تشهد الدراما التليفزيونية حاليا نجاحا كبيرا للأعمال التي يمكن تصنيفها بالدراما الاجتماعية أو العائلية تلك التي تطرح مشكلات الأسرة المصرية بصفة خاصة والعربية بصفة عامة بكل فئاتها وشرائحها المتنوعة, لتتحقق المعادلة ما بين محتو هادف, ونسبة مشاهدة مرتفعة بدأت ب الطوفان وتزامن معها سابع جار, وثالثها وليس آخرها أبو العروسة الذي أكد أن هذه النوعية أعلنت تحديها للقوالب الدرامية الأخري, وحول هذا النجاح وإن كان ظاهرة أم تيمة فرضت تواجدها, كان سؤالنا لصناع تلك الأعمال وكيف يرون استقبال الجمهور لها؟. يقول الفنان سيد رجب بطل مسلسل أبو العروسة أن نجاح هذه النوعية من الدراما العائلية هو انعكاس طبيعي لاحتياج المجتمع لتناول قضاياه ومشكلاته اليومية علي الشاشة التليفزيونية والتعايش معها بكل صدق, مشيرا إلي أن نجاح هذه النوعية من الدراما لا يعني أنها تطغي علي النوعيات الأخري مثل الأكشن والرومانسي فلكل منهما جمهوره وموضوعاته ولونه المختلف, ولكن ستظل الدراما العائلية تتمتع بأعلي نسب للمشاهدة لأنها تضم كل شرائح وفئات المجتمع. وأضاف: أتمني أن يتجه القائمون علي إنتاج الأعمال الدرامية للاهتمام بهذه النوعية لقدرتها علي جذب الجمهور مع الوعي التام في طرح القضايا أيا كانت طالما نتعايش معها علي أرض الواقع. فيما أكد الكاتب مصطفي محرم والذي قدم العديد من هذه النوعية من الدراما العائلية والتي ما زالت علامة في تاريخ الدراما مثل: عائلة الحاج متولي, لن أعيش في جلباب أبي أن هذه الدراما اختفت بسبب اقتباس أفكار دخيلة علي مجتمعنا لا تصلح لطرحها علي الشاشة الصغيرة من عنف وبلطجة وغيرها من السلوكيات السلبية التي لا تعكس مجتمعنا بفئاته المختلفة. وأشار إلي أن عودة الدراما العائلية هو انعكاس إيجابي يتمني استمراره لأنها تعبر بصدق عن مشكلاتنا ويكفي أنها تنجح في التفات الأسرة المصرية لها ولا ينتهي نجاحها بمجرد انتهاء عرضها بل تتميز باستمرارها حتي عندما يعاد عرضها علي مر السنوات. وناشد محرم الجهات الإنتاجية أن تعطي هذه النوعية مساحة من الإنتاج خاصة بعد أن أثبتت نجاحها جماهيريا ومن ثم تسويقيا. ويري الكاتب بشير الديك مؤلف مسلسل الطوفان أن الدراما التليفزيونية تدخل كل بيت دون استئذان وعلي الرغم من ذلك فهي تواجه تحديا كبيرا من قبل مواقع التواصل الاجتماعي, وبالتالي إن لم يجد المتلقي ما يجذبه للمسلسل لم ولن يتابعه فلديه ما يشغله ويتابعه; حيث إن مواقع التواصل أقوي منافس لأنها في يد كل الفئات والشرائح بداية من الأطفال حتي الكبار وتستحوذ علي كل وقتهم, ومن هنا تزداد المسئولية والتحدي عند القائمين علي صناعة الدراما التليفزيونية فلم تعد بسهولة ما قبل وقتنا هذا. وأوضح من هنا جاءت أهمية الدراما العائلية التي تخاطب تلك الفئات وتناقش مشكلاتهم الحياتية بصورة واقعية وبسيطة ورؤية جديدة قادرة علي جذبهم شكلا ومضمونا فلا بد أن تجد كل فئة نفسها في العمل فيجتمعون حوله لأنه يعبر عنهم بأسلوب جديد ومختلف. ويري السيناريست باهر دويدار أن المسلسلات الاجتماعية ذات الطابع العائلي ظاهرة إيجابية ليس فقط لأنها تطرح مشكلات حياتية تهم كل أسرة مصرية وعربية ولكن أيضا تزيد من أهمية الشاشة الصغيرة وتحقق نسبة مشاهدة عالية وبالتالي نحن كقائمين علي الدراما التليفزيونية تزداد القاعدة التي تشجعنا علي تطوير أعمالنا ولكن الأهم من ذلك هو خلق نوع من الدراما بشكلها العائلي أو الاجتماعي ينافس النوعيات الأخري سواء رومانسيا أو إثارة مما يثري عجلة الإنتاج الدرامي وتزداد المنافسة لتقديم الأفضل كل ذلك ينعكس في التسويق الدرامي علي مستوي القنوات الفضائية في الدول العربية وتعود الدراما المصرية إلي ريادتها وتميزها بثرائها الدائم وتجديد دمائها وبموضوعاتها. وقال المخرج إسلام خيري شلبي: إن هذه النوعية كانت متواجدة في الثمانينيات والتسعينيات لكبار مخرجي الدراما مثل: إسماعيل عبد الحافظ ويحيي العلمي ومجدي أبو عميرة وحققت هذه النوعية نجاحا كبيرا في وقتها وأصبحت علامة في تاريخ الدراما التليفزيونية مثل( الشهد والدموع) و(ليالي الحلمية) و( الحقيقة والسراب) و(أين قلبي) ثم اختفت وظهرت ألوان وأنواع درامية فرضتها الظروف والأحداث والتي تم تصنيفها ما بين الرومانسي والإثارة والعنف وطرح قضايا ومشكلات موجودة علي الساحة. وأضاف: ظهور تلك النوعية مرة أخري ونجاحها في هذه الفترة أكبر دليل علي احتياجنا لها لأنها تمس كل فئة وكل شريحة بمختلف أعمارها وظروفها نظرا لتحديات مجتمعية, فكان من الطبيعي أن تجد صداها عند المتلقي. وأوضح إسلام أن سر نجاحها بهذه القوة والذي أتوقع له الاستمرار أيضا هو في خلطتها السحرية إذا جاز التعبير والتي تعتمد بالدرجة الأولي علي الكتابة وطرح قضايا ومشكلات وتفاصيل حياتنا اليومية مهما كانت بسيطة لأنها تؤثر فينا لذلك وجد كل فرد من أفراد الأسرة ضالته في مشكلة صغيرة كانت أو كبيرة طرحها العمل, ثم يأتي عامل ثان وهو الإخراج ليس فقط من ناحية استخدام التقنية الجديدة ولكن في مفردات تجعل الصورة النهائية مبهرة وجذابة للمشاهد شكلا وموضوعا والتي تتضمن اختيار الشخصيات في الأدوار المناسبة لها وبظهور وجوه جديدة شابة تمثل بالفعل المرحلة العمرية التي تخاطبها بغض النظر عن نجوميتها المهم موهبتها وقدراتها في توصيل الرسالة والملاحقة السريعة للأحداث دون ملل أو تطويل غير مبرر ثم الأحداث نفسها داخل العمل المتجددة والتي تطرح من خلالها مشكلة جديدة نعيشها علي أرض الواقع بكل شفافية. ومن جانبه أوضح المخرج مجدي أبوعميرة: أن الدراما العائلية موجودة علي مدار تاريخ الدراما المصرية بل بدأت الدراما التليفزيونية بها وأثبتت نجاحها لأنها تخاطب كل فئة من فئات المجتمع فيجد المشاهد نفسه فيها ويري مشكلته وكأنها تتحدث عنه فهي من أنجح وأفضل الألوان الدرامية. وعن تباين تواجدها مابين الظهور والاختفاء قال: للأسف في السنوات الأخيرة طغت أعمال الأكشن والعنف والبعض منها يتسم بالبلطجة وهو انعكاس طبيعي لمتغيرات وسلوكيات مرفوضة في مجتمعنا إلي جانب الاقتباس الأعمي من الدراما الأجنبية والموجهة التي نراها في الأفلام والمسلسلات الأجنبية, لكن الدراما العائلية لم تختف ولكنها تقلصت منها مسلسل( ذات) الذي اتسم بهذه النوعية من الدراما العائلية وحقق نجاحا كبيرا. وقال أبو عميرة: أتمني أن يشهد الموسم الحالي عددا كبيرا من هذه النوعية لأنها دراما هادفة وبناءة وفي الوقت نفسه ناجحة أي أنها تحقق المعادلة الصعبة ما بين الرسالة الهادفة التي تجد صداها لدي المتلقي والتجارية الناجحة التي تجد سوقها في الإنتاج الدرامي.