الأدب مع الله هو سلوك الأنبياء والصالحين, ومعرفة الله تورث الأدب مع الله: قال ابن القيم: إن الأدب مع الله تبارك وتعالي هو القيام بدينه والتأدب بآدابه ظاهرا وباطنا. ولا يستقيم لأحد قط الأدب مع الله إلا بثلاثة أشياء: معرفته بأسمائه وصفاته, ومعرفته بدينه وشرعه وما يحب وما يكره, ونفس مستعدة قابلة لينة متهيئة لقبول الحق- علما وعملا وحالا. وهناك آداب يلتزم بها المسلم مع الله ومنها: الاستعانة بالله: المسلم يستعين بالله وحده, ويوقن بأن الله هو القادر علي العطاء والمنع, فيسأله سبحانه ويتوجه إليه بطلب العون والنصرة, يقول تعالي:{ قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك علي كل شيء قدير}, ويقول صلي الله عليه وسلم:( إذا سألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله), محبة الله: المسلم يحب ربه ولا يعصيه, يقول تعالي:{ والذين آمنوا أشد حبا لله}, وتعظيم شعائره: المسلم يعظم أوامر الله, فيسارع إلي تنفيذها, وكذلك يعظم حرمات الله, فيجتنبها, ولا يتكاسل أو يتهاون في أداء العبادات, وإنما يعظم شعائر الله; قال تعالي:{ ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوي القلوب}.الغضب إذا انتهكت حرمات الله: فالمسلم إذا رأي من يفعل ذنبا أو يصر علي معصية, فإنه يغضب لله, ويغير ما رأي من منكر ومعصية. التوكل علي الله: المسلم يتوكل علي الله في كل أموره, يقول الله- تعالي-:{ ومن يتوكل علي الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا}, ويقول النبي صلي الله عليه وسلم:( لو أنكم توكلون علي الله حق توكله, لرزقتم كما يرزق الطير تغدو خماصا( جائعة) وتعود بطانا( شبعي)), والرضا بقضاء الله: المسلم يرضي بما قضاه الله; لأن ذلك من علامات إيمانه بالله وهو يصبر علي ما أصابه ولا يقول كما يقول بعض الناس: لماذا تفعل بي ذلك يا رب؟ فهو لا يعترض علي قدر الله, بل يقول ما يرضي ربه, يقول تعالي:{ وليبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشرالصابرين. الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}. الحلف بالله: المسلم لا يحلف بغير الله, ولا يحلف بالله إلا صادقا, يقول النبي صلي الله عليه وسلم:( إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم, من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت), وشكر الله: الله- سبحانه- أنعم علينا بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصي; فيجب علي المؤمن أن يداوم علي شكر الله بقلبه وجوارحه, يقول تعالي:{ لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إني عذابي لشديد} التوبة إلي الله: قال تعالي:{ يا أيها الذين آمنوا توبوا إلي الله توبة نصوحا عسي ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار}ويقول النبي صلي الله عليه وسلم:( يأيها الناس توبوا إلي الله, فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة) وهكذا يكون أدب المسلم مع ربه; فيشكره علي نعمه, ويستحيي منه سبحانه, ويصدق في التوبة إليه, ويحسن التوكل عليه, ويرجو رحمته, ويخاف عذابه, ويرضي بقضائه, ويصبر علي بلائه, ولا يدعو سواه, ولا يقف لسانه عن ذكر الله, ولا يحلف إلا بالله, ولا يستعين إلا بالله, ودائما يراقب ربه, ويخلص له في السر والعلانية.