واستكمالا.. تزعم هذه الكتابات الإشادة بطه حسين وبتاريخه الحافل مع الثقافة العربية وبصمته العريضة علي وجه مصر الثقافي.. وأتساءل كيف يتعثر تأكيد النوايا الطيبة للكتاب الذين يزعمون أنهم ينقلون إلي طه حسين تحيات جديدة ولكنها في حقيقة الأمر إساءات تحسب علي تاريخنا الأدبي لا له. يحدث هذا بينما الآداب العالمية والكتابات النقدية حولها- وحتي هذه اللحظة الفريدة في التاريخ- تقدم إشراقات ورؤي جديدة متآلفة دافعة للحركة الأدبية والتاريخ الفكري للشعوب بما يحقق لهذه الآداب انطلاقة كبري في إطار الدور الإنساني الذي تلعبه هذه الآداب وإقامة اللغة المشتركة.. لتتعلم من أوروبا قدسية الكاتب في احترام مسيرته الفكرية والإبداعية.. وأنه جزء من النسيج الحي لكيان وضمير الأمة.. ومصدر نوراني لمستقبلها الفكري والشعوري والروحي.. وقبل أن نتهمهم بالعداوة والبغضاء للشرق ورموزه في إطار الدور الاستشراقي المغرض.. لنبدأ بأنفسنا ونقدم بضاعتنا علي خير وجه.. بدلا من أن نكتفي بمنطق اللوم والتقريع. ففي الوقت الذي تصدر فيه داخل أوروبا كتابات أكاديمية تحليلية للمسار التاريخي للأدب العربي.. والبنية الأسلوبية لهذا الأدب وتحديد الخط الفكري للأدباء والمفكرين وتحليل المضمونات وعلاقتها بالهوية القومية العربية وبإشكالياتها القديمة والمعاصرة.. فضلا عن الدراسات الخاصة بالمرامي والاتجاهات التي يسير الأدب العربي في ركابها. ولعل هذا الكتاب الذي صدر عن كبريات دور النشر ليعلن لنا بأمانة وثقة ويقين أنه قد كشف النقاب عن أوراق مطموسة ومقالات مجهولة وطرائف منسية لطه حسين.. فيدفعنا فضول قراءاتها إلي إحباط لا حد له يستدعي معه أن نقول.. ما دلالة نشر خطابات بذاتها تبودلت مع طه حسين تطلب منه المشاركة الكتابية ونحن نعلم أن هناك الآلاف من هذه الخطابات التي تمثل دعوات كتابية لطه حسين من شخصيات عالمية ومحلية مرموقة أدبيا واجتماعيا؟؟ إذا كانت رؤية المؤلف تتجه إلي أن لهذه الخطابات المنشورة أهمية خاصة.. فلماذا لم يجمع لنا المؤلف كافة الدعوات الكتابية التي تلقاها العميد علي اختلافها؟! ولماذا لم يقدم لنا المؤلف كافة صور التعاقدات التي تمت مع العميد.. علي كثرتها.. من حيث كم المؤلفات.. وعدد طبعات كل مؤلف؟ والحقيقة.. أنه ومهما يكن من أمر هذا الكتاب.. فهو لا يدخل بحال ضمن التراث النقدي للعميد, لأنه من تلك الكتب البعيدة عن منطق التحليل والتعليل والتفسير والاستدلال والتنظير والتأريخ.. وبالتالي فهو من هذه الكتب التي تدعونا للدهشة.. التي لا ترقي إلي التساؤل.. وللتأمل الذي لا يدعو إلي التفكير!!