البويب موضع قريب من الكوفة, وفيه التقي جيش الفتح الإسلامي بقيادة المثني بن حارثة الشيباني, مع جيش الفرس بقيادة مهران الهمداني, بأمر من رستم قائد الفرس, وكان تعداده مائة ألف فارس ومعهم خمسون ألفا من المشاة وعدد من الأفيال. جاءت هذه المعركة بعد هزيمة كبيرة تلقاها المسلمون في معركة الجسر, أدت إلي استشهاد نحو أربعة آلاف من جيش المسلمين مع قائدهم, أبو عبيد بن مسعود الثقفي, وهي الهزيمة التي أبكت عمر بن الخطاب وأحزنت المسلمين لما سمعوا بها, وأعلن عمر النفير العام لقتال الفرس ودعا الناس للخروج لمساعدة بقايا الجيش الموجودة في العراق فتجمع أربعة آلاف مسلم من أنحاء جزيرة العرب, ثم توجهوا إلي العراق. وفي12 رمضان13 ه 634 م, نشبت معركة البويب والتقي الجيشان علي نهر الفرات, وبعث مهران إلي المثني: إما أن تعبروا, وإما أن نعبر إليكم, وهنا استفاد المثني من زلة الجسر وطلب من عدوه العبور فعبروا فوقعوا بين النهر وبين جيش نظمه المثني بذكاء إلي عدة ألوية يتقدمهم المثني وتصاف الجيشان, فكان للفرس ثلاث فرق, مع كل فرقة فيل, ووقف المثني علي الرايات يأمرهم بالثبات والصبر, والتحم الجيشان, واشتد القتال وحمي الوطيس وحمل المثني بمن معه علي قلب مهران وقصد مهران بالذات فقتله فتزلزل الفرس وانهزموا وكثر فيهم القتل حتي قدر عدد قتلاهم بمائة ألف أو يزيد وكان النصر المبين وشفي الله قلوب المؤمنين, وهكذا كانت معركة البويب ثأرا لشهداء المسلمين في موقعة الجسر ومهدت لانتصارات تالية انتهت بالقضاء علي الإمبراطورية الفارسية.