مطلع هذا العام اضطرت الحكومة- تحت وطأة تعطل صدور عدد من القوانين أهمها: قانون الحكم المحلي وقانون الرياضة, وقانون النقابات المهنية- إلي مد دورات مجالس إدارات الجمعيات الأهلية والأندية ومراكز الشباب والنقابات المهنية والمؤسسات الصحفية..وغيرها, حتي انتخابات مجالس إدارات الصناديق الخاصة بالعاملين في بعض الوزارات والمؤسسات قد تم تأجيلها, الأمر الذي يعني أن هناك بعض مجالس الإدارات في هذه الجهات قد تجاوز مدته, بل قرب بعضهم علي تجاوز ولايتين متتاليتين دون تجديد في الثقة أو دون إجراء أي انتخابات, وذلك من خلال قرارات إدارية تصدرها الحكومة أو البرلمان, في وضع يصعب فهمه أو تفسيره, لاسيما أنه أمر غير مجد في وقت تسعي فيه الدولة/النظام/السلطة إلي تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والمضي قدما للخروج من الأزمة الاقتصادية والسياسية الراهنة. الحقيقة أن التأجيل المستمر قد أسهم في زيادة حدة التوتر الذي وصل إلي حد الغليان بين الأطراف المتفاعلة داخل هذه المؤسسات وعلي المستوي المحلي, فضلا عن تصاعد الاحتقان, الأمر الذي وصل إلي حد العنف المتجاوز لحدود السياسة, وبجانب الاحتقان السياسي, فإن الضعف والترهل يجد مدخلا في ظل هذا الخلل البنيوي الذي يعاني منه النظام علي مستوي القاعدة والمؤسسات الوسيطة, ولا ندري كيف لا تفهم السلطة خطورة وضع كهذا. في الحقيقة البرلمان قد أظهر ضعفا شديدا, وقد يكون هذا سببا رئيسيا في عجزه عن القيام بمهامه والشروع في إصدار القوانين المهمة التي كان يفترض أن تصدر خلال ستة أشهر من بدء انعقاده, لكن ها هي سنة تمر ومازالت القوانين معطلة أو موقوفة, ولا ندري كيف لهؤلاء البرلمانيين الذين يرغبون في بناء شعبيتهم وشرعيتهم أن يتجاهلوا هذه القوانين التي من خلال تفعليها سيتمكنون من بناء شبكتهم المحلية الداعمة لهم, وتدشين خط اتصال بينهم وبين القوي الشعبية المحلية ومن ثم الجماهير علي مستوي القاعدة, إلا إذا كانوا يعتقدون أن ناخبيهم لا فضل لهم في عضوياتهم النيابية. والحكومة من جهة ثانية تتجاهل تحريك المياه في مجاري السياسة الراكدة من أجل استنهاض همة المجتمع وإشراكه في صياغة مستقبله وتحمل مسئولياته, ولا نعتقد أن ما وراء هذا هو تهميش المجتمع وحرمانه من شراكة حقيقية في تحمل ما يجب أن يتحمله خلال هذه المرحلة وربما تكون الأزمات ضاغطة. لا شك أن إقرار القوانين التي يمكن أن تحرك السياسة في أوصال المجتمع المتيبس والمعطل منذ عام2011 قد تخرج المجتمع من أزماته, وقد تضخ بعضا من روح الأمل والثقة داخل المجتمع الذي يعاني من وطأة تصاعد الأزمات الاقتصادية الضاغطة, فالشراكة المجتمعية ضرورية ومهمة ولا غني ولا بديل عنها, حتي غياب حزب ممثل للسلطة يعد خطأ لا يقل عن خطأ تجاهل تشغيل السياسة علي المستويات القاعدية, كون هذا الوضع برمته لا يزيد من الاحتقان السياسي وحسب ولكنه يغلق المجال العام أمام الحراك الإيجابي المنوط به إضفاء مزيد من القوة علي النظام السياسي وبالتالي علي الدولة ككل. إن سرعة إصدار هذه القوانين ضروري بل هو حتمي, لأنه سيفتح المجال أمام قوي المجتمع للتنافس والمشاركة, وسيسهم في تدوير عجلة التدافع مما يعمل علي تهدئة حدة التوتر وفرز القوي فضلا عن امتصاص المطالب المتصاعدة, وإعادة إنتاج الشرعية والأمل معا, وهي الأمور التي نحتاجها بصورة أساسية من اجل استعادة حيوية النظام ومن أجل شراكة أكبر للمجتمع حتي يتحمل مسئولياته بعيدا عن أي طريقة عمل قادمة من خارج الأطر التقليدية للعمل السياسي ومنتجاته, والحقيقة يجب ألا نخاف لاسيما أن المنتج النهائي لن يخرج عن العمل علي أرضية الدولة ووجهتها ورؤيتها