بالجغرافيا هي منطقة صراع قديم علي من يكون له النفوذ بعد الحرب العالمية الثانية بين الاتحاد السوفيتي سابقا والولاياتالمتحدة التي خرجت من تلك الحرب وهي تعلن عن نفسها القوة الاولي في العالم, صراع عرف باسم الحرب الباردة. وبالجغرافيا أيضا هي منطقة صراع خفي لقوي متضاده في أيديولوجياتها بين اليابان وشطر جنوبي حليف لأمريكا, وبين الصين وشطر شمالي حليف لروسيا. وبالسياسة هي جزء من صراعات الولاياتالمتحدة المؤجلة التي تعتمد في ادارتها علي الحرب الإعلامية اللازمة بين حين وآخر داخليا لأمريكا و خارجيا لأعدائها. هي ببساطة دولة كوريا الشمالية وزعيمها كيم اونج. بدأت الجولة الجديدة يوم29 أغسطس الماضي حينما أطلقت كوريا الشمالية صاروخا طار فوق الأراضي اليابانية وسقط في البحر علي مسافة1180 كم من سواحل جزيرة هوكايدو اليابانية. وعلي الرغم من عدم وقوع نتائج تذكر لاطلاق هذا الصاروخ إلا انه أثار جدلا جديدا حول أهداف كوريا من اطلاق تلك الصواريخ وبرنامجها النووي الذي تستخدمه الولاياتالمتحدة ذريعة لوضعها في قوائم الارهاب والشر في المنطقة. ليتجدد السؤال مرة أخري عن امكانية نشوب حرب في تلك البقعة تكرر مأساة الحرب الأهلية الكورية بين اعوام1950-1953 والتي انتهت بتقسيم كوريا الي نصفين جنوبي حليف للولايات المتحدة وشمالي حليف للاتحاد السوفيتي. الواقع يؤكد أن ما حدث ليس بالجديد في النصف الشمالي لكوريا فقد سبق أن شهد شهر يناير2013 تفاصيل مماثلة حينما أطلقت كوريا الشمالية قمرا صناعيا يدعي كوانج ميونج سونج3, أتبعته بتجربة نووية في فبراير من ذات العام بشكل أزعج اليابانوالولاياتالمتحدةالأمريكية. ليبقي السؤال إذا كانت كوريا الشمالية تمتلك الأليات الصاروخية والنووية لتهديد الولاياتالمتحدة وفقا لكافة التقارير المنتشرة حول العالم, وإذا كانت مصنفة كعدو حقيقي للقوة الأولي في العالم وحلفائها في المحيط الكوري الشمالي- اليابانوكوريا الجنوبية- فما الذي يمنع كوريا الشمالية عن تحقيق اهدافها من تلك التجارب الصاروخية أو النووية؟ بمعني اخر هل كوريا الشمالية جادة في تهديداتها التي تتذرع بها الولاياتالمتحدة لزيادة تواجدها في المنطقة؟ بمنطق التاريخ فإنه قد مضي علي الحرب الاهلية بين الكوريتين نحو64 سنة حكمت فيهما اتفاقية وقف إطلاق النار العلاقة بين كوريا الشمالية وبين الولاياتالمتحدةالأمريكية التي رفضت و مانعت تطوير العلاقة بأكثر من اتفاقية وقف اطلاق نار. بمعني أن واشنطن هي من تصر علي استمرار العداء لكوريا الشمالية ربما لتبقي عدوا قائما تستخدمه دعائيا وقتما شاءت, وربما لاستقرار مصالحها في المنطقة المحيطة بكوريا الشمالية ودعم مبررات بقاء قواعدها العسكرية في اليابان و كوريا الجنوبية منذ سنوات احتلالهما بعد الحرب العالمية الثانية. ففي اليابان يقدر عدد القوات الأمريكية وفقا لتقارير البنتاجون نحو39 ألفا و345 جنديا أمريكيا ينتشرون في112 قاعدة عسكرية أمريكية يتمركز75% منها في جزيرة أكيناوا جنوباليابان! أما كوريا الجنوبية فتحتل وفقا للتقارير العسكرية المرتبة الثالثة في تمركز القوات الامريكية في العالم بعدد يقدر بنحو29 ألف عسكري أمريكي بشكل يسمح باجراء المناورات المشتركة بين البلدين في اي وقت وبأي كيفية. وكلنا يذكر خبر تثبيت الولاياتالمتحدة لمنظومة الدفاع الصاروخي تاد في كوريا الجنوبية في ابريل الماضي بهدف استخدام الصواريخ المعتادة لتدمير الصواريخ القادمة في منتصف الرحلة وفقا لما ذكرته مواقع الاخبار في وقتها. أضف إلي ما سبق تمركز الأسطول السابع الامريكي في المياه المشتركة بين اليابان و كوريا الجنوبية. ولذا فالكلمة العليا في الصراع الاستعراضي بين واشنطن وبيونج يانج ليس في يد كوريا الشمالية ولا حلفائها ولكنه في يد الولاياتالمتحدةالامريكية ومن تروج لهم أنها من تحميهم من تهديدات تبرع في خلقها و دعمها والترويج لها وتغذية روح الزعامة فيها. وتاريخنا المعاصر حافل بتلك الصناعة الامريكية من صدام في العراق إلي نورييجا في بنما إلي القذافي في ليبيا إلي بشار الأسد في سوريا إلي مادورا في فنزويلا مع اختلاف تفاصيل كل نموذج. وتبقي كلمة لا تصدق دقات الحرب الكاذبة التي تروج واشنطن أنها ستنطلق من كوريا الشمالية بل فتش عن الهدف الحقيقي من وراء تلك الادعاءات وركز مع تحركات دولة اعلنت نفسها القوة الوحيدة في العالم مع بدء الألفية الثالثة. وللحديث بقية...