حقيقيا من المرشحين الخمسة المنافسين له, حتي إن استطلاعات الرأي الأخيرة ترجح عدم حصوله علي50%+1 من الأصوات وأنه إذا حصل علي النتيجة للفوز فالأغلبية ليست من نصيبه. ويبقي السؤال في انتخابات الأحد المقبل, ما إذا كان أردوغان سيفوز في الانتخابات الرئاسية من الدورة الأولي, وما إذا كان حزبه العدالة والتنمية سيحتفظ بالغالبية في البرلمان. أما إذا حدث ولجأ الناخبون إلي جولة الإعادة في الثامن من يوليو المقبل, في حال عدم حصول أحدهم علي الأغلبية, فهناك سيناريوهات أخري محتملة, الغالبية منها ليست في مصلحة الديكتاتور أردوغان الذي أغرق تركيا في مشكلات اقتصادية في الفترة الأخيرة, وهو ما أثر بشكل سلبي كبير علي مؤشرات نجاحه من الجولة الأولي في الرئاسة وإذا نجح فسيفقد غالبية البرلمان ليواجه تكتلات من المعارضة ذات قوة جبارة وقادرة علي إعادة الانتخابات مرة جديدة. يري محللون في مركز التقدم الأمريكي أن أردوغان كان يتوقع تعزيز سلطته, خصوصا بفضل مراجعة دستورية تعزز سلطات الرئيس في شكل كبير علي أن تدخل بنودها الرئيسية حيز التنفيذ بعد الانتخابات, لكنه لا يتمتع بدعم غالبية الناخبين الأتراك. ويري كمال كيريسكي من معهد بروكينجز أنه إذا خسر حزب العدالة والتنمية غالبيته في الانتخابات التشريعية التي تجري علي دورة واحدة الأحد المقبل, فإن أردوغان سيخوض الدورة الثانية, متسلحا, كالعادة بصورة الحاكم غير القابل للهزيمة رغم ما لحق بها من تشوهات. كما يقول آرون شتاين من مجلس الأطلنطي إن النتيجة الأكثر ترجيحا هي انتصار لأردوغان وبرلمان يفتقر إلي لون واحد, وهو السيناريو الذي سيغرق تركيا في مرحلة شديدة الغموض وأن يهز الثقة بالاقتصاد التركي مع إمكان أن يؤدي إلي انتخابات جديدة. والمفارقة أن حزب العدالة والتنمية قدم خدمة للمعارضة عبر تعديلات قام بها وأتاحت لحزب الشعب الجمهوري أن يتحالف مع ثلاثة أحزاب أخري في الانتخابات التشريعية, ما قد يعزز حضور المعارضة في البرلمان. وثمة رهان آخر يتمثل في مدي قدرة حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد والمناهض لأردوغان والذي يخوض المعركة وحيدا, علي الحصول علي سقف العشرة في المئة من الأصوات الذي يؤهله لدخول البرلمان. سبق أن خسر العدالة والتنمية الغالبية مرة واحدة في الانتخابات التشريعية في يونيو2015, وسارع أردوغان يومها إلي الدعوة لانتخابات جديدة للتعويض, معلنا بوضوح أنه لن يرضي بائتلافات. ولكن, بموجب التعديل الدستوري الذي أقر في أبريل2017, فإن أردوغان سيكون مجبرا نظريا علي وضع الانتخابات الرئاسية علي المحك عبر الدعوة إلي انتخابات تشريعية جديدة لأن الاقتراعين ينبغي أن يجريا في الوقت نفسه. ويقول مارك بيريني من مركز كارنيجي أوروبا إنه إذا حدثت المفاجأة وسقط أردوغان وفاز محرم إينجه, فإن ذلك يعد تغييرا سياسيا هائلا سيحصل علي الأرجح علي جبهات عدة, مشيرا خصوصا إلي السياسات الاقتصادية والعلاقات مع الغرب. في تصريح خطي لسبوتنيك الروسية أدلي به صلاح دميرتاش, الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي التركي المناصر للأكراد ومرشحه للانتخابات الرئاسية التركية والمعتقل منذ أكثر من عام ونصف العام في سجن أدرنة, قال إن الضجر والسأم من حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه أردوغان, بات ظاهرا في كل مكان, معتبرا أن الاتهامات التي يوجهها له أردوغان وخطابه تجاهه مجرد هذيان وأوهام شخص يعيش آخر أيامه, حيث كان قد طالب بإعدامه أولا ثم وصل إلي مرحلة إسقاط عضويته في البرلمان.