إذا تدبرنا كيف ينطق الحجر كيف يخشع الجماد بل كيف يشعر فسنعلم كم هو مقصر هذا الإنسان الذي ميزه الله عن بقية الكائنات هذا الإنسان الذي يملك الاختيار, والذي أسجد الله له ملائكته وسخر له كل ما في الوجود لكي يعبد الله ويخشع لذكره, ولكنه ياللأسف لا يخشع لله ولا يتأثر بالقرآن مثلما يتأثر به الجماد.. نعم الجماد يفرح ويحزن, الجماد يشعر ويتألم الجماد يسبح لله, يقول سبحانه( تسبح له السموات السبع والأرض, ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا) بل انظروا إلي بكاء الأرض والسماء( فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) الأرض تبكي والسماء تبكي لأن عندهما عاطفة ومشاعر, والجبل ينهار ويتصدع لأنه خاشع لله( لو أنزلنا هذا القرآن علي جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله), والإنسان قاسي القلب لا يخشع مثلما خشعت الحجارة بل إن قلبه أشد قسوة من الحجارة هكذا وصفه المولي سبحانه فالحجر يلين ولا يلين قلب الإنسان علي الرغم من كثرة نعم الله عليه( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون). هل تتخيل أن الجماد له حياة يسمع ويجيب وله إرادة بها يرفض ويطيع قال تعالي( ثم استوي إلي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض أئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين), بل إن النار أيضا تسمع وتري وتتكلم, هذه النار التي تراها أمامك ليست سوي جزء ضئيل من نار جهنم التي تشهد علي الكفار والفاسقين والمنافقين بل تعرفهم جميعا( إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا) وعندما حدثها المولي سبحانه وتعالي سمعت وأجابت( يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد), أتعلمون أن الجذع الذي كان يخطب عليه الرسول صلي الله عليه وسلم بكي شوقا وحنينا لفراق الرسول, بل إن الحصي سبح بين يدي المصطفي( صلي الله عليه وسلم) ونعلم أنه إذا مات المؤمن بكي عليه موضعان موضع في الأرض وهو موضع صلاته وموضع في السماء وهو موضع صعود عمله الصالح( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) أقول كل ذلك لأدلك علي أن الأرض والسماء, وهي جمادات لها إحساس ومشاعر عن الإنسان, ألا يجعلك ذلك تستحيي وتخشع في صلاتك وأنت بين يدي الرحمن.