في خطاب شديد اللهجة، وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الأحد، رسالة إلى القائمين على مفاوضات إنضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي، مؤكدًا أن عضوية الاتحاد الأوروبي ليس الخيار الوحيد أمام أنقرة، مانحا فرصة حتى نهاية العام الحالي للرد النهائي بشأن المفاوضات الأوروبية. وفي تصريح صحفي ألقاه اليوم قبيل مغادرته أوزبكستان متوجها إلى أنقرة، أكد أردوغان بحث خيار الانضمام إلى منظمة "شنغهاي" للتعاون، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي فقد أهميته، إذ انفصلت عنه إنجلترا في الصيف الماضي، وهناك من يدعو إلى نفس المسار في فرنسا وإيطاليا. وعلى تركيا وضع حد لمفاوضات استمرت لنحو 53 عاما دون جدوى. تهديد مكرر وبينما يرى البعض أهمية التهديد التركي، يرى آخرون أنه بمثابة تهديد مكرر من أردوغان، إذ ذكر أردوغان في يناير عام2013، خلال تصريحات لوسائل الإعلام المحلية أن "تركيا تفكر بجدية في طلب عضوية منظمة شنغهاي للتعاون إذا لم يحسم الاتحاد الأوروبي أمره بشأن انضمام تركيا لعضويته". وفي يناير عام2016، قال أردوغان في حوار تليفزيوني في قناة "قنال 24" إن تركيا تبحث الآن خيارات بديلة في مقدمتها منظمة "شنغهاي" الخماسية، في ظل تضاؤل الأمل في عملية الاتحاد الأوروبي على ضوء معارضة قوية من جانب عدد من الدول الأعضاء في التكتل لمنح بلاده العضوية فيه، ليأتى أردوغان اليوم ليعيد نفس الخطاب مغلفا بتهديد صريح للاتحاد الأوروبي ومنحه مهلة حتى نهاية عام2016 لاتخاذ قرار نهائي بشأن المفاوضات سواء بالموافقة أو الرفض. بديل لابد منه وقال الكاتب التركي جان دوندار، أن منظمة" شنغهاي" يعد بديلا لابد منه أمام تركيا حال تجميد مفاوضات الاتحاد الأوروبي،موضحا أنه "منذ اتفاقية أنقرة عام 1963 حتى الآن نعيش على أمل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولكن يبدو أنه في النهاية قررنا التخلي عن هذا الحلم، وفي الأصل لم يعد الاتحاد الأوروبي يشبه الاتحاد الحقيقي، إلا أن أنقرة تريد أن تضمن جوابًا إيجابيًا من موسكو قبل أن تبلغ بروكسل بموعد الرحيل". يشار إلى أن الدول الأعضاء في المنظمة قد وافقت في قمة الصين في شهر يونيو 2012 على مشاركة تركيا في الاجتماعات بصفة "المحاور"، وهو ما تراه أنقرة خطوة إيجابية نحو الانضمام رسميا كعضو في المنظمة مستقبلا. ويرى الكاتب البريطاني ديفيد بارتشارد بموقع "ميدل إيست أي" أن الآمال بدخول تركيا الاتحاد الأوروبي في أدنى مستوياتها، ما يدفع توجه تركيا في سياستها الخارجية نحو الشرق الأوسط بعيدا عن أوروبا فى حين يرى الكاتب التركي أيدين تشوبوكجي، إن "الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون التي تضم روسياوالصين وكازاخستان وقرغيزستان وأوزبكستان وطاجيكستان، وست دول أخرى لها صفة مراقب مثل الهند وباكستان، تعد فكرة ليست بالسيئة، إذ تعد بديلا للكيان الأوروبي والناتو، وموازيا لقوتهما تجاريا واقتصاديا وعسكريا". فيما أوضح الكاتب والمحلل التركي صبحي قوراي، أن الاضطرابات والاختلافات السياسية بين أنقرة وواشنطن بشأن مستجدات الأوضاع في الشرق الأوسط مؤخرا، والانتقادات الأوروبية المتوالية لأردوغان وحكومته إزاء السياسات الداخلية، تزيد من احتمالية تغيير تركيا وجهتها من الغرب إلى آسيا عبر روسيا في ظل تطبيع العلاقات والتقارب بين أنقرةوموسكو. مكاسب تركيا وأشار الكاتب التركي بلال يلدريم في مقاله بمركز الدراسات الاستراتيجية التركيةالآسيوية، إلى أن انضمام تركيا إلى منظمة شنغهاي لا يقل أهمية بالنسبة لانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، إذ حصولها على عضوية المنظمة يعد بمثابة توجهها سياسيا واقتصاديا نحو الشرق، وتعزيز التعاون الاستراتيجي مع روسياوالهندوالصين ودول شرق آسيا، فضلا عن امتلاك دول المنظمة أكثر من نصف إجمالي الإنتاج العالمي من البترول حاليا، وتستهدف الاستحواذ على 30 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام2020. وتابع بأن مسألة إنضمام تركيا إلى منظمة شنغهاي تعد أكثر سهولة بالنسبة للرئيس التركي أردوغان، فهي لا تشترط وجود تقرير سنوي للموافقة على الانضمام ولا تتضمن هيئة تفتيش حول حقوق الإنسان والديمقراطية. ويؤكد البروفيسور إركين أكرم، الخبير السياسي ب"معهد الفكر الاستراتيجي" إن تركيا ستجني العديد من المنافع حال إنضمامها إلى منظمة شنغهاي، متمثلة في كونها ستكون شريك سياسي وحليف استراتيجي لدول المنظمة في مقدمتها الصينوروسيا. وتسهيل الإجراءات للمشاركة بشكل أكثر فاعلية بالاستثمار المباشر في روسيا. وأضاف أن كل من تركيا والمنظمة، سيستفيدان من التحالف، بتعزيز الأمن الاستراتيجي الإقليمي لكل منهما، فضلا عن فتح بوابة الاقتصاد الآسيوي أمام تركيا، وإمكانيتها في المشاركة بشكل أكثر فاعلية بمشروعات الطاقة المشتركة الدولية وخطوط النفط المقرر ربطها بين دول المنطقة.