يبدو أن نفوذ القناة المحتكرة لحقوق البث للبطولات الكبري في الوطن العربي لا تريد أن تترك منفذا للتليفزيونات العربية لتقدم خدماتها المجانية لمشاهديها من المواطنين البسطاء غير القادرين علي تحمل نفقات الاشتراكات المالية المرتفعة لهذه القناة التي قامت بشراء حقوق بث دورة الألعاب الأولمبية في2020 و2024 ودفعت مقابل ذلك250 مليون دولار لتحرم المواطنين العرب البسطاء من متابعة أبنائهم في الأولمبياد. ولأن اتحاد اذاعات الدول العربية كان هو الناقل الرسمي لهذه الحقوق في الدورات السابقة منذ دورة مونتريال بكندا عام76 إلي دورة ريو2016 كان لابد من البحث عن سبب عدم حصول الاتحاد علي حقوق الدورات المقبلة التي أعلن عن فوز القناة المشفرة بحقوقها رغم أن الأولمبياد كان بعيدا عن الفكر الاحتكاري الذي يتعارض مع مبادئ الحركة الأولمبية لذا التقت الأهرام المسائي مع المهندس عبد الرحيم سليمان المدير العام لاتحاد اذاعات الدول العربية ليجيب عن سؤالنا لكنه فاجأنا بأسرار مادار وإليكم التفاصيل: بداية يجب التأكيد علي أن الاتحاد منظمة عربية مهنية تضم الإذاعات والتليفزيونات العربية الحكومية وتهدف إلي تقديم خدمة إعلامية للمواطن العربي عبر القنوات الحكومية بعيدا عن التشفير في مقابل مالي بسيط تتكلفه الدولة من خلال حصتها في الاتحاد والتي يحددها تعداد سكان البلد ومتوسط دخل الفرد فيه وهكذا تدار الأمور في إطار تكافلي عربي كان مرضيا للجميع ويكفي أن نقول إن مصر نقلت بطولات أمم أفريقيا98 و2000 و2002 مقابل90 ألف دولار فيما دفعت الجزائر13 مليون دولار للقناة المحتكرة لنقل18 مباراة فقط من كأس العالم الأخيرة. وأشار المهندس عبد الرحيم سليمان إلي أن الاتحاد ومنذ سنوات يتعامل مع اللجنة الأولمبية الدولية مباشرة والتي كانت تحرص قبل توماس باخ علي التعامل معنا مباشرة من دون مزايدات لكن باخ أصر علي عمل مزايدة وتقدمنا لها بعرض جيد ماليا بلغ170 مليون دولار لشراء حقوق الدورتين المقبلتين وتلقينا تهنئة من لجنة التفاوض وبيع الحقوق لكن باخ طالب بإعادة التقييم بين العروض المقدمة وطلب منا زيادة العرض المالي فوافق ورفع القيمة لتصل إلي250 مليون دولار للدورتين الصيفيتين والدورتين الشتويتين. لكننا عرفنا من مصادرنا أن باخ تعرض لضغوط ليعطي الحقوق للقناة المشفرة رغم أن ذلك يتعارض مع مبادئ الأولمبياد الذي يهدف إلي نشر القيم والممارسة الرياضية وإزاء هذا الموقف لم يكن بإمكاننا عمل شيء ولم يكن بوسعنا التحدث في الأمر لالتزامات عقدنا الساري حتي نهاية اولمبياد ريو. وتعجب عبد الرحيم من إصرار القناة المشفرة علي منافسة اتحاد إذاعات الدول العربية علي حقوق الأولمبياد رغم أنها تحصل عليها من الاتحاد في الدورتين السابقتين وحتي الدورة الحالية ورفض فكرة شراء الحقوق من القناة المشفرة لأنه يعرف أنها سترفع في الأسعار لتعويض مادفعته ولن تستطيع تعويضه لأن المشاهد العربي تعود علي متابعة الأولمبياد مجانا وهويختلف عن بطولات اللعبة الواحدة كأس العالم أوالدوريات القارية والمحلية الأوروبية. وأضاف: الوطن العربي تعداده نحو360 مليون مواطن وهم يمثلون84 مليون أسرة والقناة المشفرة بكل ما لديها من بطولات لا تملك نسبة3 بالمائة من نسبة الأسر العربية التي تشاهد البطولات. وألمح مدير عام اتحاد إذاعات الدول العربية إلي أن الأمر بات يتطلب تدخلا جادا وحاسما من قبل الدول العربية عبر جامعتهم لوضع قانون لحماية حقوق المشاهد العربي كما هوالحال في أوروبا. ومن أجل ذلك سيقوم اتحادات اذاعات الدول العربية بعقد سلسلة اجتماعات تبدأ بالدول العربية الأفريقية يعقبها اجتماع مماثل للدول العربية الآسيوية ثم اجتماع عام في الجامعة العربية مع وزراء الإعلام العرب لبحث إصدار القانون الذي يمنحنا الحق في مشاهدة الأولمبياد ارضيا مجانا وساعتها سيستفيد المشاهد العربي والتليفزيونات الحكومية التي لن تستطيع شراء الحقوق من القناة المشفرة. وكان اتحاد إذاعات الدول العربية شارك بوفد من19 دولة عربية ضم33 معلقا إضافة إلي مهندسين وفنيين ومصورين ومخرجين شكلوا فريقا موحدا قدم أكثر من ثلاثة آلاف ساعة بث للتليفزيونات العربية منها برنامج صباحي وآخر مسائي وحصاد يومي بالإضافة إلي كل اللعبات علي الهواء عبر13 قناة ليقدم أكبر تغطية للحدث الاولمبي تعجز عن تقديم مثلها أية قناة وبعد أن استمعنا لحديث المهندس عبد الرحيم سليمان المدير العام لاتحاد إذاعات الدول العربية بقيت ملاحظة تستحق التوقف أمامها فإذا كانت الجامعة العربية ستقوم بدورها المنتظر من خلال رعاية خاصة يبديها الأمين العام أحمد أبوالغيط فلابد أن تنتهي هذه الخطوة بإصدار قانون حماية حقوق المشاهد العربي علما بأن قطر ولبنان اعترضتا قبل سبع سنوات علي مشروع قانون كان أعد وقتها في الجامعة ولم يصدر بسبب الإصرار علي أن تكون قرارات الجامعة بالإجماع وهوأمر لن يحدث أبدا لذا ننتظر من الأمين العام للجامعة اليقظة تجاه هذا الأمر لأنه لا يجب أن تتحكم قناة في أمة. أما النقطة الثانية فهي أن الفساد ينخر في جسد المنظمات الرياضية العالمية إذ علمنا أن سبب إصرار باخ علي منح الحقوق في المنطقة العربية للقناة المشفرة يرجع إلي انه وعدته بعمل قناة للجنة الأولمبية وفي هذا فساد مقنن يستوجب التوقف عنده والمحاسبة عليه وهنا يأتي دور اللجان الأولمبية والاتحادات الرياضية العربية التي لابد أن تلقي بثقلها في حماية حقوق عشاقها وإلا فلن يجد أبطالها الاهتمام الجماهيري كما أن اللعبات ستندثر بفعل التجاهل. وتبقي الكرة في ملعب وزراء الإعلام العرب ومسئولي التليفزيونات وهاهي الأهرام المسائي تفتح هذا الملف قبل وقت كاف يسمح بالمراجعة وتصويب الأمور قبل فوات الأوان.