جاء القرار الأوروبي بتجميد مفاوضات انضمام تركيا لعضوية الاتحاد ليوجه لطمة قوية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي خرج عن صمته وهدد بفسخ اتفاق الهجرة مع الاتحاد معلنا فتح أبواب بلاده لآلاف اللاجئين للتوجه نحو أوروبا, وأكد أن بلاده ليست في حاجة الي تلك العضوية وأنها قد تنضم الي منظمة شنغهاي للتعاون التي تتزعمها روسيا والصين والتي تعد بمثابة حلف مناهض للناتو والغرب, وهو الأمر الذي احدث حالة من الانقسام بين دول الاتحاد الأوروبي التي أيدت بعضها فكرة انضمام تركيا خوفا من تبعات تقاربها مع روسيا والصين وإيران العضو المراقب في المنظمة الأسيوية إلا أن الأغلبية رفضت تهديدات أردوغان وأعلنت في بيان رسمي أن الاتحاد الأوروبي قرر تجميد مفاوضات انضمام تركيا, وذلك بعد أساليب القمع التي انتهجتها طوال الأشهر الماضية وخاصة عقب محاولة الانقلاب الفاشل. وتمكن أردوغان بمساعدة حاشيته من القيام بحملات تصفية للآلاف من رجال الجيش والشرطة حتي الموظفين الحكوميين لم يسلموا من قمعه فضلا عن عودة عقوبة الاعدام وتفصيل القوانين علي هوي الرئيس وهو الامر الذي رفضته دول الاتحاد الاوروبي وطالما نددت به إلا أن اردوغان رفض تدخلهم واعتبرها شئونا داخلية لا يحق لاي من الدول التطرق اليها. ومن جانبها حذرت صحيفة حرييت التركية من خطورة انضمام تركيا الي منظمة شنغهاي مؤكدة أن الطريق مفروش بالشوك وليس الورود كما يتوقع اردوغان خاصة وانه سيكون بذلك في عداء صريح مع دول الاتحاد الأوروبي, ويجب الوضع في الاعتبار كافة العواقب التي قد تنجم عن ذلك. وقد تسعي تركيا لتلك العضوية من اجل تقارب اقتصادي وسياسي اكبر مع روسيا والصين وللخروج من العباءة الأوروبية إلا أنه قد يكبدها تكاليفا باهظة. ويبدو أن أحلام تركيا في الانضمام إلي الاتحاد الأوروبي والتي بدأت منذ70 عاما تحولت إلي كابوس مفجع بعد قرار دول القارة العجوز التي شهدت علاقاتها بدولة أردوغان تدهورا سريعا طوال السنوات الماضية وخاصة منذ أحداث جيزي في عام2013 وما تبعها من مظاهرات سلمية تعاملت معها الشرطة بمنتهي القسوة والعنف ومنذ ذلك الحين و بدأت دول الاتحاد الأوروبي توجه الانتقادات لحكومة أردوغان التي تقمع الحريات والحقوق ومن هنا أطلقت الصحف العالمية ووسائل الإعلام لقب الديكتاتور علي أردوغان. ولم تكن أساليب القمع وحدها السبب وراء تجميد عضوية تركيا بل هناك كثير من الأسباب التي أدت إلي الوصول إلي هذا القرار الأوروبي أبرزها التقارب الروسي التركي خلال الفترة الأخيرة والذي اقلق الغرب كثيرا خاصة بعد اللقاءات والاتصالات المتتالية بين اردوغان, والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. والجميع يعلم انه علي الرغم من علمانية الدولة التركية إلا أن الغرب يخشي هويتها الاسلامية وبما انها متقدمة اقتصاديا فقد تتبوأ منصبا قياديا داخل الاتحاد وهو ما يهدد هويته التي يسعي للحفاظ عليها في ظل الازدياد الكبير في اعداد المسلمين في بلاده, اضافة الي الازمة الموجودة بين قبرصوتركيا والتي يضعها في حسبانه.