الإدارية العليا تنظر غدا طعون نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    سعر الدولار مقابل الجنيه بنهاية تعاملات اليوم الخميس 14 أغسطس 2025    تأجيل الانتخابات على مقعد رئيس اتحاد شركات التأمين ل 24 أغسطس    الرئاسة الفلسطينية: تهديد بن غفير للبرغوثي في زنزانته يتطلب تدخلا فوريا لحمايته    ليفربول يبدأ حملة الدفاع عن سجله التاريخى فى المباريات الافتتاحية    الاحتلال الإسرائيلي يشن غارتين على منطقة جزين جنوب لبنان    المصري يفوز على طلائع الجيش بثلاثية ويتصدر الدوري الممتاز    رسميًا.. الزمالك يعلن تسوية مستحقات جوزيه جوميز وجهازه المعاون    علاء زينهم: تعرضت للتنمر وكل اللي كسر بخاطري سامحته    كليكس إيجيبت تكشف تفاصيل تطبيق "مصر قرآن كريم" بالتعاون مع الشركة المتحدة    راغب علامة بعد أزمة حفل الساحل: خلي المعجبات ينبسطوا وهنفضل نحضنهم ونبوسهم (فيديو)    آخرها «ما تراه ليس كما يبدو».. مسلسلات الحكايات المنفصلة تزين أحداث الدراما    هيئة مقاومة الاستيطان الفلسطينية: 3400 وحدة جديدة لابتلاع الدولة الفلسطينية    لأول مرة بمجمع الإسماعيلية الطبي.. إجراء عملية "ويبل" بالمنظار الجراحي لسيدة مسنة    الأوقاف: تجارة الأعضاء جريمة شرعية وأخلاقية.. والتبرع جائز بشروط صارمة    «طاجن الصيادية بجزل السمك والبصل».. حضريه على سفرة يوم الجمعة (الطريقة والخطوات)    لقاء فكرى مع الفنان ميدو عادل وحوار عن حرفية الممثل ب"الأعلى للثقافة"    السيسي يصدق على قانون قواعد تصرف واضعى اليد فى أملاك الدولة    رئيس جامعة المنوفية يعلن إجراء عملية زراعة كبد ناجحة لطفل 7 سنوات    استشارية نفسية: تصرف الأهلي زعزع انتماء عبدالقادر.. ويجب حمايته من شوبير (خاص)    ساندي على موتوسيكل من أحدث ظهور على السوشيال ميديا والجمهور يعلق    نهاية الجولة 13 والتوقف الدولي.. متى يقام السوبر المصري بعد إعلان رابطة الأندية؟    النيل «ماجاشى»    هل دفع مخالفة المرور يسقط الإثم الشرعي؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ أحمد خليل: حادث الواحات جرس إنذار.. جريمة جمعت الأذى والتحرش والرعونة    رمضان عبد المعز يحذر من السرعات الجنونية وحوادث الطرق: "المتهور يقتل نفسه والآخرين"    وزير الخارجية يلتقي وزير الاستثمار والتجارة الخارجية    تعاون بين "الأوقاف" وجامعة بنها لتعزيز الوعي الديني ومواجهة التطرف (صور)    «بحر وميه ولقمة هنية» |انطلاق مهرجان الأجبان المصرية برأس البر    الإعلام المصرى قوى    القائمة الشعبية تبدأ تلقى طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025    السودان بين تصعيد الميدان وحراك السياسة... مجلس الأمن يرفض السلطة الموازية والجيش يجدد العهد في العيد المئوي    رسميا انطلاق نظام البكالوريا المصرية الجديد بعد تصديق السيسي على قانون التعليم - التفاصيل كاملة    دمشق تشيد بتقرير لجنة التحقيق الأممية حول أحداث الساحل وتتعهد بدمج توصياته في مسار العدالة والإصلاح    تأهل 4 لاعبات لنهائي السيدات ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عاما    شعبة مواد البناء: سعر طن الحديد أعلى من قيمته العادلة في مصر ب16 ألف جنيه    رمضان عبد المعز: الإسلام جاء لرعاية مصالح الناس وحماية الأرواح    حكم مرور الطريق من أماكن غير مخصصة للمشاة؟| أمين الفتوى يجيب    كوريا الشمالية تحذر إسرائيل من احتلال غزة وتطالبها بالانسحاب فورا    السكة الحديد: تخفيض مؤقت لسرعات القطارات لهذا السبب    المشدد 3 سنوات لعاطل بتهمة حيازة سلاح في المنيا    خطة وزارة الاتصالات لتطوير بناء أبراج المحمول خلال النصف الثاني من 2025    عميد كلية الصيدلة بجامعة الجلالة الأهلية تعلن عن مميزات برنامج "Pharm‐D"    وزارة الإسكان توافق على تشكيل مجلس أمناء مدينة أسوان الجديدة    رامي ربيعة يخطر منتخب مصر بموقفه من مباراتي إثيوبيا وبوركينا فاسو    وزير الإسكان: 18 و19 أغسطس الجاري..إجراء 3 قرعات علنية لتسكين المواطنين بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة    أسامة نبيه: حققنا مكاسب كثيرة من تجربة المغرب    السجن المؤبد لأفراد تشكيل عصابى تخصص فى الاتجار بالمخدرات بالقناطر الخيرية    ضبط سائق سيارة فارهة حاول الهرب بعد ارتكابه حادثا مروريا بكوبرى أكتوبر.. فيديو    الداخلية تضبط لصوص الهواتف المحمولة والمنازل    الليلة.. انطلاق فعاليات الدورة الثالثة من «مسرح الغرفة والفضاءات» بالإسكندرية    السيسي يوجّه بتحويل تراث الإذاعة والتلفزيون المصري إلى وسائط رقمية    عمر الشافعي سكرتيرًا عامًا وإيهاب مكاوي سكرتيرًا مساعدًا بجنوب سيناء    ب22 مليون جنيه.. الداخلية تضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي    ريبيرو يراجع خطة مواجهة فاركو في المران الختامي للأهلي    العراق تخصص 300 سيارة لمواجهة الحالات الطارئة خاصة الحرائق    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار الحضارات في أزمة .. لكن الحاجة إليه ملحة
نشر في المصريون يوم 16 - 02 - 2006


قليل من التطورات الجارية ينطبق عليها وصف الأحداث الكاشفة, أى تلك التى تكشف عن حقائق كامنة لم تكن تدركها العين إلا بشق الأنفس. ومن تلك الأحداث ما يمكن وصفه بأزمة الرسوم الدانمركية المسيئة للرسول الكريم "ص", وما تلاها من ردود فعل غاضبة عربية وإسلامية, مع إصرار دانمركى (استمر لفترة إلى أن تكشفت نتائج المقاطعة الشعبية للمنتجات الدانمركية وتدهور الصورة العامة للبلاد) على عدم الاعتذار باعتبار أن لا شئ تم تجاوزه وفقا للقانون المحلى, صاحبه "استفزاز مقصود" (برأي كثيرين) من صحف أوربية عدة أعادت نشر الرسوم المسيئة نفسها بحجة حرية الرأى وعدم الانصياع لضغط المسلمين والمتطرفين. صحيح هنا أن استمرار الرد الشعبى الغاضب, وتأثر مصالح تجارية واقتصادية عديدة للدانمرك فى المنطقة العربية, وبروز دعوات من مسئولين أوروبيين, وإن صيغت بطريقة حذرة وغير واضحة أحيانا, تدعو إلى ربط حرية التعبير بقدر من المسئولية والحساسية عند تناول قضايا الإسلام والمسلمين, قاد لاحقا إلى إصدار الصحيفة الدانمركية يولاندز بوستن اعتذارا نشر بالعربية فى اكثر من صحيفة عربية ذائعة الانتشار, فضلا عن قيام مجموعات من الشباب ومثقفين دانمركيين بنشر مواقع على الشبكة الدولية تؤكد الرغبة فى التواصل مع المجتمعات المسلمة واحترام معتقداتها. فيما بدا أن الآخر فى الدانمرك بدأ يدرك أن الأمر أكبر كثيرا من مجرد التذرع بحجة حرية التعبير, أو التمسك بحق النظر إلى المسلمين باعتبارهم كيان واحد لا قيمة له, ويسودهم التطرف ويحق عليهم الاستهجان والسخرية, وليس لهم حق الاعتراض. فى المقابل بدا رد الفعل العفوى عربيا وإسلاميا المضاد, سواء فى مقاطعة المنتجات الدانمركية والنرويجية وعدم التعامل بعملتى البلدين فى عدد من البلدان, والمظاهرات الغاضبة فى الشوارع والجامعات, أن هناك ما يحرك هذه الأمة, لاسيما إذا شعرت بالإهانة لمقدساتها. وتلكم مظهر وحدة معنوى بدا مثيرا للقلق لدى اكثر من جهة لاسيما فى أوروبا. خاصة إذا وجد من يحرك ويقود ويحفز الناس العادية على الفعل المضاد, أو على الأقل لا يقف أمام ردة فعلها. الفهم المتبادل .. الغائب كل ذلك يقود إلى القول أن تلك الأزمة كشفت الكثير مما كان كامنا فى الصدور, فهناك فجوة كبيرة ومتزايدة بين أوروبا بكل تنوعاتها السياسية والثقافية والعالم الإسلامى, وهناك غطرسة أوروبية واستعلاء على ثقافات والدين السائد فى الشرق, وهناك نظرة للعرب افضل ما فيها انهم مجرد سوق لتصريف المنتجات وليس لهم حق الغضب, وهناك أيضا جهل أوروبى بعقائد الآخرين وتجاهل متعمد من قوى أوروبية متنامية لحقوقهم حتى فى المجتمعات الأوربية نفسها. الدلالات معا تقود إلى نتيجة مباشرة وهى أن ما يوصف بحوار الحضارات لم يثمر شيئا بعد يراه المواطن العادى سواء فى أوربا أو فى غيرها من بلاد الشرق العربى والمسلم. ويلحق به أيضا حوار الأديان, فكلاهما لم يكن سوى جهدا نخبويا بحتا, انغمس كثيرا فى بحث النظريات وتعريف المفاهيم وتحديث المصطلحات, ولم تخرج منه سوى بحوث ذات طابع اكاديمى, أو بيانات باردة الكلمات, وكلاهما لم يصل إلى المواطن هنا وهناك. ولعل تصريح المحرر الثقافى فى الصحيفة الدانمركية, والمسئول عن نشر الرسوم سبب الأزمة, الذى أكد فيه انه لا يعرف كثيرا عن الرسول محمد "ص" , ولا عن الدين الاسلامى, ما يوضح أن ما جرى تحت مظلة حوار الحضارات لم يصل حتى لمحررين ثقافيين يفترض فيهم الاطلاع على هكذا جهد فكرى وثقافى ذى طابع دولى, فما بالنا بهؤلاء العاديين الذين ليس عليهم عبء المتابعة والبحث والتمحيص عما يجرى فى العالم. الحوار كمضاد للصراع عدم وضوح نتائج حوار الحضارات بجولاته الخمس التى جرت فى اكثر من عاصمة أوروبية, وإن أوضح الخلل فيما جرى, إلا انه لا يعنى أن الفكرة نفسها ليست عبقرية ومهمة لسد فجوة الجهل المتبادل بالآخر وبخصوصيته الثقافية والدينية وهكذا. وهنا يثور التساؤل عن العوامل الكامنة وراء تلك النتيجة الهزيلة. معروف أن الدعوة إلى حوار الحضارات, كبديل لمفاهيم صراع الحضارات ونهاية التاريخ التى روج لها مفكران أمريكيان مدعومان من مؤسسات رسمية, وهما صموئيل هنتجتون وفوكوياما جاءت كاقتراح من الرئيس الإيراني الإصلاحى محمد خاتمى فى خطاب له أمام الجمعية العام للأمم المتحدة العام 1999, حيث اتخذت الأخيرة قرارا بتبنى الاقتراح وجعل العام 2001 عاما لحوار الحضارات. ووفقا للقرار تمت عدة لقاءات بين مفكرين وعلماء وسياسيين من اكثر من دولة للبحث فى القواسم المشتركة بين الحضارات الموجودة فى العالم المعاصر, والتى يعد بعضها تعبيرا عن حضارات قديمة جديدة فى آن واحد. كما نشأت عدة مؤسسات تدعو وترعى حلقات الحوار بين الحضارات. نحو حضارة عالمية ولكن .. وقد تطلع البعض أن يكون هذا الحوار وسيلة لبناء حضارة عالمية تعيش فى كنفها شعوب ومجتمعات العالم المعاصر, غير ان هذا التطلع لم يخلُ من إشكاليات عملية وفكرية معا. فإذا تحدثنا عن حضارة عالمية فهل يعنى هذا غياب التنوع الثقافى أو تجاهل ابتداع الوسائل التى تحترم التنوع وتحافظ عليه من جهة وتقيم الجسور من الود والاحترام بين أبناء كل ثقافة من جهة أخرى. ولذلك كان المطالبون بحماية التنوع الثقافى واحترامه يرونه مقدمة لتكريس حضارة عالمية تقوم على الحرية والعدل والسلام العالمى. بل زاد آخرون مطالبين بما أسموه بتحالف الحضارات الملتزم بالقانون الدولى وحقوق الإنسان والتسامح والمواطنة والإنسانية. وأيا كان الأمر ففى حلقات الحوار وندواته العديدة بدا الأمر وكأنه مطلب من الضعفاء مقابل إصرار خفى من أطراف أوربية وغربية على ان اللحظة الراهنة هى لحظة تفوق تتيح إعلان الانتصار الكامل للحضارة الغربية على كل ما عداها من حضارات, بما فى ذلك تجاهل الحقوق والاستمرار فى الظلم التاريخى لشعوب بأكملها, والتمسك بالمعايير المزدوجة وحتى الثلاثية فى حل المظالم التاريخية, وفى وضع ما يراه الغرب حلولا للمشكلات التى تنغص وتعطل حلم الانتصار الكامل للحضارة الغربية, لاسيما مشكلة الانتشار النووى. الأكثر من ذلك فقد بدا فى كثير من الحوارات أن القادمين من الشرق العربى المسلم يناضلون من أجل تصحيح التشوهات التى لحقت بالإسلام وبالمجتمعات المسلمة, وفى التفرقة بين مبادئ الدين نفسه, وبين حركات أو جماعات أساءت تفسيرها ولا تعبر ابدا عن التيار الساحق فى الأمة الإسلامية. أما القادمون من الغرب الاوروبى الأمريكى مع استثناءات محدودة فلم يكن يعنيهم الأمر كثيرا, بقدر ما كان يعنيهم إقناع أو جذب المشاركين إلى أرضية الحضارة الغربية وقبول ما يصدر عنها من معايير ومنظومات قيم. حوار نخبوى لقد بدا الأمر مثيرا فى عديد من الحوارات, فالحاضرون يمثلون عناصر نخبوية رفيعة المستوى, ويمثلون أيضا توجهات فكرية وسياسية غالبة سواء هنا أو هناك, ولكنهم لم يتقدموا كثيرا إلى نقطة وسط عنوانها تفهم الآخر واحترامه. فكيف يكون وضع هؤلاء المنغمسون فى تفاصيل الحياة اليومية والمتأثرون بما يفيض به الإعلام المرئى تحديدا من مادة جذابة تصور الآخر بأكبر قدر من التشوه وعدم الدقة. ناهيك أن هؤلاء النخبويين على الجانبين لم يوفقوا كثيرا فى توصيل معانى التواصل مع الآخر أو ضرورة بل وحتمية بذل الجهد فى تفهم خصوصياته المختلفة إلى الجمهور على الطرفين. فشل أو لنقل بقدر من التحفظ محدودية نتائج جولات الحوار السابقة بين الحضارات والثقافات لا تعنى أبدا تأييد الدعوة إلى إغلاق هذا الطريق. فما حدث من تداعيات لازمة الرسوم المسيئة يؤكد حاجة أوروبا, كما هى حاجة الشرق العربى المسلم إلى حوار مستمر على أرضية الانفتاح والاحترام والمساواة وقبول التنوع والتسامح معه, والابتعاد عن فرض طرف لقيمه على طرف آخر. فإذا كانت أوربا تؤمن بحرية الرأى فلها أن تمارسه على معتقداتها هى, وليس على معتقدات الآخرين. المصدر : سويس انفو

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.