مأساة حقيقية عاشها أهالي مدينة أسيوط علي مدي الأيام الماضية بعدما وجدوا انفسهم تحت حصار الأدخنة التي اخترقت منازلهم وتسببت في العديد من حالات الاختناق سواء لكبار السن أو حتي الأطفال ممن يعانون من أمراض الحساسية والصدر حيث عادت السحابة السوداء كعادتها السنوية لتغطي سماء أسيوط الصافية وتصيب المواطنين بالاختناق جراء قيام المزارعين بحرق المخلفات الزراعية دون أن يعوا خطورة هذا العمل حيث يسارع المزارعون وأغلبهم من أصحاب الملكيات الصغيرة أو الأرض المؤجرة لتجهيز الأراضي للمحاصيل الشتوية حتي لا يتكلفوا أي أعباء إضافية لنقل تلك المخلفات. يقول أحمد مصطفي عبد الله مقيم بالوليدية فوجئنا بكميات كثيفة من الأدخنة تخترق المنزل فظننت في بادي الأمر أن أحد الأهالي قد قام بتنظيف الشارع وجمع القمامة ومن ثم إشعال النيران بها فخرجت من المنزل لأجد الدخان الكثيف يغطي الشارع ولكني لم اجد شيئا فحاولت إغلاق منافذ الشقة التي أقيم بها ولكن الدخان تسرب إلي الداخل حتي بدأ الأختناق يصيب الجميع فلم اجد أمامي حلا سوي الخروج لعدة ساعات. شاركه الرأي حسين محمود عطيه مدرس وأضاف: استيقظنا من النوم لنجد السماء مظلمة والأدخنة كثيفة وتخترق منازلنا والأطفال الصغار عاجزين عن التنفس وحاولنا غلق الأبواب والشبابيك الخاصة بالمنزل ولكن دون جدوي حيث أخترق الدخان الكثيف منافذ المنزل وعلمنا فيما بعد أن تلك الأدخنة الكثيفة ناتجة عن قيام بعض المزارعين بحرق مخلفاتهم الزراعية. ويوضح جمال سعد حامد موظف اننا في حيرة من أمرنا فلا يعقل أن يظل أهالي مدينة أسيوط وقراها تحت حصار الأدخنة الكثيفة التي تصعب عملية التنفس للجميع علي حدا سواء حيث لا يهتم المزارع سوي بمصلحته الشخصية بحرق تلك المخلفات وسط الحقول بحثا عن سرعة تجهيز الارض مبكرا ليتمكن من زراعة محاصيل البرسيم والفول البلدي والحلبة التي تحتاج إلي التبكير في زراعتها وهو ما يؤدي إلي حصاد جيد بالنسبة للفلاح أما الآثار السلبية الناتجة من حرق تلك المخلفات في الغالب يكون الفلاح غير معني بها لأنه لم يدرك خطورتها علي مستوي صحة الإنسان والحيوان أو حتي علي مستوي البيئة المحيطة به ولكن ما يهمه في النهاية العائد من المحاصيل الزراعية فيلجأ إلي التخلص سريعا من تلك المخلفات بحرقها في الهواء المكشوف وهنا تكمن المشكلة...!!! ويري محمود عويس مزارع أن تكاليف الزراعة من ري وتجهيز للأرض وشراء البذور والسماد والكيماوي بات أمرا مرهقا للغاية ولا يتساوي مع عائدات المحاصيل الزراعية وهو ما يكلف الفلاح أعباء مالية ضخمة وهو ما يعني أنه ليس أمامه حلا للتخلص من المخلفات الزراعية سوي بحرقها خاصة أن نقل المخلفات الزراعية بعيدا عن الأرض سيكلفه مبالغ أضافية. وقال عبد الناصر خليفة مزارع نعلم الأضرار الناتجة عن عمليات حرق المخلفات الزراعية ونحن أول المتضررين منها ولكن ماذا نفعل فنحن لا نجد أحدا من المسئولين يوجهنا إلي كيفية التخلص الأمن من تلك المخلفات او مكان نقلها لذا نقوم بحرقها خاصة أن تكلفة التخلص الأمن منها تكبد المزارعين مبالغ أضافية ونحن علي أتم الاستعداد لتسليمها بالمجان. وأشار فتحي عبد الوهاب مدرس إلي أن المحسوبيات والمجاملات هي التي أدت بنا إلي هذا الوضع الكارثي حيث أدي تخاذل مسئولي الزراعة والبيئة عن تحرير محاضر للمخالفين إلي انتشار تلك العادة السيئة التي تنشر في الجو سموما لا حصر لها وتتسبب في اصابة المواطنين بالامراض والاختناق لمرضي الصدر والربو. وحذر الدكتور عاطف القرن أستاذ الأمراض الصدرية بكلية الطب بجامعة أسيوطمن هذا النوع من أنواع تلوث الهواء بالغازات الناتج عن احتراق الوقود الحيوي والذي يؤدي إلي انبعاث بعض الغازات الضارة والمهيجة والخانقة مثل ثاني وأول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين التي تؤدي إلي أعراض مثل ضيق التنفس والسعال والتهاب الحلق تؤثر تأثيرا مباشرا علي الشعب الهوائية والرئتين وينتج عنها أمراض الالتهاب المزمن للشعب الهوائية والسدة الرئوية المزمنة وحساسية الصدر والأنف والتليف الرئوي بالإضافة إلي ضيق التنفس. ومن جانبه اكد مصطفي رشدي وكيل وزارة الزراعة بأسيوط أنه مع بداية حصاد المحاصيل الصيفية اعتبارا من شهر سبتمبر وأكتوبر من كل عام تبدأ ظاهرة السحابة السوداء في سماء محافظة أسيوط نتيجة لقيام بعض المزارعين بالحرق المكشوف للمخلفات الزراعية بهدف التخلص منها غير مبالين بالأضرار الناتجة عن هذا التصرف وأثاره علي مرضي الصدر وكبار السن والأطفال علاوة علي التأثير علي خصوبة الأرضي الزراعية بقتل الكائنات الحية الدقيقة النافعة الموجودة بالتربة نتيجة لحرارة النيران وللحد من هذه الظاهرة قمنا بشن حملات إرشادية مكبرة تم خلالها شرح الآثار السيئة للحرق المكشوف وطرق الاستفادة من المخلفات الزراعية بعمل الكومات السمادية والأعلاف الحيوانية غير التقليدية وفي ذات الوقت يتم إرسال إسماء المخالفين إلي جهاز شئون البيئة لتحرير محاضر للمزارعين لردعهم.