سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تبنته مصر قبل26 عاما الإصلاح الاقتصادي محلك سر عوامل فشل البرامج السابقة.. وروشتة نجاح برنامج الحكومة الحالي
د. يمن الحماقي: صناع السياسة الاقتصادية لا يمتلكون رؤية تحقق المصلحة القومية.. وتمكين الفقراء الحل السحري
في بداية التسعينيات تبنت مصر برنامجا للاصلاح الاقتصادي بغرض تحقيق الاستقرار وتعزيز النمو وعلاج الاختلالات المالية والهيكلية للاقتصاد وتحسين مناخ الاستثمار بما يساعد علي جذب رءوس الاموال الوطنية والاجنبية, وتحسين دخول الافراد ورفع مستوي معيشتهم, لكن هذه الاصلاحات المتعاقبة لم تؤد إلا إليترديالاوضاع الاقتصادية وتفشيالفقر والبطالة. وفي2016 تدهورت الاوضاع الاقتصادية نتيجة توسع الحكومة فيالانفاق عقب25 يناير, مما اسفر عن عجز شديد فيالموازنة العامة يقدر حاليا بنحو9.5% وارتفاع مخصصات الدعم الي210 مليارات جنيه وارتفاع حجم الدين العام الذي اقترب من الناتج المحليأخيرا, وتباطؤ معدلات النمو, مما دفع حكومة المهندس شريف اسماعيل الي إعلان استكمال برنامج الاصلاح الاقتصادي نتيجة للاختلالات نفسها التي حدثت قبل26 عاما. هذا الوضع يثير تساؤلا مهما وخطيرا تتداوله الان بعض الألسنة مؤداه: لماذا لا يتحقق الاصلاح الاقتصادي؟ وإليمتي يتحمل محدودو الدخل والفقراء اعباء هذا الاصلاح الذي تتساقط ثماره عليالاغنياء فقط دون الفقراء؟, وما السبيل إليإصلاح لايضر بالفقراء؟ وفيمحاولة للإجابة عن هذا التساؤل كان هذا التحقيق.. قالت الدكتورة يمن الحماقي, أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس: للاسف الشديد, ان صناع السياسة الاقتصادية لايمتلكون رؤية واضحة للاصلاح الاقتصادي تحقق المصلحة القومية, لافتة الي ان الانفتاح في عصر السادات كان هدفه النهوض بالاقتصاد ونجح في رفع معدلات النمو في ظل عدم وجود رؤية لتعميق الصناعة, حيث شهدت مصر في هذه الفترة تدفقا كبيرا للسلع المستوردة الاستهلاكية والوسيطة أدت الي ظهور عجز في ميزان المدفوعات, في وقت كان فيه الاقتصاد المصري احوج مايكون إلي تدخل صانع القرار, وتزامن مع النمو السريع اختلالات هيكلية وعدم اهتمام بالتصدير علي حساب الانفتاح الاستهلاكي وتعميق الديون الخارجية, حيث كانت مصر في بداية التسعينيات علي شفا الافلاس. وتابعت: مع بداية عام1991 تبنت الحكومة برنامجا للاصلاح الاقتصادي لتخفيف حدة الاختلالات الهيكلية التي كان يعانيها الاقتصاد, وتعد هي نفسها الاختلالات التي يعانيها الاقتصاد حاليا, حيث وقعت مصر اتفاقا مع صندوق النقد الدولي, وعرف ذلك الاتفاق ببرنامج الاصلاح الاقتصادي والتكييف الهيكلي, وتمثلت اهدافه في خمس سياسات رئيسية هي, الاصلاح المالي, الاصلاح النقدي, تحرير التجارة الخارجية, تحفيز الاستثمار بشقيه المحلي والاجنبي, اصلاح القطاع العام وبدء برنامج الخصخصة, لافتة الي ان الدولة اهتمت في ذلك الوقت ومازالت بالجوانب النقدية والمالية دون الاهتمام بالقطاع الصناعي, وقد آن الاوان للاهتمام بهذا القطاع واتباع تجارب الدول الناجحة وتحديد الصناعات التي تتميز فيها مصر بمزايا نسبية وتنافسية والتوجه نحو التصدير الذي يعتمد حاليا علي عدد محدود من المنتجين.. وقالت د. يمن, ان الناتج القومي يتشكل من قطاع الصناعة الذي يعاني تركزا واعتمادا علي الخارج بشكل يؤدي الي ارتفاع التكاليف نتيجة نقص الدولار وبالتالي عدم القدرة علي المنافسة, فلابد من زيادة عدد المستثمرين في المشروعات المتناهية الصغر لتقوية قدرتها الانتاجية ورفع انتاجيتها لسلع تحل محل الواردات ثم التصدير, موضحة ان المشروعات الصغيرة تمثل80% من اجمالي المشروعات ورغم ذلك مساهمتها في الانتاج لا تتجاوز52%, وصادراتها لاتتعدي6%, لانها تفتقد الكفاءة والعمالة. وطالبت الحكومة بعدم الاعتماد علي القطاع الخاص الذي يسعي وراء الربح, وهذا ما اكدته التجربة خلال السنوات الماضية, وانما يجب علي الدولة وضع قواعد تمنع الاحتكار, وتبني رجال الاعمال لصغار المستثمرين مقابل حوافز مثل الاعفاء من الضرائب, بغرض تشجيع اصحاب المشروعات الصغيرة علي انتاج وتصنيع المكونات وقطع الغيار المغذية لسد احتياجات قطاع الصناعة من المكونات والمستلزمات, بدلا من استيرادها من الخارج, مما يسهم في زيادة القدرة التنافسية للصناعة المصرية ومن ثم زيادة معدلات التصدير وتوفير مزيد من فرص التشغيل. وعن السبيل الي اصلاح اقتصادي لايضر بالفقراء, قالت د. يمن, ان هناك حلا سحريا, لكن لم يدخل ضمن أولويات صانعي السياسة يتمثل في التمكين الاقتصادي للفقراء من خلال التعليم والرعاية الصحية والاهتمام بالتدريب من أجل التشغيل,والاهتمام بالمشروعات المتناهية الصغر ثم الصغيرة فالمتوسطة, مشيرة إلي أن رفع كفاءتهم سيساعد علي مواجهة ارتفاع الأسعار من خلال عدم الاعتماد علي الدعم الذي يعد أسوأ طريق للعدالة الاجتماعية. وأكدت د. يمن ان الاسر الفقيرة لن تشعر بعوائد النمو مهما زاد دخلها, ولكن تحتاج الي دعم نقدي يرتبط باهتمامها بالمستوي التعليمي أو المتابعة الصحية لأولادها.