مع بداية كل عام دراسي جديد, تشهد الجامعات صراعا محموما بين أعضاء هيئة التدريس, ليس من أجل الفوز بمشروع بحثي جديد, يحدث نقلة نوعية لصناعة معينة أو لمنتج معين, أو يقدم حلا علميا لمشكلة قائمة تواجه أحد قطاعات الدولة, ولكن من أجل الحصول علي نصيب الأسد من الساعات التدريسية, فالقوي يأكل الضعيف, ونصيب الأسد يلتهمه الأساتذة سواء المتفرغين أو غير المتفرغون والأساتذة المساعدون, ويكون الفتات للمدرسين, الذين من المفروض طبقا لقانون تنظيم الجامعات أن يكون لهم النصيب الأوفر. والمفروض وفقا للائحة أن يكون نصيب الأستاذ6 ساعات أسبوعيا, والأستاذ المساعد8 ساعات والمدرس12 ساعة, ولكن الواقع عكس ذلك تماما, فقد يصل نصيب الأستاذ أو رئيس القسم في بعض الأقسام داخل الجامعات إلي أكثر من30 ساعة أسبوعيا, ولتذهب اللوائح والقوانين إلي الجحيم. ولم يقف الأمر عند هذا الحد, ففي الوقت الذي يحظر فيه القانون قيام الأساتذة المتفرغين وغير المتفرغين, بالتدريس لطلبة الليسانس والبكالوريوس, وتفرغهم للتدريس لطلبة الدراسات العليا, والإشراف علي رسائل الماجستير والدكتوراه, نجد أن بعضهم يكون لهم حق معلوم في التدريس لطلبة البكالوريوس والليسانس, بالطبع وفق ما يملكه من شبكة علاقات متشعبة مع رئيس الجامعة وعميد الكلية ورئيس القسم. والسؤال الذي يطرح نفسه, ويحتاج إلي إجابة شافية, هو: لماذا كل هذا الصراع المحموم علي الساعات التدريسية ؟ هل لا سمح الله من أجل سواد عيون الطلبة أو من أجل رفع مستوي التعليم في مصر ؟ والإجابة بالطبع لا, فهذا الصراع من أجل تورتة بيع الكتب والحصول علي الإضافي وغيره من المزايا, فعندما يقوم الأستاذ العبقري سابق عصره وأوانه بالتدريس أكثر من30 ساعة أسبوعيا, فهذا يعني أنه سيبيع أعدادا أكثر من كتبه, وستدخل جيبه أموال طائلة مقابل ذلك, وآخر ما يفكر فيه هو مصلحة الطلبة, ومن هنا تراجعت سمعة التعليم في مصر, واحتلت الجامعات المصرية ذيل القائمة بالنسبة للتصنيف العالمي للجامعات, حتي أن هناك جامعات عربية سبقتنا بمراحل في هذا الصدد, ومنها جامعة الملك سعود بالرياض, والتي تحتل المركز383 عالميا, في الوقت الذي لا توجد فيه جامعة مصرية بين ال500 جامعة الأولي عالميا. وفي الوقت الذي تتوالي فيه فضائح أعضاء هيئة التدريس في مصر, ما بين أستاذة جامعة السويس, التي تري أن الرقص فوق سطح منزلها علي أغنية روبي حرية شخصية, وأستاذ الإعلام المتحرش, وفضيحة أستاذ زراعة بنها, الذي كان يشرف علي قسم الإعلام في سابقة هي الأولي من نوعها في العالم, نجد أن أي عضو هيئة تدريس يسافر للعمل في الخارج, وخاصة في الجامعات العربية, ملتزم بالساعات التدريسية الخاصة به, ويقوم برفع نتيجة المادة التي يقوم بتدريسها خلال48 ساعة علي موقع الجامعة التي يعمل بها, هو الأستاذ نفسه الذي يترك المعيدين يقومون بتصحيح مادته بدلا منه, ويقوم بتأجيل النتيجة لطلبة سنة دراسية كاملة, ربما لمدة تتجاوز أسبوعين لسفر سيادته إلي الساحل, مادام أن القانون في إجازة, وإنه لن تتم محاسبته, ولن يتم الخصم من مستحقاته, كما تفعل الجامعات العربية. وأقول للدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالي, إن حال الجامعات لن ينصلح إلا بتطبيق القانون علي الجميع, وأن سياسة المواءمة والملاءمة لن تجدي نفعا.