يقول آخر رقم منسوب لوزارة الزراعة إن عدد الحمير في مصر هو2.8 مليون..أخبار الحمير طفت الي السطح في وسائل الإعلام كافة في الشهور الستة الأخيرة مع العثور علي جثث حمير مذبوحة ومسلوخة وأحاديث عن أن لحوم بعض هذه الحمير وجدت طريقها الي معدة بعض المواطنين. لم يتحدث أحد عن تصدير الجلود الي الصين أو عن تأثير التصدير علي ما تملكه مصر من الحمير. في إطار الانسياق وراء الإثارة طلع بعض مشايخ الأزهر بفتاوي حول حل وحرمة تناول لحوم الحمير البلدية وأن ما هو حلال هو لحوم الحمر الوحشية. لم يقل أحد منهم ما هي الحمر الوحشية وإن كانت لا تزال موجودة وأين؟ وحتي لا يفوتهم الشو الإعلامي أدلي الأطباء البيطريون بدلوهم في إرشاد المواطنين الي الفروق بين لحم الحمير واللحوم الأخري ولم يفت الأطباء البشريون أن يتحدثوا عن تأثير تناول لحوم الحمير علي صحة الإنسان. جزء من الإثارة الحالية مرتبط بغلاء الأسعار في مصر ومعاناة الفقراء. لكن الحمار في مصر حمال أسية. البعض يعتبره مسئولا عن مشاكل مصر الاقتصادية والبعض يري فيه حلا لهذه المشاكل. تولي الدكتور عبدالرزاق عبدالمجيد وهو خبير تخطيط دولي مرموق مناصب وزير التخطيط والمالية ونائب رئيس الوزراء في عهدي الرئيسين أنور السادات وحسني مبارك. كان للدكتور عبدالمجيد موقف عدائي من الحمير حيث حملها المسئولية عن جزء كبير من الفجوة الغذائية في مصر باعتبار أن مليوني فدان تزرع سنويا بالبرسيم من أجل الحمير وأن زراعة هذه المساحة قمحا أكثر جدوي وهو أمر ظل يردده بلا انقطاع طيلة وجوده في الوزارة. ما لم يفطن إليه الدكتور عبدالمجيد هو أنه كما في الاقتصاد ما هو إنتاجي وما هو خدمي فكذلك في حيوانات المزرعة وأن دور الحمار خدمي بالنسبة للحيوانات المنتجة وانه يمثل1 الي18 من اجمالي هذه الحيوانات وليس بالتالي مسئولا عن الفجوة الغذائية الناجمة عن زراعة مليوني فدان برسيم في بلد ليس فيه مراع طبيعية. علي العكس منه رأي أستاذ جامعي في الطب البيطري أن الحمار يمكن أن يجلب لمصر60 مليار دولار وهو رقم كفيل بحل مشاكل مصر الاقتصادية. كان مثيرا أن يتحدث الأستاذ وزميل له إلي صحيفتين مختلفتين في يومين متتالين في سبتمبر2012 عن أن إسرائيل طلبت استيراد100 ألف حمار من مصر لاستخدام جلودها في بعض الأبحاث العلمية المتعلقة بمرض السرطان والتي أثبتت وجود مادة فعالة بجلود الحمير في علاجه, وأن مصر رفضت الطلب. الأستاذان تحدثا أيضا عن شركة أدوية يابانية طلبت شراء مليون حمار مصري لاستخلاص مادة من جلود الحمير تستخدم في صناعة دواء ياباني يتم تصديره إلي عدد من دول شرق آسيا بعد أن أجرت بحوثا مكثفة علي أنواع مختلفة من الحمير منها الهندي والتايلندي والأمريكي والفيتنامي والأفغاني فتبين أن جلد الحمار المصري غني بمعظم المواد التي تبحث عنها الشركة وذلك بفضل سماكة جلده.. وقال أحدهما إنه يمكننا من خلال علمائنا أن نكتشف ذلك الدواء ونعالج به أبناءنا ونصدره لجميع دول العالم بمليارات الدولارات كما أن صناعة ذلك الدواء كاف لجلب60 مليار دولار كبراءة اختراع فقط لمصر. لم يوضح المرض الذي سيعالج منه أبناؤنا ولا الأساس الذي بني عليه تقدير براءة الاختراع. في الحالين لا الحمار مسئول عن مليارات دولارات استيراد القمح ولا هو الذي سيجلب مليارات براءة الاختراع. الحمار ليس الحل.