تصريحات الوزراء تحولت إلي أزمة فمع تناقض التصريحات وتخبطها تتكلف الدولة خسارة اقتصادية يومية نتيجة تضارب الاختصاصات والغريب في الأمر هو ان بعض الوزراء يصدرون تصريحات ليست من اختصاصهم من الأساس فمنذ أيام أعلن وزير التضامن عن فرض ضريبة علي معاملات سوق الأوراق المالية البورصة المصرية وهو ما نفته وزارة المالية بعد إطلاق التصريح بساعات موضحة ان هذا الاجراء يحتاج لمرسوم قانون من المجلس العسكري بصفته حاكم البلاد وأن الوزارة لم تطرح هذه الفكرة من الأصل.. السؤال لماذا يصدر وزير التضامن مثل هذا التصريح من الأصل رغم ان الأمر يختص بوزارة المالية وليس بوزارة التضامن؟ ولم تكن هذه المرة الأولي التي يتم الادلاء فيها بتصاريح من وزارات غير مختصة فسبق ان اعلنت وزارة المالية عن انخفاض الاحتياطي النقدي من36 مليار جنيه إلي28 مليارا ثم نفي رئيس البنك المركزي الرقم الذي تم الاعلان عنه. أجمع الخبراء علي ضرورة تعيين متحدث رسمي عن الحكومة يمثلها وأن الحكومة عليها أن توازن بين رغبتها في ارضاء طموحات الشعب وتيسير الأعمال فيري الدكتور عبدالمنعم سعودي خبير اقتصادي انه من المفترض ان يكون هناك متحدث رسمي واحد فقط عن الحكومة بكل قطاعاتها ويمثل مجلس الوزراء لأن تضارب التصريحات يضر بالاقتصاد المصري خاصة مع المرحلة الحرجة التي تمر بها مصر موضحا ان تصريح وزير التضامن الأخير سيؤثر علي البورصة لمدة اسبوعين قادمين لذلك يجب ان يتم تحديد جهة واحدة تمثل مجلس الوزراء وهي فقط التي تختص باطلاق التصريحات علي أن تكون مصدقة من رئاسة الوزراء. ويوضح الدكتور حمدي عبدالعظيم عميد اكاديمية السادات سابقا أنه لا يوجد تنسيق بالحكومة الواحدة ومن المفترض أن تقدم الحكومة سياستها علي أن تعتمد من مجلس الشعب وبعد حل المجلس يتم اعتمادها من المجلس العسكري علي أن يلتزم به جميع الوزراء والا تكون التصريحات طبقا للأراء الشخصية حيث ان وزير التضامن معروف بتوجهاته لذلك اكد محمد عبدالسلام ان التصريح ليس مسئولية وزارة المالية ولا يعبر عن الحكومة ولكنه مجرد رأي شخصي لذلك لابد أن تضع الحكومة سياسة معلنة برئاسة مجلس الوزراء علي ان تكون الحكومة ملزمة بها لان هذه التصريحات تؤثر علي الاقتصاد سلبا لأنها تؤدي إلي هروب المدخرات العربية والأجنبية واللجوء إلي بورصات بديلة وهذا يعوق التوسع في الاستثمارات في مصر وهذا بالطبع يؤثر علي معدل النمو وتباعا علي الأسعار. بلبلة التصريحات فيما يؤكد الدكتور سعيد عبدالخالق استاذ الاقتصاد باكاديمية النقل البحري أن بعض التصريحات لا تعكس عن تضارب ولكن يكون الاعلان عنها للتعرف علي وجهة نظر الرأي العام وتكون القرارات في محل الاعداد علي أن يبدأ في تنفيذها وفقا لتوجهات الرأي العام ولكن الفترة الحالية تستوجب الكتمان في أي قرار علي أن يتم الاعلان عنه مع ضرورة تعيين متحدث رسمي خاصة فيما يخص القرارات الاقتصادية لأنها تؤثر بشكل سلبي وسريع فمثلا إذا اختص القرار بالصادرات والواردات يؤثر علي التصدير والاستيراد ومنها علي تواجد السلع بالأسواق وكذلك الأمر فيما يتعلق بالقوانين الضريبية لأنها تؤدي إلي حدوث بلبلة خاصة عند الاعلان عن اعفاءات ضريبية مرتفعة مضيفا ان كثرة التصريحات ترجع إلي رغبة الحكومة في ارضاء طموحات الشعب ولكنها تتخبط مع السياسات الخارجية ويرجع ذلك لعدم تجانس الوزارة لأنها تضم العديد من التيارات السياسية وأغلبهم يحملون توجهات مختلفة. ويوضح الدكتور عبدالخالق أن تطبيق ضريبة علي المعاملات المالية بالبورصة هو مطبق بعدد من الدول الرأسمالية ويجوز تطبيقها لكن ليس في المرحلة الحالية لذلك يجب تطبيق الضريبة التصاعدية علي الدخول لتحقيق العدالة وتعديل القانون الضريبي ايضا ولكن مع تطبيق أي قرار يستلزم تعديل القوانين واقرارها ويصعب ذلك في الفترة الحالية لعدم وجود مجلس شعب. إندفاع في التصريحات وتقول بسنت فهمي الخبيرة المصرفية إن هناك اندفاعا في التصريحات خاصة في الوزارة الجديدة هناك تضارب كبير بها دون دراستها مع خروجها من وزارات غير مختصة فمثلا اعلنت الحكومة عن صرف تعويضات لأصحاب المنشآت التي تعرضت للخسارة أثناء الثورة ثم تعلن عن تعرضها للافلاس فيجب ان تتحمل الحكومة تكلفة تصريحاتها وتكون مسئولة عنها وارجعت ذلك إلي أن الوزارة لا تنعقد بشكل مستمر ومع تخبط الحكومة تخسر الدولة يوميا وهو ما يزيد من الدين العام ويرفع الأسعار. وتوضح ان الحكومة الحالية حكومة تسيير الأعمال أي تختص بحل المشكلات فقط وتمشي المركب علي حد تعبيرها دون تقديم وعود مستقبلية لأن تطبيق اي ضرائب أو تغيير في السياسات يحتاج إلي الرجوع إلي البرلمان لذلك يجب أن تركز الحكومة علي توفير الأمن الداخلي وتسيير الأعمال وليس وضع خطط خمسية غير محسوبة حيث تطبيق أي ضريبة جديدة يحتاج إلي تعديل قانون الضرائب وهذا غير ممكن الفترة الحالية. مرجعيات مختلفة ويري الدكتور صلاح جودة مدير مركز البحوث الاقتصادية ان تضارب التصريحات في الوزارة الحالية يرجع إلي اختلاف توجهات ومرجعيات الوزراء السياسية فمن المعروف ان وزير التضامن الحالي توجهه اشتراكي اما وزير المالية فتوجهه رأسمالي ليبرالي ويجب أن يكون هناك تنسيق بينهما بعيدا عن توجهاتهما موضحا ان الحكومة تفتقد إلي الانسجام خاصة في الجانب الاقتصادي لذلك لابد من تقريب وجهات النظر ويقترح الدكتور جودة تعيين متحدث رسمي عن الشئون الاقتصادية يختص بالادلاء بالقرارات الاقتصادية ويجب ان يعبر التصريح عن اتجاه الدولة وليس توجهات شخصية ووضع آلية للعمل المالي لأن اي تضارب في الأرقام والتصريحات ينعكس بشكل سلبي لذلك لابد من وضع سياسات واحدة متفق عليها لأن البلبلة في القرارات الاقتصادية غير مطلوبة لأننا مازالنا في أركان الثورة وعلي الوزارة أن تركز في تسيير الأعمال اليومية وألا تحمل نفسها التزامات ليست في استطاعاتها في المرحلة الحالية ومحاولة حفظ الاستقرار الاقتصادي. تطفيش المستثمرين وحول تأثر البورصة بقرار وزير التضامن حول فرض ضريبة علي المعاملات المالية أوضح المهندس حكيم ابراهيم مستثمر بالبورصة أن الأوضاع الحالية لا تتحمل مثل هذه التصريحات وستكلف البورصة الكثير في المرحلة القادمة لأن هذا التصريح طفش الكثير من المستثمرين الأجانب علي حد تعبيره ويسحبون استثماراتهم بالبورصة لأن المستثمرين حاصلون علي حق انتفاع لمدة عشر سنوات بالمناطق الاستثمارية والاعلان عن سحب حق الانتفاع يضر بالاستثمار سلبا. وذكر أن تضارب التصريحات تكرر أكثر من مرة بالحكومات السابقة ففي2008/5/15 سبق وأن اعلن رئيس مصلحة الضرائب عن فرض ضرائب وكانت بداية الشرارة وكلف المستثمرين الكثير بالبورصة مضيفا ان تصريح وزير المالية بأن الاحتياطي النقدي36 مليار جنيه بعد الثورة ثم بعد أربعة أشهر صرح بأنه انخفض إلي28 مليار جنيه وهذا يعني انه بقدوم شهر رمضان نصل إلي مرحلة الافلاس وهو ما نفاه البنك المركزي قائلا ماينفعش أي وزير يصحي من النوم ويقول أي كلمتين يكلفوا الدول الملايين. وفي النهاية المرحلة الحرجة التي نمر بها تحتاج إلي التأني في اصدار أي تصريحات من المسئولين ويجب ان تعبر عن توجهات الحكومة وليس وجهة نظر خاصة بهم ويجب العمل علي تحقيق الاستقرار الاقتصادي.