من الملفت للنظر برغم كل ما نعانيه من حرب هي الأشرس من نوعها في تاريخ الإرهاب المعاصر وحروب الجيل الرابع فإن الدولة مستمرة في التنمية والبناء والأنشطة الحياتية طبيعية علي كل الاصعدة حركة بناء غير مسبوقة علي مستوي الدولة والافراد مشروعات قومية عملاقة انخفاض في فاتورة الاستيراد من72 الي50 مليار دولار مؤتمرات مهرجان للسينما مسرح اسواق تجارية.. وسألت نفسي وقد عاصرت حروب النكسة والاستنزاف و نصر اكتوبر ماذا حدث لشعب مصر وقيادته هل اصبحنا انضج و اكثر ثقة بانفسنا قيادة وشعبا ؟ هل اصبحنا علي قدر ما نواجهه من تحديات!! لنضع اجابة لتلك التساؤلات فعلينا ان نرجع بالذاكرة نصف قرن من الزمان حيث استدرجت القيادة المصرية الي حرب الخامس من يونيو1967 واحتلت إسرائيل سيناء, ومرتفعات الجولان, والضفة الغربية والقدس الشرقية, وتوقفت عجلة الزمن الا من مسارين رئيسيين هما اعادة بناء الجيش والتحضير لساعة الثأر فتم إلغاء دوري كرة القدم لخمسة مواسم متتالية وعاد مرة أخري عام1974 في ذلك الوقت كانت اجواء الحرب تخيم علي كل انحاء مصر, وما ان تجول في شوارعها حتي تري زجاج المحال التجارية والنوافذ في البيوت وكشافات السيارات كلها قد طليت باللون الازرق, لقد خفت الضوء واتشحت مصر بالسواد وبنيت المتاريس أمام مداخل المنازل, وغطيت جدرانها بشعارات ترفض الهزيمة وتطالب بالثأر:( حنحارب حانحارب), أما عن الحاله الاقتصادية في مصر فكانت في أسوأ حالاتها منذ الحرب العالمية الاولي( فلا صوت يعلو علي صوت المعركة) هذا كان الشعار الرسمي والشعبي أيضا لتلك المرحله, فكان معظم دخل مصر القومي يخصص لدعم المجهود الحربي, والتحضير لساعة الثأر. وبدأ الشعب المصري الذي كان يعيش في رغد من العيش وشوارع القاهرة التي كانت تزدحم بكبري المحلات التجارية والماركات العالمية, بدأ يتأقلم مع حياة التقشف, وبدأت عملية تفريغ مدن القنال من سكانها وهو ماعرف بعملية التهجير لمدن القنال التي دمرت وتحولت في معظمها الي أنقاض, وكان علي شعب الدلتا والوادي إستيعاب أكثر من مليونين من المهجرين من مدن القنال.. ثلاث مدن كبري تم تهجيرها بالكامل بدأ الشعب المصري يعرف الطوابير للحصول علي احتياجاته الضرورية من الوقود والغذاء, ولا حديث في البيوت أو في المقاهي إلا عن الحرب.. اما عن الاعلام في ذلك الوقت فالكل فقد الثقة فيما يقرأ أو يسمع بعد أن زيفت الحقائق.. التي مالبثت أن إنكشفت للجميع.. ومع ذلك لم نفقد الامل في غد أفضل ونصر قريب, وشدت ام كلثوم( انا الشعب) و( إنا فدائيون) و( حق بلادك) وعبد الحليم( فدائي) ومحمد فوزي( بلدي احببتك يابلدي).. واستعادت مصر توازنها في6 سنوات وافقدت العدو ايضا توازنه في6 ساعات و لا وجة للمقارنة بين حرب الامس واليوم حرب الجيل الاول والجيل الرابع والخامس بالامس كانت الحروب جبهات قتال ومعارك جيوش ومحاولات لكسب ارض او اسقاط دولة باحتلالها عسكريا وان كان هذا الخيار مازال مطروحا عند بلطجية العالم اما حروب الجيل الرابع فلا جبهة ولا جيوش فكل الجبهات مفتوحة لاختراق ثقافة وعقلية شبابنا بكل الوسائل مخاطبا الغرائز مغيبا العقول محيدا ومشوها اي قيم دينية فيصبح عدوك مجرد مسخ بلاهوية سهل القياد والانقياد وهذا ما تعيه القيادة السياسية جيدا فكان البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب والاكاديمية الوطنية لتاهيل الشباب وكان تحديث وتطوير قواتنا المسلحة تدريبا وتسليحا علي التوازي مع البناء والتنمية نعم فالدولة مستمرة.