لا تقدر غزة بمساحتها الحالية علي الحياة. فالقطاع لا يملك الحد الأدني من الأراضي التي تتيح لسكانه بناء اقتصاد مستقر, والعكوف علي تنمية مستدامة. ويعيش في غزة, حاليا,1.5 مليون نسمة. وسيصل تعدادهم في2020 إلي2.5 مليون نسمة ولاشك أن سكان غزة بمساحتها الأصلية لن يتمكنوا من العيش في سعادة ورفاه علي قطعة أرض محدودة لا تسمح بالتطوير والتنمية. ويستحيل بناء ميناء بحري بحجم معقول, سواء بسبب محدودية المساحة, أو لأن قرب هذا الميناء من إسرائيل سيتسبب في أضرار بالغة لشواطئها, وكل من يحاول المقارنة بين غزةوسنغافورة يخطئ التقدير.. فاقتصاد سنغافورة يقوم علي التجارة الدولية, والتعاملات المصرفية المتقدمة, وصناعات الهاي تكنولوجي, أما اقتصاد غزة فيقوم علي الزراعة والتكنولوجيا البسيطة. وصحيح أن مساحة دولة سنغافورة لا تؤثر سلبا علي نموها الاقتصادي, لكن توسيع مساحة غزة شرط أساسي لضخ الحياة في أوصالها. والواقع أن توسيع غزة وفقا للمشروع الإسرائيلي, المقترح هنا, يمنحها24 كم إضافية من السواحل المطلة علي المتوسط, بكل ما يترتب علي ذلك من مزايا مثل التمتع بمياه إقليمية تصل إلي9 أميال بحرية, وخلق فرص وفيرة للعثور علي حقول غاز طبيعي في هذه المياه. كما أن إضافة720 كم مربعا لغزة تمكن الفلسطينيين من إنشاء ميناء دولي كبير في القطاع الغربي من غزة الكبري, ومطار دولي علي بعد25 كم من الحدود مع إسرائيل, والأهم, بناء مدينة جديدة تستوعب مليون شخص علي الأقل, وتشكل منطقة تطور ونمو طبيعي لسكان غزة والضفة, بل ويمكنها استيعاب أعداد من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في دول أخري. المكاسب المصرية مقابل استعداد مصر للتنازل للفلسطينيين, وليس لإسرائيل, عن720 كم مربعا من الأراضي المصرية المقدسة- التنصيص من المصدر- ستحقق مصر المكاسب التالية: 1 مبدأ الأرض مقابل الأرض. تتسلم مصر قطعة أرض من إسرائيل في صحراء النقب. والحد الأقصي لمساحة هذه الأراضي سيكون720 كم مربعا, لكن المكاسب الضخمة الأخري التي ستجنيها القاهرة تستحق الأخذ والرد حول هذا المشروع. 2 يري أن مصر مقطوعة جغرافيا عن القسم الرئيسي( الشرقي) من الشرق الأوسط. فالبحر الأحمر يحدها من الشرق والجنوب, والبحر المتوسط يحاصرها من الشمال. ولكي يحدث الترابط البري غير المتاح, ستسمح تل أبيب للقاهرة بشق نفق يربط بين مصر والأردن. ويبلغ طول هذا النفق نحو10 كم, ويقطع الطريق من الشرق للغرب( علي بعد5 كم من إيلات), ويخضع للسيادة المصرية الكاملة, والحركة من مصر إلي الأردن( وبعد ذلك شرقا وجنوبا للسعودية والعراق) ستتم بدون الحاجة للحصول علي إذن من إسرائيل. 3 بين الميناء الجوي الجديد في غزة الكبري والميناء البحري الجديد هناك, وكلاهما علي ساحل المتوسط, وحتي هذا النفق المصري- الأردني في الجنوب, سيتم مد خط سكك حديدية, وطريق سريع, وأنبوب نفط( وتسير هذه الخطوط داخل الأراضي المصرية بمحاذاة الحدود مع إسرائيل). وتعبر هذه الخطوط الثلاثة النفق إلي الأردن, ثم تتشعب باتجاه الشمال الشرقي لتغذي كلا من الأردن والعراق, وإلي الجنوب, باتجاه السعودية, ودول الخليج. وهذا الربط كما سيتضح هنا في البند السابع من الخطة, له فوائد اقتصادية هائلة. فالمكاسب المصرية واضحة وضوح الشمس, لأن القاهرة ستحصل علي نصيبها من الجمارك والرسوم مقابل كل حركة تتم بين الأردن والعراق ودول الخليج في اتجاه ميناء غزة. وذلك لأن الطريق التجاري كما أوضحنا يمر بالأراضي المصرية. 4 مصر مثل دول كثيرة في المنطقة, معنية بالحصول علي القدرة النووية( لأغراض سلمية), وجزء من التعويضات التي ستحصل عليها مصر, سيتمثل في موافقة الدول الأوروبية( خاصة فرنسا) علي بناء مفاعلات نووية في مصر لإنتاج الكهرباء. مكاسب الأردن وصف جيورا أيلاند الأردن بأنها ستكون بمثابة الرابح الأكبر من هذه التسوية, خاصة وأنها غير مطالبة بدفع أي ثمن لقاء ذلك, علي الرغم من أنها قد تتذمر من إزالة الحاجز الجغرافي والسياسي الذي تمثله إسرائيل, اليوم, بوجودها الجغرافي والسياسي بين عمان والقاهرة. لكن يمكن الإشارة لمكسبين كبيرين تحققهما الأردن في إطار هذه الخطة: 1 منظومة الطرق, والسكك الحديدية, وأنبوب النفط, ستربط الميناء الدولي في غزة الكبري عبر النفق المصري الأردني بدول الخليج. وهكذا تحصل الأردن, مجانا, علي إطلالة مثمرة علي البحر المتوسط ميناء غزة ومن ثم تحقق تواصلا مازال مقطوعا مع أوروبا. أضف إلي ذلك أن الجزء الشرقي من النفق هو عنق الزجاجة الذي تتجمع فيه حركة البضائع القادمة من أوروبا ومتجهة إلي العراق والخليج.. الأمر الذي يمنح الأردن ميزات اقتصادية واستراتيجية عظيمة المكاسب الإسرائيلية عندما نقارن هذه التسوية بالحل العادي القائم علي فكرة دولتين لشعبين داخل الأراضي الفلسطينية نكتشف أربع مميزات للتسوية الجديدة, يمكن عرضها كالتالي: 1 الأراضي التي ستحتفظ بها إسرائيل في الضفة( نحو12%) أكبر بكثير من المساحة التي يمكن أن تحصل عليها في الحل العادي. وال12% هي المساحة التي وصفها ايهود باراك عندما سافر لمؤتمر كامب ديفيد2000, بالمساحة الحيوية للحفاظ علي المصالح الإسرائيلية. كما أن الخطة الرئيسية لبناء الجدار العازل احتفظت لإسرائيل ب12% من أراضي الضفة. غير أن ضغوط المحكمة العليا في إسرائيل حركت الجدار غربا, واحتفظت إسرائيل داخل الجدار ب8% فقط من المساحة التي تحتاجها. والواقع أن مساحة ال12% ستسمح لإسرائيل بتقليص دراماتيكي في أعداد المستوطنين الواجب إخلاؤهم من الضفة, فيتقلص العدد من100 ألف مستوطن إلي30 ألفا فقط. بالإضافة إلي أن هذه المساحة ستسمح لإسرائيل بالاحتفاظ داخل حدودها بأماكن دينية ذات أهمية تاريخية وروحانية مثل مستوطنتي عوفرا, وكريات أربع. وتضمن الاحتفاظ بمستوطنة أريئيل داخل إسرائيل, وتوفير الأمن لسكانها. 2 هذا التقسيم المتوازن للأراضي بين غزة والضفة يمنح الدولة الفلسطينية فرصا كبيرة جدا للاستمرار والنمو, وبهذا يمكن الوصول إلي تسوية سلمية مستقرة وغير عرضة للانهيار. 3 مشاركة الدول العربية, خاصة مصر والأردن, في الحل تمثل دلالة إيجابية, وتخلق ثقة أكبر في الحفاظ علي الاتفاقية وعدم نقضها. 4 هذه التسوية الإقليمية لا تنفي ضرورة توفير معبر آمن بين غزة والضفة, لكنها تقلل من أهميته, وتقلص حجم الحركة فيه. فيبقي المعبر الآمن سبيلا للتنقل بين الضفة والقطاع, لكن غالبية حركة البشر والبضائع بين غزة والعالم العربي ستنطلق عبر منظومة الطرق ووسائل المواصلات الجديدة التي تربط غزة الكبري بالعالم. 5 الفوائد الاقتصادية لجميع الأطراف: تحدث الخبير الإسرائيلي جيورا إيلاند في معرض حديثه عن تلك النقطة عما سيعود به هذا الاقتراح من فائدة اقتصادية علي جميع أطراف منطقة الشرق الأوسط ولخص ذلك فيما يلي: غالبية حجم التجارة بين أوروبا ودول الخليج والعراق والسعودية تتم عبر سفن تعبر من قناة السويس, أو عبر سفن ضخمة تضطر بسبب حجمها للدوران حول قارة إفريقيا, وهذان الطريقان البحريان غير مفيدين, لكن بسبب عدم وجود ميناء عصري علي ساحل المتوسط, وعدم وجود شبكة مواصلات قوية وآمنة لا بديل عنهما, وبالتالي إذا أقيم علي ساحل المتوسط, وفي غزة الكبري, ميناء عصري مزود بتكنولوجيا مشابهة للتكنولوجيا المستخدمة في ميناء سنغافورة. وإذا تفرعت منه شبكة طرق جيدة, جنوبا وشرقا, وخط سكك حديدية, وتم زرع أنبوب نفط, فمن الممكن دفع حركة تجارة نشطة, وتخفيض تكلفة السلع, ولن يأتي تمويل هذه المشروعات من الدول التي ستسير في أراضيها هذه البنية التحتية فقط, وإنما ستشارك الدول الغربية في التمويل أيضا, فالعالم يدفع, اليوم, نحو مليار دولار سنويا لإطعام الفلسطينيين, لكن وفقا لهذه الخطة فإن هذه الأموال ستستخدم في الاستثمار الاقتصادي, وتدر أرباحا هائلة تغطي التكلفة في بضع سنين, وتستفيد من هذا الازدهار كل من مصر والأردن بشكل مباشر, وعدة دول أخري بشكل غير مباشر. * ملخص تنفيذي مركز الزيتونة للدراسات بيروت