ببدو أن الحركة عكس عقارب الساعة هي الفعل الوحيد الذي اتفقنا عليه شعبا وحكومة وأقصي ما يمكننا فعله ان ننام ونحلم. ولم لا ونحن شعب وريث ولد وفي فمه ملعقة آثار فرعونية ليس لها مثيل. مجري نهر النيل, مناجم ذهب, ابار بترول, حتي الرمال تصنع الكريستال, نعيش في مغارة علي بابا ومع ذلك نعاني الفقر ونحلم بالثراء. وأحد الاحلام التي استغرقتنا لسنوات حلم استعادة آثارنا المنهوبة في أنحاء البلاد والتي لا تحتاج لإثبات, فللأسف ان تلك الدول قد حصلت عليها بطرق رسمية من خلال البعثات التي عملت بمصر وكان يحق لها أن تأخذ نصيبها من تلك الاكتشافات, خرج فيها أطنان من التماثيل لتوضع في أكبر قاعات المتاحف العالمية والمسلات في أشهر الميادين وخمسة معابد كان آخرها معبد ديبود النوبي الذي أهداه الرئيس جمال عبدالناصر لإسبانيا تقديرا لجهودها في الحفاظ علي آثار مصر وإنقاذها من التلف في أثناء بناء السد العالي وحفر بحيرة ناصر. اضافة الي تقديم حكام مصر منها كهدايا إلي ملوك ورؤساء في دول العالم كما كانت الآثار المصرية تباع رسميا ومعترف بتجارتها حتي سنوات قريبة مضت.. وليس سرا ان الآلاف من القطع الأثرية تباع في مزادات في أوروبا وأمريكا دون ان نتمكن من السيطرة عليها اما لوجود مستندات ملكية حقيقية أو سهل لهم مهمتهم مصريون ضمن مافيا سرقة وتهريب آثارنا, كما ان كثيرا مما تم العثور عليه من آثار غير مسجلة تجعل تتبع هذه المزادات ووقفها أمرا غاية في التعقيد. ومن المثير أن تمثال رأس الملكة الجميلة نفرتيتي زوجة اخناتون قد سافر مع البعثة الألمانية الي برلين واعلنوها ملكتهم ووضعوا صورتها علي الطوابع البريدية وفشلت كل المفاوضات لاسترداده وعودتها لبلدها مصر وروي أن هتلر قد وقع في غرامه وابتسامة الملكة الغامضة وذلك العنق الطويل وتفاصيل وجهها وروعة النحت الذي أثار هذا الزعيم النازي وأشار إليها قائلا( عليكي ان تبقي هنا). بينما تمثال الملك رمسيس الثاني بتورينو بإيطاليا, كما ان حجر رشيد مستقر في المتحف البريطاني وتمثال الكاتب الجالس بمتحف اللوفر بباريس في صحبة لوحة الأبراج السماوية مع آلاف القطع الأثرية, حتي ذقن ابو الهول لم يتركوها واحتفظوا بها, والحقيقة التي لا مفر منها ان تلك الدول تتعامل مع آثارنا باحترافية المستثمر الذي يعي قيمة الدجاجة التي تبيض ذهبآ بينما نحن مستمرون في اهدار الوقت والبكاء علي اللبن المسكوب وغيرنا يتربح ملايين الدولارات من آثارنا التي لم يقفوا عند ما حصلوا عليه من قطع أصلية منها بل امتد الأمر الي استنساخها ولعل أشهرها صورة طبق الأصل لمدينة الأقصر بالكامل بلاس فيجاس بأمريكا دون حماية لحقوق الملكية لهذه الحضارة المتفردة بقانون حماية الملكية الفكرية.. وما أحوجنا الآن إلي إعادة النظر في آثارنا القابعة في مخازن مثل من يضع أمواله تحت البلاطة وإخراجها للنور وإقامة معارض دولية لها وعمل مزادات علي القطع المكررة بدلا من دفنها وسرقتها, لا مجال للفكر المرتعش ولا للبيروقراطية في أكثر المواضيع حيوية والالتفات للمهاترات والجدل العقيم بين المؤيدين والمعارضين سيجعلنا مثل جحا وحماره. وعلينا الاختيار في ان نستمر في العسل, أو أن ننفض عنا الغطاء فلا الآثار ستعود ولا هؤلاء الفراعنة الملوك. علينا ان نتعامل مع ملف الآثار بفكر جديد خارج التابوت, خاصة أننا نعاني من أزمة حقيقة بغياب السياحة.. نريد من يجيد ادارة مواردنا بدلا ممكن يجيد إجراءات القروض..