هل يحتفل بفوز الزمالك؟.. إمام عاشور يعلق على خسارة الأهلي    حجازي يوجه بتشكيل لجنة للتحقيق في ترويج إحدى المدارس الدولية لقيم وأخلاقيات مرفوضة    ننشر جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني لجميع المراحل في بني سويف    برلماني عن تدريس المثلية في مدرسة ألمانية بالقاهرة: الغرب يحاول اقتحام المجتمعات    المصريون سحبوا 32.5 مليار جنيه من ماكينات البنك الأهلي عبر 13.6 مليون عملية    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: مقترح ببيع الفينو بالكيلو.. و11 غطاسًا يواصلون البحث عن جثمان غريق الساحل الشمالي    سيدتا البيت الأبيض «جيل وميلانيا».. نجمتا الحملات الرئاسية في الانتخابات الأمريكية 2024    "بوليتيكو": تكشف عن جمهوري جديد يدعم مبادرة عزل رئيس مجس النواب الأمريكي من منصبه    رئيس جامعة الأقصر يشهد انعقاد الاجتماع الأول لمجلس إدارة بروتوكول التعاون مع تجارة أسيوط    نوران جوهر تتوج بلقب «بلاك بول» للإسكواش    أرتيتا يزيد الشكوك قبل مواجهة بايرن ميونيخ غدا    جثتها ظلت معلقة.. سقوط فتاة بشكل مأساوي من الشرفة في فيصل    النيابة العامة تنشر فيديو مرافعتها في قضية حبيبة الشماع (فيديو)    هند عاكف تصل عزاء الراحلة شيرين سيف النصر بالحامدية الشاذلية    بمشي معاه.. حمادة هلال يتحدث عن الجن ب مسلسل "المداح"    بالفيديو.. خالد الجندي: الأئمة والعلماء بذلوا مجهودا كبيرًا من أجل الدعوة في رمضان    إحالة 5 من العاملين بوحدة تزمنت الصحية في بني سويف للتحقيق لتغيبهم عن العمل    بني سويف..إحالة 5 من العاملين بالوحدة الصحية بتزمنت للتحقيق لتغيلهم عن العمل    محافظ دمياط تناقش استعدادات مدينة رأس البر لاستقبال شم النسيم وموسم صيف 2024    هانى سرى الدين: نحتاج وضع خطة ترويجية لتحسين المنتج العقاري ليكون قابلًا للتصدير    وزارة النقل العراقية توضح حقيقة فيديو الكلاب الشاردة في مطار بغداد الدولي    لجنة متابعة إجراءات عوامل الأمن والسلامة لحمامات السباحة تزور نادي كفر الشيخ الرياضي    أنشيلوتى: لدى ثقة فى اللاعبين وسنكون الأبطال غدا أمام السيتى    "من 4 إلى 9 سنين".. تعرف على سن التقدم للمدارس اليابانية والشروط الواجب توافرها (تفاصيل)    روشتة صحية لمواجهة رياح الخماسين غدا.. وهؤلاء ممنوعون من الخروج للشارع    خبير تغذية يحذر من هذه العادات: تزيد الوزن "فيديو"    برلمانية: التصديق على قانون «رعاية المسنين» يؤكد اهتمام الرئيس بكل طوائف المجتمع    بالشيكولاتة.. رئيس جامعة الأزهر يحفز العاملين بعد عودتهم من إجازة العيد.. صور    وزيرة الثقافة تُجدد الثقة في محمد رياض رئيسا للمهرجان القومي للمسرح    أحمد حسام ميدو يكشف عن أكثر شخصية جاذبة للستات    برلماني عن المثلية في المدارس الألمانية: "بعت للوزارة ومردتش عليا" (فيديو)    شولتس يعلن اتفاقه مع شي على التنسيق بشأن مؤتمر السلام الخاص بأوكرانيا    فوز العهد اللبناني على النهضة العماني بذهاب نهائي كأس الاتحاد الآسيوي    إصابة فني تكييف إثر سقوطه من علو بالعجوزة    ضبط 7300 عبوة ألعاب نارية في الفيوم    فانتازي يلا كورة.. دفاع إيفرتون يتسلح بجوديسون بارك في الجولة المزدوجة    الخميس.. "بأم عيني 1948" عرض فلسطيني في ضيافة الهناجر    أوبل تستبدل كروس لاند بفرونتيرا الجديدة    انطلاق المعسكر المفتوح لمنتخب 2007.. ومباراتان وديتان أمام ديروط و التليفونات    بعد تحذيرات العاصفة الترابية..دعاء الرياح والعواصف    عالم بالأوقاف: يوضح معني قول الله" كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ"؟    الحرية المصري يشيد بدور التحالف الوطني للعمل الأهلي في دعم المواطنين بغزة    وزير التعليم: مد سن الخدمة للمُعلمين| خاص    توقعات برج الدلو في النصف الثاني من أبريل 2024: فرص غير متوقعة للحب    هل يجوز العلاج في درجة تأمينية أعلى؟.. ضوابط علاج المؤمن عليه في التأمينات الاجتماعية    فصل التيار الكهربائي "الأسبوع المقبل" عن بعض المناطق بمدينة بني سويف 4 أيام للصيانة    سلوفاكيا تعارض انضمام أوكرانيا لحلف الناتو    توفير 319.1 ألف فرصة عمل.. مدبولي يتابع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    ناقد رياضي يوضح أسباب هزيمة النادي الأهلى أمام الزمالك في مباراة القمة    طلبها «سائق أوبر» المتهم في قضية حبيبة الشماع.. ما هي البشعة وما حكمها الشرعي؟    مستشار المفتي من سنغافورة: القيادة السياسية واجهت التحديات بحكمة وعقلانية.. ونصدر 1.5 مليون فتوى سنويا ب 12 لغة    بضربة شوية.. مقتل منجد في مشاجرة الجيران بسوهاج    المؤبد لمتهم و10 سنوات لآخر بتهمة الإتجار بالمخدرات ومقاومة السلطات بسوهاج    رئيس جهاز العبور يتفقد مشروع التغذية الكهربائية لعددٍ من الموزعات بالشيخ زايد    ميكنة الصيدليات.. "الرعاية الصحية" تعلن خارطة طريق عملها لعام 2024    جوتيريش: بعد عام من الحرب يجب ألا ينسى العالم شعب السودان    «لا تتركوا منازلكم».. تحذير ل5 فئات من الخروج خلال ساعات بسبب الطقس السيئ    دعاء السفر قصير: اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليقين.. وتقدم الأمم
نشر في الأهرام المسائي يوم 14 - 10 - 2016

من مشكلات الحياة تولد المعاناة ومنها يتولد التحدي والإرادة ولاسيما اذا كان هناك يقين ينمي في المرء القدرة علي الصراع والنجاح والاستمرار في الحياة.والمتأمل في واقع الكثيرين يلاحظ ان غياب اليقين بل وافتقاده من أسباب كثير من المشاكل التي تعانيها المجتمعات التي تدعوها أساسا عقيدتها للإيمان واليقين الكامل في الله.
والمتأمل لحال الكثير من أبناء الأمة يري أن تراجعهم عن ركب الأمم الأخري ربما كان من أسبابه عدم اليقين في الله وعدم الاخذ بالأسباب.
وحول أهمية اليقين في التقدم بالأمة واللحاق بركب الأمم وكيفية غرسه في النفوس يقول الدكتور هشام عبد العزيز أستاذ التفسير من علماء الأوقاف إن الله عزوجل أمر خليله إبراهيم عليه السلام بأن يذهب بالسيدة هاجر وابنها سيدنا إسماعيل عليه السلام بعيدا ويبتعد بهما عن سارة, التي اغتمت كثيرا وثقل عليها أمر هاجر وولدها إسماعيل, بعد أن صار لها ولد. أذعن إبراهيم لأمر ربه, فخرج بهاجر وابنها إسماعيل, وهو لا يدري إلي أين يأخذهما, فكان كلما مر بمكان أعجبه فيه شجر ونخل وزرع قال: إلي ههنا يا رب؟ فيجيبه جبريل عليه السلام: إمض يا إبراهيم. وظل هو وهاجر سائرين, ومعهما ولدهما إسماعيل حتي وصلوا
في مكان بعيد في صحراء مكة القاحلة.. حيث لا زرع ولا ماء.. ولا أنيس ولا رفيق.. ذهب بها الخليل وتركها هي ووليدها الصغير... دون زاد أو متاع ثم مضي في طريقه..
فنادته السيدة هاجر: يا إبراهيم! أين تذهب وتتركنا في هذه الصحراء؟! فلم يلتفت إليها الخليل, فهو علي يقين من وعد الله الذي لا يتخلف ولا يخيب.
فكررت النداء ولكنها أيقنت بأن هناك أمرا ما يمنع زوجها من الرد عليها-: آلله أمرك بذلك؟
فيرد الخليل: نعم.
فتقول السيدة هاجر التي أيقنت بربها, وعرفت معني اليقين بصدق وعد الرحمن الرحيم, وفهمت كيف تكون معينة لزوجها علي طاعة ربها, تقول في غير شك ولا قلق: إذن فامض لما أمرك الله فإنه لا يضيعنا. وانصرف سيدنا إبراهيم- عليه السلام- وهو علي يقين من ربه بأنه سبحانه لا ولم ولن يضيع من اعتمد عليه وأيقن بكماله وجماله وجلاله سبحانه وتعالي. ومع اليقين والثقة المطلقة برب العباد لا بد من العمل بالأسباب فيناجي ربه وخليله سبحانه قائلا ومناجيا:( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون* ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفي علي الله من شيء في الأرض ولا في السماء.]( سورة إبراهيم:37-38). ومضي الخليل في سفره الطويل, والزوجة الحنون لا ماء ولا زاد, ويبكي الطفل جوعا وعطشا ويتلوي, ويصرخ, ويتردد في الصحراء والجبال صراخه.
والأم علي يقين تام بأن الله عزوجل لن يضيعهما ومع اليقين والمعرفة التامة بالله يأتي الأخذ بالأسباب والعمل والسعي فتصعد الأم علي جبل الصفا, لتنظر أحدا ينقذها هي وطفلها من الهلاك, أو تجد بعض الطعام أو الشراب. ولكنها لا تجد فتنزل مسرعة وتصعد علي جبل المروة, وتفعل ذلك سبع مرات حتي ألم بها النصب, وكما قال مولانا جل شأنه في كتابه المنزل علي لسان نبيه المرسل( إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا) فيبعث الله عزوجل جبريل- عليه السلام- فيضرب الأرض بجناحيه لتخرج عين ماء عذبا فراتا يحيي الله به العباد والبلاد بجانب الطفل الرضيع, فتهرول الأم نحوها وقلبها ينطلق بحمد الله علي نعمته, وجعلت تغرف من مائها, وتقول لعين الماء: زمي زمي, فسميت هذه العين زمزم.
هذه هي السيدة هاجر رضي الله عنها أم الذبيح وأم العرب العدنانيين, رحلت عنا بعدما تركت لنا مثالا رائعا للزوجة المطيعة, والأم الحانية, والمؤمنة القوية; فقد أخلصت النية لله تعالي, فرعاها في وحشتها, وأمنها في غيبة زوجها, ورزقها وطفلها من حيث لا تحتسب.
وقد وردت مادة( يقن) في القرآن الكريم في عشرين آية باشتقاقات مختلفة, موزعة علي أربع عشرة سورة, فكن كأهل اليقين بعضهم أيقن فتحرك واجتهد واستقام, وأعطي ومنع وبذل, وبعضهم كان شاكا ومترددا فأحجم, فإذا أردت أن تفسر الإحجام والإقدام, والاستقامة وعدمها التضحية والحرص, لا يفسر هذا إلا باليقين, ورد في الأثر:( تبارك الذي قسم العقل بين عباده أشتاتا, إن الرجلين ليستوي عملهما وبرهما, وصومهما وصلاتهما, ويختلفان في العقل, كالذرة جنب أحد, وما قسم الله لعباده نصيبا أوفر من العقل واليقين والموقن يعمل ويتعب بدون كلل أو ملل, بتوكل لا تواكل, أما غير الموقن: فتراه كسولا خمولا محجما مترددا مترقبا, يعني في حيرة في ضياع. ويشير دكتور هشام إلي ان الإنسان قد يمرض مرضا عضالا فييأس؟ لأنه ليس موقنا أن الله قادر علي شفائه, ضعيف يقين, لو أيقن أن الله يشفيه, مهما يكن مرضه عضالا, لما أصابه اليأس أبدا,و الفقير ييأس لأن يقينه بأن الله بقدرته أن يغنيه, ضعيف هذا اليقين فلو أيقن لما يئس فأخطر أمراض النفس: اليأس, والقنوط, والكآبة, والكسل والجهل بالله تعالي( فتوكل علي الله إنك علي الحق المبين) لقول العلماء ان اليقين إذا وصل إلي القلب, امتلأ نورا وإشراقا, وانتفي عنه كل ريب وسخط وهم وغم, فامتلأ محبة لله, وخوفا منه, ورضي به, وشكرا له, وتوكلا عليه, وإنابة إليه, فهو مادة جميع المقامات والحامل لها. يقول الإمام الجنيد: اليقين هو استقرار العلم
فكل أنواع الهموم والأحزان, مردها الشك بوعد الله, والسخط علي قضاء الله, الحزن والهم, الآلام النفسية كلها أسبابها: الشك في ما وعدك الله به, والسخط علي قضاء الله, والسعادة النفسية كلها أساسها اليقين والرضا, أيقنت بوعد الله ورضيت بقضائه ويقول الدكتور اشرف فهمي مديرعام المتابعة والتفتيش الفني بوزارة الاوقاف: يتحصل علي اليقين بالتقرب إلي الله العلي الكبير بالذكر والتوكل عليه مع الأخذ بالأسباب, والإخلاص في القول والعمل, وأن الله هو مقسم أرزاق الكائنات, ومقدر الآجال, ولن تموت نفس حتي تستوفي رزقها وأجلها وأن من أثر اليقين علي الفرد والمجتمع أنه يصل به إلي السمو الروحي, وهو الأنس والاكتفاء والاعتماد علي الله عز وجل, ولهذه الصفة ثمرات عظيمة جدا في الحياة الدنيا. ويوضح فهمي أن أعمال القلوب تملأ النفس راحة وطمأنينة, وإذا ملئت القلوب بالخير نالت من الله الخير الكثير, يقول تعالي: إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم, فتحيا به القلوب وتسكن به الأنفس وتنشرح به الصدور, وعلي قدر قوة اليقين يكون مقدار الإيمان ويكون مقدار الأعمال الصالحة, ويكون مقدار التزكية للنفس,( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون){ السجدة:24}, فما أحوجنا إلي اليقين بالله, فهو دليل علي الإيمان الراسخ, وعلي العمل الصالح, وما سبق أبو بكر( رضي الله عنه) إخوانه من الصحابة بكثرة صلاة وكثرة صيام وإنما بشيء وقر في قلبه وصدقه العمل فقد بلغ اليقين, وهكذا كان الصحابة( رضي الله عنهم), حيث وصفهم الله في القرآن الكريم وأثني عليهم فقال:( هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم) وقال تعالي:( فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا وما أشد قوة يقين سيدنا بلال( رضي الله عنه) لما عذب أشد العذاب علي يد صناديد قريش ومع ذلك كان يقول( أحد أحد) ولم يتزعزع إيمانه, بل إنه بلغ اليقين, فلما جاءه الموت قال: غدا ألقي الأحبة محمدا وصحبه, لهذا أعطاهم الله العزة والنصر والتمكين. فيجب ان نحمل أنفسنا علي اليقين, فحالنا يقول( يقيننا بالله يقينا من عذاب الله), يقول الله جل وعلا في وصف عباده المؤمنين:( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلي ربهم يتوكلون).
ولنعلم أن الله عز وجل ذم من لم يوقنوا بالدنيا والآخرة, فقال سبحانه وتعالي:( وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين) فلما حرموا اليقين وقعوا في المعاصي والآثام, حين حرموا اليقين وقعوا في الشك بالله خالقهم فجاءهم الشك فقالوا:( أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب), فرد عليهم ربنا جل علاه بقوله( أفي الله شك). وقد اشتملت سورة العصر علي درجات اليقين الثلاث:
الدرجة الأولي: علم اليقين, وهي انكشاف المعلوم للقلب, بحيث يشاهده ولا يشك فيه كانكشاف المرئي للبصر.
والدرجة الثانية: عين اليقين, أي مشاهدة المعلوم بالأبصار, والدرجة الثالثة: حق اليقين, وهي أعلي درجات اليقين لقوله تعالي في سورة التكاثر: كلا لو تعلمون علم اليقين* لترون الجحيم* ثم لترونها عين اليقين أي ترونها معاينة بالأبصار موقنين حقيقتها, ثم قال تعالي: ثم لتسألن يومئذ عن النعيم أي لتسألن يوم القيامة عن نعيم الدنيا من صحة الأبدان والأسماع والأبصار والمأكل والمشرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.