اننا نحاول بعد15 عاما تعميم أسباب نجاحنا وفشلنا ونحاول في نفس الوقت ان نضع انفسنا مكان هؤلاء الذين سيتمكنون غدا أو بعد غد من استلام السلطة في مكان قريب منا او في الجزء الآخر من العالم ومعها المسئولية عن مستقبل البلاد التي ستنطلق للسير علي الطريق الوعرة للحرية هذه الدول ستجد نفسها علي ما يشبه المسرح مكشوفة ومراقبة تحت إضاءة كبيرة من الأنوار الساطعة. هكذا أكد بيتر بيتهارت أبرز رموز المعارضة التشيكية ورئيس الحكومة التشيكية في الفترة من1990 إلي1992 في كتاب التجربة التشيكية عملية التحول. ونحن نمر بمرحلة التحول الديمقراطي في مصر من المفيد ان ننظر لتجارب الدول الأخري ليس من أجل استنساخها ولكن للاستفادة منها وتجنب الوقوع في نفس اخطائها. الكتاب يجمع اراء خبراء ومسئولين سابقين في التشيك في عملية التحول السياسي والاجتماعي والاقتصادي التي جرت بها البلاد حتي انضمامها إلي الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو. وحول إعادة تشكيل القوي السياسية بعد الثورة التي وقعت في عام1990 كانت هناك حالة من عدم الاستقرار داخل الحركات السياسية ولكن المجموعات الكثيرة والمختلفة التفكير كانت مضطرة لقمع مصالحها الذاتية كي تتمكن من تحقيق نتائج جيدة في الانتخابات وانجزت الانتخابات الحرة الثانية في عام1992 عملية العودة إلي النظام البرلماني الديمقراطي والذي سيطر فيه دور الأحزاب السياسية من هذا المنطلق اقتربت جمهوريتا تشيكيا وسلوفاكيا من معايير النظام الأوروبي الغربي وعادت المثل التي نشأت اصلا من خلالها كدولة حديثة عام1918 بعد تاريخ طويل من القمع الشيوعي. وبالنسبة للتحول الاقتصادي كانت عملية الخصخصة الصغيرة التي شملت المشروعات الصغيرة ناجحة برغم بعض المشكلات الجزئية وساهمت في تطوير قطاع الخدمات اما الخصخصة الكبيرة فلا يمكن اعتبارها ناجحة تماما حيث تزامنت مع عمليات فساد كبيرة وتغلب المواطنون علي هذه الفوضي بانتخاب شخصيات ذات كاريزما قوية في الانتخابات البرلمانية التي جرت في عام1992. وفيما يتعلق بقضية ماذا نفعل بالماضي الشيوعي اعترفت النخبة الديمقراطية في يناير1990 بالحزب الشيوعي الشيكوسلوفاكي كجزء كامل الحقوق في الحياة السياسية دون اي تمييز ومن هنا نشأت مظاهر الفوضي ارتباطا بكثير من القضايا وابرزها مسألة استعادة ممتلكات الحزب الشيوعي التي بلغت قيمتها مليارات الكرونات ونقلها لملكية الدولة ومعاقبة رموزه علي الجرائم والخيانات التي تم ارتكابها ابان العهد الشيوعي ثم كان قانون عام1993 الخاص بالطابع الاجرامي وعدم قانونية النظام الشيوعي السابق ومع ذلك ظل للحزب تمثيل بالبرلمان بينما تصفه الاحزاب الاخري بالمتطرف. وطرح بيرجي بيرشيبان استاذ القانون في جامعة كارل ببراغ الدرس الألماني في الفلسفة القانونية باعتبار أن الطريقة الألمانية في العقاب علي الجرائم السياسية هي الأنشط بين جميع دول وسط اوروبا حيث شكل برلمان جمهورية المانيا الديمقراطية عام1989 لجنة لملاحقة النشاطات الاجرامية المتعلقة بسوء استخدام السلطة والفساد وتزوير نتائج الانتخابات كما حاولت النخبة الحزبية حماية وجودها السياسي بموافقتها علي ملاحقة اعضاء حزبها بشكل انفرادي وبلغت هذه السياسة ذروتها حيث وضع بعض اعضاء قيادة الحزب الشيوعي مؤقتا في السجن في ديسمبر1989 وبعد الانتخابات الحرة عام1990 ايدت جميع الأحزاب المنتخبة ديمقراطيا في برلمان المانياالشرقية سياسة العدل العقابي وملاحقة جرائم الشيوعية. وبدأت التغييرات في الدستور التشيكي بازالة الفقرة الخاصة بالدور القيادي للحزب الشيوعي في المجتمع وقد تم ذلك من قبل البرلمان المنتخب. بلغ عدد التغييرات في دستور تشيكوسلوفاكيا حوالي العشرة حتي موعد إجراء أول انتخابات حرة في يونيو1990 هذه التغييرات جرت بشكل تدريجي بحيث كان مطلوبا تبني قوانين جديدة ذات طابع ديمقراطي واقتصادي وتنظيمي فكان مطلوبا ان تساهم التغييرات الدستورية في التمكين من عملية خصخصة الاقتصاد والتسهيل من المصادقة علي القوانين التي ترسي دعائم الحقوق الديمقراطية للمواطنين والنظام السياسي الديمقراطي. أهم هذه القوانين حق المواطنين في التظاهر وحقهم في التجمع وتحويل الانتخابات للهيئات التشريعية.