وزير التعليم العالي يستعرض جهود وخطة إعداد المعلم في الجامعات    مصر لم تتأثر بالضربات الأمريكية على المنشآت النووية في إيران .. تفاصيل    وظائف خالية اليوم.. المؤسسة القومية لتنمية الأسرة تطلب أفراد أمن وسائقين    وزير الصحة: مبادرة حياة كريمة أحد أهم أركان برنامج عمل الحكومة    بسباق الصناعة النظيفة.. الحزام الصناعي الجديد بالأسواق الناشئة يتجه لتجاوز أكبر اقتصادات العالم    وزير خارجية إيران: أمامنا عدة خيارات للرد في إطار حقنا في الدفاع عن أنفسنا    وزير الرياضة يلتقي الأمين العام للاتحاد الإفريقي لبحث آخر مستجدات نقل مقر كاف    رياضة القليوبية تناقش ضوابط انعقاد الجمعيات العمومية بمراكز الشباب    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية بقنا    محافظ بورسعيد يبحث مقترح استضافة المهرجان القومي للمسرح المصري    ورشة مشغولات يدوية في ختام فعاليات الأسبوع الثقافي لتمكين المرأة بالمنيا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كأنك تقول ان هناك طريق "غير جاد"    وزير الصحة يستقبل نظيره التونسي بمطار القاهرة الدولي    نوربيتكو: معدل الإنتاج تخطى 16 ألف برميل زيت يوميًا    وزير الإسكان: نستهدف زيادة المساحة المعمورة إلى 18 % في 2030    بعد تحليل تجارب دولية.. "الشيوخ" يوافق على دراسة بشأن كليات التربية    مصر والجزائر تبحثان التصعيد الإقليمي وسبل تعزيز التعاون الثنائي    وزير الخارجية التركي يلتقي نظيره الإيراني في إسطنبول    الشيوخ يبدأ مناقشة دراسة توصي بوقف قبول طلاب الثانوية العامة بكليات التربية    رفعت قمصان: مرسي أراد إقالتي في أول قرار رئاسي له لهذا السبب    "عليك نسيان كرة القدم".. كازورلا من خطر بتر القدم إلى قيادة أوفييدو للدوري الإسباني    تفاصيل اجتماع وزير الرياضة مع الأمين العام للاتحاد الافريقي    أكي: مانشستر سيتي يمتلك دافعًا كبيرًا لبلوغ نهائي المونديال    "عيب والناس فهمت أنا بتكلم عن مين".. إكرامي يوجه رسالة غامضة بسبب الأهلي    كريم رمزي: ريبيرو استنزف لاعبي الأهلي تكتيكيا.. وبورتو ليس في أفضل حالاته    مشوار استثنائي حافل بالإنجازات .. ليفربول يحتفي بمرور 8 سنوات على انضمام محمد صلاح وبدء رحلته الأسطورية    "حزب المؤتمر" يطالب بإجراء "كشف هيئة" للراغبين في الالتحاق بكليات التربية    إصابة عامل إثر انهيار جزئي لمنزل في السيالة بالإسكندرية - صور    الأرصاد الجوية : الطقس غدا شديدة الحرارة وارتفاع بالرطوبة والعظمى بالقاهرة 35 درجة    حيازة مخدرات تقود عاملا للمؤبد وتغريمه 100 ألف جنيه بالقليوبية    ضبط عناصر إجرامية وتجار مخدرات وأسلحة ومصرع عنصر خطير بأسوان    ضبط المتهمين بتسلق طائرة هيكلية في الشرقية    خبير تكنولوجي: الذكاء الاصطناعي بدون رقابة قد يتحوّل إلى خطر على البشرية    المراجعة الخامسة لصندوق النقد.. توجيهات رئاسية بشأن الاقتصاد المصري    وزير الصحة يشهد حفل الإعلان عن تدشين تمثال السير مجدي يعقوب    دار الأوبرا تحتفل بذكرى ثورة 30 يونيو بحفل فني على مسرح الجمهورية    أحمد عزمي يكشف مصير فيلم «المنبر»| خاص    «أبراج» بارعة في التواصل الرقمي وتجنب اللقاءات المباشرة    إزالة 7 طواحين ذهب في أسوان ضمن المرحلة الثانية من الموجه ال 26    محمد علي مهاجمًا محمد حسان بسبب إقامته عزاء لوالدته: تراجع عما أفتيت به الناس في الماضي    الأزهر للفتوى: الغش في الامتحانات مُحرَّم وينفي عن المسلم كمال الإيمان    أيمن الجميل: تدشين منطقة جرجوب الاقتصادية الخاصة نقطة مضيئة للاستقرار والتعاون بين أفريقيا وأوروبا رغم الصراعات والحروب فى المنطقة    وزير التعليم العالي ومجدي يعقوب يشهدان بروتوكول بين جامعة أسوان ومؤسسة أمراض القلب    6 مشروبات لخفض ضغط الدم بشكل طبيعي    هيئة الرعاية الصحية تطلق برنامج "عيشها بصحة" لتعزيز الوقاية ونمط الحياة الصحي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    وكيل صحة قنا يعتذر لمريض غسيل كلوي في منزله.. تعرف على السبب    مصرع شخص وإصابة آخر إثر سقوط حائط عليهما داخل فيلا بالتجمع الأول    خامنئي يبدأ مسار تسليم الراية.. كيف تختار إيران مرشدها الأعلى؟    زينة تُفاجئ جمهورها بدور مذيعة في فيلم "الشيطان شاطر"    "حياة كريمة" تقترب من إنجاز مرحلتها الأولى بتكلفة 350 مليار جنيه.. أكثر من 500 قرية تم تطويرها و18 مليون مستفيد    زلزال بقوة 5.2 درجة قرب جزر توكارا جنوب غربي اليابان    غسلو 90 مليون جنيه.. سقوط شبكة خطيرة حاولت تغطية جرائمها بأنشطة وهمية    كورتوا: لا نلتفت للانتقادات وعلينا الفوز على باتشوكا لانتزاع الصدارة    الحرس الثورى الإيرانى: الطائرات المشاركة بالهجوم على إيران تحت المراقبة    مصدر إيراني: نقلنا معظم اليورانيوم من منشأة «فوردو» إلى موقع آخر    الحرس الثوري الإيراني: القدرات الأساسية للقوات المسلحة لم يتم تفعيلها بعد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار الحضارات في أزمة .. لكن الحاجة إليه ملحة
نشر في المصريون يوم 16 - 02 - 2006


قليل من التطورات الجارية ينطبق عليها وصف الأحداث الكاشفة, أى تلك التى تكشف عن حقائق كامنة لم تكن تدركها العين إلا بشق الأنفس. ومن تلك الأحداث ما يمكن وصفه بأزمة الرسوم الدانمركية المسيئة للرسول الكريم "ص", وما تلاها من ردود فعل غاضبة عربية وإسلامية, مع إصرار دانمركى (استمر لفترة إلى أن تكشفت نتائج المقاطعة الشعبية للمنتجات الدانمركية وتدهور الصورة العامة للبلاد) على عدم الاعتذار باعتبار أن لا شئ تم تجاوزه وفقا للقانون المحلى, صاحبه "استفزاز مقصود" (برأي كثيرين) من صحف أوربية عدة أعادت نشر الرسوم المسيئة نفسها بحجة حرية الرأى وعدم الانصياع لضغط المسلمين والمتطرفين. صحيح هنا أن استمرار الرد الشعبى الغاضب, وتأثر مصالح تجارية واقتصادية عديدة للدانمرك فى المنطقة العربية, وبروز دعوات من مسئولين أوروبيين, وإن صيغت بطريقة حذرة وغير واضحة أحيانا, تدعو إلى ربط حرية التعبير بقدر من المسئولية والحساسية عند تناول قضايا الإسلام والمسلمين, قاد لاحقا إلى إصدار الصحيفة الدانمركية يولاندز بوستن اعتذارا نشر بالعربية فى اكثر من صحيفة عربية ذائعة الانتشار, فضلا عن قيام مجموعات من الشباب ومثقفين دانمركيين بنشر مواقع على الشبكة الدولية تؤكد الرغبة فى التواصل مع المجتمعات المسلمة واحترام معتقداتها. فيما بدا أن الآخر فى الدانمرك بدأ يدرك أن الأمر أكبر كثيرا من مجرد التذرع بحجة حرية التعبير, أو التمسك بحق النظر إلى المسلمين باعتبارهم كيان واحد لا قيمة له, ويسودهم التطرف ويحق عليهم الاستهجان والسخرية, وليس لهم حق الاعتراض. فى المقابل بدا رد الفعل العفوى عربيا وإسلاميا المضاد, سواء فى مقاطعة المنتجات الدانمركية والنرويجية وعدم التعامل بعملتى البلدين فى عدد من البلدان, والمظاهرات الغاضبة فى الشوارع والجامعات, أن هناك ما يحرك هذه الأمة, لاسيما إذا شعرت بالإهانة لمقدساتها. وتلكم مظهر وحدة معنوى بدا مثيرا للقلق لدى اكثر من جهة لاسيما فى أوروبا. خاصة إذا وجد من يحرك ويقود ويحفز الناس العادية على الفعل المضاد, أو على الأقل لا يقف أمام ردة فعلها. الفهم المتبادل .. الغائب كل ذلك يقود إلى القول أن تلك الأزمة كشفت الكثير مما كان كامنا فى الصدور, فهناك فجوة كبيرة ومتزايدة بين أوروبا بكل تنوعاتها السياسية والثقافية والعالم الإسلامى, وهناك غطرسة أوروبية واستعلاء على ثقافات والدين السائد فى الشرق, وهناك نظرة للعرب افضل ما فيها انهم مجرد سوق لتصريف المنتجات وليس لهم حق الغضب, وهناك أيضا جهل أوروبى بعقائد الآخرين وتجاهل متعمد من قوى أوروبية متنامية لحقوقهم حتى فى المجتمعات الأوربية نفسها. الدلالات معا تقود إلى نتيجة مباشرة وهى أن ما يوصف بحوار الحضارات لم يثمر شيئا بعد يراه المواطن العادى سواء فى أوربا أو فى غيرها من بلاد الشرق العربى والمسلم. ويلحق به أيضا حوار الأديان, فكلاهما لم يكن سوى جهدا نخبويا بحتا, انغمس كثيرا فى بحث النظريات وتعريف المفاهيم وتحديث المصطلحات, ولم تخرج منه سوى بحوث ذات طابع اكاديمى, أو بيانات باردة الكلمات, وكلاهما لم يصل إلى المواطن هنا وهناك. ولعل تصريح المحرر الثقافى فى الصحيفة الدانمركية, والمسئول عن نشر الرسوم سبب الأزمة, الذى أكد فيه انه لا يعرف كثيرا عن الرسول محمد "ص" , ولا عن الدين الاسلامى, ما يوضح أن ما جرى تحت مظلة حوار الحضارات لم يصل حتى لمحررين ثقافيين يفترض فيهم الاطلاع على هكذا جهد فكرى وثقافى ذى طابع دولى, فما بالنا بهؤلاء العاديين الذين ليس عليهم عبء المتابعة والبحث والتمحيص عما يجرى فى العالم. الحوار كمضاد للصراع عدم وضوح نتائج حوار الحضارات بجولاته الخمس التى جرت فى اكثر من عاصمة أوروبية, وإن أوضح الخلل فيما جرى, إلا انه لا يعنى أن الفكرة نفسها ليست عبقرية ومهمة لسد فجوة الجهل المتبادل بالآخر وبخصوصيته الثقافية والدينية وهكذا. وهنا يثور التساؤل عن العوامل الكامنة وراء تلك النتيجة الهزيلة. معروف أن الدعوة إلى حوار الحضارات, كبديل لمفاهيم صراع الحضارات ونهاية التاريخ التى روج لها مفكران أمريكيان مدعومان من مؤسسات رسمية, وهما صموئيل هنتجتون وفوكوياما جاءت كاقتراح من الرئيس الإيراني الإصلاحى محمد خاتمى فى خطاب له أمام الجمعية العام للأمم المتحدة العام 1999, حيث اتخذت الأخيرة قرارا بتبنى الاقتراح وجعل العام 2001 عاما لحوار الحضارات. ووفقا للقرار تمت عدة لقاءات بين مفكرين وعلماء وسياسيين من اكثر من دولة للبحث فى القواسم المشتركة بين الحضارات الموجودة فى العالم المعاصر, والتى يعد بعضها تعبيرا عن حضارات قديمة جديدة فى آن واحد. كما نشأت عدة مؤسسات تدعو وترعى حلقات الحوار بين الحضارات. نحو حضارة عالمية ولكن .. وقد تطلع البعض أن يكون هذا الحوار وسيلة لبناء حضارة عالمية تعيش فى كنفها شعوب ومجتمعات العالم المعاصر, غير ان هذا التطلع لم يخلُ من إشكاليات عملية وفكرية معا. فإذا تحدثنا عن حضارة عالمية فهل يعنى هذا غياب التنوع الثقافى أو تجاهل ابتداع الوسائل التى تحترم التنوع وتحافظ عليه من جهة وتقيم الجسور من الود والاحترام بين أبناء كل ثقافة من جهة أخرى. ولذلك كان المطالبون بحماية التنوع الثقافى واحترامه يرونه مقدمة لتكريس حضارة عالمية تقوم على الحرية والعدل والسلام العالمى. بل زاد آخرون مطالبين بما أسموه بتحالف الحضارات الملتزم بالقانون الدولى وحقوق الإنسان والتسامح والمواطنة والإنسانية. وأيا كان الأمر ففى حلقات الحوار وندواته العديدة بدا الأمر وكأنه مطلب من الضعفاء مقابل إصرار خفى من أطراف أوربية وغربية على ان اللحظة الراهنة هى لحظة تفوق تتيح إعلان الانتصار الكامل للحضارة الغربية على كل ما عداها من حضارات, بما فى ذلك تجاهل الحقوق والاستمرار فى الظلم التاريخى لشعوب بأكملها, والتمسك بالمعايير المزدوجة وحتى الثلاثية فى حل المظالم التاريخية, وفى وضع ما يراه الغرب حلولا للمشكلات التى تنغص وتعطل حلم الانتصار الكامل للحضارة الغربية, لاسيما مشكلة الانتشار النووى. الأكثر من ذلك فقد بدا فى كثير من الحوارات أن القادمين من الشرق العربى المسلم يناضلون من أجل تصحيح التشوهات التى لحقت بالإسلام وبالمجتمعات المسلمة, وفى التفرقة بين مبادئ الدين نفسه, وبين حركات أو جماعات أساءت تفسيرها ولا تعبر ابدا عن التيار الساحق فى الأمة الإسلامية. أما القادمون من الغرب الاوروبى الأمريكى مع استثناءات محدودة فلم يكن يعنيهم الأمر كثيرا, بقدر ما كان يعنيهم إقناع أو جذب المشاركين إلى أرضية الحضارة الغربية وقبول ما يصدر عنها من معايير ومنظومات قيم. حوار نخبوى لقد بدا الأمر مثيرا فى عديد من الحوارات, فالحاضرون يمثلون عناصر نخبوية رفيعة المستوى, ويمثلون أيضا توجهات فكرية وسياسية غالبة سواء هنا أو هناك, ولكنهم لم يتقدموا كثيرا إلى نقطة وسط عنوانها تفهم الآخر واحترامه. فكيف يكون وضع هؤلاء المنغمسون فى تفاصيل الحياة اليومية والمتأثرون بما يفيض به الإعلام المرئى تحديدا من مادة جذابة تصور الآخر بأكبر قدر من التشوه وعدم الدقة. ناهيك أن هؤلاء النخبويين على الجانبين لم يوفقوا كثيرا فى توصيل معانى التواصل مع الآخر أو ضرورة بل وحتمية بذل الجهد فى تفهم خصوصياته المختلفة إلى الجمهور على الطرفين. فشل أو لنقل بقدر من التحفظ محدودية نتائج جولات الحوار السابقة بين الحضارات والثقافات لا تعنى أبدا تأييد الدعوة إلى إغلاق هذا الطريق. فما حدث من تداعيات لازمة الرسوم المسيئة يؤكد حاجة أوروبا, كما هى حاجة الشرق العربى المسلم إلى حوار مستمر على أرضية الانفتاح والاحترام والمساواة وقبول التنوع والتسامح معه, والابتعاد عن فرض طرف لقيمه على طرف آخر. فإذا كانت أوربا تؤمن بحرية الرأى فلها أن تمارسه على معتقداتها هى, وليس على معتقدات الآخرين. المصدر : سويس انفو

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.