أطلق عدد كبير من مواطني أسيوط صرخة مدوية لنجدنهم من الأدخنة الكثيفة التي تغطي سماء المحافظة بالكامل وتخنق سكانها بالمواد السامة التي تحملها تلك الأدخنة جراء قيام بعض المزارعين بإحراق المخلفات الزراعية دون أن يعوا خطورة هذا العمل وسط حالة من التراخي بين مسئولي الزراعة والبيئة في التصدي لتلك المخالفات التي أصابت المحافظة بأكملها, مشيرين إلي أن محافظ أسيوط لم يتحرك لوقف تلك الكوارث الصحية التي تهدد حياة مواطني اسيوط وخاصة كبار السن ممن يعانون من الأمراض الصدرية. يقول خالد محمد عيسي محاسب نواجه ذات المشكلة التي تطل علينا برأسها كل عام في مثل هذا التوقيت وهي حرق المخلفات الزراعية علي المكشوف وهو أمر في غاية الخطورة ورغم ذلك فالمأساة تتكرر سنويا ولا حياة لمن تنادي فالمسئولون يجلسون في مقاعد المتفرجين دون اتخاذ أية إجراءات حاسمة لوقف تلك المأساة التي تهدد أرواح البسطاء من أهالي أسيوط. ويشير عاطف عبد الله تاجر إلي أن الأدخنة الكثيفة التي غطت سماء أسيوط لم تترك شبرا واحد إلا واخترقته وتسببت في اختناق المواطنين لذا اعتقد ان سبب تقاعس المحافظ عن اتخاذ أية قرارات حاسمة في هذا الشأن يرجع إلي تسبب الأدخنة الكثيفة في حجب الرؤية عنه وهو ما انعكس علي قراراته السلبية تجاه تلك المأساة اليومية التي يعيشها أهالي مدينة أسيوط وقراها ونجوعها وتوابعها. ويضيف حمدي عبد العال مهندس أن الأدخنة الكثيفة تغطي سماء أسيوط وتخترق منازلنا والأطفال الصغار عاجزون عن التنفس وحاولنا غلق الأبواب والشبابيك الخاصة بالمنزل ولكن دون جدوي حيث اخترق الدخان الكثيف جدران المنزل وفوجئنا فيما بعد أن تلك الأدخنة الكثيفة ناتجة عن قيام بعض المزارعين بحرق مخلفاتهم الزراعية للتخلص منها دون تقدير حجم الكارثة والمعاناة التي يتسببون فيها لإيذاء الآخرين من المواطنين البسطاء. ويري عادل سويفي موظف أن السبب في تلك المأساة التي تتكرر سنويا بشكل غريب يرجع إلي حالة التراخي والمجاملات التي بات عليها مسئولو الزراعة والبيئة وتغاضيهم عن تحرير مخالفات ومحاضر للمخالفين فلو وجد المزارع العقاب القاسي لفعلته هذه ما قام بتلك المخالفة. ويوضح كمال عامر مزارع أن السبب في تلك المشكلة يكمن في أن المزارعين أغلبهم من أصحاب الملكيات الصغيرة أو الأرض المؤجرة ويسارعون لتجهيز الأراضي للمحاصيل الشتوية التي أصبحت تتغاير مواعيد زراعتها طبقا للظروف المناخية وخاصة مثل محاصيل البرسيم والفول البلدي والحلبة التي تحتاج إلي التبكير في زراعتها وهو ما يؤدي إلي حصاد جيد بالنسبة للفلاح أما الآثار السلبية الناتجة عن حرق تلك المخلفات في الغالب يكون الفلاح غير معني به لأنه لم يدرك خطورتها علي مستوي صحة الإنسان والحيوان أو حتي علي مستوي البيئة المحيطة به ولكن ما يهمه في النهاية العائد من المحاصيل الزراعية. ويشاركه الرأي حامد محمود عبد الرحيم مزارع قائلا نحن مضطرون لحرق تلك المخلفات حيث ان تكاليف الزراعة من ري وتجهيز للأرض وشراء البذور والسماد والكيماوي بات أمرا مكلفا للغاية ولا يتوازي مع عائدات المحاصيل الزراعية وهو ما يكلف الفلاح أعباء مالية ضخمة وهو ما يعني أنه ليس أمامه حل للتخلص من المخلفات الزراعية سوي بحرقها خاصة وأن نقل المخلفات الزراعية بعيدا عن الأرض سيكلفه مبالغ اضافية تتمثل في قيمة النقل وكذلك أجرة العمال الذين سيقومون بنقل تلك المخلفات إلي الجرار الزراعي وهي عملية مكلفة للغاية لذا نتمني من المسئولين توجيهنا إلي كيفية التخلص الآمن من تلك المخلفات ونحن علي أتم الاستعداد لتسليمها بالمجان للحكومة لتفعل بها كيفما تشاء وتستفيد بها قدر الاستفادة من خلال تلك المشروعات التي يرددونها بإعادة تدوير تلك المخلفات وصناعة الأسمدة وعلف للمواشي. فيما حذر الدكتور عاطف القرن أستاذ الأمراض الصدرية بكلية الطب جامعة أسيوط من هذا النوع من تلوث الهواء بالغازات الناتج عن احتراق الوقود الحيوي والذي يؤدي إلي انبعاث بعض الغازات الضارة والمهيجة والخانقة مثل ثاني وأول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين التي تؤدي إلي أعراض مثل ضيق التنفس والسعال والتهاب الحلق وتؤثر تأثيرا مباشرا علي الشعب الهوائية والرئتين وينتج عنها أمراض الالتهاب المزمن للشعب الهوائية والسدة الرئوية المزمنة وحساسية الصدر والأنف والتليف الرئوي بالإضافة إلي ضيق التنفس. من جانبه أكد المهندس إبراهيم سرور وكيل وزارة الزراعة بأسيوط أنه تم تشكيل لجان صباحية ومسائية لتحذير المزارعين من توقيع غرامة تقدر ب10 آلاف جنيه وحبس6 أشهر علي من يقومون بالحرق المكشوف, مشيرا إلي انه تم بالفعل تحرير عدة مخالفات لعدد من المزارعين خاصة وانه تم توفير شركة خاصة لتجميع المخلفات الزراعية بأبنوب والفتح والقوصية لاستغلالها في إنتاج السماد العضوي واعتبارا من الموسم المقبل سوف يتم تطبيق خطة وقائية لمنع الحرق من المصدر من خلال حصر المزروعات لدي المزارع وإلزامه بعدم التصرف بها وفي المقابل يتم إخطار الشركة بكميات المخلفات ومناطق تواجدها لجمعها من المزارعين والتخلص الآمن منها بدلا من حرقها بالأرض الزراعية التي تتضرر بالتأثير علي خصوبة الأرضي الزراعية بقتل الكائنات الحية الدقيقة النافعة الموجودة بالتربة نتيجة لحرارة النيران.