قبل أن يسدل الستار علي كارثة السيول التي اجتاحت عدة محافظات ومنها البحر الأحمر وتحديدا مدينة رأس غارب عاصمة صناعة البترول علي مستوي الجمهورية وصاحبة نصيب الأسد من الخسائر البشرية والمادية حيث غدرت بها السيول في وقت متأخر من الليل حال دون هروب عدد من المواطنين منها.. بات السؤال الأبرز ماهي الاحتياطات والإجراءات التي يجب اتخاذها من الآن حتي لا تتكرر تلك الكارثة مرة أخري وحتي لا يتكرر السيناريو نفسه لاسيما وأن سلاسل جبال البحر الأحمر كما هو معروف علميا وعمليا تعد واحدة من أكبر مصبات السيول في مصر ؟.. وكيف نروض هذه السيول لتتحول لثروة وفوائد بدلا من نكبات وكوارث وبدلا من ضياع ملايين الأمتار المكعبة من المياه التي تسقط بصفة شبه مستمرة سواء عن طريق الأمطار الغزيرة أو السيول التي تتسرب بعد ارتكابها الكارثة لتبتلعها مياه البحر الأحمر مباشرة فكما قال وزير الري أن أكثر من120 مليون متر مكعب من المياه ابتلعها البحر الأحمر من سيول هذا المرة دون فائدة.. أسئلة كثيرة تحاول ا الأهرام المسائي ا الإجابة عليها. يقول محمد رفيع أحد أبناء مدينة رأس غارب أن السيول لها مسارات معلومة منذ أن خلق الله الأرض وما عليها وهي ماتعرف بمخرات السيول ومحافظة البحر الأحمر بمدنها متاخمة لسلاسل جبال البحر الأحمر المعروفة بظاهرة السيول خاصة بمدينة رأس غارب الذي يزيد ارتفاعها عن2500 متر فوق سطح الأرض وتقع علي بعد35 كيلو مترا من المدينة ويقع في متناول تلك الجبال مخرات سيول رئيسية يبلغ عددها نحو13 مخرا تتصل بأخري فرعية لكن جميعها تصب بالوديان الموجودة بالمنطقة خاصة بمنطقة الشيخ فضل إذن كان لابد من قيام الأجهزة الوزارية المختصة وعلي رأسها وزارة الري والموارد المائية باتخاذ احتياطات لتلك المخرات كما أن أغلب الكوارث تقع نتيجة لقيام البعض سواء الأهالي أو غيرهم بالبناء في مخراتها وهذا ماحدث بالنسبة للأماكن التي شهدت أضرارا بالغة بالمدينة ويضيف أقترح علي الأجهزة المختصة حل سبق تنفيذه في محافظات أخري وهو شق ترعة موازية لمدينة رأس غارب في المنطقة الصحراوية القريبة من مخرات السيول وهي أماكن خالية تماما لتستقبل مياه السيول المنحدرة من سلاسل الجبال حتي يمكن استغلال المياه التي تخزن بها في أنشطة زراعية ورعوية تفيد المنطقة ولا يوجد أدني عائق يحول دون تنفيذ هذا المشروع كما حدث بالنسبة لترعة( المعنا) بمدينة قنا والتي حلت نصيب كبير من المشكلة هناك. وتساءل رفيع لماذا لاتكلف شركات البترول الموجودة بالمدينة والتي يصل عددها إلي نحو40 شركة لديها معدات هائلة بشق هذه الترعة حيث تستطيع تلك المعدات تنفيذ هذا المشروع في وقت قياسي خاصة وأن تلك الشركات استفادت كثيرا من خيرات هذه المدينة وعليها رد الجميل لأهلها وهذا الاقتراح يوفر الملايين التي يمكن إنفاقها علي عملية إنشاء سدود خرسانية وغيرها ومن شأنه تقليل حجم الكوارث المماثلة إن لم يقض عليها كما سيمنع اندفاع المياه إلي طريق الزعفرانة الغردقة والحفاظ عليه من الانهيارات. أما أبوالحجاج نصير دكتور جيولوجي من أبناء مدينة القصير فيؤكد أن المخرات الرئيسية للسيول بداية من حلايب وشلاتين مرورا ببقية مدن المحافظة معروفة منذ القدم وأهمها مخرات وديان الرحبة والدئيب بالشلاتين وأبو غصون في قرية أبو غصون ووادي علم بمرسي علم ووديان أخري تقع بين مرسي علم والقصير منها أبو دياب وأم غيث وإسل والعمبجي ووادي النخيل وكريم والحمراوين والقويح ووادي دارا والشيخ فضل وغيرها وهذه الوديان المرتبطة بمخرات السيول الرئيسية ومعظمها بها خزانات جوفية تحتاج للحقن بكميات أخري من المياه لزيادة مخزونها الإستراتيجي لذلك لابد من وضع خطة متكاملة تستهدف إقامة سدود حماية وتخزين في تلك الوديان حتي يمكن الاستفادة منها في زيادة المخزون الجوفي من ناحية وتقليل الكميات التي تسببها السيول والأمطار والتي تهاجم الكتل السكانية بمدن المحافظة من جهة أخري. وتساءل نصير لماذا لاتقام بحيرات صناعية وخزانات كبيرة حول هذه الوديان للاستفادة من تلك المياه في الزراعات المناسبة لطبيعة تلك المياه ولتربة الوديان كما يطالب بإنشاء مركز طوارئ متخصص ومجهز بكافة الوسائل التي تتعامل مع تلك الكوارث وغيرها. ويشير المهندس عبد الناجي سكوت مدير عام بالزراعة سابقا إلي ضرورة النظر إلي السيول علي أنها ثروة طبيعية يجب استغلالها بكافة الطرق خاصة في الزراعة كما فعلت دول أخري فالمعروف علميا أن سلاسل جبال البحر الأحمر تعد من أكبر مصبات السيول والأمطار الغزيرة في مصر وعندما تسقط السيول عليها تتجه كمية من المياه إلي مدن البحر الأحمر وكمية أخري تتجه إلي محافظات وادي النيل بصعيد مصر فلماذا لاتقام سدود هنا وهناك ليستفاد منها سواء في البحر الأحمر أو بمحافظات الصعيد. أما اللواء هشام أمنة رئيس مدينة سفاجا فيشيرإلي نجاح السدود التي كانت أقامتها وزارة الري خلال الفترة الأخيرة بأهم مخرات السيول غرب المدينة وعددها3 سدود حيث حجمت تلك السدود السيول التي اجتاحت المنطقة ومنعت توجهها للكتلة السكنية كما كان يحدث من قبل واستطاعت تلك السدود تخزين نحو مليوني متر مكعب من المياه. فيما يؤكد المهندس محمد خضر مدير الإدارة العامة للمياه الجوفية بالبحر الأحمر أن وزارة الإشغال والموارد المائية أقامت عدة سدود بنطاق صحراء سفاجا,والقصير استطاعت حجز كميات هائلة من المياه التي حقنت المخزون الجوفي بالمنطقة وزادت من كمية المياه به, مشيرا إلي أنه جاري إنشاء سدود مماثلة في صحراء الغردقة كما سيبدأ العمل قريبا في إنشاء ثلاثة سدود بأهم مخرات السيول بصحراء رأس غارب. أما اللواء أحمد عبد الله محافظ البحر الأحمر فيؤكد أن وزارة الري والموارد المائية خصصت بشكل مبدئي120 مليون جنيه لإنشاء سبعة سدود بنطاق المناطق التي تشتهر بتعرضها للسيول بمدن المحافظة وسوف يستغل هذا المبلغ في إنشاء ثلاثة سدود بنطاق المنطقة الصحراوية بمدينة رأس غارب وسدين بمرسي علم ومثلهما بنطاق قرية الشيخ أبو الحسن الشاذلي بمرسي علم, مشيرا إلي أن هناك لجنة مشتركة من الإدارة العامة للمياه الجوفية بالصحراء الشرقية والوحدات المحلية للمدن التي ستقام بنطاقها تلك السدود سوف تقوم بتحديد الأماكن التي ستقام بها تلك السدود.