يعتبر الفنان الكبير عبد الله غيث أحد عمالقة الدراما والسينما والمسرح المصري والذي حلت ذكري ميلاده قبل أيام حيث ولد بكفر شلشلمون بمنيا القمح في محافظة الشرقية في28 يناير عام1930, ودرس والده الطب في لندن وبعد عودته تم استدعاؤه ليتولي العمودية في قريته مع بوادر الحرب العالمية الأولي, وتزوج وأنجب خمس أبناء وكان عبد الله غيث أصغرهم, وتوفي أبوه وهو لا يزال صغيرا. استمر عبد الله في دراسته بالقرية وكان تلميذا شقيا يحب الهروب من المدرسة ليذهب إلي السينما والمسارح والحفلات الصباحية وبالكاد حصل علي الإعدادية ثم الثانوية وكان يشرف علي زراعة أرضه بنفسه لمدة عشر سنوات ثم انتقل إلي القاهرة والتحق بمعهد الفنون المسرحية بإشراف أخيه حمدي غيث الذي عمل أستاذا بالمعهد بعد عودته من بعثة في باريس. وتزوج صغيرا في عمر18 سنة من ابنة خالته التي رافقته طوال رحلة عمره وأنجبت له أدهم وعبلة والحسيني. وحرص علي زيارة قريته مرتين أسبوعيا ويشارك أهلها همومهم ومشاكلهم, فمنحوه الحب والثقة ورشحوه للعمودية بعد وفاة والده وأخيه الأكبر, وعندما أعلن موافقته المبدئية أضيئت المنازل ترحيبا بهذه الموافقة لكن الفن شغله فرشح لهم ابن عمه لتولي العمودية بدلا منه. محطات في حياته لم يصادف عبد الله غيث مشاكل تعوق دخوله عالم الفن والتحق بالمسرح القومي وهو لا يزال طالبا في المعهد وتتلمذا علي يد شقيقه حمدي غيث, وحصل علي دبلوم الفنون المسرحية عام1955, وعمل بالتليفزيون, وله مشوار فني حافل بالعديد من المسلسلات والأفلام الدينية والتاريخية التي برع فيها. واشتهر في العديد من المسلسلات الناجحة أولها هارب من الأيام عام1963 ولقب بعده بملك الفيديو, والصبر والثعلب والمال والبنون ومحمد رسول الله والحرية والكبرياء تليق بالفرسان وآخرها ذئاب الجبل. وشارك في العديد من المسرحيات الكلاسيكية في المسرح القومي منها وراء الأفق وحبيبتي شامينا والخال فانيا ودنشواي الحمراء وكفاح شعب ومأساة جميلة وتحت الرماد والدخان والكراسي والوزير العاشق ومرتفعات ويزرينج وملك القطن وآه يا غجر والزير سالم وتخصص في الأدوار الصعبة. أما في السينما فلم يقدم الكثير من الأفلام نتيحة لرفضه تقديم التنازلات في اختياره للأدوار, بدأ مشواره السينمائي في عام1962 بفيلم لا وقت للحب, ورابعة العدوية في1963, وثمن الحرية, وأدهم الشرقاوي1964, وهناك أيضا حكاية من بلدنا والسمان والخريف وجفت الأمطار والحرام, وكانت أهم علامة تركها في السينما الفيلم العالمي الرسالة وشارك في فيلم الشيماء عام1972 مجسدا شخصية القائد خالد بن الوليد وعلي الرغم من أنه كان دورا ثانويا إلا أنه ترك بصمة قوية في الفيلم. دور حمزة عم النبي وقع اختيار المنتج والمخرج السوري مصطفي العقاد علي عبد الله غيث للقيام بدور حمزة بن عبد المطلب عم الرسول صلي الله عليه وسلم في فيلم الرسالة عام1976 م وصورت أغلب مشاهده, بين ليبيا والمغرب وأنتج منه نسختان عربية وإنجليزية, بنفس الديكور والمناظر مع تغيير في المجاميع والأبطال الرئيسيين, حيث قام غيث بدور حمزة في النسخة العربية وقام بنفس الدور في النسخة الإنجليزية النجم العالمي أنتوني كوين, اعتقد المخرج مصطفي العقاد في البداية أن الممثلين العرب سوف يتعلمون الأداء الدرامي من الأجانب فتعمد أن يبدأ تصوير كل مشهد بالأبطال الأجانب وبعد مضي ثلاثة مشاهد بالتحديد فوجئ العقاد بالفرق في الإحساس بالشخصية وطريقة الأداء بين الممثل العربي وزميله الأجنبي فطلب من أنتوني كوين أن يجعل المجموعة العربية تبدأ بالتمثيل إذ لا يعقل أن تقدم شخصية إسلامية مثل أسد قريش بأسلوب أمريكي يطغي عليه أداء الكابوي وكان أنتوني كوين يقف معجبا مشدوها وهو يتابع عبد الله غيث وقال لو كان في أوروبا أو أمريكا لكان له شأن آخر. مرضه وموته لم يكن يحب التردد علي الأطباء والمستشفيات لذلك لم يكتشف إصابته بسرطان الرئة والكبد معا إلا في المراحل الأخيرة وكان وقتها يشارك في مسلسل ذئاب الجبل وفي مسرحية آه يا غجر وتحامل علي نفسه حتي انتهت المسرحية ولكن لم يستطع استكمال المشاهد الأخيرة من ذئاب الجبل وأثناء وجوده بالمستشفي فوجئ بوفد ليبي ينوب عن الرئيس معمر القذافي يبلغه بأن هناك طائرة طبية خاصة مستعدة لنقله إلي أي بلد في العالم للعلاج ولكن طبيبه الخاص أعلن أنه قد فات الأوان, ورحل عبد الله غيث عن الدنيا في الأربعاء13 مارس.1993