تدهورت الأوضاع الإنسانية في اليمن بسرعة, منذ أعلن التحالف العربي بقيادة السعودية إغلاق المطارات والموانئ والمنافذ البرية اليمنية في6 نوفمبر الجاري, عقب محاولة إطلاق صاروخ باليستي علي مطار الرياض, التي اتهمت الحوثيين وداعميهم الإيرانيين بالتورط بالهجوم. في المقابل, طالبت الأممالمتحدة ووكالاتها العاملة في اليمن التحالف العربي والرياض برفع الحظر المفروض علي اليمن, خوفا من تفاقم الأوضاع الإنسانية التي يمكن أن تصل إلي مستوي أكبر مجاعة في العالم, كما صرح مسئولون أمميون. وقال مارك لوكوك مير الشئون الإنسانية بالأممالمتحدة حينها إن الحصار من شأنه أن يؤثر علي ملايين الناس الذين سيعانون من مجاعة لم يشهد العالم مثلها منذ عقود, وهو ما رد عليه المبعوث السعودي لدي الأممالمتحدة عبدالله المعلمي بأنه لا خطر حيث يتمتع اليمن بالعديد من مصادر الإمدادات. وأعلنت ثلاث وكالات تابعة للأمم المتحدة في بيان مشترك صعوبة الوضع الإنساني وحذرت من تردي الأوضاع. وأشار البيان الذي أصدرته منظمة الأممالمتحدة للطفولة( يونيسف) وبرنامج الغذاء العالمي والمنظمة الصحة العالمية إلي حاجة60% من اليمنيين( نحو20 مليونا منهم11 مليون طفل) إلي مساعدات إنسانية عاجلة. وقدر برنامج الغذاء العالمي أنه حتي مع الرفع الجزئي للحصار فإن32 مليون إنسان باليمن معرضون للمجاعة, وأنه من المتوقع مع استمرار الإغلاق وفاة150 ألف طفل في الشهور المقبلة. وبحسب تقديرات منظمة انقذوا الأطفال البريطانية فإن50 ألف طفل ماتوا بالفعل خلال العام الجاري, بمعدل130 طفلا يوميا. وبحسب يونيسف وبرنامج الغذاء العالمي فإن22 مليون طفل يعانون من سوء التغذية. كما أن43 مليون إنسان يحتاجون رعاية طبية عاجلة, فيما قدرت الصحة العالمية تأثر750 ألف شخص بوباء الكوليرا, فيما تشير انقذوا الأطفال إلي أن الرقم وصل إلي900 ألف, وهو قريب من تقديرات اللجنة الدولية للصليب الأحمر والتي قال بإمكان تأثر مليون إنسان بالكوليرا مع نهاية عام.2017 وبسب القصف المستمرلأكثر من ثلاث سنوات اضطر ما يزيد علي2 مليون يمني تركوا منازلهم وتحولوا إلي نازحين, يضافون إلي225 ألف صومالي لاجئ بالبلاد, بحسب تقديرات المنظمة الدولية للهجرة. ورغم هذا الوضع الإنساني غير المسبوق, اشترطت السعودية أن تدخل المواد الإغاثية عبر المنافذ والمطارات والموانئ( عدن والمكلا) التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليا والمدعومة من الرياض. كما طالبت الرياض برقابة دولية علي ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون, ويستقبل80% من الصادرات اليمنية. وطالبت السعودية بتفعيل آلية الأممالمتحدة لتفتيش السفن, وهو ما يحدث بالفعل, حيث تخضع جميع السفن الداخلة للحديدة للتفتيش من مراقبي الأممالمتحدة. U.N.VerificationandInspectionMechanismforYemen(UNVIM) وبحسب الأممالمتحدة فإن الحصار منع29 سفينة من دخول الموانئ اليمنية تحمل علي متنها400 طن متري من المواد الغذائية,192 طن متري من الوقود. كما أن سفينة تابعة للأمم المتحدة تحمل1300 طن متري من الأدوية والغذاء ومواد طبية أخري ممنوعة من دخول الحديدة. وتسيطر الرياض والتحالف الذي تقوده علي المياه الإقليمية والمجال الجوي اليمنيين, وهو ما يمنحها تفوقا مع إمكان حصار البلد الأفقر عربيا حتي قبل الحرب الأخيرة. وتتهم السعودية عدوتها إيران بتزويد الحوثيين بالصاروخ الباليستي الذي حاول قصف مطار الرياض, وهو ما تنفيه طهران إلي جانب إنكارها دعم الحوثيين بالأساس. وكثيرا ما ردد المسئولون السعوديون مقولتهم أنهم لن يتركوا اليمن ليقع في يد إيران. وكان موقع انترسبيت قد أفاد علي لسان أحد محرريه هو صموييل أوكفورد بأن لجنة الخبراء المعنية باليمن والتي شكلها مجلس الأمن في2014, وعدل تشكيلها مع إصداره قرار2216, قد قدمت إفادة سرية وزعت علي الدبلوماسيين تكذب الرواية السعودية. SamuelOakfordinTheIntercept وقال أوكفورد إن اللجنة قد أعلنت أنه لا توجد أدلة علي نقل الصواريخ الباليستية التي هاجمت مطار الرياض إلي الحوثيين اليمنيين. وزعمت اللجنة أن السعودية تعرقل تسليم المساعدات, متعللة بالبند14 من القرار رقم2216 والذي يمنع دخول المعدات والأسلحة للحوثيين, علي الرغم أن ما تطالب المنظمات الدولية بدخوله هي مساعدات مدنية في أساسها. ونقل أوكفورد عن اللجنة التي وزعت إفادتها يوم10 نوفمبر الجاري, ولهذا السبب يخوض التحالف العربي بقيادة الرياض من منذ ما يقارب الثلاث سنوات(26 مارس2015), حربا ضد الحوثيين( شيعة زيدية) الذين تتهمهم السعودية بأنهم مدعومون من إيران. وبررت الرياض هذه الحرب, بدعمها للحكومة المعترف بها دوليا بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي( نائب سابق للرئيس علي عبد الله صالح). وينقسم أنصار هادي ما بين حزب الإصلاح وهو الواجهة السياسية للإخوان المسلمين باليمن, والحراك الجنوبي المطالب بانفصال الجنوب وعودة جمهورية اليمن الشعبية. في المقابل, يتحالف الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي يسيطر علي الجيش اليمني مع الحوثيين. لكن في الآونة الأخيرة, ظهرت تقارير إعلامية غربية تشير إلي مفاوضات بين الإمارات العربية وحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه صالح ليكونوا بديلا عن هادي ومعسكره. وتعتمد الخطة التي طرحتها أبو ظبي نقلتها جارديان تعيين نائب الرئيس هادي تنتقل إليه كل سلطات الرئاسة, ويبدأ في تشكيل حكومة تضم جميع الأطراف, وهو طرح غير ممكن دون حزب صالح النافذ والمسيطر علي مؤسسات الدولة والجيش. كما أشارت جارديان إلي نفي السعودية لأخبار غير مؤكدة بأن يكون هادي ممنوعا من العودة لليمن أو أنه محتجز في إقامة جبرية بالرياض. وكانت وسائل إعلام سعودية قد نشرت صورا وأخبارا حول لقاء جمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع قيادات حزب الإصلاح( الإخوان), وهو ما وصف الصحفي السعودي جمال خاشقجي في تغريدة له بأنه خطوة في الاتجاه الصحيح, لأنهم( الإخوان) قوة معتبرة باليمن. هذا اللقاء اعتبره مقربون من دوائر صنع القرار السعودي دليل علي كذب احتجاز هادي. ومع ذلك, فإن تقارير دولية عديدة إضافة إلي تصريحات حكومية يمنية تعترف بعدم إمكان الحكومة الشرعية علي المناطق التي تديرها, بسبب قوة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب( الفرع اليمني للقاعدة), وهو من أقوي مجموعات التنظيم الإرهابي. وسقط العشرات من المدنيين والعسكريين ورجال الأمن اليمنيين في مدن الجنوب بسبب هجمات إرهابية نفذتها القاعدة. وتنتشر أخبار غير مؤكدة بأن القاعدة تسيطر بالفعل علي أجزاء واسعة من محافظتي مآرب وحضرموت. وحتي الآن, ليس معروفا كيف ستنتهي الأزمات اليمنية, سواء تلك المتعلقة بإعادة فتح الموانئ, أو حتي الخاصة بالقضية ككل.