الدولة تضع التمكين فى صدارة أولوياتها.. والمجلس يرفع تقاريره مباشرة للرئيس    مصدر يكشف موعد عودة المياه بعد كسر مفاجئ في خط رئيسي أمام مستشفى أم المصريين    خلافات بين اسرائيل والولايات المتحدة حول الانتقال للمرحلة الثانية من خطة ترامب    أمريكا تحاصر الإخوان تشريعيا بعد تحركاتها التنفيذية.. مشروع قانون يلزم الرئيس ترامب بإخضاع الجماعة لعقوبات صارمة.. تجميد الأصول وحظر تأشيرات أبرز المقترحات.. وقيادات التنظيم تواجه مخاطر كبيرة بعد المستجدات    ماريسكا يعلن تشكيل تشيلسي أمام ليدز يونايتد في البريميرليج    كأس إيطاليا.. تعرف على تشكيل إنتر ميلان أمام فينيزيا    «كى چى» تحت التهديد| الطفل وحده فى المواجهة.. والتوعية تحد من جرائم التحرش    إغلاق مخبزين وضبط أصحابهما بالبدرشين والحوامدية    طرح البوسترات الرسمية لمسلسل «سنجل ماذر فاذر» قبل عرضه    أكرم القصاص: المرحلة الثانية من الانتخابات أكثر انضباطا وتدخل الرئيس السيسي حاسم    مها محمد: كوليس ورد وشيكولاتة أجمل من التصوير    مهرجان البحر الأحمر السينمائي يكشف عن لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة    صحة الإسماعيلية تختتم دورة السلامة المهنية داخل معامل الرصد البيئي    قرارات جديدة تعزز جودة الرعاية الصحية.. اعتماد 19 منشأة صحية وفق معايير GAHAR المعتمدة دوليًا    بإطلالة جريئة.. رزان مغربي تفاجئ الجمهور في أحدث ظهور    رئيس جامعة طنطا يفتتح فعاليات هاكاثون 2025 لتحالف جامعات إقليم الدلتا    «هربنا قبل أن نغرق».. شهادات مروّعة من قلب الفيضانات التي ضربت نصف القارة الآسيوية    لأول مرّة| حماية إرادة الناخبين بضمان رئاسى    اتفاق تاريخي بين كاف والقناة الرابعة البريطانية بشأن بث مباريات أمم إفريقيا    في حوار ل"البوابة نيوز".. رامي حمادة يكشف سر فوز فلسطين على قطر وطموحات المباريات المقبلة    كأس إيطاليا.. أتالانتا يضرب جنوى برباعية نظيفة ويعبر إلى الدور القادم    مجموعة مصر.. الأردن يضرب الإمارات بهدف على علوان في شوط أول نارى    هل يجوز التصدق من أرباح البنوك؟| أمين الفتوى يجيب    بدء تحصيل الزيادة الجديدة فى قانون الإيجار القديم اول ديسمبر    انتهاء ترميم المبانى الأثرية بحديقتى الحيوان والأورمان    هل يعتبر مريض غازات البطن من أصحاب الأعذار ؟| أمين الفتوى يجيب    أحمد فهمي يكشف تفاصيل رسالة هنا الزاهد بعد الطلاق    أهالي السيدة نفيسة يوزعون الشربات على الزائرين في المولد.. صور    ما حقيقة انتشار الدواجن السردة بالأسواق المحلية وتأثيرها على صحة المواطنين؟    الخارجية السورية: وفد سفراء مجلس الأمن يزور دمشق    عون: لبنان تعب من المهاترات التي مزقته    حبس المتهمين باستغلال شيكات مزورة باسم الفنانة بوسي 3 سنوات    الخامس في قنا.. القبض على " قرموش" لشراء اصوات الناخبين    القبض على 4 أشخاص بحوزتهم مبالغ مالية بمحيط لجان انتخابية في جرجا    لجنة إدارة الإسماعيلي تؤكد سعيها لحل أزمات النادي المالية وإنهاء قضايا الفيفا    الجيزة تنفّذ حملة مكبرة بعثمان محرم لإزالة الإشغالات وإعادة الانضباط إلى الشارع    مياه الشرب بالجيزة: كسر مفاجئ بخط مياه قطر 1000 مم أمام مستشفى أم المصريين    «الري» تتعاقد على تنفيذ التغذية الكهربائية لمحطتي البستان ووادي الصعايدة    في يومهم العالمي.. 5 رسائل من الأزهر لكل أسرة ترعى طفلا من ذوي الإعاقة    المفوضية الأوروبية تتقدم باقتراح بشأن قرض لتمويل تعويضات لكييف    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    ما مصير امتحانات الثانوية العامة بعد بلوغ «عبد الحكم» سن المعاش؟.. تفاصيل    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    ريهم عبدالغفور تحيي ذكرى وفاة والدها الثانية: "فقدت أكتر شخص بيحبني"    انعقاد الاجتماع الرابع للجنة الفنية المصرية – التونسية للتعاون الاستثماري    دونالد ترامب يحضر قرعة كأس العالم 2026    في اليوم العالمي لذوي الهمم.. انتصار السيسي: وجودكم يضيف قيمًا وإنسانية وجمالًا لا يُقدّر بثمن    الأرصاد: استمرار انخفاض درجات الحرارة الملحوظ على مختلف أنحاء البلاد.. فيديو    أطعمة تعالج الأنيميا للنساء، بسرعة وفي وقت قياسي    الصحة تعلن ضوابط حمل الأدوية أثناء السفر| قواعد إلزامية لتجنب أي مشكلات قانونية    لاول مرة فى مستشفي شبين الكوم بالمنوفية..استخراج ملعقة من بطن سيدة مسنة أنقذت حياتها    هالاند: الوصول ل200 هدف في الدوري الإنجليزي؟ ولم لا    وزير البترول والثروة المعدنية يستعرض إصلاحات قطاع التعدين ويبحث شراكات استثمارية جديدة    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب 2025    توافد الناخبين للتصويت في جولة الإعادة بانتخابات النواب بالإسكندرية| صور    أسعار الفراخ والبيض اليوم الاربعاء 3-12-2025 في الأقصر    الأمم المتحدة تحتفل باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليقين.. وتقدم الأمم
نشر في الأهرام المسائي يوم 14 - 10 - 2016

من مشكلات الحياة تولد المعاناة ومنها يتولد التحدي والإرادة ولاسيما اذا كان هناك يقين ينمي في المرء القدرة علي الصراع والنجاح والاستمرار في الحياة.والمتأمل في واقع الكثيرين يلاحظ ان غياب اليقين بل وافتقاده من أسباب كثير من المشاكل التي تعانيها المجتمعات التي تدعوها أساسا عقيدتها للإيمان واليقين الكامل في الله.
والمتأمل لحال الكثير من أبناء الأمة يري أن تراجعهم عن ركب الأمم الأخري ربما كان من أسبابه عدم اليقين في الله وعدم الاخذ بالأسباب.
وحول أهمية اليقين في التقدم بالأمة واللحاق بركب الأمم وكيفية غرسه في النفوس يقول الدكتور هشام عبد العزيز أستاذ التفسير من علماء الأوقاف إن الله عزوجل أمر خليله إبراهيم عليه السلام بأن يذهب بالسيدة هاجر وابنها سيدنا إسماعيل عليه السلام بعيدا ويبتعد بهما عن سارة, التي اغتمت كثيرا وثقل عليها أمر هاجر وولدها إسماعيل, بعد أن صار لها ولد. أذعن إبراهيم لأمر ربه, فخرج بهاجر وابنها إسماعيل, وهو لا يدري إلي أين يأخذهما, فكان كلما مر بمكان أعجبه فيه شجر ونخل وزرع قال: إلي ههنا يا رب؟ فيجيبه جبريل عليه السلام: إمض يا إبراهيم. وظل هو وهاجر سائرين, ومعهما ولدهما إسماعيل حتي وصلوا
في مكان بعيد في صحراء مكة القاحلة.. حيث لا زرع ولا ماء.. ولا أنيس ولا رفيق.. ذهب بها الخليل وتركها هي ووليدها الصغير... دون زاد أو متاع ثم مضي في طريقه..
فنادته السيدة هاجر: يا إبراهيم! أين تذهب وتتركنا في هذه الصحراء؟! فلم يلتفت إليها الخليل, فهو علي يقين من وعد الله الذي لا يتخلف ولا يخيب.
فكررت النداء ولكنها أيقنت بأن هناك أمرا ما يمنع زوجها من الرد عليها-: آلله أمرك بذلك؟
فيرد الخليل: نعم.
فتقول السيدة هاجر التي أيقنت بربها, وعرفت معني اليقين بصدق وعد الرحمن الرحيم, وفهمت كيف تكون معينة لزوجها علي طاعة ربها, تقول في غير شك ولا قلق: إذن فامض لما أمرك الله فإنه لا يضيعنا. وانصرف سيدنا إبراهيم- عليه السلام- وهو علي يقين من ربه بأنه سبحانه لا ولم ولن يضيع من اعتمد عليه وأيقن بكماله وجماله وجلاله سبحانه وتعالي. ومع اليقين والثقة المطلقة برب العباد لا بد من العمل بالأسباب فيناجي ربه وخليله سبحانه قائلا ومناجيا:( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون* ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفي علي الله من شيء في الأرض ولا في السماء.]( سورة إبراهيم:37-38). ومضي الخليل في سفره الطويل, والزوجة الحنون لا ماء ولا زاد, ويبكي الطفل جوعا وعطشا ويتلوي, ويصرخ, ويتردد في الصحراء والجبال صراخه.
والأم علي يقين تام بأن الله عزوجل لن يضيعهما ومع اليقين والمعرفة التامة بالله يأتي الأخذ بالأسباب والعمل والسعي فتصعد الأم علي جبل الصفا, لتنظر أحدا ينقذها هي وطفلها من الهلاك, أو تجد بعض الطعام أو الشراب. ولكنها لا تجد فتنزل مسرعة وتصعد علي جبل المروة, وتفعل ذلك سبع مرات حتي ألم بها النصب, وكما قال مولانا جل شأنه في كتابه المنزل علي لسان نبيه المرسل( إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا) فيبعث الله عزوجل جبريل- عليه السلام- فيضرب الأرض بجناحيه لتخرج عين ماء عذبا فراتا يحيي الله به العباد والبلاد بجانب الطفل الرضيع, فتهرول الأم نحوها وقلبها ينطلق بحمد الله علي نعمته, وجعلت تغرف من مائها, وتقول لعين الماء: زمي زمي, فسميت هذه العين زمزم.
هذه هي السيدة هاجر رضي الله عنها أم الذبيح وأم العرب العدنانيين, رحلت عنا بعدما تركت لنا مثالا رائعا للزوجة المطيعة, والأم الحانية, والمؤمنة القوية; فقد أخلصت النية لله تعالي, فرعاها في وحشتها, وأمنها في غيبة زوجها, ورزقها وطفلها من حيث لا تحتسب.
وقد وردت مادة( يقن) في القرآن الكريم في عشرين آية باشتقاقات مختلفة, موزعة علي أربع عشرة سورة, فكن كأهل اليقين بعضهم أيقن فتحرك واجتهد واستقام, وأعطي ومنع وبذل, وبعضهم كان شاكا ومترددا فأحجم, فإذا أردت أن تفسر الإحجام والإقدام, والاستقامة وعدمها التضحية والحرص, لا يفسر هذا إلا باليقين, ورد في الأثر:( تبارك الذي قسم العقل بين عباده أشتاتا, إن الرجلين ليستوي عملهما وبرهما, وصومهما وصلاتهما, ويختلفان في العقل, كالذرة جنب أحد, وما قسم الله لعباده نصيبا أوفر من العقل واليقين والموقن يعمل ويتعب بدون كلل أو ملل, بتوكل لا تواكل, أما غير الموقن: فتراه كسولا خمولا محجما مترددا مترقبا, يعني في حيرة في ضياع. ويشير دكتور هشام إلي ان الإنسان قد يمرض مرضا عضالا فييأس؟ لأنه ليس موقنا أن الله قادر علي شفائه, ضعيف يقين, لو أيقن أن الله يشفيه, مهما يكن مرضه عضالا, لما أصابه اليأس أبدا,و الفقير ييأس لأن يقينه بأن الله بقدرته أن يغنيه, ضعيف هذا اليقين فلو أيقن لما يئس فأخطر أمراض النفس: اليأس, والقنوط, والكآبة, والكسل والجهل بالله تعالي( فتوكل علي الله إنك علي الحق المبين) لقول العلماء ان اليقين إذا وصل إلي القلب, امتلأ نورا وإشراقا, وانتفي عنه كل ريب وسخط وهم وغم, فامتلأ محبة لله, وخوفا منه, ورضي به, وشكرا له, وتوكلا عليه, وإنابة إليه, فهو مادة جميع المقامات والحامل لها. يقول الإمام الجنيد: اليقين هو استقرار العلم
فكل أنواع الهموم والأحزان, مردها الشك بوعد الله, والسخط علي قضاء الله, الحزن والهم, الآلام النفسية كلها أسبابها: الشك في ما وعدك الله به, والسخط علي قضاء الله, والسعادة النفسية كلها أساسها اليقين والرضا, أيقنت بوعد الله ورضيت بقضائه ويقول الدكتور اشرف فهمي مديرعام المتابعة والتفتيش الفني بوزارة الاوقاف: يتحصل علي اليقين بالتقرب إلي الله العلي الكبير بالذكر والتوكل عليه مع الأخذ بالأسباب, والإخلاص في القول والعمل, وأن الله هو مقسم أرزاق الكائنات, ومقدر الآجال, ولن تموت نفس حتي تستوفي رزقها وأجلها وأن من أثر اليقين علي الفرد والمجتمع أنه يصل به إلي السمو الروحي, وهو الأنس والاكتفاء والاعتماد علي الله عز وجل, ولهذه الصفة ثمرات عظيمة جدا في الحياة الدنيا. ويوضح فهمي أن أعمال القلوب تملأ النفس راحة وطمأنينة, وإذا ملئت القلوب بالخير نالت من الله الخير الكثير, يقول تعالي: إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم, فتحيا به القلوب وتسكن به الأنفس وتنشرح به الصدور, وعلي قدر قوة اليقين يكون مقدار الإيمان ويكون مقدار الأعمال الصالحة, ويكون مقدار التزكية للنفس,( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون){ السجدة:24}, فما أحوجنا إلي اليقين بالله, فهو دليل علي الإيمان الراسخ, وعلي العمل الصالح, وما سبق أبو بكر( رضي الله عنه) إخوانه من الصحابة بكثرة صلاة وكثرة صيام وإنما بشيء وقر في قلبه وصدقه العمل فقد بلغ اليقين, وهكذا كان الصحابة( رضي الله عنهم), حيث وصفهم الله في القرآن الكريم وأثني عليهم فقال:( هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم) وقال تعالي:( فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا وما أشد قوة يقين سيدنا بلال( رضي الله عنه) لما عذب أشد العذاب علي يد صناديد قريش ومع ذلك كان يقول( أحد أحد) ولم يتزعزع إيمانه, بل إنه بلغ اليقين, فلما جاءه الموت قال: غدا ألقي الأحبة محمدا وصحبه, لهذا أعطاهم الله العزة والنصر والتمكين. فيجب ان نحمل أنفسنا علي اليقين, فحالنا يقول( يقيننا بالله يقينا من عذاب الله), يقول الله جل وعلا في وصف عباده المؤمنين:( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلي ربهم يتوكلون).
ولنعلم أن الله عز وجل ذم من لم يوقنوا بالدنيا والآخرة, فقال سبحانه وتعالي:( وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين) فلما حرموا اليقين وقعوا في المعاصي والآثام, حين حرموا اليقين وقعوا في الشك بالله خالقهم فجاءهم الشك فقالوا:( أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب), فرد عليهم ربنا جل علاه بقوله( أفي الله شك). وقد اشتملت سورة العصر علي درجات اليقين الثلاث:
الدرجة الأولي: علم اليقين, وهي انكشاف المعلوم للقلب, بحيث يشاهده ولا يشك فيه كانكشاف المرئي للبصر.
والدرجة الثانية: عين اليقين, أي مشاهدة المعلوم بالأبصار, والدرجة الثالثة: حق اليقين, وهي أعلي درجات اليقين لقوله تعالي في سورة التكاثر: كلا لو تعلمون علم اليقين* لترون الجحيم* ثم لترونها عين اليقين أي ترونها معاينة بالأبصار موقنين حقيقتها, ثم قال تعالي: ثم لتسألن يومئذ عن النعيم أي لتسألن يوم القيامة عن نعيم الدنيا من صحة الأبدان والأسماع والأبصار والمأكل والمشرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.