قدوم فصل الشتاء بالإسكندرية.. يعني رفع حالة الطوارئ القصوي بكافة المرافق الحيوية في محافظة الإسكندرية وتظل المخاوف والتوقعات المحتملة تسيطر علي المسئولين وسط حالة من الترقب المستمر بصفة يومية حتي تعلن أيام الشتاء عن الرحيل خشية تكرار كارثة غرق المدينة والتي حدثت منذ عامين عندما اجتاحت السيول أنحاء الإسكندرية المختلفة فتحولت إلي مدينة عائمة خاصة بعد ارتفاع منسوب المياه بالشوارع إلي نحو المتر فتسببت في وفاة عدد من المواطنين وانتهت بإقالة المحافظ... الكارثة التي مازالت عالقة بالأذهان دفعت المسئولين بالمحافظة باتخاذ العديد من الإجراءات والاحتياطات اللازمة لتجنب حدوث أي كوارث أخري من خلال خطة مواجهة الأزمات والكوارث بالمحافظة.. ومن هذه الإجراءات تكليف الدكتور محمد سلطان محافظ الإسكندرية لشركة مياه الشرب بتقليل الضغوطات والأحمال علي شبكة المياه في حالة الاحتياج لذلك أثناء نوات الأمطار الشديدة لعدد ساعات محدودة ويتم التنبيه علي المواطنين والمستشفيات بعدد الساعات التي ستقطع فيها الخدمة خلال حدوث أي أزمة أو حالة طارئة لمواجهة السيول وعدم استيعاب شبكات الصرف الصحي لها أو حدوث أي تهديد لحياة المواطنين يستوجب قطع الخدمات بشكل مؤقت.. كما تضمنت الإجراءات التي تم إدراجها لمواجهة السيول هذا العام بأن قررت محافظة الإسكندرية تقليل منسوب بحيرة مريوط40 سنتيمترا لكي تكون وعاء لاستقبال مياه السيول والأمطار الغزيرة إلي جانب تقليل منسوب المياه بالترع والمصارف الموجودة بقري وريف الإسكندرية.. الأهرام المسائي رصدت الاستعدادات الكبيرة للمحافظة لأمن وسلامة المواطنين والمنشآت والإجراءات والقرارات الاحترازية لمواجهة فصل الشتاء بعروس البحر, خلاف التجارب والمحاكاة التي تمت بالأنفاق والشوارع.. شنايش الصرف ويقول عبد اللطيف الحسيني مهندس ما شهدته الإسكندرية منذ عامين كان كارثة بكل المقاييس ولكني لا أتفق مع من روجوا أنها كارثة طبيعية لا دخل لنا بها...كيف؟ إذا كانت هناك استعدادات مسبقا ما كان هناك غرق أو ضحايا لأبرياء كما حدث....فالجميع يعلم بموعد قدوم فصل الشتاء فلابد من التأكد من نظافة الشنايش الخاصة بتصريف مياه الأمطار وتسليكها خاصة أن يد التطهير لا تمتد إليها خلال أشهر الصيف والتي تتحول فيه هذه الشنايش إلي صناديق للقمامة وعدم تطهيرها سيؤدي بالقطع إلي تكرار الكارثة.. وقال: كشفت الأحداث التي عاشتها الإسكندرية خلال كارثة الغرق بسبب مياه السيول أن هناك العديد من المناطق لا يوجد بها شنايش لصرف مياه الأمطار مما ترتب عليه ارتفاع مياه الأمطار إلي حد مخيف ينبئ بكوارث لذلك أطالب المسئولين من التأكد من توافرها في كافة أنحاء الإسكندرية خاصة بكافة الأنفاق والكباري أيضا وكذلك المناطق سواء الراقية أو الشعبية وحتي المناطق العشوائية. إجراء مرفوض وبسؤال الدكتور عبد الحميد الأسيوطي حول الإجراءات التي تم اتخاذها لمواجهه فصل الشتاء بسرعة يقول: ما حدث منذ عامين يدفع بالسادة المسئولين إلي اتخاذ كافة التدابير اللازمة لعدم تكرار سيناريو غرق المدينة مرة أخري ولا اعتراض علي ذلك مطلقا.. ويجب علي الشعب السكندري تفهم ذلك بل ومد يد المساعدة إذا لزم الأمر.. ولكني فيما يتعلق بقطع المياه في حالة الطوارئ هذا ما لا أتفق عليه ماذا نفعل تجاه المرضي في حالة قطع المياه عن المستشفيات؟ هناك مرضي الغسيل الكلوي والعمليات الجراحية والنساء والتوليد ماذا نفعل تجاه هؤلاء؟.. نطالب المسئولين باتخاذ أي إجراءات بما لا يضر بالمواطنين خاصة المرضي سواء الأطفال أو الكبار فإذا كان الهواء هو الحياة فالماء بالنسبة للقطاع الصحي هو أصل الحياة وانقطاعه قد يترتب عليه تهديد لأرواح المرضي حسب قوله. وأشار الدكتور عبد العزيز نور أستاذ الإنتاج الحيواني والسمكي بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية إلي أن مشكلة غرق الإسكندرية منذ عامين كانت لأسباب تم رصدها منذ عام2011 عقب ثورة25 يناير.. وقال: تبين قيام المواطنين بالتعدي والردم علي طول مصرف القلعة مما ترتب عليه أن أصبح عرضه نحو أربعة أمتار فقط بعد أن كان(20) مترا ما تسبب في العديد من الاختناقات علي طول المصرف ولم يعد ذا جدوي في استيعاب مياه الصرف بكافة أنواعها.. وأوضح أن هذا المصرف الذي ينقل مياه الصرف من الجهة الغربية إلي بحيرة مريوط وقد أدت التعديات عليه إلي انسداد مواسير المصرف وانخفاض مستوي تصريف المياه للبحيرة مما ترتب عليه غرق الإسكندرية. ويضيف قرار المسئولين تقليل منسوب المياه ببحيرة مريوط في غير محله بعد أن تمت إزالة معظم التعديات من علي مصرف القلعة خلال العام الماضي.. ولذلك كان من الأولي تشغيل طلمبات المكس لتخفيض منسوب المياه ببحيرة مريوط التي تقوم برفع المياه من البحيرة إلي البحر مباشرة لأن انخفاض منسوب المياه بالبحيرة سيؤدي إلي الإضرار البالغ للمخزون السمكي كما سيساعد علي كشف بعض الأماكن الغارقة ونمو النباتات المائية بغزارة مما يحد من استخدامات البحيرة لفترة طويلة. تصحر البحيرة وفي سياق متصل أدي قرار المسئولين بمحافظة الإسكندرية تخفيض منسوب المياه ببحيرة مريوط إلي غضب واستياء بين صيادي البحيرة.. أحمد عبد المعبود الأنصاري يقول: لماذا بحيرة مريوط دائما في قفص الاتهام.. وأشارت إليها أصابع الاتهام وبقوة خلال كارثة غرق الإسكندرية أنها السبب الرئيسي.. وهذا غير حقيقي بالمرة ودفع ذلك بالمسئولين إلي انخفاض منسوب المياه بها الشتاء الماضي مما ترتب عليه جفاف معظم أحواض البحيرة وتدمير الثروة السمكية بها ونفوق الزريعة.. وقال: أدي هذا القرار المدمر إلي تصحر مساحات شاسعة من البحيرة وأصبحت أرضا جرداء نسير فيها علي الأقدام لماذا؟.. وأضاف أن القرار يعتبر قتلا للصيادين وأسرهم قبل قتل الثروة السمكية بالبحيرة... لم يعد لدينا مصدر رزق وأصبحنا نتسول قوت اليوم هذا بخلاف ما لحق بأبنائنا فقد اضطررنا إلي إخراجهم من العملية التعليمية لعدم قدرتنا علي سداد المصروفات وتحمل أعباء مادية لا طاقة لنا بها. هدية لمافيا الأراضي ويتناول محمود السيد عطوة أمر آخر غاية في الخطورة فيقول: انخفاض منسوب المياه بالبحيرة معناه منح فرصة ذهبية لمافيا الأراضي بالإسراع للاستيلاء عليها وتحويلها إلي أراضي مبان وهذا ما حدث بالفعل العام الماضي عندما تصحرت أجزاء كبيرة من البحيرة وكشفت الأراضي الطينية فوجئنا بالعديد من المواطنين والشركات أيضا يضعون أيديهم علي مساحات كبيرة من البحيرة بدعوي امتلاكهم لها بل وفي حوزتهم أوراق تثبت أنها أراض زراعية خاصة بهم. كل ذلك بسبب منع المياه عنها وتصحرها...لصالح من ما يحدث في مسطح مائي هام كبحيرة مريوط؟ في وقت الأزمة فقط أما المهندس أحمد حلمي وكيل الوزارة بالثروة السمكية, رئيس الإدارة المركزية للمنطقة الغربيةبالإسكندرية فيقول: عند ورود شكاوي من الصيادين ببحيرة مريوط بالانخفاض الحاد لمنسوب المياه بالبحيرة خلال الأيام الماضية وتعرض أطرافها للجفاف مما يعرضها لخطر التعديات عليه من قبل مافيا الأراضي بالإضافة إلي التأثير السلبي علي المخزون السمكي.. قمنا بمخاطبة جميع الجهات المعنية بهذا الأمر مطالبين برفع منسوب المياه فورا حفاظا علي هذا المسطح المائي الهام طالما لا تتعرض المدينة لأية نوات شتوية وفي مواعيد النوات والتي نشهد فيها هطول الأمطار والسيول يمكن في هذه الحالة خفض منسوب المياه بالبحيرة بواسطة وزارة الري لحماية الإسكندرية.. خاصة أن لدي وزارة الري أجهزة تكنولوجية حديثة للرصد تتنبأ بالتغيرات المناخية التي تؤثر علي الإسكندرية....هذا هو الحل ولكن انخفاض المنسوب طوال فصل الشتاء أمر ضار جدا بالبحيرة والمخزون السمكي يها. ضرر للمزروعات قرار انخفاض مناسيب المياه بالترع والمصارف كأحد تدابير مواجهة فصل الشتاء ضار أكثر من نافعة.. فهذه الكلمات بدأ محمد العقاري نقيب عام الفلاحين حديثه ويواصل بقوله..بالإسكندرية من40-50 ألف فدان أراض زراعية للمحاصيل والخضروات هذه الأراضي تروي من الترع المنتشرة علي مستوي المحافظة وتعد المصدر الرئيسي بل الوحيد لري الأراضي حيث لا يستخدم المزارعون أي آبار لري مزروعاتهم.. وانخفاض منسوب المياه بالترع يعني عدم ري الأراضي الزراعية بالصورة المطلوبة سيترتب عليه بالقطع انخفاض مستوي المصارف التي يصرف فيها الصرف الزراعي. وقال: من منطلق الخوف من السيول خلال نوات فصل الشتاء كان يجب اتخاذ قرار آخر وهو الإسراع بأعمال الصيانة لطلمبات المكس لرفع كفاءتها في رفع مياه المصارف من المصارف للبحر مباشرة حتي لا تتكرر مأساة غرق الإسكندرية مرة أخري.. وإذا لزم الأمر في تنفيذ مقترح تقليل منسوب المياه بالترع يمكن تخفيضه لعدة أيام فقط وليس طوال أشهر الشتاء لأن هذا الإجراء سيعطي فرصة للبعض بما فيهم غفراء محطات المياه أن يتلاعبوا بالمزارعين فيقوم بمنع المياه عن الترع كما يحلو لهم.