اتخذ مسار الأزمة بين الولاياتالمتحدة وحلفائها الآسيويين فى شرق آسيا من جانب وكوريا الشمالية، وحليفاتها الصين وروسيا، من جانب آخر منعطفا حادا عقب تحريك القوات الأمريكية بعض قطعها البحرية والتلويح، ولو «دعائيا»، بتحركات هجومية استباقية ضد كوريا الشمالية. المطلب الأمريكى واضح ومعلن ويتمثل فى عدم السماح لكوريا الشمالية بامتلاك سلاح نووى أو السعى لامتلاك وسائط لإيصال الأسلحة النووية «أى الصواريخ القادرة على حمل رءوس غير تقليدية». وصرحت وزارة الخارجية الأمريكية بأن لديها خيارين لا ثالث لهما: الأول أن تقوم بكين بالضغط على كوريا الشمالية، والثانى أن تقوم الولاياتالمتحدة بالهجوم على كوريا الشمالية. وإزاء تلك التطورات انصب الاهتمام على وضع سيناريوهات للمواجهة العسكرية المتوقعة حال فشل الجهود الدبلوماسية فى دفع اطراف الأزمة الأساسيين الولاياتالمتحدةوكوريا الشمالية إلى الدخول فى مسار تفاوضى ينهى أو يجمد على الأقل حالة التوتر والاستنفار العسكرى شبه الدائم فى المنطقة منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار فى الحرب الكورية (1950 1953) خلال شهر يوليو من عام 1953. ووفقا للمعطيات المتوافرة حتى الآن فإن الولاياتالمتحدة أعلنت تحريك قطع بحرية (المجموعة البحرية الجوية الضاربة التابعة للبحرية الأمريكية بقيادة حاملة الطائرات »كارل فينسون«) إضافية فى شرق آسيا لتكون على مقربة من الأراضى الكورية الشمالية. وأشارت بعض وسائل الإعلام الدولية إلى أن الولاياتالمتحدة ستوجه ضربة إلى كوريا الشمالية فى حال عجزت الصين عن إقناعها بالتخلى عن برنامجها النووى الصاروخى. كما سبق أن أقدمت واشنطن على خطوة عسكرية إستراتيجية لتحجيم أثر الترسانة الصاروخية الكورية الشمالية. فتم نشر نظام «ثاد» الصاروخى الدفاعى بكوريا الجنوبية وهو ما استفز كلا من كوريا الشماليةوالصين وروسيا. كما لوحت واشنطن دعائيا بإمكانى إرسال قطعة معدلة حاملة للصواريخ من فئة «أوهايو» تحمل على ظهرها 154 صاروخ توماهوك لتنضم إلى القطع البحرية المنتشرة قرب سواحل شبه الجزيرة الكورية. وفيما يتعلق بما سيحدث إذا اندلع القتال فإن الولاياتالمتحدة إذا بادرت وهاجمت كوريا الشمالية جويا وصاروخيا فإن ضربة الرد الكورية الشمالية ستهدد مباشرة حياة 25 مليون نسمة من سكان عاصمة كوريا الجنوبيةسيول التى تقع على مقربة من الحدود بين الشطرين. فقد سبق أن لوحت كوريا الشمالية بشن ضربة ضد القواعد العسكرية الأمريكية فى كوريا الجنوبية، واليابان، بالإضافة لبعض المنشآت الحيوية فى كوريا الجنوبية حال تعرضها لهجوم من قبل الولاياتالمتحدة. ولوحت بأن الرد سيشمل إمكان توجيه «ضربة وقائية» فى البر، والبحر، والجو. كما هددت بتدمير حاملة الطائرات الأمريكية «كارل فينسون» حال وقوع هجوم أمريكى. وتعد فكرة وقوع هجوم نووى تنفذه غواصات تابعة لكوريا الشمالية بصواريخ باليستية نووية، من أكثر السيناريوهات المرعبة والمتوقعة التى تؤرق أمريكاوكوريا الجنوبية واليابان. ووفقا للخبراء، حققت كوريا الشمالية فى السنوات الأخيرة تقدما كبيرا فى مجال التسلح وأظهرت نياتها لاستخدام الغواصات فى شن هجمات عسكرية. وتشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية تمتلك نحو 70غواصة، ولكن من المرجح أن يكون جزء قليل منها قادرا على شن هجوم بالصواريخ الباليستية. كما تمتلك كوريا الشمالية كل الإمكانات لتجميع رأس نووى حربى صغير تجهز به صواريخ كورية الصنع منخفضة التكلفة. وفى حال شن هجوم أمريكى أو من حلفائها فإنه يتوقع من بيونج يانج أن تغزو كوريا الجنوبية، فى عملية يرجح أن يكتب لها النجاح. فكوريا الشمالية متفوقة فى أسلحة الدمار وعدد الجنود. ووفقا لتقديرات مختلفة يتراوح العدد بين 690 ألفا و 1,2 مليون. ولكن يتوقع بعض الخبراء أن تتعرض كوريا الشمالية لموقف متزايد فى الصعوبة حال إطالة أمد المواجهة أو إقدام الولاياتالمتحدة على إشراك قواتها البرية. فهناك سيناريو يقول إن واشنطن قد لا تكتفى بتوجيه ضربة جوية صاروخية لكوريا الشمالية بل قد تشن عملية جوية برية مثل ما فعلته فى أفغانستان والعراق. ووفق السيناريو المطروح فإن مهمة القوات الأمريكية لن تكون سهلة وستخوض قتالا عنيفا من أجل تدمير قوات كوريا الشمالية قد يمتد لفترة لا تقل عن نصف عام. فكوريا الشمالية ستقاوم بشدة مستعينة بالحرب الشعبية. وهناك سيناريو آخر يتعلق بالتدخل الصينى العسكرى لحماية الكوريين فى تكرار لما حدث فى خمسينيات القرن الماضى. ويعد الجيش الصينى حاليا أكبر جيش فى العالم ويضم القوات البحرية والقوات الجوية والقوات النووية الاستراتيجية. وقد تم إلقاء الضوء على السيناريو الأخير عندما أفادت وكالات أنباء أن ما بين 150 أو 160 ألف جندى صينى انتقلوا إلى حدود كوريا الشمالية.