تسعي الدولة لتأهيل أبنائها خاصة الشباب لسوق العمل بدعم الاستثمار والمشروعات الصغيرة.. وتدريبهم علي بدء المشروعات الخاصة بهم, وتقديم برامج لتوليد أفكار المشروعات , وبرامج للتدريب علي كيفية الإدارة والتسويق ودراسة السوق والدراسة الفنية والمالية والإدارة وإعداد خطة العمل.. وأخيرا اكتشاف رواد الأعمال وتطوير مهاراتهم. االأهرام المسائيب.. تطرق أبواب أصحاب المشروعات.. لبحث الحلول الأفضل لتجنب أي عوائق تقف في طريق النجاح نحو التنمية المنشودة للوطن بأبنائه.. أعلنوا التحدي لكل ما يواجههم من صعاب لم يراودهم حلم الوظيفة الحكومية, أو الميري كما يحب أن يطلق عليها الكثير من المصريين, ومن وسط الأراضي الزراعية وتلك المنازل البسيطة وهي الصفة التي يتشارك فيها أهلها أيضا, كانت هناك أياد تحمل طاقة من الأمل والنور خرجت من6 قري بالفيوم, تحدت البطالة ووصلت إلي العالمية, وقد تحولت القرية إلي ورش ومشروعات صغيرة قضت علي بطالة الشباب وجعلتهم من أصحاب الأعمال الرائدة. شباب رفض أن يخضع للروتين ويستسلم لموجات الإحباط, وحاول أن يصنع من كل شيء يميز قريته إلي مشروع كبير يعمل فيه أغلب أهالي القرية, لم يتركوا شيئا مميز إلا وصنعوا منه مشروعا يتعدي خطوط المحلية ويصل إلي العالمية, ففي قرية جردو, التي احتفلت منذ شهرين بخلوها من البطالة بسبب الملوخية, أو الذهب الأخضر الذي تتم زراعتها وتغليفها وتصديرها ل الإمارات وبلجيكا, ويعمل في تلك الصناع أغلب شباب القرية. تفتخر القرية بأنها احتفلت في شهر أكتوبر الماضي بخلوها من البطالة حيث إن جميع سكان القرية يمتهنون مهنا مختلفة من خلال المشروعات القائمة علي زراعة الملوخية وتجميعها وتصديرها لعدد كبير من الدول العربية وأوروبا, ويدر مشروع زراعة الملوخية دخلا كبيرا علي أهل القرية, التي يعمل فيها نحو60 بالمائة من نسائها في التقطيف, أي فصل أوراق النبات عن الساق, ثم التجفيف, والتعبئة. وتبدأ زراعة الملوخيةفي قرية جردو منتصف شهر أبريل وحتي منتصف أكتوبر, ثم يتم جمع المحصول عن طريق آلة حادة تسمي المحش, ينقل بعد ذلك من الحقول إلي مرحلة التجفيف ليتم تحويله إلي المخازن لتنظيفه من الشوائب وتعبئته في أكياس بلاستيكية مقسمة حسب الوزن, توضع في صناديق من ورق الكرتون, ومن ثم إلي السيارات المخصصة لعملية التصدير وتعرف لديهم بالكونترات. جردو والذهب الأخضر ويوجد في قرية جردو أكثر من26 مشروعا لتجفيف وتعبئة الملوخية يمتلكها شباب من القرية, بداية قال عشري جاب الله, أحد أصحاب تلك المشروعات, إن ربح المشروع جيد من الناحية المادية, كما أنه يوفر من خلاله الكثير من فرص العمل لأهل القرية والقري المجاورة, مشيرا إلي أنه لم يفكر تماما في التوظيف في الحكومة, أو تنفيذ المثل القائل إن فاتك الميري.. اتمرمغ في ترابه, مشيرا إلي أن تلك المقولة لا تصلح في الوقت الحالي الذي يعتمد علي العمل الخاص والمشروعات الصغيرة بدلا من الوظائف الحكومية التي لا توفر مقابل مادي كريما في الوقت الحالي. وأشار إلي أن زراعة الملوخية تستمر لمدة70 يوما وتتميز ورقة الملوخية بحجمها الكبير, وتستغرق عملية التجفيف أربعة أيام علي أقصي تقدير., ويسمي هذا النوع بالملوخية الصعيدية, وهذا النوع مطلوب للتصدير إلي الخارج, وهو يختلف عن الملوخية العادية ذات الحجم الصغير والشائع استخدامه في مصر, منوها إلي أن المشروع لا يحتاج إلي أكثر من قطعة أرض توضع بها أقفاص مصنوعة من جريد النخل ثم توزع أوراق الملوخية الخضراء بعد عملية نزع أوراقها وتسمي بعملية التقطيف والتي تقوم بها النساء, ثم تترك أربعة أيام لتجف, وبعدها يتم مخزن صغير يكون غالبا داخل أحد المنازل بالقرية تجتمع فيه النساء لتنظيف أوراق الملوخية الجافة من الحشائش. وقال تأتي بعدها مرحلة تعبئة أوراق الملوخية الجافة بحسب الوزن الذي يطلبه المستورد, وتبدأ من5 كيلو جرامات, ثم كيلو, وهناك عبوة نصف الكيلو, انتهاء بعبوة200 جرام.. وأشار وتبيع القرية الملوخية المجففة فقط, أما الخضراء الطازجة والتي تعبأ محفوظة في أكياس للطبخ السريع فليست من اختصاصهم, وتهم شركات تعبئة المواد الغذائية بالقاهرة. وتصدر الملوخية من جردو إلي العديد من الدول العربية, منها لبنان وتونس والإمارات, ودول أوروبية علي رأسها ألمانيا وإيطاليا واليونان وتركيا, لكن القرية تواجه عدة مشاكل, أبرزها قلة حصص الفلاحين من مياه الري المخصصة وعدم تمهيد الطرقات المؤدية إليها لتسهيل عمليات النقل. المياه وأضاف أحمد سعد صاحب أحد المشروعات, أن أسرته تعمل في تجفيف وتجهيز الملوخية منذ عهود طويلة وأنه ورث هذا العمل حبا فيه. وقال نعاني من نقص المياه اللازمة لزراعة هذا المحصول الاستراتيجي للقرية, كما أن الطرقات المؤدية إلي القرية حالتها سيئة جدا ما يؤدي إلي هروب بعض المستوردين الذين يأتون بالشاحنات الخاصة بهم لنقل الملوخية إلي القاهرة ومنها إلي الجمارك ثم تصديرها إلي الخارج, مشيرا إلي أن شركات الاستيراد والتصدير تحقق ربحا مرتفعا من وراء هذا المشروع رغم أنها تأخذ النبات جاهزا معبأ مقابل ثلاثة دولارات أمريكية للطن الواحد, في الوقت الذي لا يتقاضي صاحب المشروع بالقرية سوي هامش ربح زهيد, وهو الذي ينفق علي شراء المحصول من الأرض, ودفع أجور العمال, بما يعادل75 بالمائة من الربح الكلي. وأشار سعد إلي أن فكرة إنشاء شركة استيراد وتصدير للملوخية من أصحاب المشاريع أنفسهم بالقرية عملية صعبة جدا وتواجهها مشكلات كثيرة, علي رأسها الوقوع في فخ النصب من قبل الوكلاء الذين سيتسلمون الملوخية في الخارج, وليس مضمونا أن يدفعوا مقابلها, إضافة إلي أنه في حالة أن أصبح البنك ضامنا ووسيطا في عملية التصدير فسوف يتقاضي عمولة كبيرة أو فائدة بنكية تزيد من تقليص هامش الربح. ورغم المعوقات التي تواجه عملية تصدير أهل القرية للملوخية بأنفسهم إلي الخارج, إلا أن هناك شابين اجتهدا وعكفا علي نيل20 دورة تدريبية في كيفية التصدير والتعامل مع العملاء في الخارج حتي يمكنهما إجراء الصفقات بنجاح. يؤكد رجب أحمد, أحد أصحاب شركة التصدير الجديدة, وهو حاصل علي بكالوريوس تجارة, أن عمله مع شريكه بدأ منذ عام فقط, وصدرا إلي تركياوألمانيا وسويسرا بالفعل بسعر أقل مما يدفعه المستوردون الآخرون لأهل القرية, آملا في نجاح مشروعهما مستقبلا وبسعر أعلي. وأضاف أحمد(25 عاما), أنهما استطاعا الوصول إلي مستوردين في الخارج عن طريق شبكة الإنترنت, مؤكدا أنهما نجحا في أن يكتسبا ثقة أهل القرية, ويشتريا منهم محصول الملوخية ثم يقومان بتجهيز النبات بكل المراحل السابقة, وصولا إلي مرحلة التصدير دون حاجة لأي وسيط. وأوضح أن القرية صنعت شهرة عالمية في زراعة وصناعة الملوخية, ولذلك يطالب أهالي القرية المسئولين بالمحافظة ووزارة الري, بالتدخل لحل أزمة المياه حتي لا تتحول جردو من قرية منتجة ونموذج إنتاجي, إلي قرية نمطية لا تعرف غير المحاصيل التقليدية التي يمكن أن تروي بمياه الصرف الصحي فيؤثر علي صحة الإنسان والماشية. ومن جانبه أكد بسام عزام, رئيس مركز ومدينة أطسا, أن قرية جردو تشتهر بزراعة وتصدير الملوخية والنباتات الطبية والعطرية, مشيرا إلي أن التصدير يتم في دول روسياوألمانيا وأسبانيا وأمريكا وبولندا والسعودية ودبي والأردن, لافتا إلي أن القرية تعتبر نموذجا للقرية المنتجة بمحافظة الفيوم; حيث تم تمويل133 مشروعا بها بمبلغ2.239.817 جنيه, وفرت287 فرصة عمل, وكذلك تدريب300 سيدة علي كيفية إعداد خطة عمل مشروع صغير حسب الصناعة التي تشتهر بها القرية وتم منحهم تمويلا من خلال فرع جهاز تنمية المشروعات بالفيوم.