اليوم.. السيسي يشهد احتفالية عيد العمال    بحضور السيسي، تعرف على مكان احتفالية عيد العمال اليوم    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 2-5-2024 بالصاغة    ماذا يستفيد جيبك ومستوى معيشتك من مبادرة «ابدأ»؟ توطين الصناعات وتخفيض فاتورة الاستيراد بالعملة الصعبة 50% وفرص عمل لملايين    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 2 مايو 2024    مظاهرات حاشدة داعمة لفلسطين في عدة جامعات أمريكية والشرطة تنتشر لتطويقها    قوات الجيش الإسرائيلي تقتحم مخيم عايدة في بيت لحم وقرية بدرس غربي رام الله ومخيم شعفاط في القدس    "الحرب النووية" سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة    ملخص عمليات حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء    رامي ربيعة يهنئ أحمد حسن بمناسبة عيد ميلاده| شاهد    «الهلال الأحمر» يقدم نصائح مهمة للتعامل مع موجات الحر خلال فترات النهار    حملة علاج الادمان: 20 الف تقدموا للعلاج بعد الاعلان    نسخة واقعية من منزل فيلم الأنيميشن UP متاحًا للإيجار (صور)    فيلم شقو يتراجع إلى المرتبة الثانية ويحقق 531 ألف جنيه إيرادات    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    أوستن وجالانت يناقشان صفقة تبادل الأسرى والرهائن وجهود المساعدات الإنسانية ورفح    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    الصحة: لم نرصد أي إصابة بجلطات من 14 مليون جرعة للقاح أسترازينيكا في مصر    الصحة: مصر أول دولة في العالم تقضي على فيروس سي.. ونفذنا 1024 مشروعا منذ 2014    ضبط عاطل وأخصائى تمريض تخصص في تقليد الأختام وتزوير التقرير الطبى بسوهاج    عقوبات أمريكية على روسيا وحلفاء لها بسبب برامج التصنيع العسكري    تشيلسي وتوتنهام اليوم فى مباراة من العيار الثقيل بالدوري الإنجليزي.. الموعد والتشكيل المتوقع    خبير تحكيمي يكشف مدى صحة ركلة جزاء الإسماعيلي أمام الأهلي    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على الإعلامية "حليمة بولند" في الكويت    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    الثاني خلال ساعات، زلزال جديد يضرب سعر الذهب بعد تثبيت المركزي الأمريكي للفائدة    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على حليمة بولند وترحيلها للسجن    حسن مصطفى: كولر يظلم بعض لاعبي الأهلي لحساب آخرين..والإسماعيلي يعاني من نقص الخبرات    أمطار تاريخية وسيول تضرب القصيم والأرصاد السعودية تحذر (فيديو)    كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية؟    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    وليد صلاح الدين يرشح لاعبًا مفاجأة ل الأهلي    هاجر الشرنوبي تُحيي ذكرى ميلاد والدها وتوجه له رسالة مؤثرة.. ماذا قالت؟    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    عاطل ينهي حياته شنقًا لمروره بأزمة نفسية في المنيرة الغربية    البنتاجون: إنجاز 50% من الرصيف البحري في غزة    احذر الغرامة.. آخر موعد لسداد فاتورة أبريل 2024 للتليفون الأرضي    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    أهمية ممارسة الرياضة في فصل الصيف وخلال الأجواء الحارة    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    ترابط بين اللغتين البلوشية والعربية.. ندوة حول «جسر الخطاب الحضاري والحوار الفكري»    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    كوكولا مصر ترفع أسعار شويبس في الأسواق، قائمة بالأسعار الجديدة وموعد التطبيق    بسام الشماع: لا توجد لعنة للفراعنة ولا قوى خارقة تحمي المقابر الفرعونية    يوسف الحسيني : الرئيس السيسي وضع سيناء على خريطة التنمية    حيثيات الحكم بالسجن المشدد 5 سنوات على فرد أمن شرع فى قتل مديره: اعتقد أنه سبب فى فصله من العمل    أخبار التوك شو|"القبائل العربية" يختار السيسي رئيسًا فخريًا للاتحاد.. مصطفى بكري للرئيس السيسي: دمت لنا قائدا جسورا مدافعا عن الوطن والأمة    الأنبا باخوم يترأس صلاة ليلة خميس العهد من البصخة المقدسه بالعبور    برج الميزان .. حظك اليوم الخميس 2 مايو 2024 : تجاهل السلبيات    انخفاض جديد في عز.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 2 مايو بالمصانع والأسواق    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    مفاجأة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم في مصر بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال    بقرار جمهوري.. تعيين الدكتورة نجلاء الأشرف عميدا لكلية التربية النوعية    النيابة تستعجل تحريات واقعة إشعال شخص النيران بنفسه بسبب الميراث في الإسكندرية    أكاديمية الأزهر وكلية الدعوة بالقاهرة تخرجان دفعة جديدة من دورة "إعداد الداعية المعاصر"    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكري 11 سبتمبر.. كتب تتحدث عن ظاهرة "الإسلاموفوبيا"
نشر في الوفد يوم 10 - 09 - 2016

عشية الذكرى الخامسة عشرة لما عرف "بأحداث 11 سبتمبر في نيويورك وواشنطن" يبدو العالم حتى الآن بعيدا عن حوار الثقافات المنشود بدلا من أفكار صراع الحضارات وتحويل التاريخ إلى قروح وجراح وجدران كراهية متبادلة.
فبعد 15 عاما على أحداث 11 سبتمبر الأليمة والهجمات التي تعرضت لها نيويورك وواشنطن لتوجع الإنسانية كلها مازال الإرهاب يعربد على امتداد خارطة العالم ليسقط المزيد من الضحايا الأبرياء ويروع الانسانية كلها ويثير المزيد من الشكوك والمخاوف التي تقوض جسور الحوار بين الثقافات بقدر ما تمنح المزيد من الذرائع لأعداء الحوار ودعاة صراع الحضارات على ايقاعات حشرجات القتلى.
ولئن تحدث بعض الكتاب والمعلقين على سبيل السخرية عن "مهارتنا كعرب في صنع الأعداء" وقد يستدعي البعض أيضا مقولة نسبت للإمام الراحل محمد عبده :"الاسلام قضية عادلة في يد محامين فاشلين" فإن لغة الحوار بين العرب والمسلمين أنفسهم تتعرض لمشاكل قد تضارع تلك الإشكاليات في الحوار المفترض بين العالم العربي والإسلامي وبين الغرب.
إذ يؤكد الخطاب الرسمي المصري عبر مضامين متعددة على أن أفكار وممارسات التطرف والإرهاب موجهة في الحقيقة ضد جوهر الدين الحنيف فإن هذه الظاهرة تفرض قضايا ثقافية بالدرجة الأولى فيما تلح إشكالية "صناعة الصورة الغربية الزائفة للاسلام" وحقيقة التيار الذى يقف خلف صنع هذه الصورة الزائفة مستفيدا بلا ريب من وقائع مثل الهجمات الإرهابية التي بلغت ذروة خطيرة يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001.
وإذا كان من المفترض والمأمول أن يرتكز أي حوار بين العالم الإسلامي والغرب على مبدأ الخصوصية الثقافية وأن يكون جزءا من الحوار المنشود بين الثقافات فمن دواعي الأسف أن هناك تيارا بأكمله في الغرب الأوروبي والأمريكي هو التيار اليميني العنصري الاقصائي المتطرف يجد في الهجمات الإرهابية التي تدمي قلوب كل الأسوياء في العالم فرصة سانحة لمزيد من "شيطنة المسلمين الذين يعيشون في هذه الدول".
ولاريب أن ظاهرة "الإسلاموفوبيا" او كراهية المسلمين والخوف المرضي منهم شهدت مدا عاليا في الغرب بعد هجمات 11 سبتمبر الأليمة الأمر الذي كان يستدعي في المقابل جهدا ثقافيا عربيا-اسلاميا للتعامل مع هذا المشهد وصياغة أفكار مشتركة تعزز الجهود الرامية إلى تأكيد حقيقة أنه ليس هناك تعارض بين الإسلام ومؤسسات الدولة الحديثة ونبذ الصورة السلبية للإسلام والمجتمعات الاسلامية خارجها.
وفيما تشكل "لغة ومفردات جماعات التطرف والارهاب وخطابها التكفيري الاستئصالي" عقبة لايجوز التقليل من خطورتها على صورة المسلمين وتصورات الغرب عنهم فغني عن القول أن ثمة حاجة للتركيز على الجوانب الفكرية والثقافية لدحض الأفكار الظلامية للتنظيمات الارهابية من خلال تعظيم دور الأزهر الشريف ونشر قيم ومباديء الاسلام السمحة والوسطية والمعتدلة جنبا الى جنب مع بحث سبل مواجهة ظاهرة "الاسلاموفوبيا" التي تجتاح بعض الدول جراء المفاهيم المغلوطة عن الاسلام والتي تغذيها ممارسات ارهابية ناجمة عن افكار متطرفة تجافي جوهر الاسلام.
ولظاهرة "الاسلاموفوبيا" انعكاساتها السلبية المباشرة على المسلمين الأبرياء الذين يعيشون في دول الغرب فيما يتعرض بعضهم لاعتداءات دون مبرر سوى تلك "الصورة الذهنية السلبية الناجمة عن ممارسات ولغة ومفردات الخطاب التكفيري الاستئصالي لجماعات التطرف والارهاب التي تقسم العالم الى فسطاطين".
وفي مواجهة هذا الخطاب قد يكون من المفيد الإشارة لحقيقة مثل أن بعض أفضل الأطروحات الجامعية ورسائل الدكتوراه لباحثين في قضايا تتصل بالخطاب الديني الاسلامي والقضايا التي تهم المسلمين نوقشت اصلا في جامعة السوربون بباريس وغيرها من كبريات جامعات الغرب كرسالة الدكتوراه للامام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الراحل الدكتور عبد الحليم محمود وكانت في التصوف الاسلامي عن موضوع "استاذ السائرين: الحارث بن اسد المحاسبي" ومن الطريف والدال على تنوع اهتماماته الثقافية ان اول مانشره قصة ترجمها عن الفرنسية من تأليف اندريه موروا.
كما ارتبط شيخ الأزهر الحالي الدكتور أحمد الطيب بعلاقات علمية وثيقة مع هذه الجامعة الفرنسية واساتذتها الكبار وكذلك كان الحال في رسالة الدكتوراه لعلم آخر من اعلام الأزهر وهو العلامة الدكتور محمد عبد الله دراز والذي حصل على الدكتوراه في فلسفة الأديان من السوربون عام 1947وكانت الرسالة من شقين احدهما "مدخل الى القرآن الكريم" بينما شقها الثاني حول دستور الأخلاق في القرآن الكريم.
والدعوة لمزيد من الاهتمام الثقافي بقضية" صناعة الصورة الغربية الزائفة التى تجعل الاسلام ارهابا" ينبغي ان تأخذ في اعتبارها ان هذه الصناعة الغربية "تقوم عليها اليوم مؤسسات وخبراء" فيما استباح المنخرطون فيها عبر التاريخ "كل المحرمات الأخلاقية وتعدوا كل حدود اللياقة".
من هنا يكون السؤال الطبيعي:"هل هؤلاء الذين ينشرون الاساءات المتكررة للاسلام كدين ولنبي الاسلام العظيم يسعون عمدا وبنية مبيتة لاستثارة استجابات عنيفة من جانب اشخاص يدينون بالاسلام ثم تصوير هذا الدين ذاته بأنه دين العنف والارهاب"؟!!.
ولاريب ان المستفيد الحقيقي من وضع كهذا هو التيار التكفيري الاستئصالي كما تعبر عنه جماعات التطرف والارهاب فضلا عن التيار الاقصائي العنصري المتطرف والمعادي للاسلام كدين بقدر مايناهض الثقافة العقلانية الغربية المرحبة بالتنوع والحوار والتي تعلي من قيم الحرية والاخاء والمساواة والتسامح وقبول الآخر.
ومن تجليات عدم اللياقة والتجاوز في حق ثوابت عقيدية للمسلمين أن تقوم صحيفة الجارديان البريطانية مؤخرا بنشر موضوع في حيز كبير عن شخص إيراني الأصل يدعى قدير عبد الله ليتحدث عن قيامه "باعادة كتابة القرآن"!.
وهذا الشخص الذي التقته صحيفة الجارديان يقول إنه لم يقرأ القرآن ابدا الا بعد احداث 11 سبتمبر 2001 والهجمات التي تعرضت لها نيويورك وواشنطن وهكذا قرر ان يكتب قرآنا جديدا وان يغير الأوامر والنواهي القرآنية ثم انه قرر ان يتدخل بالحذف والاضافة في قرآنه الجديد!.
والمؤسف حقا ان يجد مثل هذا الشخص منابر ثقافية واعلامية وصحفية في الغرب مثل صحيفة الجارديان تهتم به وبمزاعمه وهرطقاته وتفسح مجالا للبهتان الذي يمارسه ويشكل في الحقيقة جريمة في حق كل المسلمين ثم انه يتنافى مع أي مقاصد جادة لحوار طال الحديث عنه بين العالم الاسلامي والغرب!.
فالحوار المطلوب والمنشود لايعني أبدا الضرب في صميم عقيدة يؤمن بها الكثير من سكان هذا العالم تماما كما أن حرية البحث تختلف كثيرا عن ممارسة العدوان على الأديان والعقائد التي يؤمن بها ملايين وملايين البشر..وهكذا يبدو المشهد احيانا وكأن البعض في الغرب يسعى سعيا لتوليد اسباب جديدة للتطرف !.
ومع الادانة بلا تحفظات وبأقوى العبارات للاعتداءات الارهابية في كل مكان وزمان فقد يكون المهاجرون من المسلمين لأوروبا الأكثر الما حيال الحملات المتكررة من الاساءة لدينهم وقد يكون من الصعوبة بمكان اقناعهم بأن هذه الاساءات المتكررة والجارحة لمشاعرهم الايمانية يمكن أن تدخل في باب حرية الصحافة او الابداع كما يردد بعض المدافعين عن تلك الاساءات التي لايمكن بأي حال من الأحوال قبولها من جانب جموع المسلمين فضلا عما تسببه من اضرار فادحة لأي حوار او تفاعل ثقافي ايجابي بين الحضارات .
ويبدو أن منابر الثقافة ووسائط الاعلام والصحافة الأوروبية عليها في هذا السياق استعادة مقولة ان "حرية التعبير لاتعني الاستهزاء بالأديان" والاستخفاف المستفز للمشاعر الايمانية لمئات الملايين من البشرفي هذا العالم والتأكيد على ان "حرية التعبير" لاتعني العدوان على ثوابت ايمانية لشعوب بأكملها تنتمي لثقافات اخرى غير الثقافة الأوروبية بذريعة "حرية التعبير في الثقافة الأوروبية"؟!.
وفيما اثارت نظرية "صراع الحضارات" للمفكر الأمريكي صمويل هنتجتون جدلا مريرا منذ طرحها عام 1993 واعتبرت ضارة بالعلاقات بين الغرب والعالم الاسلامي هاهو رئيس الوزراء الاسترالي السابق وزعيم الحزب الليبرالي توني ابوت يجهر بالقول بأن " الثقافات والحضارات ليست متساوية" وعلى الغرب اعلان تفوقه على الثقافة الاسلامية التي ذهب الى انها "ثقافة تبرر القتل باسم الله".
وربما تكمن خطورة طرح هذا السياسي الاسترالي في انها تعبر عن اتجاه غربي متطرف ينزع نحو الخلط الواضح والعمدي بين ممارسات ارهابية مرفوضة لجماعات تروع المسلمين قبل غيرهم وبين الاسلام ذاته كدين والطعن في صميم جوهره وتصويره بأنه يشكل خطرا جسيما على الحضارة الغربية فضلا عن تكريس فكرة "التفوق الثقافي او الديني لمجموعة بعينها من البشر في العالم".
وكان رئيس الوزراء الايطالي الأسبق سيلفيو برلسكوني قد ذهب بدوره الى ان "الحضارة الغربية متفوقة على حضارة العالم الاسلامي" وقال :"يجب ان نعي حقيقة تفوق حضارتنا الغربية التي تتكون من نظام قيم منح الشعوب رخاء واسعا في دولنا ويحترم حقوق الانسان والديانات اكثر من العالم الاسلامي الذي تنتفي فيه هذه القيم".
وإذ ينبغي التأكيد على ان "الغرب ليس واحدا ولايمكن وضعه ككل في سلة واحدة" لأن هناك تيارات اخرى تختلف مع هذا التيار الاستعلائي والاقصائي مثلما هو الحال في الشرق يتعين القول أيضا فى سياق الاضاءة الثقافية الواجبة يبدو جليا أن هذا "التيار القديم الجديد" بمنابعه الفكرية الاقصائية العنصرية يفعل افاعيله فى الثقافة الغربية.
ويمكن القول إنه "يسرطن أي حوار جاد وهادف بين الاسلام والغرب بقدر مايستهدف بشروره المسلمين فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية عبر توجهات ساسة يمينيين متطرفين" ناهيك عما دفعه العالم العربي من ثمن باهظ لأفكار ونظريات بعض الساسة في الغرب مثل "نظرية الفوضى الخلاقة" التي ثبت أنها تشجع التطرف والارهاب الذي يشكو منه الغرب للمفارقة !.
وإذ تتوالى المشاهد الاقصائية العنصرية فى السنوات الأخيرة بالغرب فان كتابا مثل كتاب "رضوخ" الذي صدر في قالب روائي بقلم الكاتب الفرنسي ميشيل ويلبيك حافل بالعداء للاسلام ويعزف على وتر التخويف من هذا الدين واتباعه رغم انه يظهر جهلا واضحا به بينما تمضي "الجبهة الوطنية" بزعامة مارين لوبن قدما في خطابها اليميني المتطرف والمعادي للمسلمين بدعوى التصدي "لعملية اسلمة فرنسا" التي يحذر منها ويلبيك في روايته.
فهناك تيار له شأنه تاريخيا وحتى راهن اللحظة فى الغرب الأوروبى يتحرك ضد الاسلام كدين والمسلمين كبشر فهو يرى من منظوره المزور للحقائق والتاريخ ان الاسلام دين رجعى عصى على التغيير وهو مايتجلى مثلا فى كتاب لكريستوفر كالدويل عنوانه "تآملات حول الثورة فى اوروبا:الهجرة والاسلام والغرب".
وفى هذا الكتاب بذل كالدويل جهدا كبيرا واحتشد لنصرة قضيته وفرض الافتراضات وخاض فى لجة من المصادر والمراجع والاحالات مابين احصاءات حكومية وارقام رسمية ودراسات مسحية مجتمعية وتقارير لمراكز البحوث وروايات ادبية وقصص صحفية بلغات شتى تجاوزت الثمانى لغات.
غير ان الجبل كما يقولون تمخض عن فأر فاذا بالنتائج النهائية لهذا العمل سطحية وغير مدعومة بأدلة متماسكة يمكن أن يعتد بها فيما عمد كريستوفر كالدويل لانتقاء معطيات او وقائع واحالات بعينها لدعم افتراضه الاساسى آلا وهو :"ان الاسلام كدين قائم على الايمان والتسليم هو الضد من اوروبا القائمة على الشك والتساؤل".
فالكتلة الكبيرة من المهاجرين المسلمين فى اوروبا تهدد فى نظره الثقافة الأوروبية الأصيلة المرتكزة منذ عصر التنوير على السؤال والشك ولم يتردد كالدويل فى الافصاح عن توجسه وكراهيته للمهاجرين المسلمين على وجه الخصوص بالمقارنة مع غيرهم من المهاجرين سواء كانوا من السيخ والهندوس والآفارقة غير المسلمين فضلا عن القادمين من منطقة الكاريبى.
وهكذا تجاهل الكاتب الأمريكى كريستوفر كالدويل بصورة معيبة حقا كل النصوص الاسلامية التى تحض على السؤال والتساؤل وتعلى من حرية العقل والفكر فيما لم يخف شعوره بالقلق من انتماء الكثير من المهاجرين فى دول اوروبية للاسلام .
كما درج التيار الاقصائي العنصري في اوروبا بعد كل حادث يتورط فيه اشخاص يدينون بالاسلام بدول القارة العجوز على المطالبة "بتطهير اوروبا من الغرباء الذين لايمكن الاطمئنان لقبولهم القيم الأوروبية في الحياة".
وبقدر ما يشكل صعود "ظاهرة الشعبوية" مشكلة ثقافية-سياسية بحاجة للدراسة والفهم فان الظاهرة التي تتجلى في الغرب كما في الشرق تكتسب خطورة بالغة عندما تقتحم عقائد الأخرين واديانهم او تحاول التلاعب في تناولها كما هو الحال في كتاب صدر لجلين بيك بعنوان :"هذا عن الاسلام:كشف الحقيقة عن داعش والقاعدة وايران والخلافة " وتجلت فيه كل مظاهر الديماجوجية والشعبوية عندما خلط جلين بيك بين الاسلام والارهاب وكأنهما شيء واحد.
ففي هذا الكتاب الذي احتل مكانة متقدمة في قوائم اعلى مبيعات الكتب بالولايات المتحدة والغرب عموما يسعى جلين بيك لتقصي مايصفه بجذور التطرف الاسلامي في تعاليم المسلمين فيما وجد من يهلل له في الغرب ويروج للكتاب باعتباره "الكتاب الدليل" لفضح "افتراضات امست اقرب للحقائق الراسخة عن الاسلام " !.
وإذا كان جلين بيك محقا عندما يتحدث في هذا الكتاب الجديد عن "برابرة داعش" و"التكتيكات الإرهابية للقاعدة والجماعات المنبثقة عنها" كما أن له الحق في أن يطرح وجهة نظره المحذرة بشدة من "مخاطر ايران النووية" رغم الاتفاق النووي الأخير بين ايران والغرب وكذلك "التأويلات المتشددة للاسلام" و لكن السؤال الكبير :"هل لديه الحق في النيل من صميم العقيدة التي يؤمن بها مئات الملايين من البشر في شتى أنحاء العالم.
ليست المشكلة ولا من الخطأ والخلط أن يقول جلين بيك أن التأويلات المتشددة للإسلام تهدد أرواح ملايين البشر غير أن عين المشكلة أن يعمد هذا الشعبوي الأمريكي بدوره للتأويل والمصطلحات المراوغة والمضللة وأن يذهب إلى أن الخطر يكمن في صلب العقيدة الإسلامية ذاتها ليكون كل مسلم بمقتضى تلك الرؤية الخاطئة والمزيفة للوعي هو إرهابي إلى أن يثبت العكس!.
وهاهو يقول في كتابه الجديد أن الصراع مع داعش والقاعدة وإيران لن ينتهي حتى "نواجه الحقيقة بشأن هؤلاء الذين يجدون الهامهم ومبرراتهم في الدين ذاته" وهاهو يورد آيات من القرآن العظيم وأحاديث لنبي الإسلام الكريم مع أقوال قادة جماعات متطرفة وإرهابية مثل داعش والقاعدة والإخوان في سبيل إثبات افتراضه السيء حقا آلا وهو :المساواة بين أصل الدين الاسلامي كما يجسده القرآن والأحاديث النبوية وبين جماعات التطرف والإرهاب.
ومن نافلة القول أن تلك الجماعات المتطرفة والارهابية التي روعت العرب والمسلمين قبل غيرهم في هذا العالم والتي تبدو كأدوات جهنمية حافلة بالشرور هي التي تمنح الفرصة لمثل جلين بيك ليحاول اثبات افتراضه المريض في المساواة بين الاسلام والارهاب وهو يتناول "الدوافع الفقهية القاتلة لجماعات الارهاب".
ولئن ذهب البعض في الغرب من المتحمسين لجلين بيك إلى أنه "يسمي الأشياء بأسمائها" فالحق من منظور نقدي منصف وعادل أنه "يلوي عنق الأشياء لاثبات مالا يمكن إثباته" أي افتراضه الضال الذي يرمي للمساواة بين الإسلام والإرهاب..فهل تنجح الافتراضات الضالة والمضللة للشعبويين في كتابة صفحة جديدة في سجل الكراهية مع ذلك الصعود لظاهرة دونالد ترامب الشعبوية بكل ماتثيره من قلق وجدل ثقافي في كل مكان ؟!.
وجاءت الدعوة التي أطلقها السياسي والملياردير الأمريكي دونالد ترامب لمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة لتشكل حلقة جديدة في مسلسل "الاسلاموفوبيا" او ظاهرة الرهاب والخوف المرضي في الغرب من المسلمين وكراهيتهم.
وهذه الدعوة التي جاءت بعد هجمات إرهابية في فرنسا وحادث ارهابي اخر في الولايات المتحدة تمثل قوة مضافة للتيار اليميني العنصري المتطرف وتصب في صالح جهود هذا التيار لاقصاء الوجود الاسلامي في الغرب وشيطنة المسلمين ككل واختلاق صورة زائفة للاسلام بقدر ماتغذي تلك الهجمات الارهابية ظاهرة "الاسلاموفوبيا" وتخدم التيار الاقصائي العنصري.
وهذا التيار الاقصائى العنصرى فى الغرب له تاريخه الممتد وتقاليده ورموزه مثل ارنست رينان وهيلير بلوك وبرنارد لويس وصمويل هنتنجتون فيما لايخفي البعض رغبته في حروب بين الحضارات والثقافات لاثبات تفوق الحضارة الغربية بقدر ما يمنح الارهاب المزيد من الذرائع والحجج لهذا التيار.
وهكذا يبدو المشهد بعد 15 عاما من الهجمات المدانة بنيويورك وواشنطن مثيرا لكثير من القلق والتوجس لأنصار التفاهم عبر الحوار الحضاري وعلى اسس عقلانية من احترام الآخر والاعتراف به..بعد 15 عاما من احداث اليمة ابكت كل اصحاب الضمائر الحية في كل مكان مازال العالم بحاجة لحوار اكثر جدية لمواجهة التطرف والارهاب وافكار الاستعلاء العنصري والاستئصالي.
نعم قبيل ساعات من الذكرى الأليمة مازال البشر شرقا وغربا بحاجة لاعلاء قيمة العقل واهمية التسامح ومد الجسور الثقافية للحوار من اجل عالم افضل بعيدا عن "ثقافة التربص" وايقاعات اللغة المتكبرة وافكار صراع الحضارات والدعوات المسعورة هنا وهناك على ضفاف الدم وتضاريس الكراهية والأفكار الظلامية والاستعلائية والاستئصالية !.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.