وزير التعليم: إجراءات لضمان تأمين وسرية أوراق امتحانات الشهادة الاعدادية باستخدام «الباركود»    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    خطة لحوكمة منظومة التصالح على مخالفات البناء لمنع التلاعب    فوز أحمد فاضل بمقعد نقيب أطباء الأسنان بكفر الشيخ    «صباح الخير يا مصر» يعرض تقريرا عن مشروعات الإسكان في سيناء.. فيديو    رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة جراء سوء الأحوال الجوية    «عز يسجل انخفاضًا جديدًا».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم في الأسواق (آخر تحديث)    تمهيد وتسوية طرق قرية برخيل بسوهاج    خبير بترول دولي: الغاز ليس أهم مصادر الوقود والنفط ما زال يتربع على العرش    الشرطة الأمريكية تفض اعتصام للطلاب وتعتقل أكثر من 100 بجامعة «نورث إيسترن»    برقم العداد.. كيفية الاستعلام عن فاتورة استهلاك كهرباء أبريل 2024    محلل سياسي: الاحتجاجات الطلابية بالجامعات أدت إلى تغير السياسات الأمريكية (فيديو)    وسائل إعلام: شهداء ومصابون في غارة للاحتلال على مدينة رفح الفلسطينية    محلل سياسي يوضح تأثير الاحتجاجات الطلابية المنددة بالعدوان على غزة    بايدن: لن أرتاح حتى تعيد حماس الرهائن لعائلاتهم    التحالف الوطني للعمل الأهلي.. جهود كبيرة لن ينساها التاريخ من أجل تدفق المساعدات إلى غزة    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان.. صور    «كلوب السبب».. ميدو يُعلق عبر «المصري اليوم» على مشادة محمد صلاح ومدرب ليفربول    وزير الرياضة يشهد مراسم قرعة نهائيات دوري مراكز الشباب النسخة العاشرة    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    الرئيس التنفيذي للجونة: قدمنا بطولة عالمية تليق بمكانة مصر.. وحريصون على الاستمرار    «الداخلية» توضح حقيقة قصة الطفل يوسف العائد من الموت: مشاجرة لخلافات المصاهرة    "اكسترا نيوز" تعرض نصائح للأسرة حول استخدام ابنائهم للانترنت    أمن أسيوط يفرض كرودا أمنيا بقرية منشأة خشبة بالقوصية لضبط متهم قتل 4 أشخاص    بعد تصدرها التريند.. رسالة مها الصغير التي تسببت في طلقها    "اعرف الآن".. لماذا يكون شم النسيم يوم الإثنين؟    «تربيعة» سلوى محمد على ب«ماستر كلاس» في مهرجان الإسكندرية تُثير الجدل (تفاصيل)    تطوان ال29 لسينما البحر المتوسط يفتتح دورته بحضور إيليا سليمان    أصالة تحيي حفلا غنائيًا في أبو ظبي.. الليلة    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    الكشف على 1670 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة الزقازيق بقرية نبتيت    بالأرقام.. طفرات وإنجازات غير مسبوقة بالقطاع الصحي في عهد الرئيس السيسي    انطلاق معرض وتريكس للبنية التحتية ومعالجة المياه بمشاركة 400 شركة غدًا    «تملي معاك» أفضل أغنية عربية في القرن ال21 بعد 24 عامًا من طرحها (تفاصيل)    الزمالك يفاوض ثنائي جنوب أفريقيا رغم إيقاف القيد    حكم واجبية الحج للمسلمين القادرين ومسألة الحج للمتوفين    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    خبيرة: يوم رائع لمواليد الأبراج النارية    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    8 معلومات عن مجلدات المفاهيم لطلاب الثانوية العامة 2024    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    هل يوجد تعارض بين تناول التطعيم وارتفاع حرارة الجسم للأطفال؟ هيئة الدواء تجيب    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤسسة الأمنية (الشرطة) في مصر وتحديات الإصلاح
نشر في محيط يوم 06 - 08 - 2012


مركز "محيط " الدراسات السياسية والإستراتيجية

إعداد
اللواء صلاح حافظ
أ/ محمد محمود عبد العال
أ/رشا عبد الواحد


*هذه الورقة قدمت في المؤتمر المصري الأول للنهوض والتنمية والذي عقد في 16، 17يوليو 2012
وُظفت المؤسسة الأمنية في مصر لحماية النظام واستمراره، ثم جاء زلزال الثورة في يوم عيد الشرطة المصرية، وبدأت المطالبات الجماهيرية لتغيير نهج الشرطة وقيمها وآدابها وأسلوبها وسياساتها. وتسهم هذه الورقة في تقديم رؤية لاصلاح القطاع الامنى وفق رؤية شاملة ترسم مبادىء وقيم عامة بالتكامل مع بعض الاقتراحات المحددة لصياغة ملامح سياسات فعلية تصلخ لبدء عملية تغيير ايجابى للتغلب على مشاكل الماضى وبناء جهاز شرطى قوى وفعال ولكن فى حماية المجتمع وأمنه كأولوية اولى. وسوف تعرض الورقة لمستويين ,مستوي الرؤية الإستراتيجية للإصلاح الأمني , ومستوي مسارات تفصيلية ثلاثة للإصلاح

المستوي الأول: الملامح العامة لإصلاح القطاع الأمني.
المستوي الثاني :
أولاً: مسار الإصلاح الدستوري والقانوني.
ثانياً: مسار الإصلاح الإداري والوظيفي.
ثالثاً: إدارة الجودة الشاملة في العمل الشرطي.
الملامح العامة لإصلاح القطاع الأمني رؤية إستراتيجية
تتناول الورقة في هذا الصدد مفهوم الإصلاح الأمني، ونشأته، والأوقات التي تكون دافعة للإصلاح الأمني في ظل الخبرة الدولية، ومباديء عملية الإصلاح الأمني، وأهميتها، والجهات الرئيسية المكلفة بالأمن والعدالة، والعوامل الداخلية المؤثرة علي عملية الإصلاح سواء كانت عوامل (سياسية، اقتصادية، اجتماعية، مؤسسية)، وكيف يمكن معرفة قابلية المجتمعات لتطبيق عملية الإصلاح الأمني.

إصلاح القطاع الامني: المفهوم والخلفية التاريخية
)Security Sector Reform (SSR))
يمكن فهم عملية إصلاح القطاع الأمني على أنها مجموعة السياسات والخطط والبرامج والتي من شأنها أن تطور جودة وطريقة تقديم الخدمة الأمنية في المجتمع من خلال إصلاح مرفق الأمن في الدولة بحيث يكون أكثر قدرة على تقديم خدمة الأمن للمواطنين بما يتماشى مع المبادئ الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الانسان.
إن مصطلح "إصلاح القطاع الأمني"( ) من المصطلحات الحديثة نسبيا، فهو يتعلق بالحديث عن الإصلاحات الأمنية في الدول النامية والدول التي في طور التحول الديمقراطي أو في أعقاب الازمات. وقد كانت الامم المتحدة أول من تحدث عن هذا المصطلح في عام 1994 أعقاب سقوط الاتحاد السوفيتي السابق.
وقد ساعدت عمليات حفظ السلام التي انتشرت في أرجاء أوروبا في فترة التسعينات في تقديم هذا المصطلح بقوة كوسيلة للخروج من الأزمات وحل للنزاعات، وتكونت عدد من التجمعات الدولية التي تبنت هذا المصطلح وحولته لأجندات وبرامج هامة منها برنامج الامم المتحدة وبرنامج للاتحاد الاوروبي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بالاضافة الى الحكومة البريطانية والحكومة الامريكية.
نشأ مفهوم جديد للسلام والأمن مع نهاية الحرب الباردة، وأخذ التركيز يتمحور حول طبيعة السلام الدائم وأسس بنائه، وبدأت عدد من المصطلحات في التشكُل منها مصطلح التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والحكم الرشيد والاصلاح السياسي، واحترام حقوق الإنسان، وصارت هذه الأفكار مكملة للنظرة التقليدية عن الأمن الشامل. ولا يخفي أن الأمن ضروري للمواطنين كي يمارسوا حياتهم دون خوف أو تهديد وهي مسؤولية الدولة بالأساس. ويعبر مصطلح إصلاح القطاع الأمني علي أنها تلك العملية اللازمة من أجل تطوير مؤسسات أمنية فعالة ومحترفة تسمح للمواطنين بأن يعيشوا حياتهم بأمان.

فقد أصبح الأمن أساس التنمية الفعالة والمستدامة. ولتحقيق هذة الوظيفة لابد من توفر الكوادر المدربة القادرة على أن تعمل في إطار عمل مؤسساتي ووفق المعايير التي حددها القانون. إن سوء إدارة القطاعات الأمنية يؤدي إلى عدم قدرة الحكومة على ضمان الأمن لمواطنيها وخسارة مؤسسات الدولة لسلطاتها. وكنتيجة لذلك قد يسعى المواطنون إلى الحصول على الأمن بطرق مختلفة تكون في معظمها غير قانونية ومقوضة لهيبة الدولة، كما ينتج عن غياب دور الدولة في القطاع الأمني انتشار الأسلحة في المجتمع مما يزيد معدلات الجريمة فيه. وفي كل الاحوال لاينتظر من نظام لا يشعر فيه الفرد بالأمن أو لا تستطيع الحكومة انفاذ القانون وحماية الوطن والمواطن أن يكون نظاماً داعماً للديمقراطية وحقوق الانسان، كما لا يتصور أن تجري فيه إجراءات مستنده الى مبدأ الشفافية أو مراقبة المجتمع المدني، ويعتبر العامل الاقتصادي عاملا شديد الصلة بالأمن فلا إنتاج ولا تنمية دون أمن.

إن الإصلاح الأمني يبدأ في معظم الحالات بتقييم أداء قطاع الأمن ومراجعة السياسة الأمنية المطبّقة في الدولة المعنية. ويتيح هذا الأمر مقارنة الاحتياجات الأمنية التي يفرضها المواطنون في الدولة مع الإمكانيات الأمنية المتوفرة. وقد تُفصح المراجعة الأمنية التي يتم إعدادها عن ضرورة إعداد وثائق حول السياسات الأمنية، أو توضيح الإطار القانوني الناظم لقطاع الأمن وتعزيزه، أو الارتقاء بمستوى عمل مؤسسات الرقابة أو إنفاذ إجراءات التغيير داخل القوات الأمنية.

وتستطيع مؤسسات المجتمع المدني أن تقوم بإسهامات هامة في توطيد مبدأ الإدارة الرشيدة لقطاع الأمن؛ حيث يمكن لهذه المؤسسات أن تراقب أداء الحكومات وتنفيذ السياسات الأمنية ومدى مراعاة حقوق الإنسان في بلادها. كما تستطيع مؤسسات المجتمع المدني أن توفر الخبرات والمعارف ووجهات النظر المستقلة. وفضلاً عن ذلك، تساعد مؤسسات المجتمع المدني التي تمثل مصالح المجتمعات المحلية والجماعات التي تضم أفراداً يتبنّون آراءها في الإفصاح عن الاحتياجات الأمنية التي يتعين توفيرها للأطراف المهمّشة. وفي هذا السياق، تكفل مؤسسات المجتمع المدني إعداد سياسات أمنية شاملة، تمثل شرطاً لا غنى عنه لتحقّق الصفة الشرعية لإجراءات الإصلاح الأمني واستدامتها. كما تعمل مؤسسات المجتمع المدني على لفت نظر الجهات المعنية إلى تلك الجوانب من عملية إصلاح قطاع الأمن التي يتجاهلها القائمون على إعداد الاستراتيجيات الأمنية في كثير من الأحوال.

إن القطاع الأمني الذي يعمل بطربقة فعالة ووفق آليات معينة تدعم معايير الجودة في إطار من المؤسسية والشفافية والمراقبة والتعاون المجتمعي، فإنه يساعد على تحقيق الامن والامان في المجتمع ويشكل عاملا محفزاً للانتاج والتنمية، ويشجع الاستثمار في المجتمع وبذلك يساهم في رفع معدلات الدخل القومي ويقلل من الجريمة ويدفع الى المزيد من الاصلاحات السياسية.

ويمكن الحديث عن تبلور ثلاث نماذج رئيسية تدفع باتجاه ضرورة إصلاح القطاعات الأمنية على المستوى الدولي على النحو التالي:

1- في أعقاب النزاعات المسلحة: في هذه الحالة تكون البنية الامنية للدولة في حالة تدمير شاملة، كما تكون المؤسسات السياسية غير موجودة أو غير فاعلة وتكون الحالة الأمنية في المجتمع متدهورة للغاية من جراء النزاعات، وفي هذه الحالة تكون عملية الاصلاح الأمني أقرب الى عملية إعادة البناء الامني (Reconstruction)، ويكون هدفها تفكيك سيطرة الدولة على استخدام العنف وبناء هيكل أمني متسق مع متطلبات المرحلة.
2- في إطار عملية التحول الديمقراطي: تكون الدولة على حافة الانتقال من نظام سياسي الى نظام سياسي جديد برؤي جديدة ومتطلبات جديدة، ومن ثم تكون هناك حاجة الى تطوير الأداء الأمني للقطاعات الشرطية ليكون داعما لهذا الانتقال. ويكون الاصلاح الأمني في هذا السياق محاولة لضبط هيكل القطاعات (Reengineering). ومنها مثلا: حل القطاعات الشرطية غير القانونية كالجيش الموازي (Para-military forces)، ويكون هدف عملية ضبط هيكل القطاعات الأمنية تقديم مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان والحوكمة الادارية الى القطاعات الأمنية والشرطية.
3- في الدول النامية لتحقيق التنمية المستدامة: وتكون الدولة في هذه الحالة في حاجة الى فرض قيم العدالة وإعلاء دولة القانون والتركيز على قيم المواطنة، وتكون عملية الاصلاح الأمني في هذا السياق أشبه بعملية إعادة التوجية (Reorientation)( )، بإدخال عدد من المصطلحات الخاصة بمعايير العمل الشرطي والكفاءة والمحاسبة على أساس الصلاحيات الممنوحة التي من شأنها أن ترفع كفاءة القطاعات الأمنية.

مبادئ عملية إصلاح القطاعات الأمنية:
توجد مجموعة من المباديء التي تؤخذ في الاعتبار عند البدء بعملية الاصلاح الأمني، وهي كالتالي:

1- بناء إطار قانوني ودستوري قوي يوضح مهام وصلاحيات القطاعات الأمنية والشرطية.
2- حشد الطاقات والامكانات الشرطية والأمنية.
3- تحديد الفاعليين في منظومة الأمن والشرطة.
4- دعم التوجه نحو مفهوم الشرطة المجتمعية.
5- تفعيل معايير الجودة الشاملة على القطاعات الأمنية.
6- تغيير عقيدة الشرطة ليكون محورها حماية المواطنين دون تفرقة أو تمييز.
7- وضع بروتوكول تفاهم بين القطاعات الشرطية والهيئات القضائية.
8- تعاون مؤسسات المجتمع المدني مع القطاعات الشرطية والعكس.
9- شراكة المجتمع والقطاع الخاص مع القطاعات الأمنية والشرطية في تحقيق الأمن.

أهداف عملية الاصلاح الأمني:
تهدف عملية إصلاح القطاع الأمني إلى ضمان الرقابة الديمقراطية على الخدمات الأمنية المقدمة، وتعزيز فعالية ونجاعة هذه الخدمات. وتستلزم عملية إصلاح القطاع الأمني ما يلي:
• الأطر الخاصة بالمفاهيم والأساليب التي من شأنها الإرتقاء بعملية استخدام الموارد الأمنية.
• أسلوب إصلاحي شامل يلعب من خلاله ذوي الشأن دوراً هاماً.
• مشاركة الفاعلين سياسياً واجتماعياً في صياغة السياسات الأمنية.
يتألف القطاع الأمني من الجهات الرئيسية المكلفة بتوفير الأمن والعدالة، بالإضافة الي إدارتها والمؤسسات التي تمارس الرقابة عليها. وينظم الإطار القانوني والاطار السياسي المهام التي تنفذها هذه الجهات، كما يحكم سلطاتها وهيكليتها التنظيمية.

الجهات الرئيسية المكلفة بتوفير الأمن والعدالة:
• قوى الأمن (القوات المسلحة، والشرطة، والمخابرات، والأجهزة الأمنية الأخري)، الى جانب جيوش التحرير وجماعات التمرد في بعض الدول.
• الهيئات المكلفة بإنفاذ القانون والعدالة (المحاكم، والنيابة، والسجون وأنظمة القضاء).
• المؤسسات المكلفة بالادارة والرقابة مثل: أجهزة الإدارة والرقابة التابعة للسلطة التنفيذية (مؤسسة الرئاسة، مجلس الوزراء، وزراء الدفاع والداخلية والعدل والمالية).
• أجهزة الإدارة والرقابة التابعة للسلطة التشريعية (البرلمان واللجان التي تعمل تحت مظلته، ومكاتب التحقيق العسكري).
• جهات الرقابة غير الرسمية (مؤسسات المجتمع المدني، ووسائل الاعلام، ومراكز الابحاث والمؤسسات الناشطة في مجال التأثير في السياسات).

العوامل الداخلية المؤثر على عملية الإصلاح الأمني:

1- العوامل السياسية: إن التوجه السياسي هو الذي يحدد الحوار المجتعي حول الأولويات الأمنية، وغالبا ما تكون الارادة السياسية غير قادرة على تفعيل الاجراءات السليمة، وقد لا تعلمها فقد تحدث ردة أو تأخير نظرا لغياب استراتيجيات الحكم الرشيد ولكي ينجح الاصلاح لابد من حدوث تكاتف بين مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات العامة والمواطنين حتى تسرع من فترة الحوار المجتمعي حول الأولويات الأمنية، وتشكل إرادة سياسية تدعم تطبيق هذه الأولويات.

2- العوامل الاقتصادية: تتعلق بالتوزيع المتعقل للموارد الاقتصادية الموجودة في الدولة، وتتميز الدول النامية بأنها تمر بحالة من النقاهة الاقتصادية، وعملية الاصلاح الأمني قد تحتاج تخصيصاً للموارد من نوع آخر مما قد يجعل عملية الاصلاح الأمني بطيئة من جهه فضلا عن أن هذه الدول قد تقبل برامج عدد من الجهات المانحة وترضى بشروطهما حتى تقلل من الجانب المتعلق بتخصيص الموارد من جهة ثانية.

3- العوامل الاجتماعية: وهذا البعد هو الضامن لتحقيق الاصلاح الأمني حيث أن المواطن هو الهدف من هذه العملية، ولا بد أن يشعر هو أولا بنتائجها، ومن هنا كان واجبا أن ينتقل المجتمع من منظور أمن الدولة الذي يهدف لتحقيق الامن للسلطة القائمة الى أمن المواطن الذي يتعلق بالسلامة الداخلية للأفراد والمواطنين، وهنا لابد أن يعيد المجتمع النظر في المجموعات القمعية التي تنتمي الى فلسفة أمن السلطة وتحل أو تنقل تبعيتها ووظيفتها الى الجيش. وهكذا يصبح المواطن في قلب السياسة الأمنية للشرطة.

4- العوامل المؤسسية: وهي كل ما يتعلق بالبنية الهيكلية والقانونية للقطاعات الأمنية والشرطية، فلابد أن تكون مبنية على الفصل بين القطاعات وتحديد الاخصاصات ونطاق الصلاحيات حتي يمكن تحقيق المساءلة وتطبيق معايير الكفاءة على الأداء الشرطي. ومن المعروف أن الدول النامية تشهد درجة من التداخل في الاختصاصات والتبعيات الادارية وكذلك الصلاحيات وهذا يتطلب من المشرع أن يضع حدودا قانونية ودستورية بين ما هو أمني شرطي، وأمني عسكري حتى لا يحدث نوع من الاشتباك بين الاختصاصات. فلابد أن تكون البنية المؤسسية للشرطة بنية مدنية عكس المؤسسات العسكرية وهذا ما يجب أن ينص عليه الدستور والقانون.

وخلاصة القول إن هذه الأبعاد الأربعة، قد تسهم إلى حد كبير في رسم تصور عام عن الإمكانيات الكامنة التي تضمن تفعيل الاصلاح الأمني والشرطي في المجتمعات النامية على اختلافها من خلال التعرف على طبيعة المشاكل التي تواجه الدولة، إلا أن البعد المجتمعي يعتبر من أهم الأبعاد التي قد تمنع وتعوق عملية الاصلاح الأمنى وخاصة إذا كانت الحالة الاجتماعية توصف على أنها صراعية، فعلى سبيل المثال ليس من المنطقي أن تشرع دولة في حالة حرب في تبني الاصلاح الأمني والشرطي حيث أن كافة الأبعاد التي من شأنها أن تلعب دوراً في دعم هذا التوجه ستكون غير متكاملة مما سيعرض العملية برمتها للفشل.

ويمكن استعراض ما سبق عن طريق الشكل التالي الذي يوضح مدي قابلية المجتمعات لتطبيق عملية الإصلاح الأمني ودرجات النجاح المتفاوتة والمتوقعة علي خلفية طبيعة وظروف المجتمع وتكوينه الداخلي والمشكلات التي يعاني منها.
(شكل رقم1)
الامكانيات الكامنة من أجل إصلاح القطاع الأمني( )
الحرب مناطق النزاعات المسلحة فشل الدولة النزاعات
المجتمعية
دول في طور التحول الديمقراطي دول في طور التحول الى السلم مجتمعات ما بعد النزاعات
السودان رواندا
بوروندي
افغانستان
العراق الصومال
ليبيريا سريلانكا
الجزائر
تشاد بولغاريا
رومانيا
اندونيسيا
البرازيل
بنجلادش البوسنا
الهرسك
كوسوفو جنوب أفريقيا
ليتوانيا
أولا- مسار الإصلاح الدستوري والقانوني:
قبل أن نشرع في الحديث عن التصورات المأمولة لقانون ينعكس في سلوك "شرطة مصرية ديمقراطية أكثر مدنية" خاصة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011. لذا من الهام أن يكون الإطار القانوني سليما حيث يعد شرطاً مسبقا لضمان الحكم الرشيد لقطاع الأمن، والذي لابد وأن يتسم بالفاعليه والنجاعة والخضوع للمساءلة، حيث تستهل أي عملية لإصلاح القطاع الأمني بمراجعة شاملة للتشريعات الوطنية التي تنظم هذا القطاع وإعادة صياغتها، والتركيز علي تحديد ومعالجة مواطن التعارض وغياب الوضوح الذي يكتنف أدوار المؤسسات الأمنية المختلفة وصلاحيتها.

وتعرض الدراسة القواعد التي تدعونا لإعداد إطار قانوني حديث لقطاع الأمن وهي كالتالي:

1- أن يحدد دور وصلاحيات المؤسسات التي تدير الأجهزة الأمنية وتفرض الرقابة عليها.
2- أن يحدد هذا الإطار القانوني دور مختلف الأجهزة الأمنية والمهام الموكلة لكل منها.
3- أن يحدد الامتيازات الممنوحة لأجهزة الأمن ولأفرادها والقيود المفروضة علي صلاحياتهم.
4- أن يوفر هذا الإطار القاعدة اللازمة لإجراء المساءلة، حيث أنه يضع حداً فاصلاً واضحاً بين السلوك القانوني والسلوك غير القانوني.
5- أن يعزز هذا الإطار الثقة العامة ويرسخ شرعية الحكومة وقوي الأمن التابعة لها في نظر المواطنين ( ).

وجدير بالذكر أن نتكلم - قبل أن ننطلق في عملية البحث- عن مكونات المؤسسة الأمنية في مصر والتي تتشكل من ثلاثة مؤسسات وهي: "الجيش، ووزارة الداخلية، والمخابرات العامة". وسوف تتناول الورقة "وزارة الداخلية" أو "الشرطة المصرية" ذلك الجهاز المسؤل بطريقة مباشرة عن الأمن في البلاد، والذي تفجرت الثورة في يوم عيد الشرطة، وهو أمر له رمزيته ودلالته.

ولنا أن نتساءل لماذا نقوم بعملية إصلاح المؤسسة الأمنية، ويمكن تلخيص الإجابة في عدد من الأسباب كالتالي:
1- التلائم مع التغيرات الواقعة علي المستويين الداخلي والدولي.
2- الرفع من مشروعية الحكومة وقوات الأمن التابعة لها.
3- تفادي تكرار الخروقات السابقة لحقوق الانسان علي يد قوات الأمن.
4- ضمان الاستعمال الفعال للمال العام ( ).
5- بروز عدد من الأصوات المطالبة بالإصلاح الأمني.
6- التمازج والخلط – لدى الشرطة - في ظل النظام السابق بين حماية رأس النظام السياسي وحماية المجتمع.
7- زيادة معدلات الفساد في جهاز الشرطة والقيادات التي كانت تدير هذا الجهاز( ).
8- وقوع ضحايا نتيجة المواجهات بين الشرطة والشعب إبان وبعد ثورة 25 يناير 2011، فمثلا: جاءت الخسائر البشرية لوزارة الداخلية في مقتل ما يقرب من 81 شخصاً وإصابة 2729 آخرين من أفراد هيئة الشرطة خلال أحداث عام 2011 وحده، فضلا عن الخسائر المادية والتي تمثلت في تدمير وحرق وسرقة حوالي 95 قسم شرطة، وإتلاف 4000 سيارة شرطة وهروب27000 مسجون ومحكوم عليه، فضلا عن الخسائر الاقتصادية والزراعية والصناعية والسياحية( )، وهذا بالاضافة الى مئات الارواح من المدنيين الثائرين التى وآلاف المصابين من الجانبين.
ولما كان تطور النظام التشريعي الشرطي في مصر يسير بقوانين قديمة تعود الي الأعوام (1955 – 1964 – 1971) ألحق بها تعديلات في شأن تنظيم هيئة الشرطة، ثم جاء الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011 في مادته الخامسة والخمسين التي تعرضت بطريقة سريعة ومقتضبة وغير محددة للشرطة وذكر أنها "هيئة مدنية نظامية، تؤدى واجبها في خدمة الشعب وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن وتسهر على حفظ النظام والأمن العام والآداب وفقاً للقانون"، وقبل ذلك في 24 مارس أصدر وزير الداخلية قراراته بتعديل قانون الشرطة وتعديل القانون 109 لسنة 1971 الخاص بهيئة الشرطة( ). ثم في 22 أكتوبر 2011 أصدرت وزارة الداخلية "مدونة قواعد سلوك وأخلاقيات العمل الشرطي"( )، تناولت رسالة، وأهداف، وواجبات وحقوق العمل الشرطي المصري.
تعد الوظيفة الشرطية من تلك الوظائف التي ينظمها القانون وينص عليها صراحة، نظراً لأن رجل الشرطة هو المكلف بإنفاذ القانون فيمارس أعمال من قبيل التحري والقبض علي المجرمين، واستخدام الأدوات القمعية في جبر الآخرين علي الانصياع متي ما استلزم الأمر ذلك بضوابط محددة. وليس شرطا في بعض الدول المتقدمة أن تكون هناك وزارة تقوم علي هذا الأمر، فمثلا في السويد يوجد "21 جهازاً من أجهزة الشرطة المستقلة التي تحكمها مؤسسة الشرطة القومية، وهي تعمل بمجموعها تحت إشراف وزارة العدل، ويحدد قانون الشرطة السويدي (رقم 387 لسنة 1984) تنظيم أجهزة الشرطة علي المستوي الوطني وعلي مستوي المقاطعات، كما ينص هذا القانون علي مهام الشرطة وصلاحياتها"( ). كما ينص قانون الشرطة في جنوب أفريقيا (رقم 68 لسنة 1995) علي "إنشاء جهاز شرطة جنوب أفريقي بما يتوافق مع المعايير المجتمعية والديمقراطية السائدة"( ). وفي فرنسا نص قانون الأخلاقيات الشرطية علي أن " تعمل الشرطة الوطنية على تأدية مهامها وهي تراعي حقوق الإنسان والمواطن والدستور والأعراف الدولية والقوانين"( ).
ويجدر الحديث عن أنواع من الفلسفات التي تخص العمل الشرطي مما ينعكس علي فلسفة القانون والفلسفة الحكومية لإدارة الجهاز الأمني، ويمكن تلخيص كل ذلك في الجدول التالي:

تصنيف فلسفات العمل الشرطي
فلسفة العمل الشرطي أبرز ملامحها نتائجها ووضع القانون فيها
العمل الشرطي وقت الأزمة  عمل شرطي قمعي متواصل.
 ينشغل أفراده بالنظام والسيطرة.
 يظهر في البلدان التي تمر بالمراحل الانتقالية.
 يحافظ علي استمرار النظام.
 يتجاهل حقوق الانسان.
 تغيب فيه المساءلة.  تركز قوانين الشرطة في هذه الحالة علي اكتشاف الجرائم والسيطرة علي النظام العام علي حساب مساعدة الجمهور ومنع وقوع الجرائم.
 تتجلي المباديء العسكرية فيه بدلا من المدنية.
 يتم خرق القانون وانتهاك حقوق الانسان.
العمل الشرطي السلطوي  ينحاز للنظم السلطوية المركزية.
 ربما يكتب له البقاء بعد الانتقال للديمقراطية.
 تتولى الشرطة أو الحكومة تحديد أولويات العمل الشرطي دون اعتبار لحاجات الجمهور وتفضيلاتهم.
 يتصرف أفراد الشرطة من طرف واحد.
 يتم التركيز فيه للسيطرة علي السكان، لا علي إيجاد شراكة معهم.
 يحدد السياسيون لا الفنيون أولويات العمل الشرطي.
 العمل الشرطي يكون غير مستقل.  تعد مفاهيم حقوق الإنسان عبئاً إضافياً يفرض الحدود على الشرطة.
 توجد بعض الترتيبات الشكلية القانونية الرسمية إرضاءً للضغوط الدولية.
 لا توجد أي آثار في الواقع لحقوق الانسان.
 أبعد ما يكون عن التجاوب مع الجمهور.
 انعدام الاتصال بين الشرطة والجمهور.
 انعدام المعلومات الصحيحة.
 غياب المساءلة القانونية.
العمل الشرطي المجتمعي  يعتمد علي الجهد التعاوني بين الشرطة والمجتمع المحلي.
 يشرك عناصر المجتمع المحلي في البحث عن حلول للمشكلات.
 يساهم في تقليل الخوف من الجريمة.
 يناقش أولويات المجتمع المحلي.
 يحشد الجمهور للمساعدة.
 صياغة شراكة استراتيجية بين الشرطة والجمهور.
 الحصول علي المدخلات الجماهيرية وتعاون الجمهور من أجل منع وقوع الجرائم وتحسين خدمات الشرطة.
 تعليم الجمهور أساليب منع وقوع الجرائم.
 رفع مستوي التعليم للشرطة.
 نقل تكليف بعض المهمات الإدارية من أفراد الشرطة الي أفراد مدنيين.  يسود فيه القانون.
 إقامة نقاط للشرطة داخل المباني.
 فيه دوريات سائرة علي الاقدام.
 يركز علي منع وقوع الجرائم لا علي الكشف عنها.
 يتصدي للمشكلات لا لأعراضها.
 يتحمل فيه الأفراد المسؤولية 24 ساعة.
 تعزز الشرطة من الرفاهية الشاملة للمجتمع المحلي والمستوي المعيشي الجيد للسكان.
 العمل باللامركزية في هياكل القيادة وصنع القرارات بما في ذلك قرارات الإنفاق.
 بناء الشراكات مع جميع الأطراف من أجل حل المشكلات.

ومن الضرورى أن تتجه الجهود الحكومية والمجتمعية للعمل على تأسيس جهاز شرطى تؤسس فلسفة عمله انطلاقا من النمط الثالث "العمل الشرطى المجتمعى".
خطوات إصلاح التنظيم القانوني لجهاز الشرطة:
تعد عملية الاصلاح عملية مستمرة وشاملة، ويأتي الإصلاح التشريعي الأمني كجزء ضمن حملة أوسع من أجل الإصلاح الديمقراطي، كما أن الاصلاح الأمني سوف يساهم في إضفاء الشرعية علي النظام السياسي المصري الوليد. ولا نبالغ إذا قلنا إنه دون تطوير جهاز الشرطة وتحديث التشريعات التي تحكمه فإن عمله يصبح علي المحك، ويشمل المنظور الأوسع للإصلاح أيضا" جهاز القضاء والمؤسسات القضائية ومؤسسات تطبيق القانون والسجون والإصلاحيات، وضرورة وجود إرادة سياسية واستراتيجية واضحة للتعامل مع أفراد الشرطة الذين تورطوا في انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي.

أ‌- وضع قانون جديد للشرطة( ): حيث من الهام في هذه المرحلة الجديدة من مراحل مصر أن نسعي الي تبني رؤية جديدة؛ تؤسس لصيغة تشريعية ترسخ مفاهيم حقوق الإنسان والمساءلة والمحاسبة والرشادة، وتشدد علي المعايير والشروط المهنية لأعضاء الأجهزة الأمنية بمختلف أنواعها، وتشمل كذلك:
- النص في قانون الشرطة علي أنها "هيئة مدنية نظامية مسلحة التسليح اللازم لمقاومة الجريمة، تحترم حقوق الإنسان وتدافع عنها وفق المعايير العالمية". وأن يعاد صياغة حلف اليمين في قانون الشرطة ليشمل الوطن والمواطن بحيث يكون "أقسم بالله العظيم، أن أحافظ على النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأرعى سلامة الوطن والمواطن، وأؤدي واجبي بالذمة والصدق".
- تعريف محدد وواضح لمصطلح "الإرهاب" والمنوط بجهاز الأمن الوطني التصدي له. كما نقترح تشريع يؤصل لحرية تداول المعلومات على أن يتولى قسم الإعلام والعلاقات العامة بوزارة الداخلية دوره في تنظيم كيفية الحصول السهل على المعلومات في إطار القانون المحدد لذلك.
- ينص علي منع أي شكل من أشكال الإعتقال التعسفي، ومنع الأخذ بمضمون أي تحقيق دون التأكد من وجود إمضاء حقوقي علي مسودة التحقيق - في إطار حزمة كاملة من التشريعات الضامنة لحقوق المواطن- أثناء الإستدعاء أو التحقيق أو القبض أو الإدانة.
- تعديلاً لتعريف "التعذيب" فى القانون، بحيث يتسع هذا التعريف ليشمل المزيد من أشكال الإيذاء البدنى أو النفسى المتعمد للمحتجزين وغير المحتجزين، وبحيث يكون متسقاً مع تعريف التعذيب فى القوانين والمعاهدات الدولية.
- تشمل إجراء تعديلات واسعة النطاق فى الباب الثانى من الكتاب الثانى من قانون العقوبات المتعلق ب "الجنايات والجنح المضرة بالحكومة من جهة الداخل" ، وكافة المواد الأخرى بقانون العقوبات التى تتعلق بنفس المضمون، وذلك لأن تلك النصوص التشريعية تحتوى على صياغات مطاطة ومصطلحات تجريمية مبهمة تؤدى إلى تكريس إطار عقابى واسع، يسمح بخلق مناخ من الترويع، ويتيح لجهاز الأمن الوطنى الاستقواء فى مواجهة المواطنين بسلطات واسعة تغرى على إساءة استعمالها"( ).
- أن ينص قانون الشرطة الجديد علي تعيين نائب لوزير الداخلية لتمثيل المجتمع المدني بترشيح منها يكون له سلطة التفتيش والرقابة والاضطلاع علي المستندات والمحاضر والأوراق داخل أقسام الشرطة، وكتابة التقارير وعرضها علي مجلس الشعب مباشرة للبت فيها.
- نتفق مع التعديلات التي أجريت علي أحكام القانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن تنظيم هيئة الشرطة والذي وافق عليه مجلس الشعب( ) بتاريخ 4-6-2012. وتضمن تعديلات كان أبرز ملامحها تقليص صلاحية المجلس الأعلى للشرطة فيما يتعلق بحق تأديب الضباط، ومنح هذا الحق لوزير الداخلية مع اعتبار رأى المجلس "استشارياً"( )، كما نص علي "تنظيم الشؤون الوظيفية للضباط والأفراد وقواعد تعيينهم وتنقلاتهم وترقياتهم وقواعد التأديب والإجازات والإعارات والانتدابات، بالإضافة لجداول المرتبات للاستفادة من العنصر البشري داخل وزارة الداخلية في دعم السياسات الأمنية وتحسين الأوضاع الوظيفية لأفراد الشرطة وأبرزها استحداث فئة جديدة ضمن أعضاء هيئة الشرطة هي فئة "ضباط الشرف"، التي يترقى فيها أمين الشرطة إلى "ضابط شرف"( )، وتمثل هذه التعديلات استجابة للحد الأدني من المطالب والمقترحات.
ب‌- حسم جدل الصفة المدنية( ) أو العسكرية أو شبه العسكرية بجهاز الشرطة في الدستور المصري( ): حيث سيترتب علي كل صفة منها مجموعة من الأمور الهامة، فإذا كان مدنيا علي سبيل المثال فلا يحق له حمل السلاح أو استخدامه إلا في ظروف ضيقة وبأوامر مكتوبة وليست شفهية، كما أن الطلبة لا يحتاجون فيه الي الانعزال في كنتونات لتدريبهم علي أمور عسكرية أو نظامية حادة، بل يكتفي فيه مثلا بالتدريب لمدة ستة أو تسعة أشهر، والغالب أن الأفضل "الحفاظ على الطبيعة المدنية لجهاز الشرطة؛ واستئصال أى صبغة عسكرية أو شبه عسكرية التصقت بهذا الجهاز؛ فأدت إلى انفصاله عن المجتمع واستخدامه كأداة فى يد نظام فاسد لترويع المواطنين"( )، وبالتالي" فالوضع الأمثل للشرطة هو ألا تكون ذات طابع عسكري بقدر الإمكان، فكلما زادت عسكرية الشرطة كلما قلت قدرتها علي الاستجابة لمتطلبات المجتمع كما أنها ستعاني من مصاعب في إقامة علاقات مع الجمهور، كما أن العسكرة تجعل الشرطة أكثر عنفا"( ).
و"في معظم البلدان تكون الشرطة مدنية في طبيعتها وأصلها، كما تكون تابعة لوزارة الداخلية أو العدل وليس لوزارة الدفاع، ويوجد في بعض البلاد، ومنها فرنسا وتركيا وشيلي نظام مزدوج حيث تنشأ قوات الدرك من الجيش (وأحيانا ما تندرج في السلم الوظيفي لوزارة الدفاع ولكنها تخضع لسلطة محلية مدنية) وتمارس عملها بعد الشرطة المدنية مباشرة"( ).
ت‌- النص في القانون علي إنشاء محاكم متخصصة: من الهام عند الحديث عن الإصلاح التشريعي والقانوني أن نذكر أهمية "التوسع فى فكرة المحاكم المتخصصة وإنشاء شرطة قضائية تتولى تنفيذ الاحكام مع أهمية النشر الفورى للأحكام التى تصدرها المحاكم من خلال صحيفة يومية تصدرها وزارة العدل وتكون متاحة للجمهور"( ).
ث‌- حقوق العاملين في الجهاز الشرطي: من الهام أن يكون هناك نص- في القانون الجديد المزمع تشريعه- واضح عن حقوق رجل الشرطة "أثناء الخدمة، والحق في مكان وظروف عمل آدمية بما فيها تحديد ساعات للعمل، والحق في الخصوصية، والحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات، والحق في عدم التعرض للتمييز، والحقوق الخاصة بالإجراءات التأديبية أو الجنائية"( ).
ج‌- تشكيل هيئة مستقلة من القضاء والنيابة لفحص الشكاوى المقدمة ضد وزارة الداخلية، ونقترح أن ترد هذه في قانون الشرطة الجديد.
ح‌- أن يحسم الدستور جدل مركزية ولامركزية جهاز الشرطة في مصر: "تقترن مركزية قيادة الشرطة في العادة بمركزية الإشراف. ففي النظام المركزي عادة ما يكون الشرطي مسؤلاً أمام رئيسه المباشر، ويتسلسل هذا صعوداً الي المستوي الاعلي (كبير المفوضين) الذي يكون مسؤلاً أمام الوزير أو المحافظ. أما في النظام اللامركزي فإن أفراد الشرطة المحليين عادةً ما يكونون مسئولين أمام العمدة ( أو غيره من المسئولين المنتخبين أو المعينين الذين يحاسبهم من هو أعلي منهم درجة وصولاً آخر الأمر الي الوزير). وبعبارة أخري فإن أفراد الشرطة في النظام المركزي يخضعون للمساءلة داخليا، بينما تخضع القيادة لمساءلة خارجية، أما في النظام اللامركزي فإن إدارة الشرطة المحلية تخضع لمساءلة خارجية أيضا"( ). ويري البعض مثل " المبادرة الوطنية لإعادة بناء الشرطة" ضرورة تنظيم جهاز الشرطة وفقاً لنظام غير مركزى( ) يسهل عملية التصدي للمشكلات الأمنية التي تختلف من محافظة لأخرى، لكن هذه القضية حساسة نوعاً ما وتحتاج الي نقاش مجتمعي واسع حتي يمكن التوصل فيها الي رأي توافقي.
خ‌- فيما يخص أجهزة السجون: من الهام التفكير في "نقل تبعيتها لوزارة العدل بدلا من وزارة الداخلية، فضلا عن إلزامها بالتعاطي الإنساني مع النزلاء ...بالإضافة إلى تحديد مواصفات السجون بالمطابقة للمعايير الدولية والإنسانية بنص دقيق ومفصل( ) وإعادة النظر في اللوائح المنظمة لعمل السجون. ويمثل التمويل المطلوب لتطوير قطاع السجون أحد المشكلات الرئيسية فيه للقضاء علي التكدس، والتغلب علي المشاكل النفسية والاجتماعية التي يعيشها المسجونين بعيداً عن إقامة أهليهم وذويهم.
د‌- تطبيق قانون العاملين المدنيين علي رجل الشرطة دون القانون العسكري، وبالتالي إلغاء القضاء العسكري المنوط به محاكمة أعضاء هيئة الشرطة.
ذ‌- تجريم استخدام السلطات للرصاص الحي لقتل المتظاهرين تحت زعم فض التظاهرات والاعتصامات إلا في حالات ينص عليها القانون وفق المعايير الدولية المنطبقة علي حالات التعامل مع المظاهرات والاضرابات العامة.
ر‌- مكافحة الشغب يكون باستخدام الأسلحة الغير مميتة التي صممت لشل حركة شخص ما ومنع إلحاق أي إصابات مميتة بالأشخاص، أو أضرار دائمة بالأشخاص أو المباني أو البيئة. وصممت هذه الأسلحة بهدف توسيع مدى الخيارات المتاحة للقادة الميدانيين لإتمام أهداف متعددة كتأجيل أو منع الأعمال العدائية، منع تصاعد الأحداث وخروجها عن السيطرة، حماية قوات الأمن، وتعطيل الأدوات والتكتيكات التي يستخدمها المشاغبون.

ويظل السؤال هل سيتم النص في الدستور الجديد - بشكل واضح- على مهنية هذه المؤسسة وحيادها، وإخضاعها للرقابة والمساءلة والقانون كبقية مؤسسات الدولة الأخرى، وتوضيح صلاحياتها وتقليص صلاحية وزيرها بحيث يكون ولاؤها للوطن لا لشخص الرئيس وحزبه ونظامه السياسي؟ وهل سيتم الفصل فيما إذا كانت هيئة مدنية بحته أو نظامية عسكرية بدلا من حالة تخبط الهوية التي تعيشها؟.
ثانيا: مسار الإصلاح الإداري والوظيفي.
تكاد تجمع مفاهيم الإصلاح الإدارى علي أن هدفها الأساسي توفير الأدوات التي تساهم في حل المعضلات القائمة، مع السعي نحو تحقيق أهداف المرحلة التاريخية التي تعيشيها أي دولة بكفاءة وفعالية. وبالتالي فإن عملية الإصلاح والتغيير والتحديث لابد أن تكون قاعدة في كل مؤسسات الدولة الراغبة في النهوض. إن أى برنامج للإصلاح الإداري فى المؤسسة الأمنية في مصر يجب أن يكون خاضعاً للتجربة والتقويم وتساهم فيه كل الأطراف الفاعلة سواء كانت حركات شبابية أو أحزاب سياسية أو سلطة تشريعية أو مجتمعاً مدنياً أو وسائل إعلام أو مواطنين عاديين، ولا تحتكره أو تخفيه المؤسسة الأمنية. فالوقت مُواتِ لعملية الإصلاح، كما أن السياقات الثورية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها مصر- الآن- تسمح بهذا وتنادي به.

جهود وزارة الداخلية للإصلاح منذ الثورة:
وقبل أن نبدأ الحديث عن الإصلاح الإداري والوظيفي للمؤسسة الأمنية سيعرض البحث لجهود وزارة الداخلية منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 والوقوف عند مجموعة من المحطات الهامة والتي سوف تتعلق بفهم أكبر بل وتوضح ضرورات الإصلاح الإداري والوظيفي لمؤسسة الأمن في مصر.

 في استطلاع للرأي صدر من مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في 25 يناير 2012م عن أسباب قيام الثورة رأي 82% أن قمع الشرطة كان أحد أهم أسباب قيام الثورة( ).
 في استطلاع قام به مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية( ) في شهر أغسطس 2011م حظي جهاز الشرطة بأدنى مستوى من رضاء المواطنين حيث توقف مستوي الرضاء عن الداخلية عند 43%.
 أوصي تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة لرئيس الوزراء السابق الفريق أحمد شفيق برئاسة المستشار عادل قورة عن أحداث الثورة 25 يناير بإعادة هيكلة الجهاز وتحديثه. كما أن تقرير لجنة تقصي الحقائق التابع للمجلس القومي لحقوق الانسان انتقد بقاء الوزير في السلطة من 1997م وحمله مسئولية الفوضي والقتل( ).
 صدر في 1 فبراير 2011 قرار وزير الداخلية بتغيير شعار الشرطة الذي يقول "الشعب والشرطة في خدمة الوطن" ليحل محله الشعار السابق: " الشرطة في خدمة الشعب"( ). وقد كان حريا بالوزارة وقادتها أن يبدأوا مرحلة جديدة في تاريخ مصر وتاريخ الوزارة تقتضي عمليات تطوير وإصلاح جذري إداري ووظيفي من الداخل.
 في مارس 2011 أكد وزير الداخلية الأسبق اللواء محمود وجدي أنه كان قد "أمر بالقيام بدراسة عاجلة لإعادة هيكلة جهاز أمن الدولة وتحديد اختصاصاته وأهدافه وآليات العمل بداخله، وفقا لما شهدته البلاد من متغيرات فى المرحلة الماضية، وأن إعادة هيكلة الجهاز تستهدف إحداث تغيير جذري في الأهداف والسياسات والاختصاصات بما يحقق المساهمة في تحقيق الأمن القومي للحفاظ على سلامة الشعب والتأكيد على ضمانات المساواة بين جميع المواطنين"( ). لكن لم يتغير شيء إلا بتحرك الجماهير نحو المقرات التي كانت رمزاً لقمعهم وقهرهم وسحقهم.
 في 15 مارس أصدر وزير الداخلية قرارًا بإلغاء جهاز مباحث أمن الدولة بكافة إداراته وفروعه ومكاتبه في جميع محافظات الجمهورية وأصدر قراراً بإنشاء جهاز أمني جديد تحت اسم "قطاع الأمن الوطني" يختص بالحفاظ على الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب. ولم نعرف حتي الآن اختصاصاته سوي هاتين الجملتين، لكن الكثيرين يؤكدون علي أن التغيير لم يطل سوى الإسم وحسب( ).
 في 24 مارس 2011 أصدر وزير الداخلية قراراته بتعديل قانون الشرطة وتعديل القانون 109 لسنة 1971 الخاص بهيئة الشرطة( ).
 في 22 أكتوبر 2011 أصدرت وزارة الداخلية "مدونة قواعد سلوك وأخلاقيات العمل الشرطي"( ). تناولت رسالة، وأهداف، وواجبات وحقوق العمل الشرطي المصري. وأكد المقدم أحمد دسوقى مدير إدارة الاتصال مع منظمات المجتمع المدنى والإعلام "أن عقيدة وزارة الداخلية اختلفت بعد الثورة، وأن هناك جهوداً مبذولة من أجل إصلاح وزارة الداخلية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، الى جانب وجود أهمية فى التعاون المشترك والتواصل الإيجابى بين إدارة الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، وأضاف أن فكرة إعداد مدونة قواعد سلوك وأخلاقيات للشرطة جيدة، وجاءت تأكيدا على توجهات الوزارة نحو الإصلاح والتطوير"( ).
 في 20 فبراير 2012م أكد اللواء محمد ابراهيم وزير الداخلية أنه تم تشكيل لجنة شرطية من داخل وزارة الداخلية برئاسة مساعد أول الوزير رئيس المجلس الأعلى للشرطة، لإعداد مشروع هيكلة الوزارة بما يتلاءم مع دور الرسالة الأمنية الحالية، أما ما نشر فى وسائل الإعلام عن وجود دراسات لإعادة الهيكلة تمت خارج الوزارة، فقد أكد أنه لا علم له بها على الإطلاق، وأشار أنه لا توجد أى قوائم تم إرسالها بأسماء ضباط أو غيره، وأن الإجراءات الأمنية فيما يخص إعادة الهيكلة تجرى حاليًا من داخل اللجنة الشرطية المشكلة لذلك( ).
 في 6 مارس 2012 أكد اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية أن الوزارة ستستغني عن تنظيم الحج والإشراف علي الانتخابات، وأنه تم تشكيل لجنة لهيكلة وزارة الداخلية( ).

ورغم الجهود الأمنية لوزارة الداخلية -فيما بعد الثورة – مما تعلنه الإدارة العامة للإعلام والعلاقات إلا أن بعض الأمور لا تزال علي علاتها، ولا تزال التظاهرات بين العاملين في المؤسسة قائمة، ولا يزال المراقبون يرون أنه لم يتغير شيء فيها( )، ولاتزال المؤسسة الأمنية أشبه بالصندوق المغلق الذي لا نعرف مما يتكون؟ وكيف تعمل وحداته الداخلية؟ ومن يتبع من؟ ومن يُصدر الأوامر لمن؟ وما اختصاصات كل وحدة أو إدارة؟ لذا فسوف تتناول الورقة أبرز النقاط الهامة في الإصلاح الاداري والوظيفي للمؤسسة الأمنية.

إن أهم الاقتراحات الهادفة للتطوير والإصلاح الإداري والوظيفي في عمل الجهاز الأمني يتمثل فى الآتى:-
 تطوير منصب وزير الداخلية: وهنا ليس شرطاً أن يكون رجلاً عسكريا شرطياً، بل يمكن أن يكون مدنيا، وقد شهد التاريخ بهذا فقبل (انقلاب/ ثورة 1952) تولى سعد باشا زغلول منصب وزير الداخلية الى جانب رئاسته للوزارة المصرية عام 1924، كما أن المفكر والكاتب والمحامى الشهير أحمد لطفى السيد تربع على كرسى وزير الداخلية بل "إن منصب وزير الداخلية مثل غيره من مناصب الدولة ووزراتها ولسنوات تولاه وزراء من أصول غير مصرية وليسوا من خريجى مدرسة البوليس ولم يتدرجوا فى المناصب الأمنية ( ). بالإضافة الي تقليص صلاحيات الوزير وهيمنته علي المؤسسة، وتحديد – وبدقة- صلاحيات ومسؤوليات الوزير، وضرورة الفصل بين عمله السياسي والعمل المهني الشرطي المتخصص.

 إصلاح المجلس الأعلي للشرطة أو الغاءه: ويكون هذا بالآتي:
أ‌- إلغاء تبعية المجلس الأعلي للشرطة لرئيس الجمهورية، وهناك مقترحات بنقل تبعيته الى مجلس رئاسة الوزراء، وأخرى بالعمل على جعله هيئة مستقلة.
ب‌- تغيير عملية تشكيل المجلس بالاختيار من وزير الداخلية، وأن تكون هناك معايير واضحة ومحددة في انتقاء عضوية المجلس الأعلي للشرطة كحصوله علي درجة علمية لا تقل عن الدكتوراه مثلا مع الأقدمية في عمله، وأن يكون مشهوداً له بالنزاهة ونظافة اليد.
ت‌- تنوع عضوية المجلس الأعلي من إدارات شتي سواء من الأمن العام أو إدارات البحث الجنائي أو المرور أو قطاع الشئون القانونية أو مصلحة السجون و..الخ، بحيث يكون هناك توازن في الاختيار، فضلا عن وجود عناصر من خارج الشرطة كبعض القضاة.
ث‌- أن تكون هناك عناصر شابة في تشكيلة المجلس تبدأ برتب: رائد، ومقدم، وعقيد، ولا يقتصر الأمر علي اللواءات وحسب.
ج‌- "أن يخول بالسلطة اللازمة لممارسة درجة ما من الاستقلال الذاتي في العمل تتيح له أن يحدد – في الإطار القانوني وإطار ميزانية للشرطة – وجوه تخصيص الموارد وأسلوب التعامل مع حالات خرق القانون والنظام، وبذلك يتم الفصل بين ممثل الحكومة (الوزير) الذي يتولى المسؤولية عن إعداد السياسات العامة ومراقبة تنفيذها ومراجعتها، وبين قيادة الشرطة التي تمارس صلاحيتها ورقابتها على إدارة العمليات التي تنفذها. بمعنى أنه ليس من حق الحكومة (وزير الداخلية، سواء كان مدنيا من خارج الشرطة أو من الشرطة) أن تصدر إلى الشرطة توجيهات بشأن أسلوب تنفيذ عملية ما (كالقبض على شخص ما، أو فض مظاهرة معينة، أو منع اجتماع محدد، أو نقل ضابط) بل يترك تقرير ذلك لمجلس الشرطة الذي يتخذ قراره المهني وفقا لما يقرره القانون وبغرض المصلحة العامة، وتقتصر توجيهات الوزير على السياسة العامة للشرطة من قبيل إعداد الخطط السنوية؛ ووضع معايير ومؤشرات قياس الأداء؛ والمعايير والقواعد العامة الترقي والتنقلات؛ والميزانية وتوفير الموارد المادية والبشرية، مع الاحتفاظ بحقه في التدقيق في صحة الإجراءات التي تنفذها الشرطة"( ).أي الفصل التام بين العمل الفني المهني المستقل للمجلس الأعلي للشرطة وبين العمل السياسي للوزير بحيث لا يؤثر الوزير أيا كان شخصه علي السياسات الأمنية المتفق عليها من المجلس الأعلي للشرطة.

 تقليص حجم المؤسسة الأمنية بما يخدم عملها: تقوم وزارة الداخلية المصرية علي هيكل تنظيمي ضخم، ومُترهل، ومعقد بحيث يصعب تفهم سير تقسيم العمل أفقيا أو عموديا، فضلا عن غياب الرغبة في قياس فاعلية الهيكل التنظيمي الموجود، واقتصار التغيير - حتي الآن- في مسمى قطاع الأمن الوطني بدلاً من قطاع أمن الدولة المنحل. (انظر مرفق الهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية ص 32). فتصميم الهيكل التنظيمي لأي مؤسسة يعبر عن الجانب الإداري فيها والذي من خلاله تحقق المؤسسة غاياتها، والغايات في اختلاف وتطوير وتغيير مستمر، فما بالنا بثورة حدثت في يوم عيد الشرطة ولا يزال سؤال التغيير قائماً.

 فصل عدد من الإدارات ليست الداخلية صاحبة اختصاص أصيل فيها: حيث "يتميز تاريخ وزارة الداخلية منذ نشأتها (بإسم "نظارة الداخلية") سنة 1878 بأنه – مع تطور المجتمع والدولة وتعقدهما – يتوالى خروج وظائف ومهام كانت تتولاها إدارات داخل الوزارة. وعلى سبيل المثال: فإن وزارة الصحة خرجت من رحم وزارة الداخلية، التى كانت تضم فى بداية نشأتها "مصلحة الصحة العمومية"، كما أن كل مؤسسات الحكم المحلى، بما فيها وزارة التنمية المحلية ومناصب المحافظين... إلخ... أصلها "إدارة البلديات والأقاليم" بوزارة الداخلية، وغيرها الكثير. وبناءً عليه، وفى إطار هذا التطور الطبيعى للمجتمع والدولة المصرية، فنحن نرى أن هناك العديد من المهام والوظائف التى حان الوقت لخروجها من رحم وزارة الداخلية إلى وزارات أخرى أو لتصبح هيئات مستقلة ( )". لكن البعض يري العكس وهو البدء -فوراً- بضبط عمل الوزارات الأخري وتحسينه حتي تكون مهيئة لممارسة هذه الأعمال حيث أن الانحراف والفساد الذي عم الجهاز الاداري للدولة جعل اللجوء الي الشرطة أيسر لضمان الجدية والانضباط، وهناك اقتراح ثان بمنح سلطة الضبطية القضائية للعاملين في هذه الوزارات بحيث تتيح لهم أداء عملهم، وفي ذات الوقت تقليص دور أجهزة الشرطة في هذه الوزارات تدريجياً حتي لايحدث خلل بها، والاكتفاء بضابط يعمل ك"ضباط اتصال" تحسباً لأي مكروه، علي أن يقوم رجال الضبطية القضائية بهذه الجهات بأداء عملهم في حراسة أجهزة الامن التي يقدرها ضابط اتصال الشرطة بهذه الجهات، فيما يري البعض الثالث الإبقاء علي الوضع – الحالي- لأنه جزء من مشاركة الشرطة في أعمال المجتمع. ويمكن إيضاح الإدارات في الجدول التالي:
الإدارة التي يمكن إلغاؤها من جهاز الشرطة الوزارة صاحبة الاختصاص الأصيل
تصاريح العمل وزارة القوى العاملة.
المصنفات الفنية والمطبوعات وزارة الثقافة.
شئون الحج الأوقاف والسياحة.
التموين والتجارة الداخلية وزارة التضامن.
التهرب الضريبى والرسوم وزارة المالية (مكافحة التهرب).
المسطحات المائية وزارة البيئة.
القضاء العسكري والمجالس التأديبية وزارة العدل
السجون والزنازين الشرطية التي لا تخضع لرقابة القضاء والنيابة.
شرطة المجتمعات العمرانية الجديدة وزارة الإسكان.
شرطة رئاسة الجمهورية وشرطة مجلس الشعب والشورى إدارات عامة لخدمة البوابات يكتفى بخدمات الأمن العام فى المنطقة.
الهجرة والجوازات والجنسية وزارة الخارجية
الادارة العامة للانتخابات هيئة قومية مستقلة أو وزارة العدل
 إستقلال جهاز الأمن الوطني عن وزارة الداخلية وخضوعه لرقابة القضاء والمجالس النيابية، أو ضمه الي جهاز المخابرات ليكون جهازاً "معلوماتياً" و"تحليلياً" بحتاً، فضلا عن تحديد صلاحياته وسلطاته بطريقة واضحة ومحددة.

 اعتماد معايير جديدة في الوزارة للترقي والتصعيد بخلاف معايير الأقدمية وطاعة الأوامر وسلامة التقارير السرية وغيرها من المعايير الموجودة الآن. وتغيير الوضع القائم الذي يتيح للقيادات العليا تجديد خدمة الضباط بعد رتبة المقدم سنويا مما جعل هذه القيادات الوسطى تسترضي قياداتها للحصول علي المد، لذا لابد من وضع معايير واضحة ودقيقة ومنضبطة للترقي والتصعيد تشمل مثلا تقييم الأداء الوظيفي( ) داخل العمل الشرطي وعدم ترك المسألة للتقديرات الشخصية( ). كما تشمل هذه المعايير تعيينات مساعدو أول ومساعدو وزير الداخلية ورؤساء القطاعات ونوابهم ورؤساء المصالح والإدارات العامة وليس بقرار من رئيس الجمهورية كما هو المعمول به حتي الآن( ).

 تفعيل قطاع التدريب وقطاع الأفراد في وزارة الداخلية: وتغذيته بالمتخصصين في إدارة الموارد البشرية وتأسيس سياسة جديدة للتدريب والتأهيل للخدمة الشرطية، وإعادة النظر في وسائل التأهيل الحالية، بحيث يصبح الشرطي "مهنياً" فعلياً، ولن يتأتي هذا إلا عن طريق الدورات المتخصصة والمستمرة والمكثفة.

 تفعيل النادي العام لضباط الشرطة بحيث يكون له دور تنموى وتطويرى وخدمى للعاملين في الجهاز، وأن يكون مجلس إدارته بالإنتخاب الحر المباشر من بين أعضاءه.

 تغيير عملية تلقي البلاغات والشكاوي والمقترحات في الوزارة بالكامل: أن يكون هناك برنامج يسمي ب" Seible"، أو "Saap" أو غيرها من البرامج المعروفة لدي أصحاب التقنية الإلكترونية، هذا البرنامج يوفر وقتاً وجهداً ويمكن من خلاله متابعة الشكاوي منذ الإبلاغ عنها، ومن ثم سيرها والرد عليها إلكترونيا فور وصولها. بالإضافة الي نوعية خاصة من التليفونات التي تخصص للنجدة مثل التي تسمي ب " Symposiem"، وتكون مسجلة ومراقبة. ويكون لها مجموعة من العاملين المهرة علي التعامل مع الجمهور، ويمكن الاستفادة من خبرة شركات المحمول في هذا الصدد. بحيث تتركز المنظومة الأمنية في خدمة عملائها.

 تحديث أقسام الشرطة: هناك عددمن الأفكار بخصوص تطوير أقسام الشرطة منها مثلا:

- دهان الأقسام بألوان مميزة ومختلفة عن حالتها الحالية مع ترميم ما تم استهدافه.
- تعين خريجي كلية الحقوق للعمل فيها بعد تدريبهم لمدة 6 شهور.
- وجود ممثل عن جمعيات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني.
- وجود كاميرات مراقبة داخل القسم ومرتبطة بغرفة عمليات في المديرية يكون مسئولاً عنها أحد العاملين في منظمات حقوق الإنسان.
- تعليق مدونة سلوك العمل الشرطي مع مجموعة من حقوق المواطن والشرطة وواجباتهم بأقسام الشرطة.
- تحديث الأقسام تكنولوجيا وفنياً.
- للمقبوض عليهم: توفير حق الإتصال بأهله وحضور محامي عنه، ومعرفة مكان وعنوان القسم والحبس وأسلوب التعامل معه.
- الرد علي استفسارات الجمهور وحسن الاستقبال وسرعة تسهيل الإجراءات.
- قيام كل قسم بتأسيس قواعد بيانات للمواطنين في محيطه، وربط الأقسام بعضهم ببعض إلكترونيا بحيث يسهل عملية الوصول الي أيه معلومات حال الرغبة فيها.

 الشفافية ونشر التقارير الأمنية: مما يتيح عملية تداول المعلومات لزيادة الوعي لدي الجمهور، حيث أن الإمعان في السرية والتخفي ربما يحمل في طياته المزيد من التستر علي حالات الفساد أو الاختلاس أو الانتهاك لحقوق الإنسان.

 التحديث التكنولوجي والإلكتروني للمؤسسة: منها علي سبيل المثال وضع مؤشرات ومقاييس أمنية علمية، وكذلك تجهيز كافة السيارات الشرطية بجهاز الجى بى اس لتحديد مواقعها، وتحديث الموقع الالكتروني وزيادة الخدمات التي يقدمها، وتطوير إدارة المرور سواء في عملياتها أو أساليب عملها وخدماتها، وكذلك إدارة الأدلة والبحث الجنائي بالمديريات، وعمل خط ساخن للتبليغ عن مشاكل الطرق والإختناقات المروريه والحوادث سيساعد في سرعة حل هذه المشكلات اليومية مما يزيد من السيولة المرورية ويحفظ الأموال والأرواح ويبني الثقة والتواصل بين الشرطة والمواطن، فضلا علي إدخال وسائل فنية حديثة في كل ربوع الوزارة.

 إعادة توزيع أجور العاملين في الشرطة: بحيث يكون هناك حدان أعلي وأدني للأجور داخل المؤسسة، ولا يكون هناك تمييز بين من يعمل في جهات معينة أو مناطق جغرافية أو في مبني الوزارة عن غيره من زملائه ودفعته ورتبته، بالإضافة الي تخصيص زيادة في الرواتب بما يتناسب مع الوقت الاضافى الذى يقضيه الضابط فى عمله وحتى لا يضطر الضباط لأخذ الرشاوى أو غير ذلك. كما لابد من تبنى رؤية شاملة عند زيادة الاجور بألا يكون فئة دون أخرى، ولذا من الضرورى مراجعة آثار زيادة رواتب ضباط الصف وفق التعديل الاخير لقانون الشرطة لما قد يثيره من تحفظات بين فئات الضباط، فالمراجعة لهياكل الاجور لابد ان تكون كلية ومترابطة وعادلة وليست جزئية وتميز طرف دون آخر.

 تطوير أكاديمية الشرطة ومناهجها: فيما يخص المناهج ينبغي العمل علي أن تتضمن مواثيق حقوق الانسان بشكل إجباري داخل مناهج الدراسة الخاصة بأكاديمية الشرطة ومواد إدارة الأزمات وعلم الاجتماع والنفس والفلسفة الأخلاقية والجمالية واللغات، كما يجب التدقيق في عملية الإلتحاق بالأكاديمية بحيث تكون هناك معايير للفرز والاختيار واضحة بعيداً عن الحصص الرئاسية أو البرلمانية أو حصص الوزير سابقاً. ويقترح البعض التخصص الدقيق من السنة الثالثة في الكلية فدراسة ضباط المرور تختلف عن دراسة ضباط النجده، تختلف عن مناهج ضاط المباحث..وهكذا. كما ينبغي تبادل الخبرات الأكاديمية والعلمية مع العالم وإتاحة فرصة أكبر لمحاضرين دوليين للحضور لأكاديمية الشرطة المصرية وإلقاء المحاضرات على الطلبة والعكس.

 إمداد الشرطة بمجندين من القوات المسلحة من حملة المؤهلات المتوسطة للخدمة بالعمل الشرطي وأن يتم هذا بصفة متدرجة ومنتظمة حتي يتم تغطية كافة الاحتياجات علي أن تخصص هذه القوات في ثلاثة مجالات فقط هي:
أ‌- مكافحة الشغب في إطار قانون التظاهر والاعتصام حيث يتم تدريب هؤلاء المجندين تدريبا راقيا وعاليا علي مكافحة الشغب في إطار مراعاة كاملة لحقوق الإنسان علي أن يستعان في ذلك بأرقي النظم البوليسية المعمول بها في مكافحة الشغب ويكون لهم ملابس مميزة كما تكون هذه القوات مسئولة عن تأمين أي تجمعات سلمية في المظاهرات.
ب‌- تأمين الطرق السريعة في كافة أنحاء البلاد باستخدام مركبات مميزة ومدرعات لحماية الأفراد وتحقيق الردع العام مع الربط الكامل بينها وعمل إدارة خاصة بهذه الطرق، ولا مانع من استخدام القوات في هذه المهمة القومية في المناطق الوعرة والحدودية والخطرة مع التنسيق الكامل بين الدوريات الطائرة والدوريات الراكبة.
ت‌- دعم الحملات الأمنية ومواجهة البؤر الإجرامية والحديثة: إن هذه المحاور الثلاثة سوف تساهم مساهمة فعالة في تحقيق الأمن العصري بصيغة مميزة، وذلك لتحقيق الأمن في الطرق ومواجهة الشغب وكذا دعماً للحملات الأمنية، ومن الممكن إعطاء هؤلاء المجندين شهادات تمكنهم من العمل في شركات الأمن الخاصة.

 إنشاء الشرطة الشعبية: وهي علي غرار الدفاع الشعبي بالقوات المسلحة وتتكون من فئات عمرية مختلفة علي النحو الآتي:
أولا- الشباب: بحيث يتم تشكيل مجموعات عمل تطوعية من الشباب في الأحياء ويتم تدريبها علي مساعدة المواطنين في الأزمات مثل أعمال الإطفاء والإنقاذ وتنظيم المرور والإبلاغ عن الجرائم ومساعدة الشرطة علي أداء دورها علي أكمل وجه والوصول الي المجرمين في أوكارهم من خلال دورات تدريبية تطوعية بسيطة علي هذه الأعمال.
ثانيا- كبار السن: ممن تقاعدوا ولهم خبرة ومنهم من يكون قيادة طبيعية في مكان إقامته من الممكن أن يساعدوا في حل المشكلات البسيطة التي تنشأ بين أهالي المنطقة الواحدة وذلك من خلال لجان مصالحات للتخفيف عن كاهل الشرطة والقضاء وخلق حالة من الرضاء العام في المجتمع علي أن تسجل أعمالهم ويتم متابعتها مع الأقسام.
ويري البعض فشل هذه الفكرة خاصة أنها تعني إنشاء "مليشيات موازية" وستؤدى الي الفساد والرشوى كما حدث في دول الإتحاد السوفيتي السابق، وبالتالي لابد من الفصل بين محاولة ترشيد العمل الشرطي باستخدام المتطوعين وبين تقنين ما يعرف بالدولة البوليسية، فبدلاً من استغلال فقر وضعف المواطن والضغط عليه ليصبح "مخبر" فإننا نفتح له باباً قانونياً ليصبح "مخبراً" ويسيء إستخدام ما أوتي من سلطه في حيه وتسيئ المؤسسة استخدامه. لا نرفض مبدأ فتح باب التطوع، ولكن نشترط أن يتم تنظيم العملية برمتها بإجراءات واضحة يتحمل بها المتطوع والوزارة المسؤولية الكاملة، إجراءات تمنع نشوء نوع جديد من أنواع الضبطية القضائية وتهتم بتدريب المتطوعين وتقوم على أساس انتماء كل المتطوعين بشكل رسمي وواضح للعيان لمؤسسة الشرطة بمهام واضحة ومسؤوليات محددة لا يستطيع المتطوع تجاوزها على أن تكون في إطار قانوني واضح.
لكن يري البعض إمكانية الاستعاضة عن ذلك بتعزيز الخدمة المجتمعية أو الخدمة العسكرية للمواطنين ويُجرم من لم يؤديها.

 استحداث وظيفة ضابط محقق بأقسام الشرطة، وهو ضابط تكون مهمته تلقي بلاغات المواطنين بأقسام الشرطة وفحصها واتخاذ اللازم بشأن إحالتها للنيابة العامة، ويلتحق المرشح للدراسة الشرطية لمدة عام بكلية الشرطة وبنفس الشروط - ويوفر ذلك ضابطا محققا فقط بالأقسام- ولا يستخدم في الخدمات والدوريات وغيرها من الأعمال الشرطية الأمنية العامة حيث يكون مهيأ لذلك العمل ويكون متصلاً بالموضوعات التي يقوم بها، علاوة علي أن يكون لديه الاستعداد النفسي والشخصي للقيام بمهمته لعدم إرهاقه في أعمال أخري، فيتلقي البلاغات ويفحصها ويستقبل المواطنين في الاقسام.

لا نحتاج للكشف عن ضرورة عملية الإصلاح الإدارى في الشرطة بل إلزاميتها، ولا تحديد الجهاز المسؤول عن الإصلاح الإدارى الشرطي، وإنما في حاجة الي قيادات واعية ومستنيرة وراغبة فعلاً في التغيير والإصلاح أي باختصار "إرادة للتغيير"، وقبل كل هذا أن تكون عملية إصلاح الجهاز الأمني ضمن عملية إصلاح شاملة وأوسع يجاب فيها علي أسئلة: في أي مرحلة نحن؟ ما الموارد المتاحة؟ وما المواصفات القياسية التي نرغب فيها؟ وما هي أولوياتنا الحالية؟ وما التضاربات المتوقعة؟ ومن يقوم بالمراجعات، والتقيم، وغيرها من الأسئلة الهامة والضرورية.
































ثالثا: إدارة الجودة الشاملة في العمل الشرطي.
يعتبر مدخل إدارة الجودة الشاملة من أهم المداخل في عملية الإصلاح الإداري والمؤسسي. حيث يستهدف الي تحسين الأداء وتطويره بطريقة دائمة ومستمرة. وتعتبر إدارة الجودة الشاملة تغير في الممارسة والتفكير الإداريين للمؤسسات الصناعية والإنتاجية والخدمية، ولهذه المدرسة مباديء وقواعد وأدوات إحصائية لقياس الجودة بعضها بسيط والبعض الآخر معقد. فالجودة الشاملة تعد جهداً تعاونيا لإنجاز الأعمال يعتمد علي مواهب وقدرات العاملين والمديرين علي حد سواء لتحقيق الجودة المحسنة والإنتاجية العالية باستخدام فريق العمل، واستخدام أدوات احصائية مختلفة لقياس جوانب الجودة والعمليات الإدارية المختلفة.
ولهذه المدرسة انعكاس هام علي العمل الشرطي، ولاشك أن هذا العمل عينه في النهاية علي المواطن الذي يعتبر بمثابة ال"زبون"، والزبون في منطق الجودة الشاملة هو المرتكز الرئيسي في هذه المسألة، والجودة في تقديم الخدمة أحد الركائز الرئيسية أيضا.

أولاً: تعريف الجودة
هي السمات والخصائص الكلية للخدمة التي تطابق قدرتها علي الوفاء بالمطلوب بحيث تكون مناسبة لوظيفتها واستعمالاتها وبمعني آخر هي أن تعكس المواصفات والحاجات.

تعريف الجودة الشرطية:
هي تقديم وتقييم الخدمات الشرطية وفق المعايير والأسس المتفق عليها في الوقت المناسب وبتكلفة مناسبة وبأشخاص مناسبين ولفئة مناسبة من الجمهور. وحتي يمكن تحقيق الجودة الشاملة للخدمات الشرطية لابد من عملية المشاركة المستمرة بين جميع أجهزة وإدارات الشرطة والجمهور لتقديم أعلي مستوي للجودة عبر خدماتها.

كيف يمكن للشرطة تحقيق أعلي مستوي لجودة الخدمات الشرطية من خلال أربعة معايير:



أولا- القيادة:
ويأتي ذلك من خلال تحديد الرؤية والرسالة والتوجيهات المستقبلية للمؤسسة الشرطية، وكيفية التواصل مع جميع الفئات الشرطية وإيجاد بيئة لتشجيع علي الإبداع والأداء المتميز.
ثانيا – السياسات والاستراتيجيات:
لاشك أن التخطيط هو طريق الجودة ويبني علي الحاجات الحالية والمستقبلية لتحقيق أهداف المؤسسة الشرطية من خلال ثلاث أسئلة هي: من يحسن؟ ماذا نريد؟ كيف يمكننا تحقيق ما نريده؟
ثالثا- الموارد البشرية:
العاملين في المؤسسة الشرطية هم الركيزة للعمل والعاملين علي تطويره ويعتمد هذا المعيار علي كيفية قيام المؤسسة الشرطية بتنمية وتحفيز وضمان مشاركة الموارد البشرية، وذلك من خلال:
أ.المناهج والأساليب التي تتبناها المؤسسة الشرطية لتحديد الاحتياجات المالية والمستقبلية من الموارد البشرية اللازمة لتنفيذ الاستراتيجية الموضوعة وصولاً لتحقيق الأهداف العامة.
ب. ضمان مشاركة جميع فئات الشرطة في وضع الخطط والاستراتيجيات.
ج.إطلاق طاقات الإبداع لتحسين أساليب العمل الخاصة بالموارد البشرية مع تطويرها وإتاحة الفرصة لها للمشاركة في أنشطة التطوير واتخاذ القرارات وتفويضها صلاحيات.
د. تحديد الاحتياجات التدريبية للموارد البشرية في مجالات العمل المختلفة.
ه. تصنيف مهارات وقدرات الموارد البشرية بما يلبي متطلبات المؤسسة الشرطية.
و. وضع الخطط التدريبية التي تضمن تطوير مهارات وسلوكيات الموارد البشرية إزاء مواجهة المتطلبات الحالية والمتغيرات المستقبلية للعمل الشرطي.
ح. قياس مدي فعالية التدريب علي الأداء والسلوك والتعرف علي مؤشراته ونتائجه.
ج. الاتصال والحوار بين المؤسسة الشرطية والموارد البشرية.
ن. الاهتمام بجهود وانجازات الموارد البشرية ومكافأتها وتقديرها.
رابعا- إدارة العلاقة مع الجمهور:
لابد أن يكون الهدف هو الإرتقاء بالأداء لتحقيق رضاء الجمهور، وهناك مؤشرات خاصة بعلاقة المؤسسة الشرطية مع المتعاملين ومستويات الرضاء من خلال:
 مقاييس رأي المتعاملين من خلال (استبيان الرأي – الشكاوي وحسب طبيعة الشرطة لتصميم هذا المقياس وفقاً لما يلي:
 الانطباع العام عن عمل المؤسسة الشرطية (إمكانية الوصول – الاتصال – المرونة – المبادرة- الاستجابة).
 الخدمات ( الجودة – النوعية – درجة الإعتمادية – الإبداع – مدي ملائمة الخدمة).
 تقديم الخدمة (سلوك وكفاءة الموظفين – النصيحة والدعم – معالجة شكاوي المتعاملين – تدريب المتعاملين علي كيفية الحصول علي الخدمة).
 الشفافية (سهولة الحصول علي المعلومات – سهولة الحصول علي الخدمات – شفافية إجراءات الإنجاز).

تطبيق الجودة الشاملة بالمؤسسة الشرطية:
 المواطن والمجتمع هما أساس عمل الشرطة لذلك ينبغي العمل علي خلق عقد اجتماعي انساني بين الشرطة والجمهور والعمل علي تحسين الصورة الذهنية لرجل الشرطة لدي المواطن.
 الجودة تأتي من خلال استراتيجية واضحة لتقديم الخدمات من خلال التعامل الراقي .
 وضع الشخص المناسب في المكان والعمل المناسب وإعطاءه المعلومات التي يحتاجها المواطن.
 الاهتمام بقياس الرأي العام حول الخدمات ومدي التقدم بها.
 تنظيم العمل داخل المؤسسة وإشاعة روح العمل المشترك، والولاء المؤسسي.
 تحسين وترقية بنية العمل المادية والمعنوية.
 استراتيجية مباديء الجودة الشاملة في العمل الشرطي:
 توفير الخدمة الشرطية للجميع علي أساس المساواة والعدالة.
 الاهتمام بكافة العاملين بجهاز الشرطة.
 احترام حقوق الانسان ومعاملته بصورة حيادية.
 سرعة رد الشرطة علي كافة الاستغاثات والاستفسارات التي ترد إليها من المواطنين عبر كافة الوسائل.
 المشاركة المجتمعية والشرطية في جودة العمل الشرطي.

ولتحقيق هذه المباديء يلتزم مايلي:
 تحديد أولويات مشروعات تحسين الجودة.
 توزيع فرق الجودة علي هذه المشروعات.
 تحديد عمليات التطوير المستمر.
 التدريب في مجالات مهارات تحسين الجودة.
 المراجعة والمتابعة لعمليات الجودة.
 قياس التقدم في الجودة.
 الاعتراف بالتحسينات في الجودة.
 دمج أهداف تحسين الجودة في التخطيط الاستراتيجي للشرطة.

وبإنزال ماسبق علي واقع الشرطة المصرية، فإننا نري أن تكون رسالة الشرطة هي العمل علي تحقيق حياة آمنة ومستقرة يتمتع فيها بالسلامة كل من يعيش علي أرض مصر من خلال مجتمع ( آمن – مستقر) مع خفض نسبة الجريمة والإسهام في تنفيذ العدالة بطريقة تضمن ثقة الجمهور.

مدونة سلوك رجال الشرطة للتعامل مع المواطنين:
 حسن استقبالكم ومعاملتكم باهتمام واحترام.
 أن يحصلوا علي خدمة متميزة وعالية الجودة ومعاملة عادلة.
 أن يستجاب لطلباتكم دون تأخير وفي الوقت المناسب.
 أن نوفر لكم وبشفافية المعلومات الدقيقة لكم عن خدماتنا ومتطلباتها بشكل واضح وفي المواعيد المحددة لإنجازها.
 تبسيط الإجراءات وتقليص زمن الخدمة لتحسين جودة وسرعة الخدمة المقدمة.
 أن نقدم لكم خدماتنا عبر القنوات المختلفة وفي الأوقات التي تناسبكم قدر الإمكان.
 نرجب بمشاركتنا الرأي في مستوي الخدمة والإكتفاء بها.
 تقدير جهود القائمين علي العمل الشرطي ومعاملتهم باحترام متبادل.
 توفير جميع الوثائق والأوراق الرسمية المطلوبة عند تقديم الطلب.
 توفير جميع المستندات والمعلومات والبيانات المطلوبة بشكل كامل ودقيق لإتمام المعاملة بشكل جيد.
 الصدق في التعامل والإبلاغ عن أي تغير في المعلومات والبيانات.
 الأهداف الاستراتيجية للعمل الشرطي:
 توفير الأمن والسلامة.
 ضمان الاستعداد وذلك بتوفير الاستجابة السريعة للحالات الطارئة.
 المحافظة علي ثقة الجمهور بتقديم خدمات متميزة وعالية الجودة.
 الاستخدام الفعال للموارد المالية والتكنولوجيا.
 العمل مع الشركاء وتقدير جهودهم.
 تشجيع الإبداع.
 الرد علي استفسارات موظفينا بشكل متعاون وفي الوقت المناسب.

قيم الشرطة:
 النزاهة.
 الأمانة.
 احترام حقوق الإنسان.
 تقديم الخدمة بإنصاف.
 التعامل مع المواطنين بعدالة ولباقة ولطف.
 التشجيع علي العمل الجماعي والاعتراف بمساهمة الأفراد والمجموعة في تحقيق الإنجازات ومكافأة أصحابها.
بعض المقترحات في الإصلاح الدستوري والقانوني للمؤسسة الأمنية

1- وضع قانون جديد للشرطة: حيث من الهام في هذه المرحلة الجديدة من مراحل مصر أن نسعي الي تبني رؤية جديدة؛ تؤسس لصيغة تشريعية ترسخ مفاهيم حقوق الإنسان والمساءلة والمحاسبة والرشادة، وتشدد علي المعايير والشروط المهنية لأعضاء الأجهزة الأمنية بمختلف أنواعها، وتشمل كذلك:
2- النص في قانون الشرطة علي أنها "هيئة مدنية نظامية مسلحة التسليح اللازم لمقاومة الجريمة، تحترم حقوق الإنسان وتدافع عنها وفق المعايير العالمية". وأن يعاد صياغة حلف اليمين في قانون الشرطة ليشمل الوطن والمواطن بحيث يكون "أقسم بالله العظيم، أن أحافظ على النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأرعى سلامة الوطن والمواطن، وأؤدي واجبي بالذمة والصدق".3-
3- تعريف محدد وواضح لمصطلح "الإرهاب" والمنوط بجهاز الأمن الوطني التصدي له. كما نقترح تشريع يؤصل لحرية تداول المعلومات على أن يتولى قسم الإعلام والعلاقات العامة بوزارة الداخلية دوره في تنظيم كيفية الحصول السهل على المعلومات في إطار القانون المحدد لذلك.
4- يُنَصُّ علي منع أي شكل من أشكال الإعتقال التعسفي، ومنع الأخذ بمضمون أي تحقيق دون التأكد من وجود إمضاء حقوقي علي مسودة التحقيق - في إطار حزمة كاملة من التشريعات الضامنة لحقوق المواطن- أثناء الإستدعاء أو التحقيق أو القبض أو الإدانة.
5- تعديل تعريف "التعذيب" فى القانون، بحيث يتسع هذا التعريف ليشمل المزيد من أشكال الإيذاء البدنى أو النفسى المتعمد للمحتجزين وغير المحتجزين، وبحيث يكون متسقاً مع تعريف التعذيب فى القوانين والمعاهدات الدولية.
6- إجراء تعديلات واسعة النطاق فى الباب الثانى من الكتاب الثانى من قانون العقوبات المتعلق ب "الجنايات والجنح المضرة بالحكومة من جهة الداخل" ، وكافة المواد الأخرى بقانون العقوبات التى تتعلق بنفس المضمون، وذلك لأن تلك النصوص التشريعية تحتوى على صياغات مطاطة ومصطلحات تجريمية مبهمة تؤدى إلى تكريس إطار عقابى واسع، يسمح بخلق مناخ من الترويع، ويتيح لجهاز الأمن الوطنى الاستقواء فى مواجهة المواطنين بسلطات واسعة تغرى على إساءة استعمالها".
7- ينص قانون الشرطة الجديد علي تعيين نائب لوزير الداخلية لتمثيل المجتمع المدني بترشيح منها يكون له سلطة التفتيش والرقابة والاضطلاع علي المستندات والمحاضر والأوراق داخل أقسام الشرطة، وكتابة التقارير وعرضها علي مجلس الشعب مباشرة للبت فيها.



*ما هو المؤتمر المصري؟
هو ساحة لتلاقي جهود العلماء والمتخصصين والنشطاء وروّاد العمل المدني من أجل رسم رؤية استراتيجية حضارية لمصر، تكون منطلقًا لحوار مجتمعي دائم وبنّاء. يربط المؤتمر المصري بين الحركة والفكر؛ باعتبار أن الحركة المدعومة بمشروعٍ فكري من أهم متطلبات المرحلة؛ كذلك إيجاد آليات لتفعيل الفكر على نطاقٍ يشمل مؤسسات المجتمع المدني والشباب وصناع القرار.
ولذا يعمل المؤتمر المصري في ثلاثة مستويات:
1) فكري استراتيجي: لتقديم التأصيل العلمي لمشكلات الواقع وسبل التغيير.. [ويقوم به مجلس الأمناء].
2) عملي تطبيقي: بطرح برامج وسياسات لتنفيذ الرؤية على أرض الواقع [ويقوم به مجلس الخبراء].
3) تقييمي مستمر: بمتابعة تطبيق الملفات التي طُرحت، وتفعليها بتقارير سنوية عن الحالة التنفيذية لها, وطرح ملفات أخرى لمشاكل واقعية مع سبل تغييرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.