في عام1993 فاجأ عالم السياسة الأمريكي صامويل هنتجتون العالم بنظريته عن صدام الحضارات.. والتي توقع فيها أن الصدام بين الحضارات بعد الآن لن يكون أيديولوجيا أو اقتصاديا أو عسكريا.. وإنما سيكون صراعا بين قيم وثقافات.. ونبه الغرب أن يكون مستعدا لهذا الصدام مع حضارات كان من أبرزها الحضارة الكونفوشية والحضارة الاسلامية. وقد قوبلت هذه النظرية مع ظهورها بالنقد الشديد.. بل أن باحثين أمريكيين اعتبروها إعلانا بحرب عالمية ثالثة.. وفي المقابل كان رد المؤسسات والمفكرين من دول إسلامية بالدعوة إلي حوار بين الحضارات والثقافات.. وليس الصدام بينها. وقد عادت نظرية هنتجتون إلي الحياة من جديد بعد الأحداث الارهابية التي تعرضت لها الولاياتالمتحدة في11 سبتمبر..2001 ثم عواصم أوروبية أخري.. والتي ولدت توترا بين الغرب وبين الاسلام والمسلمين.. الأمر الذي أحيا من جديد الدعوة بين الحضارات.. وهي الدعوة التي تبنتها الأممالمتحدة.. وتلي هذا انعقاد العديد من المؤتمرات والندوات حول حوار الثقافات شاركت فيها منظمة اليونسكو. ومرة ثالثة تبرز نظرية هنتجتون في اعقاب صعود الجماعات والمنظمات الإرهابية.. والتي تجسدت في منظمة داعش والتي تجعل من رسالتها محاربة الغرب وتضعه في موضع العداء للإسلام والمسلمين. ونتصور أن هذا التطور الجديد الذي انعكس بشكل سلبي علي صورة الإسلام في الغرب.. وشهد صعود تيارات يمينية في الغرب تبني خطابها علي نظرة سلبية إلي الإسلام والمسلمين.. وتعتبر الجاليات الإسلامية في مجتمعاتها تهديدا للحضارة والثقافة والهوية الأوروبية.. هذا التطور هو الذي يفرض احياء مفهوم الحوار والتعايش بين الثقافات والأديان.. وتعدي الثغرة التي اتسمت بها المؤتمرات التي جرت علي مدي العقد الماضي حول الحوار بين الثقافات.. والتي كانت تدور بين النخب المثقفة في قاعات تضم المئات.. في الوقت الذي نحتاج فيه ان تصل رسالة هذا الحوار إلي القطاعات الواسعة من المجتمعات الغربية والإسلامية.. إلي الشباب والطلاب في جامعاتهم ومعاهدهم.. وإلي النقابات والاتحادات المهنية. وقد كان من المشجع ان يعقد الأزهر مؤخرا حوارا بين ممثلي الشباب المسيحي والاسلامي.. وإن كان حوارا محدودا نأمل أن يمتد ويتسع إلي قطاعات أوسع من الشباب. سفير سابق