علي الرغم من تطبيق الرقابة لفكرة التصنيف العمري والتي لاقت ترحيبا كبيرا من الوسط الفني بما يمثله ذلك من تحضر والسير في ركب الدول المتحضرة التي تطبق هذه الفكرة إلا أن جمهور أفلام العيد كان له رأي آخر, حيث ضرب عرض الحائط بقرارات التصنيف العمري لنري أطفالا ومراهقين يقبلون علي أفلام وضع لها تصنيف عمري فوق16 و18 عاما, وساعدهم في ذلك أصحاب دور العرض الذين لا ينظرون سوي لشباك التذاكر والمبيعات وكذلك منتجو الأفلام, وذلك في غياب الرقابة علي أصحاب دور العرض سواء من غرفة صناعة السينما التي يجب أن تشرف بنفسها علي تطبيق قرارات الرقابة علي المصنفات الفنية أو من الرقابة نفسها التي غاب مفتشوها للاطمئنان من تطبيق القرارات..الأهرام المسائي فتحت هذا الملف:- ويقول د.خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة للسينما ورئيس الرقابة علي المصنفات الفنية: إن التصنيف بالأساس تم وضعه لحماية الأطفال والمراهقين وأي تحايل من أي دور عرض لن نسكت عليه, ولكن في المقابل يجب أن تدعمنا الأسر وتقف بجانب ما نقوم به, وألا تصطحب أطفالها لأعمال لا تتناسب مع أعمارهم وهي تعلم أن العمل به بعض المشاهد التي قد تؤثر عليهم بالسلب. وأضاف إذا تم التعاون بيننا وبين الأسر سوف نقلل نسب ذهاب الأطفال أو المراهقين للأفلام المصنفة عمريا وهذا مفيد بشكل عام, وبالتالي سوف يتعرض أي منتج يحاول اللعب علي مشاعر المراهقين للخسارة, مشيرا إلي أن الرقابة في طريقها لتغليظ العقوبات علي من يخالف القانون ولكن الأساس بالنسبة لنا هو التعاون بين الأسرة والرقابة لأنه مهما وضعنا من عقوبات لن يكون لها تأثير بدون وعي الأسرة, فالرقابة تؤدي دورها في الإرشاد, ولا يحدث في العالم كله أن يتواجد مفتشون من الأجهزة الرقابية لمراقبة مدخل دور العرض فهي ثقافة مجتمع أولا وأخيرا. وشدد عبد الجليل علي أهمية فكرة التصنيف العمري للأعمال الدرامية في السينما والتليفزيون أيضا, مؤكدا أن الفكرة قائمة وستظل وليست هناك نية أو عزم لإلغائها وأنه بالفعل هناك مخالفات لكل دور العرض التي سنكتشف فيها مخالفة ولم تلتزم بالتصنيف العمري الذي حددته الرقابة علي أفلام العيد. ويري سيد فتحي رئيس غرفة صناعة السينما أنه بالرغم من أهمية التصنيف العمري علي الأعمال السينمائية إلا أن التطبيق علي أرض الواقع ليس بالسهولة التي يتوقعها البعض خاصة في أيام العيد الذي تصاحبه بعض المرونة إذا كيف لي كصاحب سينما أن أمنع طفلا أو أكثر وهو يصاحب أسرته لمشاهدة أحد الأفلام التي قد تنطبق علي كل أفراد أسرته بينما هو لا, أعتقد أنه أمر في غاية الصعوبة وهنا أنا أرمي باللوم علي الأسرة التي تعرف أن الفيلم لأكثر من18 عاما وبالرغم من ذلك تصطحب أبناءها لمشاهدة الأعمال رغم علمها بالتأثير السلبي عليهم من مشاهد العنف أو الرعب مثلا وهو ما يعد تهاونا في حق الأبناء. وشدد فتحي علي أهمية دور الرقابة علي الأعمال خاصة في العيد وضرورة مراجعة صناع السينما في المشاهد بشكل عام فأنا ضد العنف عموما وضد أي مشاهد إثارة أو عري أو ألفاظ غير لائقة بشكل عام في السينما وعلي الصناع أنفسهم أن يكونوا حريصين علي الصناعة أكثر من غيرهم. ويؤكد الناقد طارق الشناوي أننا تأخرنا كثيرا في تطبيق التصنيف العمري علي الأعمال, وأن العالم كله يطبق هذا منذ أكثر من خمسين عاما, مشيرا إلي أهيمته خاصة فيما يخص صغار السن الذين قد لا يحتملون مشاهدة أعمال قد لا يستوعبها عقلهم, وأذكر أن رجلا اصطحب ابنه لمشاهدة فيلم رعب في السينما والطفل لم يتحمل مشاهد القتل والدم الذي تضمنها العمل وظل يصرخ طوال الفيلم, والسؤال هنا ما مدي تأثير هذه المشاهد علي طفل صغير وما مدي تأثير مشاهد أعلي من مستوي إدراك الطفل, أعتقد قد تؤثر علي سلوكه بالسلب وهو ما حذر منه واضعي التصنيف العمري. وأشار طارق إلي ضرورة وأهمية تطبيق القانون قائلا: أنا معه بشرط أن تضع الدولة قواعد وآليات للتنفيذ, وعليها التأكد من تنفيذ هذا القانون وأن توقع عقوبات علي من يخل به كإغلاق دار العرض الخاصة به لأنه يكون بذلك قد ارتكب جرما في حق الأطفال. وأضاف القانون وضع لحماية الأطفال نفسيا من الأضرار التي تقع عليهم وبالتالي يقع هذا الضرر علي المجتمع ككل, لذا أطالب الجهات المعنية بوضع القانون أن يتم التصنيف بمشاركة أساتذة في علم النفس والاجتماع لأن الرقيب وحدة لن يستطيع التحديد بدقة لأنه يحمل وجهة نظر واحدة ولابد من معاونته في مشاهدة الأعمال بشكل جيد. ويري الناقد السينمائي نادر عدلي أن فكرة السيطرة علي التصنيف العمري في العيد من الصعب جدا لسببين الأول هو أن الشباب أقل من18 سنة هم الجمهور الحقيقي للسينمات في العيد, وثانيا: لأن دور العرض عائدة من إجازة طويلة خلال شهر رمضان فتعمل علي تعويضها من خلال أفلام العيد وهو عرف متعارف عليه ولم يستحدث. ويؤكد عدلي أن دور الرقابة ليست لها علاقة بشباك التذاكر أو بمن يدخلون السينما وإنما هي تدخل صالة العرض وتحرر محضر أو أثنين وفي ظني وفقا لهذا الإجراء لن تستطيع الرقابة الوصول لحل لهذه المشكلة, وأري أن التصنيف العمري بالأساس اخترعته الرقابة لتسير وفق الركب العالمي وحتي تتمكن كل السينمات من عرض أفلامها بدون مشاكل تتحملها هي, حيث وجدت الرقابة أنها فرصة جيدة تستخدم من خلالها حقها مرتين, مرة علي الورق وهو سيناريو, وأخري بعد اكتمال العمل إذا أردت منع أي فيلم مع أنه في الحقيقة أن التصنيف العمري وجد بالأساس حتي لا تتدخل الرقابة في صناعة الأفلام وهذا يحدث في مصر وأبسط دليل أن فيلم جواب اعتقال كان شبه مكتمل ومن المفترض عرضه في عيد الأضحي الماضي ولكن الرقابة وجدت به بعض المشاهد غير لائقة, وطلبت حذفها أو استبدالها بمشاهد أخري وهنا أري أن التصنيف العمري لعبة ليس أكثر. وأشار عدلي إلي أن هناك دليلا آخر علي عدم نجاح فكرة التصنيف العمري وهو أنه عندما طبقت علي المسلسلات التليفزيونية لم يتم تطبيقها لأنه كان من المفترض أن يتم عرض المسلسلات التي تم تصنيفها تصنيفا عمريا في مواعيد محددة وهو ما لم يتحقق وتم عرضها في الثامنة والتاسعة مساء وإعادتها في الثالثة والرابعة عصرا. فيما يري الناقد محمود قاسم أن فكرة التصنيف العمري فكرة ساذجة لأنه من غير المنطقي أن يرفض أي صاحب دار عرض خاصة في الأعياد والمواسم هذا الكم الهائل من الأطفال الذين يتوجهون إلي السينمات لمشاهدة الأعمال التي يكون أغلبها غير جيد وتجاري بحت وينشر العنف والبلطجة ويؤثر بشكل كبير علي هذه الفئة العمرية من الشباب, يضاف إلي ذلك أن بعض صناع السينما يستغلون كلمة تحت سن18 لجذب أكبر عدد من الجمهور والبعض الآخر يضع مشاهد مثيرة لجذب الجمهور أيضا والممنوع مرغوب لدي أغلب فئة الشباب. وطالب قاسم بضرورة النظر مرة أخري إلي هذا القانون وأن يقوم بوضعه أناس يفهمون جيدا في آلية تنفيذه وأشار إلي أنه يري أن الحل هو المنع والحذف مؤكدا ضرورة أن عمل الرقابة بشكل جيد ومنع وحذف المشاهد التي تؤثر علي المشاهد وهذا ليس عيبا خاصة من صناع لا يفهمون جيدا رسالة الأعمال السينمائية الحقيقية ولا يهمهم إلا المكسب المادي ضاربين بكل القيم والأخلاقيات عرض الحائط والدليل علي ذلك أن هناك أعمالا درامية في رمضان هذا العام عرضت علي شاشات التليفزيون قبل الحصول علي موافقة الرقابة.