دائما ما يكون في التاريخ مفتاح الغموض وفك الطلاسم ولهذا قالوا من فات تاريخه تاه وانكفأ علي وجهه. ولأنني من المؤمنين بأن ما يحدث في المنطقة والعالم مخطط في عقيدة آل صهيون وهو أكبر من قدرات عرائس البيت الأبيض التي تحركها الصهيونية بين يديها واكبر من زيف إدعاءات جماعة اخوانية واهمة و اكبر من ثورة الخوميني و حزبه و من تبعه, وأكبر من مسميات الإرهاب القابع تحت أسماء القاعدة وداعش وبوكو حرام والمرابطين, فدعونا نذكر بجزء من تاريخ قريب سمعنا عنه أول مرة في العام2004 حينما نشرت صحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية, تقريرا عما أسمته بخطة الجنرال جيورا ايلاند رئيس مجلس الأمن القومي الاسرائيلي وقتها. تفاصيل الخطة نشرتها الصحيفة بأنها وسيلة اسرائيل لانهاء الصراع مع الفلسطينيين والتخلص من أزمة قطاع غزة الذي تحذر كل التقارير الدولية من انفجاره سكانيا بحلول2020 حيث يوصف بأنه أكثر مناطق العالم كثافة سكانية بالمقارنة بمساحته. ووفقا للصحيفة الاسرائيلية فقد تم عرض الخطة علي العديد من الأطراف الدوليين من بينهم مستشارة الأمن القومي الأمريكي كونداليزا رايس, ووزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر. وتتضمن الخطة إنسحاب اسرائيل الكامل من قطاع غزة واخلاء كافة المستوطنات به. و قيام مصر بتخصيص600 كم من الأراضي, بطول30 كم علي امتداد الحدود الفلسطينية المصرية, وبعرض20 كم في عمق سيناء, بما في ذلك قطاع الشاطئ الذي كانت تقوم عليه في السابق مستوطنات يميت وبيتاح رفياح, لمضاعفة مساحة غزة ثلاثة أضعاف مساحتها الحالية. في المقابل تحصل مصر علي مساحة200 كلم في منطقة وادي فران في صحراء النقب. مع السماح لمصر بعمل نفق بري يربط بينها وبين الاردن يخضع للسيادة المصرية. كما يحصل الأردن علي منفذ للبحر المتوسط عبر النفق البري وميناء غزة. وتحصل السعودية والعراق علي منفذ للبحر المتوسط بالطريقة ذاتها. و يحصل الفلسطينيون علي89% من اراضي الضفة الغربية, فيما تحصل اسرائيل علي مساحة ال11% المتبقية من الضفة, والكافية لضم كل الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية. مع تولي مصر والاردنوالولاياتالمتحدة الوصاية علي المناطق الفلسطينية. بالطبع لم تقبل مصر هذه الخطة,ليعود جيورا بإعادة عرض الفكرة في عام2009 في حواره لصحيفة هاآرتس بعد اعتماد الخطة في دراسة عن مركز بيجن- السادات للدراسات الاستراتيجية التابع لجامعة بار إيلان الإسرائيلية في وثيقة مكونة من أربعين صفحة بعنوان البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين. وهو ما تجاهلت مصر مجرد مناقشته للمرة الثانية. ولكن تغير الوضع مع تولي الإخوان لحكم مصر في2012 حيث سعت الولاياتالمتحدة لتنفيذ الخطة التي تتفق مع تحركاتها من سنة1977 فيما عرف بخطة برنارد لويس- بيرجينسكي لتفتيت المنطقة حول اسرائيل طائفيا وعرقيا ودينيا لمنحها التفوق علي شعوب المنطقة. وفي حوار لموقع قناة العربية في العام2015 قال اللواء محسن النعماني وكيل أول جهاز المخابرات العامة المصرية السابق وأحد القيادات المسئولة عن الملف الفلسطيني داخل الجهاز, أن الأجهزة الأمنية المصرية كان عندها معلومات مؤكدة وموثقة حول خطة يجوراالتي رفضتها مصر تماما ولكن مع وصول محمد مرسي للحكم وافق علي الخطة باعتبار أن فلسفة جماعة الإخوان تؤمن بأممية الجماعة علي حساب مفهوم الوطن. وتمت المفاوضات بين الاخوان واسرائيل وكادت ان تدخل حيز التنفيذ لولا رفض وزير الدفاع وقتها المشير عبد الفتاح السيسي. لقد تكرر نفس العرض علي مصر وقت حفر قناة السويس الجديدة حين لوحت أمريكا لمصر بمبلغ20 مليار دولار تدفعها السعودية مقابل الشريط الحدودي في سيناء لتوطين الفلسطينيين, لتمويل مشروع القناة الذي منعت عنه التمويل العربي. وهو ما رفضته مصر وكانت رسالة جمع المصريين لمبلغ64 مليار جنيه في ثمانية ايام صفعة علي وجه الجميع في الخارج تؤكد أن مصر لا تبيع أرضها. لماذا تلك الحكاية اليوم؟ لأنها تفسر لك هذا الإصرار القميء من قبل ممولي وداعمي الإرهاب علي اثبات خروج سيناء من تحت سيطرة الامن المصري وبخاصة في عمليتهم القذرة الاخيرة التي قتلوا فيها305 من المصلين الساجدين لله في مسجد الروضة يوم الجمعة24 نوفمبر. أرادوا ان يرسلوا رسالة مفادها أنهم قادرون علي تحقيق الخسائر البشرية الموجعة أرادوا ان يثيروا المصريين ضد نظام حكمهم أرادوا أن يشيعوا الفوضي و الحزن بيننا. لنفقد الثقة في بلادنا ومؤسساتها. ولكن يبقي الوعي والفهم للتاريخ و العدو سلاحا في حرب لم تنته معاركها بعد.