سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عميد الأدب العربي يرد على اتهامه بالكفر.. طه حسين: "الأدب الجاهلي" أشعل الرأي العام.. 98% من المهاجمين لآرائي لم يقرءوا الكتاب.. القرآن أقدم وثيقة تاريخية.. ويحتوي جميع ضروب الجمال
"لقد اقتنعت بنتائج البحث في الأدب الجاهلي، اقتناعا ما أعرف أنى شعرت بمثله في تلك المواقف المختلفة التي وقفتها من تاريخ الأدب العربى، وهذا الاقتناع القوى هو الذي يحملنى على تقييد هذا البحث ونشره في هذه الفصول، غير حافل بسخط الساخط ولا مكترث بتزوير المزور وأنا مطمئن إلى هذا البحث وإن أسخط قوما وشق على الآخرين".. هذه الكلمات أهداها طه حسين لقارئي بحثه " في الأدب الجاهلي". ويعتبر هذا البحث إحدى أبرز معاركه الأدبية التي خاضها في حياته، وبرغم كثرة الاتهامات التي وجهت لطه حسين حول إلحاده وكفره بالدين، وتخليه عن عروبته، إلا أن معظم هذه الاتهامات كان سببها هذا البحث الذي أثار ضجة كبيرة في الأوساط الأدبية آنذاك. وقد قامت الدنيا على هذا الكتاب الذي يدرس في الجامعة، واستغل خصوم الدكتور طه حسين، ما جاء في الكتاب من آراء اعتبروها زندقة وفلسفة لا مبرر لها، واستغلته أحزاب المعارضة لصالح حزب الرجعيين من رجال الدين الذين كانوا يضمرون له بغضا وكراهية منذ خروجه على نظام الأزهر. واتفق الجميع على رأى واحد وهو أن الكتاب فيه كفر وإلحاد، وطالبوا الحكومة بمصادرته، ومنع مؤلفه من التدريس في الجامعة "كى لا يفتن الطلاب بما يبثه من الضلال والفساد"، حسب ادعائهم. افتراءات وبرغم هذا التنبيه الذي استهل به طه حسين كتابه إلا أن الكتاب لم يسلم من الهجوم الذي تجاوز نقد الكتاب إلى التشهير بصاحبه وتجريحه، وتركز هجوم الجميع كما رصده سامح كُريم في كتاب "معارك طه حسين الأدبية والفكرية" حول أربع نقاط جوهرية تتبلور فيما يلى: أنه كذّب القرآن في أخباره عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام. أنه أنكر القراءات السبع المجمع عليها فزعم أنها ليست منزلة من الله تعالى. أنه طعن في نسب النبى، صلى الله عليه وسلم. أنه أنكر للإسلام أولويته في بلاد العرب وأنه دين إبراهيم، عليه السلام. تجاهل طه حسين لم يرد طه حسين على كل هذا الهجوم في أول الأمر إلا أنه أجاب عن أسئلة لمحرر مجلة "الانفورماسيون" الفرنسية، والتي نشرتها مجلة " السياسة الأسبوعية"، قائلا: "خصومى فريقان، رجال الدين أولا إذا شئت، إنهم يرموننى بالإلحاد على أنى أؤكد أن ثمانية وتسعين في المائة ممن يتهموننى لم يقرءوا كتابى". "العميد" يدافع عن مهاجميه ويدافع طه عن نفسه وعن البسطاء الذين انتقدوه فيقول: " قيل لهؤلاء البسطاء إنى أطعن في الإسلام فأشهروا الحرب على جميعا، على أنى أقول عاليا إنه ليس في كتابى كلمة يمكن أن تؤول ضد الدين، والعبارة الوحيدة التي يمكن أن أنتقد من أجلها تضع النصوص المقدسة بعيدة عن قسوة المباحث التاريخية". القرآن أقدم وثيقة وفى رده على إنتقاصه من قدر القرآن الكريم، قال: " فضلا عن كونى بعيدا جدا عن أن أسيء إلى كتابنا وأن أنتقص من قدره ولو من الوجهة الأدبية، فإنى صرحت وكتبت مرارا أن القرآن هو أقدم وثائقنا الصحيحة، وأنه يقدم لنا صورة صحيحة من الحياة العربية وأنه أجمل أثر في لغتنا يحتوى كل ضروب الجمال وكل عظمة في الشكل والفكر، ثم إنى أكرر لك أنه لم يكن لى نية سوى تمحيص الحقيقة في موضوع أشغف به لأنى أحب آدابنا ولغتنا الحب الجم".